مرايا – لحقت عديد البنوك المركزية حول العالم، الفيدرالي الأمريكي، برفع أسعار الفائدة على عملاتها الرسمية، وسط استمرار تشديد السياسة النقدية.
وأصبحت أسعار الفائدة تلقى اهتماما ليس فقط من الخبراء وصناع السياسة المالية، لكن كذلك من المواطنين الذين وجدوا أن تغيرات أسعار الفائدة، ستكون لها تبعات على أسعار العملات وسوق الدين، ومؤشرات الاقتصاد الكلي.
** تحريك أسعار الفائدة
تحرك البنوك المركزية حول العالم أسعار الفائدة صعودا أو هبوطا، لتصحيح اختلالات تشهدها الأسواق، يتصدرها التضخم، إذ إن مهمة البنوك المركزية الرئيسية الحفاظ على الاستقرار النقدي والحفاظ على قيمة العملة والأسعار.
البنوك المركزية حول العالم تعتبر التضخم الواقع تحت سيطرتها، أحد أبرز أدوات حماية السوق والعملة، بل ويؤثر إيجابا على أسواق العمل والنمو الاقتصادي.
التحكم بالتضخم، يكون من خلال أداة بارزة تقع تحت مسؤولية البنوك المركزية وهي أسعار الفائدة، إذ يتم تحريك أسعار الفائدة صعودا، عندما تكون نسبة التضخم مرتفعة، ووجوب خفضها أولوية.
غالبا ما تنجح الأداة السياسة النقدية في تحقيق أهدافها، لكنها تحمل تبعات جانبية ذات أضرار هائلة على الاقتصاد.
ما يحصل عند رفع أسعار الفائدة، هو جعل كلفة الاقتراض مكلفة على الأفراد والشركات وعلى الدولة كذلك، ما يخلق حالة من العزوف عن الاقتراض، وبالتالي تفقد السوق سيولة محتملة سواء للاستهلاك أو للاستثمار.
رفع أسعار الفائدة كذلك ينقل جزءا من السيولة النقدية، من الأسواق إلى البنوك على شكل ودائع، وهناك يحصل أصحاب هذه الودائع على فوائد مرتفعة، كأحد أشكال الاستثمار الآمن.
هذه السيولة التي تسحب من الأسواق، قد تكون سببا في نقص الوظائف، وهو ما يتوقعه الفيدرالي الأمريكي في 2023، وقد تقلل الاستثمار، وبالتالي تقلل الانتاج والاستهلاك، ثم تبدأ أسعار المستهلك بالانخفاض.
بينما تساعد المعدلات المنخفضة لأسعار الفائدة على تعزيز الاقتصاد، من خلال جعل الاستثمار في مشاريع جديدة أو تعيين موظفين أو الحصول على قرض لشراء سلع باهظة الثمن مثل المنازل أو السيارات، أرخص بالنسبة للشركات والأسر.
أسعار الفائدة المرتفعة، والاستمرار في زيادتها، تقود الاقتصاد في مرحلة ما إلى اضطراب في هيكل الاقتصاد، ويمهد لحدوث ركود، وهو ما قالت العديد من المؤسسات الاقتصادية الأمريكية، إن الركود وقع فعلا داخل الاقتصاد الأمريكي.
صدمة أسعار الفائدة المتطرفة، تصيب الأسواق بحالة هلع وتخارج من سوق الأسهم بصفتها استمارات عالية المخاطر، والتوجه نحو الاستثمار بالدولار، وتسريحات موظفين وزيادة بطالة، وهي تبعات مؤلمة كما صرح رئيس الفيدرالي الأمريكي جيروم باول، الأربعاء.
يريد الفيدرالي، أن يصل المستهلكون لمرحلة يفكرون فيها أكثر قبل اتخاذ قرار الاستهلاك، وهي حالة تحدث عندما لا تتوفر السيولة النقدية بين أيدي المستهلكين.
التضخم مرتفع للغاية في الولايات المتحدة خلال أغسطس/آب الماضي، عند 8.3 بالمئة عن العام السابق، بينما هدف الفيدرالي هو تضخم في حدود 2 بالمئة.
خلال الأشهر القليلة الماضية، أدت زيادة أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى ارتفاع كبير في معدلات الرهن العقاري.
ولأول مرة منذ عام 2008، بلغت القروض العقارية ذات السعر الثابت لمدة 30 عاما 6 بالمئة، مع توقع أن ترتفع المعدلات في وقت لاحق من هذا العام، مقارنة مع أقل من 3 بالمئة قبل عام.
** لماذا يحصل التضخم؟
يحدث التضخم عندما يكون هناك عدم تطابق بين العرض والطلب في الاقتصاد المحلي لدولة ما، وأن مسألة خفضه واجب على راسمي السياسة النقدية (البنك المركزي)، وبدعم من راسمي السياسة المالية (الحكومة) التدخل.
في الشهور الأولى لجائحة كورونا، تحولت الكمامات وسوائل التعقيم إلى سلعة قومية لدى عديد الدول، بسبب الطلب الحاد عليها، في وقت عجزت المصانع عن تلبية الاستهلاك المتزايد.
في ذلك الوقت، ارتفعت أسعار الكمامات لمستويات غير منطقية، فالعرض والطلب هو ما يحدد الأسعار، وبالتالي تكون سببا في حدوث التضخم، وهكذا يحصل التضخم في بقية السلع