لم يكترث الفلسطينيون كثيرا للانتخابات التشريعية الإسرائيلية التي تواجه فيها بنيامين نتنياهو ورئيس الوزراء المنتهية ولايته يائير لابيد، جازمين أن نتيجتها لن تغيّر الكثير في وضعهم وأنها أشبه بالمفاضلة بين الطاعون والكوليرا أو بين “بيبسي وكوكا كولا”.

يرى محمد الهندي (27 عاما) في قطاع غزة أن “متابعة الانتخابات الإسرائيلية تكرار ممل للسيناريو نفسه”، ويضيف خريج كلية إدارة الأعمال الذي يبحث عن وظيفة أن “ما يهمهم هو أمن إسرائيل”.

فاز رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو الذي حكم بين 1996 و1999 ثم بين 2009 و2021 في الانتخابات التشريعية الخامسة في ثلاث سنوات ونيف، محرزا مع حلفائه المتدينين المتشددين واليمينيين المتطرفين كتلة من 64 نائبا في البرلمان، مقابل 51 لتيار لابيد الوسطي.

في ظل حكومات نتنياهو السابقة، تزايدت المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة وأُبرمت اتفاقيات تطبيع مع دول عربية، فيما مفاوضات السلام مع السلطات الفلسطينية متعثرة.

أما التحالف الواسع والمتنّوع الذي شكله يائير لابيد في حزيران/يونيو 2021 مطيحا ببنيامين نتنياهو من السلطة، فهو لم يركز أيضا على عملية السلام ولكن على التنمية الاقتصادية للمجتمع الفلسطيني من خلال منح مزيد من تصاريح العمل مثلا للعمال من قطاع غزة الخاضع لحصار إسرائيلي شديد منذ عام 2007.

لكن لابيد أكد في أيلول/سبتمبر في الأمم المتحدة دعمه لإقامة دولة فلسطينية “سلمية”.

إلا أنّ هجمات ضد أهداف إسرائيلية أدت بجيش الاحتلال إلى مضاعفة اقتحاماته في الضفة الغربية المحتلة في الأشهر الأخيرة وتخللتها اشتباكات دموية مع الفلسطينيين، كما أطلق عدوانا على غزة في آب/أغسطس أدى إلى استشهاد 49 فلسطينيا على الأقل.

“عنصرية”

بعيد إعلان النتائج الأولية، اعتبر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية أن الفرق بين نتنياهو ولابيد “كما الفرق بين بيبسي وكوكا كولا”.

ومع إحراز اليمين المتطرف نتائج غير مسبوقة بحصوله على 14 مقعدا في الكنيست، أعرب اشتية عن أسفه أمام “زيادة التطرف والعنصرية في المجتمع الإسرائيلي والتي يعاني منها شعبنا منذ سنوات”.

يقول أحمد السعدي (31 عاما) في وسط رام الله حيث مقرّ السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، “على الأقل الآن بعد رحيل لابيد، يمكننا التوقف عن التظاهر بأن الإسرائيليين مهتمون بالسلام”.

ويضيف الشاب الذي يبيع الخضار في السوق “ربما سيرى العالم أن نتنياهو ليس استثناء لكنه يمثل المشاعر الحقيقية للإسرائيليين غير المهتمين بالسلام”.

من جهتها، ترى المحللة الفلسطينية نور عودة أنه “في ما يتعلق بالسياسات … يتصرفون جميعا بالشكل نفسه لأنهم جميعا يستجيبون للرأي العام اليميني المتطرف”.

تتوقع عودة أن “الوحشية المسلطة على الفلسطينيين ستتفاقم بالتأكيد”، إذ أعرب بتسلئيل سموتريتش وإيتامار بن غفير عن رغبتهما في أن يكونا جزءا من الحكومة، وهما متطرفان يمينيان انتخبا الثلاثاء لشغل مقعدين في الكنيست ومعروفان بتحريضهما ضد الفلسطينيين.

وفي غزة، يخشى عامل البناء سهيل محمد (54 عاما) أن “يلغي نتنياهو واليمين تصاريح العمال من غزة”، فحصل مؤخرا على تصريح يتيح له الحصول على راتب أعلى بكثير من المتاح في القطاع الفقير الذي يسكنه 2.3 مليون شخص.

ويضيف “بالكاد حصلت على تصريح منحني الأمل وعائلتي في حياة أفضل”.