مرايا –
أسدلت محكمة التمييز الستار على قضية فساد مالي تم بموجبها الاستيلاء على قطعة أرض مساحتها 293 دونما في منطقة الماضونة المملوكة لخزينة الدولة.
واستعادت المحكمة قطعة الأرض من ثلاثة أشقاء، تمكنوا من تسجيلها بأسمائهم من خلال تزوير وقع على الصفحتين “البيضاء والإلكترونية” في دائرة الأراضي بمساعدة أحد الموظفين وتفويض وهمي صادر عن الحكومة.
وكان الأشقاء الثلاثة باعوا قطعة الأرض الحكومية لثلاثة رجال أعمال هم أشقاء أيضا بمبلغ 700 ألف دينار، وذلك بعد أن زعموا أن القطعة الأرض هي ورثة عن والدهم استنادا الى التفويض الوهمي.
وحسب قرار محكمة التمييز فإنه تم إسقاط العقوبة عن المتهم الرئيسي في القضية بالإضافة الى شقيقته، فيما بقيت العقوبة بحق موظف دائرة الأراضي، وشقيقهما الثالث، بعد أن تمكنا من إجراء مصالحة مع لجنة قضائية ودفع المبلغ الذي احتصلا عليه من عملية الاحتيال.
وكانت عملية التزوير على الصفحة البيضاء في دائرة الاراضي تمت من خلال مجهول، فيما أدانت المحكمة موظف بدائرة الاراضي تولى عملية التزوير على الصفحة الالكترونية وأدانه بتهم أخرى، ثم صدر قرار بحبسه مدة سبع سنوات وتسعة أشهر كما قضت بحبس المتهم الرئيسي وشقيقته وشقيقه مدة سبع سنوات، لكن تم إسقاط العقوبة عن المتهم الرئيسي وشقيقته فقط لاجرائهما مصالحة القضائية وفق قرار محكمة التمييز.
وعن تفاصيل عملية الاحتيال بحسب القرار، فإن قطعة الارض موضوع القضية تقع في قرية الماضونة من أراضي شرق عمان تعود ملكيتها لخزينة المملكة الأردنية الهاشمية وتبلغ مساحتها (294) دونماً و(593) متراً مربعاً وهي نوع ميري، وكانت مسجلة في البنك باسم خزينة المملكة الأردنية الهاشمية ولا يوجد على قيد القطعة أي تعديلات أو وقوعات تذكر، كما لم يصدر اي تفويض من رئاسة الوزراء بهذه القطعة لأي شخص.
وحسب القرار فإن المتهم الذي يعمل موظفاً في دائرة الأراضي كان موقوفاً عن العمل مدة ثلاث سنوات بسبب قضية تزوير وتم إعادته للعمل وطبيعة عمله مدقق أوامر التصحيح فيقوم بالتعديل الإلكتروني على أجهزة الحاسوب لقطع الأراضي عندما يتم إجراء أي عمليات انتقال للملكية أو وقوعات عليها ويكون هذا الإجراء بعد أن يرد إليه كتاب رسمي من مديرية الأراضي التي تم التعديل من خلالها على الصحيفة البيضاء ومن صلاحيته تعديل أسماء المالكين لقطع الأراضي إلكترونياً.
وكان المتهمون عقدوا العزم فيما بينهم من أجل الحصول على قطعة الأرض بصورة غير مشروعة وذلك بطريق تزوير الصحيفة البيضاء للقطعة وتزوير الصحيفة الإلكترونية وذلك بنقل الملكية من خزينة المملكة الأردنية الهاشمية إلى ملكية المتهمين الأشقاء بالاشتراك مع موظف في دايرة الاراضي، الذي قام بتزوير الصحيفة الإلكترونية ومع شخص آخر لم يكشف التحقيق عن هويته قام بتزوير الصحيفة البيضاء وبعد القيام بعملية التزوير يتم بيع قطعة الأرض وقاموا بتقسيم الأدوار فيما بينهم.
وبين القرار أن الشخص المجهول الذي لم يكشف التحقيق عن هويته تمكن وبتدخل من باقي المتهمين بالدخول إلى الصحيفة البيضاء لقطعة الأرض موضوع الدعوى وقام بالتلاعب والتزوير والتحريف وذلك بنقل ملكية قطعية الأرض من خزينة المملكة إلى المالكين الجدد(المتهمين الاشقاء) بواقع حصتين للمتهم الرئيسي وشقيقه وذلك بموجب معاملة تفويض وبعدها اجرين عملية بيع وهمية لشقيقته بأن باعها جزء من القطعة وقد تمت عملية التزوير بخط كتابي واحد وبقلم واحد وبالوقت ذاته.
ونتيجة لعمليات التزوير على الصفحتين البيضاء والالكترونية اصبحت قطعة الارض ورقياً وإلكترونياً ملكاً للمتهمين الأشقاء ولهم الحق في التصرف بها وبيعها.
ولرغبة المتهمين بالحصول على المال بطريقة غير مشروعة بدؤا يبحثون عن مشتري للقطعة، حيث تمكن المتهم الرئيسي من بيع حصته وحصة كل من شقيقه وشقيقته لثلاث أشقاء رجال اعمال وبذلك تمكن المتهمون من الاحتيال على المشترين بإيهامهم بأنهم المالكون لقطعة الأرض وبتدخل من المتهم الموظف بدايرة الاراضي وبلغت مجموع المبالغ التي حصلوا عليها نتيجة الأفعال التي قاموا بها سبعمئة ألف دينار قيمة الأرض موضوع الدعوى التي حصلوا عليها بصورة غير مشروعة مع العلم بأن ثمنها يساوي أكثر من ذلك بكثير بتاريخ البيوعات.
ونتيجة لاجراء الخبرة الفنية على الصحيفة البيضاء تبين أن التزوير واقع عليها قبل إجراء عملية البيوعات الوهمية وقد تمت بالتاريخ ذاته وبخط كتابي واحد وبقلم واحد وان التفويض الصادر عن رئاسة الوزراء الموجود على الصفحة غير مسجل أسم الموظف، كما أجريت الخبرة الفنية على الصحيفة الإلكترونية تبين بأن عدد من المرات التي تم الدخول لقطعة الأرض موضوع الدعوى يصل الى عشر مرات وتم تحديد اسم المستخدم واسم الموظف (المتهم)
أجرى البحث عن معاملة التفويض التي يدعيها المتهمون الاشقاء والتي بموجبها تم نقل قطعة الأرض من خزينة المملكة إليهم عن طريق مورثهم والدهم كما يدعون ولم يتم العثور على هذه المعاملة وتمت مخاطبة رئاسة الوزراء وتبين بأنه لم يصدر أي تفويض لأي شخص بخصوص هذه القطعة ما يعني معه عدم وجود تفويض.
وقضت محكمة جنايات عمان ادانة حبس موظف دائرة الاراضي مدة سبع سنوات وتسعة أشهر بعد جمع العقوبات الصادرة بحقه عن عدة تهم تمت ادانته بها أبرزها التزوير المادي على الصفحة الالكترونية، التهاون بالمهام الوظيفية والتدخل بالاحتيال، كما تم اعلان براءته من تهمة التزوير المادي والتدخل به على الصفحة البيضاء لعدم قيام الدليل القانوني المقنع بحقه.
وبالنسبة للاشقاء الثلاثة (المتهمون)، فقد قضت محكمة جنايات عمان بحبس المتهم الرئيسي وشقيقته مدة سبع سنوات، فيما تم حبس شقيقهما الثالث مدة ثلاث سنوات، وذلك بعد ادانتنهم بتهم التزوير المعنوي بجنحة الاحتيال بالاشتراك، كما تم ابطال جميع عقود البيع التي اجريت على القطعة .
واستنادا الى قرار التمييز فإن المتهمين استئانفوا قرار محكمة جنايات عمان الا ان محكمة الاستئناف ايدت القرار، ما دعاهم الى الطعن امام محكمة التمييز التي ورد لها قرار صادر عن اللجنة القضائية المشكلة بمقتضى أحكام المادة (9/ب/1) من قانون الجرائم الاقتصادية المتضمن الموافقة على قرار النائب العام في عمان المتضمن قبول المصالحة التي أجراها النائب العام ووقف الملاحقة بحق المتهم الرئيسي وشقيقته من المتهمين، وذلك بالموافقة على قرار النائب العام/ عمان على وقف الملاحقة بحقهما المتضمن قبول المصالحة ووقف التنفيذ بحقه أصبح نافذاً بعد الموافقة عليه من قبل اللجنة القضائية المشار إليها أعلاه.
وقالت المحكمة: “لذلك نقرر واستناداً لما تقدم ودون الحاجة لبحث أسباب التمييز نقض الحكم المميز الصادر المتهم الرئيسي وشقيقته وأتباره كأن لم يكن”.