أثر عودة سورية للجامعة العربية سيكون محدودا ما لم تنفذ الخطوات التي جاءت في بيان عمان

بعد ١٢ عاما من تفجر الأزمة السورية: اجتماع عمان أسس لحوار عربي سوري لحل الازمة السورية عبر منهجية شاملة ومتدرجة

مصادر مطلعة: المبادرة الأردنية قدمت خريطة طريق مفصلة تعتمد منهجية “خطوة مقابل خطوة”

على دمشق البدء بتنفيذ ما جاء في بيان عمان بخصوص القضايا الانسانية لإرسال رسالة جادة للمجتمع الدولي

الأردن نسق مبادرته تجاه سورية مع الامم المتحدة التي ستتعامل مع عدة جوانب من انعكاسات الأزمة الانسانية

المجتمع الدولي لن يوفر دعمه لدمشق إن لم يقتنع بجدية الحكومة السورية في تنفيذ متطلبات الحل

وفرت المبادرة الاردنية خطوات ومتطلبات عودة اللاجئين وتشمل مشروعا تجريبيا لعودة ألف لاجئ بالتعاون مع الامم المتحدة

تنفيذ التزام سورية بما يخص مكافحة تهريب المخدرات عبر الحدود مع الاردن والعراق مؤشر قياس لمدى التزامها بما اتفق عليه في بيان عمان

مرايا –

أطلق اجتماع عمان حول سوريا الذي استضافته المملكة أول من أمس مسارا سياسيا جديدا لحل الأزمة السورية، بدور عربي قيادي.
ومثل هذا اختراقة مهمة ستكسر الجمود الذي ساد في جهود حل الأزمة على مدى السنوات الماضية.
وشكّل اجتماع عمان، الذي دعا إلية نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، وحضره وزراء خارجية السعودية ومصر والعراق وسوريا، منطلقا لخطوات تؤكد مصادر دبلوماسية عربية أنها ستشمل عودة سوريا إلى الجامعة العربية في القمة العربية القادمة في السعودية.
سيكون هذا تطورا مهما بعد أكثر من ١٢ عاما من تفجر الأزمة السورية. لكن الأكثر أهمية أن اجتماع عمان أسس لحوار عربي- سوري مباشر شامل لحل الأزمة عبر منهجية شاملة ومتدرجة تعالج كل جوانب الأزمة وتداعياتها.
واحتوى بيان عمان الذي صدر باسم جميع الدول التي شاركت في المؤتمر عناوين مهمة تمثل خريطة طريق لحل الأزمة السورية، تبدأ بقضايا إنسانية لا يجب أن تتردد الحكومة السورية في تنفيذها لأنها ستساهم في تحسين الظروف الحياتية للشعب السوري، وسترسل رسائل قوية للمجتمع الدولي أن سوريا جادة في جهودها لحل الأزمة.
هذه الرسائل مهمة لأن دعم المجتمع الدولي لهذا المسار أساسي لاتخاذ خطوات عملية لإنهاء تبعات الأزمة، وفتح الطريق أمام إعادة الإعمار، حيث أن قرار رفع العقوبات الاقتصادية على سوريا هو قرار أميركي وأممي.
عودة سوريا للجامعة العربية سيحمل رمزية عالية. لكن أثره على حل جهود حل الأزمة سيكون محدودا إذا لم تنفذ سوريا الخطوات التي احتواها بيان عمان، وإذا لم تسر على طريق تحقيق المصالحة الوطنية وفق العناوين الرئيسة التي حددها البيان.
اتخاذ خطوات لمعالجة تبعات الأزمة الإنسانية والأمنية والسياسية ضروري لحلحلة الموقف الدولي الذي ما يزال متشددا إزاء سوريا.
ووفق مصادر مطلعة لـ “الغد” قدمت المبادرة الأردنية التي بحثها اجتماع جدة لدول مجلس التعاون الخليجي والأردن ومصر، خريطة طريق مفصلة تعتمد منهجية خطوة مقابل خطوة، وبما ينسجم مع قرار مجلس الامن ٢٢٥٤.
وكان الأردن على مدى السنتين الماضيتين كثف جهوده مع الدول العربية والدول المؤثرة عالميا لحشد الدعم لمبادرته، التي حددت خطوات تتخذها سوريا يقابلها المجتمع الدولي بخطوات ستبدأ في تفكيك منظومات العقوبات على سوريا بالتدرج، وصولا إلى تطبيع كامل للعلاقات بالتوازي مع تنفيذ متطلبات إنهاء تداعيات الأزمة.
المعلومات المتوفرة تشير أيضا إلى أن الأردن نسق تفاصيل مبادرته مع الأمم المتحدة التي سيكون لها دور رئيس في التعامل مع جوانب عديدة من انعكاسات الأزمة الإنسانية.
وفي تصريحاته الصحافية التي أدلى بها بعد اجتماع عمان، أكد الصفدي أن اجتماع عمان كان بداية جيدة على طريق طويلة من الجهود اللازمة لحل الأزمة في ضوء تشابك تداعياتها وتعقيداتها.
المبادرة الأردنية، وفق مصادر اطلعت عليها “الغد”، حددت الخطوات المطلوبة إنسانيا وأمنيًا وسياسيا على طول هذه الطريق، حتى تصل إلى هدفها النهائي المتمثل في حل كامل للأزمة يعيد لسوريا أمنها واستقرارها ودورها في المنظومة الاقليمية والدولية ويلبي طموحات الشعب السوري.
تعاون سوريا في تنفيذ هذه الخطوات ضروري. فرغم عودة سوريا التي باتت مؤكدة للجامعة العربية، لا تملك الجامعة أدوات تغيير أي من جوانب الواقع الصعب الذي تعيشه سوريا.
فالقطاع الخاص في الدول العربية سيواجه عقوبات قاسية في سياق قانون قيصر إذا ما خرقته تعاملاته مع سوريا. وعملية إعادة الإعمار لن تبدأ من دون دعم دولي لن يوفره المجتمع الدولي إن لم يقتنع بجدية الحكومة السورية في تنفيذ متطلبات الحل.
المقاربة التي انتهجتها المبادرة الأردنية، وعكسها بيان عمان، أكدت ضرورة البدء بخطوات غير جدلية تعالج الجانب الإنساني من الأزمة في جهد يهدف إلى مساعدة الشعب السوري وبناء الثقة، ويعالج جوانب أمنية ضاغطة وبما يقود تدريجيا لمعالجة الجوانب الأمنية والسياسية.
وفي هذا السياق، ركز بيان عمان في الخطوات المبكرة التي يجب اتخاذها لايصال المساعدات الإنسانية الى كل من يحتاجها من السوريين في جميع مناطق تواجدهم، ووفق قرارات مجلس الأمن والنهج المتبعة في سياقها.
أهمية ايصال المساعدات وفق قرارات مجلس الأمن أنها تتيح الاستفادة من عملية دعم التعافي المبكر التي تنطوي عليها هذه القرارات، والتي ستسهم في تثبيت الاستقرار في مختلف المناطق السورية.
وهذا ضروري أيضا في تشجيع عملية العودة الطوعية للاجئين التي ركز عليها بيان عمان بشكل واضح.
إيجاد الظروف الكفيلة بعودة اللاجئين أولوية للأردن الذي يستضيف حوالي مليون و ٣٠٠ ألف لاجيء سوري. وفصلت المبادرة الأردنية حسب مصادر اطلعت عليها “الغد” خطوات ومتطلبات محددة لعودة اللاجئين، تشمل مشروعا تجريبيا للعودة الطوعية لحوالي ألف لاجيء بالتعاون مع الأمم المتحدة.
كما ركّز بيان عمان على أهمية قضية مواجهة تهريب المخدرات عبر حدود سوريا مع الأردن والعراق عبر خطوات محددة تشمل تشكيل فريقين عمل سياسيين وأمنيين خلال شهر للاتفاق على الإجراءات اللازمة لمواجهة هذا الخطر.
تنفيذ هذين الالتزامين سيكون مؤشرا يقاس عليه في مدى الالتزام بما اتفق عليه والمضي في الخطوات اللازمة التي لا بديل عنها للتوصل للحل السياسي الذي تحتاجه سوريا لانهاء الأزمة.
أكدت مصادر دبلوماسية ومحللون أن اجتماع عمان والدول المشاركة فيه قدموا فرصة مهمة للحكومة السورية لبدء مرحلة جديدة في جهود حل الأزمة، بالتعاون مع دول عربية قادرة على مساعدتها.
وتظهر الاتصالات العديدة التي أجراها الصفدي مع نظرائه إقليميا ودوليا بعد الاجتماع أن الأردن تحرك فورا لحشد الدعم للمسار العربي الجديد والمنهجية التي اعتمدها لحل أزمة سببت تداعيات كارثية على سوريا وشعبها وعلى المنطقة والعالم.
وأكدت مصادر دبلوماسية أن الدول العربية التي شاركت في الاجتماع ستطلق جهودا مكثفة لدعم مسارها الجديد، وحشد الدعم الدولي لجهودها حل الأزمة. لكن، حسب مصادر دبلوماسية غربية، ذلك لن يحصل إذا لم يلمس المجتمع الدولي خطوات عملية لتطبيق توافقات بيان عمان، كما بدا واضحا من ردود الفعل الدولية على الاجتماع.
وقال مصدر دبلوماسي عربي إن الفرصة الكبيرة التي قدمها اجتماع عمان يجب أن لا تضيع. نجاحها في يد الحكومة السورية أولا، وفي استمرار انخراط عربي صريح مباشر معها يشجعها على التفاعل إيجابيا مع الجهود التي انطلقت لمساعدتها على الخروج من براثن هذه الأزمة.

الغد