أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمام أنصاره في إسطنبول، الأحد، الفوز بولاية رئاسية جديدة بعد منافسة مع مرشح المعارضة كمال كيليشدار أوغلو في جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية التركية.
وأعلنت الهيئة العليا للانتخابات التركية لاحقا، فوز الرئيس أردوغان بالجولة الثانية للانتخابات وفق النتائج غير النهائية.
وقال أردوغان من على سطح حافلة متوقفة أمام مقر إقامته في اسطنبول وسط حشد من أنصاره “أتممنا الجولة الثانية من الانتخابات بالفوز، وأشكر كل من أوكل إلينا مهمة قيادة البلاد خمس سنوات إضافية”.
وأضاف أردوغان الذي يحكم تركيا منذ عشرين عاما “سنفي بكل الوعود التي قطعناها للشعب”، مؤكدا أن “كل عملية انتخابية هي نهضة”.
وتابع “أظهرت هذه الانتخابات ألا أحد يستطيع أن يهاجم مكتسبات هذه الأمة”.
وأظهرت النتائج الأولية تقدم الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية التركية بعد فرز 99.48% من الأصوات.
وأعلنت وكالة الأناضول الرسمية، أن أردوغان حصل على 52.1% من الأصوات مقابل 47.9% لمنافسه المعارض كمال كيليشدار أوغلو، ويحتفل أنصار أردوغان في الشوارع في مدن تركية مختلفة وخرج أنصار لأردوغان للاحتفال في المدن الرئيسية في تركيا.
توقفت حركة المرور في ساحة تقسيم الشهيرة في إسطنبول وتجمعت حشود كبيرة خارج القصر الرئاسي في أنقرة.
كيليشدار أوغلو، قال في كلمة له: “كانت هذه أكثر انتخابات غير عادلة منذ سنوات وأطلب منكم مواصلة النضال من أجل الديمقراطية، من جانبي سأواصل النضال”.
تعرض الزعيم التركي الأطول عهدا إلى اختبار غير مسبوق، ويُنظر إلى هذه الانتخابات على نطاق واسع على أنها الأكثر أهمية في تاريخ الجمهورية منذ إعلانها قبل قرن.
شكّل كيليشدار أوغلو تحالفًا قويًا جمع حلفاء سابقين لأردوغان وقوميين علمانيين ومحافظين.
ونجح في 14 أيار في الوصول إلى الدورة الثانية لأول مرة في تاريخ الانتخابات الرئاسية في تركيا وقلص الهامش أكثر في الدورة الثانية.
لكن لا الرغبة في التغيير والانفتاح من جانب جزء من الناخبين، ولا التضخم المالي الحاد، ولا القيود المفروضة على الحريات والصلاحيات الرئاسية المفرطة، نجحت في تغيير المشهد السياسي.
مناورة فاشلة
لم تساهم أيضا تداعيات الزلزال المدمر في شباط والذي أودى بما لا يقل عن 50 ألف قتيل وشرد ثلاثة ملايين شخص، في تراجع شعبية “الريّس” أردوغان الذي تصدر نتائج الانتخابات في المحافظات المتضررة التي تعهد إعادة إعمارها بسرعة.
أما حزب العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ الذي يتزعمه أردوغان، خسر مقاعد في البرلمان لكنه احتفظ بالغالبية مع حلفائه.
من جهته، عانى كمال كيليشدار أوغلو هزيمة رغم محاولته استقطاب مزيد من الناخبين في حملته للدورة الثانية من الانتخابات.
فقد غيّر الموظف الحكومي السابق تركيزه من الحديث على الوحدة الاجتماعية والحريات إلى الحديث أكثر عن الحاجة إلى إخراج المهاجرين من البلد ومكافحة الإرهاب.
واستهدف بذلك استقطاب ناخبي اليمين القومي الذين حققوا مكاسب في الانتخابات البرلمانية.
لكن شكك محللون في نجاح مناورة كيليشدار أوغلو، إذ إن تحالفه غير الرسمي مع حزب مؤيد لقضايا الأكراد يصوره أردوغان على أنه جناح لحزب العمال الكردستاني المحظور، تركه عرضة لاتهامات بالعمل مع “إرهابيين”.
كما لم تكن مغازلته لليمين التركي المتشدد مجدية بسبب التأييد الذي تلقاه أردوغان من المرشح القومي المتطرف سنان أوغان الذي احتل المركز الثالث في الدورة الأولى للانتخابات قبل أسبوعين.
وبدا بعض أنصار المعارضة مهزومين بالفعل بعد خروجهم من مراكز الاقتراع.
وقال بيرم علي يوس في أحد الأحياء المناهضة لأردوغان في اسطنبول “اليوم ليس مثل المرة الماضية. كنت أكثر حماسة حينها”.
وأضاف “تبدو النتيجة أكثر وضوحًا الآن. لكني مع ذلك أدليت بصوتي”.
“الحفاظ على ما تحقق”
يحظى رجب طيب أردوغان بدعم واسع لدى الشرائح الأكثر فقرا وتلك الريفية من المجتمع التركي بسبب تشجيعه للحريات الدينية وتحديث المدن التي كانت متداعية في دواخل الأناضول.
وقال الناخب محمد أمين أياز لوكالة فرانس برس في أنقرة “كان من المهم بالنسبة لي الحفاظ على ما تحقق مدى السنوات العشرين الماضية في تركيا”.
وأضاف الرجل البالغ 64 عاما “تركيا ليست كما كانت في الماضي. هناك تركيا جديدة اليوم”.
لقي أردوغان انتقادات بسبب حملات القمع التي مارسها على جزء من المعارضة وتبنيه سياسة خارجية مثيرة للجدل.
ويقيم علاقات شخصية جيدة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم تتأثر بالحرب على أوكرانيا.
ويستفيد الاقتصاد التركي المضطرب من تأجيل سداد واردات الطاقة الروسية، الأمر الذي ساعد أردوغان على الإنفاق بسخاء على تعهدات حملته هذا العام.
كما أخّر عضوية فنلندا في حلف شمال الأطلسي (ناتو) ولا يزال يرفض قبول انضمام السويد إلى التحالف الدفاعي الذي تقوده الولايات المتحدة.