قال رئيس مجلس الأعيان، فيصل الفايز، إن جلالة الملك عبدالله الثاني يقود اليوم مسيرة الإصلاح الشامل، بأبعادها السياسية والاقتصادية والإدارية؛ لتمكين الأردن من مواجهة مختلف التحديات وخاصة الاقتصادية منها، للنهوض بالواقع السياسي والاقتصادي والأمن الغذائي، لا سيما وأن هذه الملفات باتت تشكل أولوية وطنية لدى جلالته.

وأضاف خلال ندوة عقدتها أمانة عمّان بعنوان: “الأردن تحديات كبيرة وأفق المستقبل” أنه يجب الابتعاد عن المناطقية والجهوية وصولاً لأحزاب ناجحة وقوية، داعيا الجميع للاندماج في العمل السياسي والحزبي والمشاركة الفاعلة فيه، ومحاربة الفساد المالي والإداري.

وأوضح أن رؤية الملك بموضوع الإصلاح السياسي تستهدف الوصول إلى النموذج الديمقراطي الأردني، الذي يمكننا من الوصول إلى الحكومات البرلمانية البرامجية، وتعزيز المشاركة الشعبية والحياة الحزبية والسياسية، وتمكين المرأة والشباب؛ ليكون الأردن بمئويته الثانية أكثر قوة وحداثة ومنعة.

وقال الفايز: إن الملك لطالما أكد بأن التحديات التي تواجه الأردن والمنطقة يجب أن لا توقف تطلعات الأردنيين من أجل أردن مزدهر يعتمد على ذاته، ويكون قادراً على مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية ومشكلتي الفقر والبطالة، والنهوض بمختلف الخدمات المقدمة للمواطنين، والقضاء على البيروقراطية في الإدارة العامة.

وأضاف أن الملك أكد بأن تكون عملية التحديث الاقتصادي عابرة للحكومات، ما يستدعي ضرورة وضع خطط اقتصادية، تكون قادرة على تجاوز الأوضاع الراهنة في المنطقة، وتعتمد بالدرجة الأساسية على الموارد البشرية الأردنية، وتعمل بالوقت ذاته على تحسين البيئة الاستثمارية، وفتح أسواق جديدة أمام الصناعات والمنتوجات الوطنية، بهدف الوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي، وتحسين أرقام النمو، وتوفير الحياة الكريمة للمواطنين.

وأضاف أنه وبخصوص الإصلاح السياسي المنشود؛ فقد تم إجراء تعديلات دستورية، وإقرار التشريعات الناظمة للعمل السياسي، حرصاً من جلالته على تعزيز المسيرة الديمقراطية وبناء الأردن الجديد، وصولا إلى مرحلة متميزة من الإصلاح السياسي، والدفاع عن قيم الحرية والعدالة الاجتماعية، وقيم المساواة والتسامح واحترام حقوق الإنسان، وترسيخ دولة القانون والمؤسسات.

وقال، إن مسؤولية تعزيز الثقافة الديمقراطية تقع على الجميع في البيوت والمدارس والجامعات، ضمن نهج قبول الرأي والرأي الآخر، ونبذ العنصرية والتعصب، وترسيخ الانتماء للوطن والولاء للقيادة الهاشمية.

وبشأن التحديات التي تواجه الأردن، بين الفايز أن الأردن ومنذ التأسيس واجه صعوبات مختلفة، كان يخرج منها أكثر قوة وتماسكا، أولها بناء الدولة الأردنية، وتشكيل الهوية الوطنية الأردنية، إضافة لتحدي اللجوء والنزوح الفلسطيني، مثلما واجه في خمسينيات وستينيات القرن الماضي تحديات المد الشيوعي والناصري واليساري، ثم جاءت حربا الخليج الأولى والثانية.

وبين أنه ومنذ تسلم الملك سلطاته الدستورية واجه الأردن العديد من التحديات الداخلية والخارجية والتي لا يمكن تجاهلها؛ ومنها الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008، وما يواجهه اليوم من تحديات، تتعلق بارتفاع المديونية وانخفاض المساعدات والمنح، وارتفاع نسب البطالة والفقر، إضافة إلى تداعيات احتلال العراق والربيع العربي في 2011، وانقطاع الغاز المصري والنفط العراقي، والحروب الأهلية في العديد من الدول العربية، وانتشار الإرهاب والتطرف، وتحدي انتشار آفة المخدرات، وجائحة كورونا وما خلفته من تداعيات، وكذلك الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيراتها على الأمن الغذائي وأسعار الطاقة.

وأشار إلى أن الأردن، وبسبب موقعه الجيوسياسي يواجه اليوم تحديات أخرى، تتمثل بالأوضاع الأمنية والسياسية التي تمر بها المنطقة، لعل أبرزها تحدي إيجاد الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية، في ظل تنامي اليمين المتطرف في إسرائيل وسيطرته على الحكم، ومحاولات البعض إيجاد تسويات للقضية الفلسطينية على حساب الأردن وثوابته وثوابت الشعب الفلسطيني.

وقال، إن مواجهة التحديات الاقتصادية للأمة العربية هي قضية محورية لا يمكن تركها للظروف، لذلك لا بد من إيجاد رؤية عربية تكاملية لمواجهة هذا التحدي، وإيجاد تعاون عربي مشترك لبناء شراكات اقتصادية واستثمارية متنوعة، مبينا أن أي دولة عربية لا تستطيع وحدها تجاوز هذه التحديات.

وأشار إلى أنه طالب أكثر من مرة بضرورة عقد قمة اقتصادية عربية موازية للقمة السياسية، يشارك فيها رجال الأعمال وممثلون عن مختلف القطاعات الاقتصادية والمالية، لبلورة مشروع اتحاد اقتصادي عربي، يكون بعيداً عن التجاذبات السياسية، لا سيما وأن قيام مثل هذا الاتحاد سيمكن الأمة العربية لأن تكون قوة سياسية واقتصادية، وفي الوقت ذاته تحقق التنمية المنشودة.

وبشأن موقف الأردن من القضية الفلسطينية، أكد الفايز أن الأردن بقيادة الملك، لم ولن يدخر جهداً من أجل دعم القضية الفلسطينية، مبيناً أن الملك يستخدم كل جهده السياسي وحضوره الدولي من أجل دعم القضية الفلسطينية.

وأشار، خلال الندوة، إلى أن السياسة الأردنية تقوم على مجموعة من الثوابت، أساسها حماية مصالحنا والدفاع عن قضايا الأمة، ومن هذا المنطلق يؤكد الأردن بقيادة الملك أن أي حلول ومشاريع تسوية للقضية الفلسطينية، لا تحفظ الثوابت الوطنية أو تعبث بالوضع التاريخي والقانوني لمدينة القدس، أو تمس بالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها، هي حلول مرفوضة وعدمية وسيتصدى لها الأردن بقوة.

وبين أن ما حدث في جنين ومخيمها، وما يحدث في الأراضي الفلسطينية عموما، عار في جبين المجتمع الدولي، لأن ما تقوم به الحكومة الصهيونية المتطرفة بحق الشعب الفلسطيني، هو إرهاب دولة وجرائم حرب، يجب على المجتمع الدولي الذي يدعي الإيمان بحق الحياة ومبادئ العدالة والحرية أن يتصدى بقوة لممارسات جيش الاحتلال الإسرائيلي وقطعان المستوطنين، ويوقف رعونة الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة.

وطالب الفايز بسرعة تشكيل لجنة برلمانية عربية، تقوم بالتواصل مع البرلمانات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان العالمية، لكشف هذه الممارسات الهمجية والوحشية، التي ترتكبها حكومة الاحتلال الإسرائيلي المتطرفة وقطعان المستوطنين بحق الشعب الفلسطيني.

وطالب الفايز بموقف عربي وإسلامي يدعم جهود الأردن من أجل حل القضية الفلسطينية، وتمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه، مؤكدا أن الأردن لا يستطيع وحده تحمل أعباء القضية الفلسطينية، لذلك لا بد من موقف عربي وإسلامي داعم ومساند للأردن، مؤكدا أن الأردن قادر على حماية استقراره وأمنه.