دخل قانون السير المعدل رقم 18 لسنة 2023 حيز التنفيذ، بعد مرور 30 يوما على صدوره في الجريدة الرسمية، واستكماله مراحله الدستورية كافة، بالإضافة إلى عدد من القوانين، من بينها قانون الجرائم الإلكترونية.

وقال عدد من المتخصصين، إن تطبيق القانون ونفاذه بصيغته الجديدة التي تضع مرتكب المخالفات المرورية الخطرة في السجن وتصادر رخصة قيادته، وحتى شطبه من سجل المجازين للقيادة، هي نصوص أصبح الأردن بأمس الحاجة إليها بعد أن فقد أكثر من 3 آلاف إنسان في سنوات معدودة بسبب حوادث السير.

القانون الجديد شمل تعديل 25 مادة من القانون الأصلي، وغلظ العقوبات على عدد من المخالفات التي تشكل خطورة على الإنسان ارتقت إلى حد الحبس والغرامات المالية، مثل قطع الإشارة الضوئية الحمراء، ومعاكسة السير، وقيادة المركبة تحت تأثير الكحول أو المخدرات، وقيادة مركبة لمن ليس مخولا بالقيادة أو المنتهية رخصته أو رخصة المركبة، وقيادة مركبة عمومية من شخص لا يحمل فئة قيادة تمنحه ذلك، والقيادة بسرعة متهورة، واستخدام الهاتف أثناء القيادة، وغيرها من المخالفات.

وقال مدير المعهد المروري الأسبق العميد المتقاعد المهندس أحمد الوراورة، إن قانون السير المعدل رقم 49/2008 جرى تعديله خلال العام الحالي 2023، ليدخل حيز التنفيذ الفعلي صباح الثلاثاء، بجملة من التعديلات، أبرزها إضافة عبارة “غير مقصود” إلى التعريف المعمول به في القانون السابق” كل واقعة تسببت فيها على الأقل مركبة واحدة متحركة في إلحاق أضرار بشرية أو مادية أو كليهما”، حيث أصبح هذا التعريف متوافقا مع التعريف العالمي للحادث المروري، وليتناسب مع هندسة المرور وسلامة الطرق، وهذا التعريف بدوره سيسهم في الحد من الحوادث المفتعلة.

وأشار الوراورة إلى أن هذا القانون شمل بعض التعديلات الإدارية التي تتعلق بقضايا المواطنين، كالإرث والكفالات وكتاب العدل، فاشترط أن يكون كاتب العدل رقيبا جامعيا يحمل درجة البكالوريوس في القانون أو الحقوق، ليشمل ذلك ضباط الصف بعد أن كان محصورا بالضباط فحسب.

وبين أن من أهم هذه التعديلات أيضا تغليظ العقوبة على مرتكبي بعض المخالفات المتحركة الخطرة، والتي تتسبب في وقوع حوادث مرورية تعود بأضرار جسيمة وآثار سلبية على الأشخاص والمركبات والطرق؛ وبالتالي يرتفع مستوى السلامة المرورية في الأردن مقارنة مع السلامة المرورية العالمية، فيرتفع حينها مؤشر السياحة والاستثمار تبعا لهذا الارتفاع؛ لأن السائح أو المستثمر معرض بشكل مباشر لاستخدام الطرق وقيادة السيارات، وهو معرض أيضا للحوادث المرورية، وتبعا لهذا القانون تقل فرصة تعرض المستثمر أو السائح للحوادث المرورية، فيكون ذلك عامل جذب مهم للسياحة والاستثمار في الأردن.

وأشار إلى بعض تلك المخالفات، كقطع الإشارة الضوئية الحمراء التي أصبحت مخالفتها من مائتين إلى ثلاثمئة دينار، أو الحبس من شهر إلى شهرين أو الغرامة المالية والحبس معا، ومنها أيضا تجاوز السرعة المقررة بخمسين كيلومترا، إذ أصبحت قيمة مخالفتها مئة دينار أو الحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر.

ومنها قيادة المركبة برخصة سوق لا تخول حاملها بقيادتها، كرصد حدث يبلغ من العمر سبعة عشر عاما، يقود شاحنة والده التي تستلزم رخصة قيادة من الفئة السادسة في منطقة الموقر الأسبوع الماضي.

ومن المخالفات التي تم تغليظ العقوبة عليها عدم استخدام حزام الأمان سواء على الطرق الخارجية أو داخل المدن، لأن استخدام الحزام يقلل من نسبة الوفيات والإصابات الناتجة عن الحادث بما لا يقل عن 50 بالمئة، وهذا مثبت بموجب الدراسات والبحوث والإحصائيات العالمية لذا رفع القانون الجديد غرامة عدم الالتزام بحزام الأمان من 15 إلى 20 دينارا، وفقا للوراورة.

وأضاف أن من المخالفات الخطرة على حياة السائقين ومستخدمي الطرق، والتي ركز عليها القانون المعدل، استخدام الهاتف النقال أثناء القيادة -سواء لإجراء المكالمات أو التصفح أو الكتابة-، والذي يؤدي إلى تشتيت فكر السائق وتقليل مستوى انتباهه، وزيادة زمن الاستجابة عن 1.5 ثانية ما يؤدي إلى وقوع ما لا يحمد عقباه؛ لذا عزم القانون الجديد المعدل على رفع قيمة مخالفة استخدام الهاتف النقال من 15 إلى 50 دينارا.

وبين أن قيادة المركبة بصورة متهورة أو استعراضية على الطرق أصبحت عقوبتها الحبس مدة لا تقل عن شهر، ولا تزيد على شهرين أو بغرامة لا تقل عن مئتي دينار، ولا تزيد على ثلاثمئة دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين.

ولفت إلى أن من أهم التعديلات على هذا القانون، منح صلاحيات فحص نسبة الكحول والمواد المخدرة لرجال الأمن العام، عن طريق أجهزة متطورة مخصصة لهذا الشأن، ومن ثم اتخاذ الإجراء اللازم في حال التأكد من تناول السائق للكحول أو المخدرات، ليتم بعد ذلك تحويله إلى الجهات المختصة لإجراء المقتضى القانوني للنظر فيه، وكل ذلك سيسهم بشكل كبير في تعزيز منظومة السلامة المرورية.

وفي ذات السياق، كشف الوراورة عن استحداث مجلس أعلى للسلامة المرورية، تمت إجازته في القانون الجديد المعدل؛ مهمته توحيد الجهود بين الجهات المختلفة المسؤولة عن السلامة المرورية، والتي يبلغ عددها حوالي 24 جهة، يعمل كل منها ضمن أسس واستراتيجيات مستقلة خاصة به.

وأشار إلى بعض الإحصائيات المتعلقة بحوادث السير التي نتج عنها إصابات، فكان أكثرها في فئة الشاحنات القاطرة والمقطورة نسبة إلى العدد الكلي المسجل لها في إدارة ترخيص السواقين والمركبات.

وبين رئيس الجمعية الأردنية للوقاية من حوادث الطرق المهندس وفائي مسيس، أن نفاذ القانون الجديد هو خطوة في الاتجاه الصحيح، لرفع مستوى السلامة المرورية التي تعني المنظومة المتكاملة الهندسية والتوعية والتشريعات والتقييم والطوارئ، لافتا إلى أنه سيؤدي إلى تقليل المخالفات الخطرة والحد منها.

وأشار إلى أن تغليظ العقوبة سيؤدي إلى ردع كل من يخالف قانون السير، فمن يخالف لا بد أن يخالف، فنحن مع هذا القانون الذي سيؤدي إلى تخفيض نسبة الحوادث؛ ومن ثم تخفيض نسبة الوفيات والإصابات البليغة الناجمة من هذه الحوادث.

وأوضح أن هذه التعديلات انبثق عنها إنشاء المجلس الأعلى للسلامة المرورية الذي كان بمبادرة من الجمعية الأردنية للوقاية من الحوادث، مشيرا إلى أن الجمعية طالبت بهذا المجلس منذ ثلاثين عاما، بحيث يعمل المجلس على تنظيم العملية المرورية بكل عناصرها باعتباره يضم المتخصصين بالسلامة المروية، ما سيؤدي إلى وضع استراتيجيات تنظم العمل وتقيمه سنويا، فضلا عن وضع استراتيجيات قصيرة الأمد؛ (ثلاث سنوات ثم خمس سنوات ثم عشر سنوات) تبعا لعقد عمل الأمم المتحدة الذي يتطلع إلى تخفيض نسبة الوفيات الناجمة من حوادث السير بنسبة 50% من (2021 إلى 2030).

وفيما يتعلق بتعزيز ثقافة التوعية المرورية والقانونية، لفت مسيس إلى أن التوعية تعد العنصر الثاني في السلامة المرورية، ولا شك أن التوعية مستمرة ودائمة كبرامج التوعية القائمة من مديرية الأمن العام والمعهد المروري والجمعية الأردنية للوقاية من حوادث الطرق التي تصل إلى طلاب المدارس والجامعات، وكذلك الحديقة المرورية المفتوحة لتدريب الأطفال.

وفي هذا السياق، أشار مسيس إلى أهمية دور وزارة التربية والتعليم بوضع منهاج تربوي مروري لطلاب المدارس، يبدأ من الصف الأول إلى السادس، ولا بد من التشديد على التربية المرورية والتوعية المرورية ككل لغرس قيم الثقافة المرورية في وجدان المواطن، فتكون أساسا لسلوكياته في التعامل مع عناصر المرور والطرق.

وقال المحامي الدكتور فارس المجالي إن قانون السير المعدل رقم (18) لسنة 2023 جاء إقراره نظرا لزيادة أعداد الحوادث، وما نتج عنها من مأساة لكل بيت أردني، مبينا أنه تم تعديل القانون لفرض الاحترام لتطبيق قواعد المرور بالشكل الأمثل.

وقال أصبحت حوادث السير خصوصا القاتلة، منها مشكلة يجب محاربتها وإيجاد حل لها، وخصوصا أن معظمها يقع نتيجة لمخالفات مرورية تستلزم المعاقبة على ارتكابها، وتسبب خسائر بشرية كبيرة ومالية طائلة.

وبين أن القانون شمل تعديل (25) مادة من القانون الأصلي، وتراوحت هذه التعديلات بين تعديل في نصوص بعض المواد أو الإضافة لبعض النصوص أو إلغاء مواد والاستعاضة عنها بمواد أخرى، وكانت في معظمها تتجه للتشديد في العقوبات سواء بالحبس أو المخالفات، وبعضها كان بنصوص تنظيمية، فالمعادلة الصحيحة لهذا القانون (لا ترتكب المخالفة حتى لا يتم مخالفتك).

وأشار إلى أنه ومن خلال تجارب الدول في تشديد العقوبات على مخالفات السير الجسيمة، فإننا نجد بأنه كلما كان هنالك تشديد وتغليظ للعقوبات، كلما كان هنالك احترام للقانون ولقواعد السير بالشكل الأمثل؛ وبالتالي التخفيف من حوادث السير.

ودعا إلى الفهم الشامل لقانون السير؛ ما يشكل ضمانة لحقوق الأفراد في السير بشكل آمن سواء أكان سائقا أو مشاة وحلا لبعض المشاكل المرورية، خصوصا ما يتعلق منها بالازدحام داخل المدن.

وأضاف أن الالتزام بقانون السير يعد من البديهيات التي يجب أن يلتزم بها السائقون والمشاة على حد سواء لذلك يجب أن يكون احترام القانون بداية نابعا من الجانب الأخلاقي والشعور بالمسؤولية تجاه سلامة الناس وأرواحهم، قبل أن يكون تجنبا للغرامات والعقوبات المفروضة في حال مخالفة قانون السير؛ وبالتالي يجب أن يكون هناك أيضا.

وقال الخبير القانوني الدكتور محمود عبابنة إن تعديل القانون وتغليظ العقوبة هو مطلب مجتمعي شعبي نتيجة المخالفات وحوادث المرور التي أثقلت البيوت الأردنية بالحزن مرات عديدة وتركت إعاقات طويلة المدى بأجساد من بقي منهم حيا.

وأضاف أن نفاذ القانون سيعالج الحوادث المفتعلة بحيث أن إسقاط الحق الشخصي لا يخفف عقوبة الفاعل، وكذلك القيادة تحت تأثير المخدر أو الكحول أو قيادة مركبة برخصة لا تؤهل سائقها لقيادة مركبة أخرى، فإسقاط الحق في مثل هذه الحالات لم يعد يفيد الفاعل، ولن ينجو من العقوبة المناسبة والرادعة له.

وبين أن نفاذ القانون يوم غد سيسهم بالحد من الرقم التصاعدي لحوادث المرور والإصابات الناتجة عنها، لأن قانون السير على تماس مباشر مع حق الإنسان في الحياة، وكان بحاجة إلى ما أسماه “نزعة ردعية” تجاه المخالفين.

المواطن أسامة علقم ، أشار إلى أنه ونتيجة لتزايد أعداد الحوادث والتجاوزات والتصرفات غير المسؤولة من بعض المواطنين أثناء قيادتهم للمركبات، فكان من الأهمية بمكان إنفاذ هذا القانون وبسرعة يتحقق معه الردع والزجر لكل المستهترين والمخالفين للقانون.

ولفت في هذا الصدد إلى دور مديرية الأمن العام بإعطاء ورشة توعوية متخصصة عن هذا القانون المعدل ضمن ورشاتها التوعوية، تبيانا للعديد من المواد المعدلة وتعزيزا للسلامة المرورية والالتزام بقواعد المرور بشكل أكبر، أثناء القيادة، والابتعاد عن المخالفات ما أمكن، خاصة استخدام الهاتف النقال بما يضمن المحافظة على الأرواح والممتلكات.

وقالت المواطنة رشا حسني، إن كثيرا من البيوت يملؤها الحزن بسبب وفيات حوادث السير أو بإصابات بليغة بالأجساد، والقانون وسيادته وتفعيله سيسهم في توفير بيئة آمنة على الطرق من خلال تغليظ العقوبة على المخالفات الخطرة التي راح ضحيتها الكثير من المواطنين.

وأضافت أن ذلك سيسهم في الحد من الحوادث وما ينجم عنها من إصابات ووفيات، وسيصبح هناك تقيدا بتعليمات المرور، والأهم من كل ذلك أن العقوبات أصبحت مغلظة، وأن تطبيقها بحزم هو ما سيجعل الحزن والألم يقل تمهيدا لتلاشي هذه الظاهرة والبقاء على الاستخدام الأمثل للمركبة والطريق.