شدد وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي على أن التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار ووقف العدوان الإسرائيلي على غزة أولوية تعمل عليها الأردن منذ اليوم الأول لاندلاع الكارثة على القطاع، محذرًا من أن إسرائيل تدفع المنطقة كلها نحو الهاوية.
وقال الصفدي في مقابلة مع التلفزيون العربي على هامش أعمال النسخة الـ21 من “منتدى الدوحة”، إنّ المجتمع الدولي بدأ يدرك بشكل أكبر أهمية تحقيق ذلك، مشيرًا إلى أن كثيرًا من الدول بدأت تدعو بشكل واضح وعلني إلى وقف إطلاق النار.
وأشار إلى أن التحدي الأكبر هو عنجهية الحكومة الإسرائيلية المستمرة في حربها في تحد للمجتمع الدولي الذي عبر عن إرادته في وقف إطلاق النار في القرار الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد أن قدمه الأردن باسم المجموعة العربية.
“مزيد من الصراع”
وتابع الصفدي أن عنجهية الحكومة الإسرائيلية تأتي أيضًا في تحد للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وفي حرب عدوانية لن تكون نتائجها إلا المزيد من الصراع والدمار في المنطقة والتي ستؤثر على الإسرائيليين أيضًا في المستقبل، مشيرًا إلى أن هذه الحرب تخلق موجة من الكراهية والغضب.
وأكدّ أن الأردن لا يقوم فقط بخطوات ودعوات، بل يقوم بجهد دبلوماسي مكثف، أوضح أن العمل السياسي هو جزء أساسي من أي جهد لإثبات عدمية هذه الحرب وعبثتيها.
واعتبر وزير الخارجية أن ما غيّر الرأي العام بشكل كبير هو مشاهد القتل والدمار اللاإنسانية التي ألحقتها إسرائيل في غزة وبشعبها، مشددًا على أن الأردن مستمر في بذل كل ما يستطيع من أجل وقف العدوان، وأن هناك حراكًا في إطار عمل المجموعة العربية الإسلامية.
ورأى أن الأردن ليس وحده قادرا على إنهاء الحرب، بل هو يقوم بدوره، وبكل جهد يستطيع أن يقوم به، من خلال اتخاذه المواقف اللازمة والخطوات التي يعتقد أنها ممكن أن تسهم في تغيير الوضع المأساوي.
وبشأن تجاوب الدول الأخرى المشاركة سواء بالمجموعة العربية الإسلامية أو حتى الدول الجارة لفلسطين في الجهود الأردنية وفي جهود أخرى من أجل إيقاف النار وإدخال المساعدات لغزة، قال الصفدي: إن “المجموعة العربية تتحدث بصوت واحد وفي موقف منسق ورسالة واحدة مفادها أن العدوان الإسرائيلي يجب أن يتوقف وألا فائدة ترجى منه سوى تحقيق المزيد من الدمار والقتل والخراب، وأن إسرائيل تتحمل مسؤولية ما تقوم من جرائم حرب ومن قتل وتجويع وحصار لشعب بأكمله.”
إسرائيل تدفع المنطقة كلها نحو الهاوية
وأوضح الصفدي أن المسؤول عن هذه الحرب والدمار والكارثة الإنسانية التي تجري في غزة هي دولة الاحتلال، والحكومة الإسرائيلية التي تدفع بالمنطقة برمتها إلى الهاوية.
وتابع أن ما يقوم به الأردن من جهد سياسي هو جزء أساسي من أجل تعرية الرواية الإسرائيلية وإظهار الحق الفلسطيني وكشف المعاناة غير المسبوقة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، وهو ليس فقط لإنهاء هذا العدوان على الشعب الفلسطيني، ولكن من أجل أن نوصل موقفنا الثابت الذي نعمل عليه منذ عقود في الأردن وهو إنهاء هذا الاحتلال الذي هو سبب كل ما تشهده المنطقة من دمار وصراع.
وبشأن الفيتو الأميركي في مجلس الأمن، أوضح الصفدي أن الأردن يتحدث مع واشنطن بكل صراحة ووضوح، مؤكدًا أن بلاده قالت إنها ضد استمرار الحرب.
وفيما أشار إلى أن بلاده تختلف مع واشنطن في هذا الموقف، لفت الصفدي إلى أن الولايات المتحدة الأميركية هي القوة الأكبر في العالم، وبالتالي لا بد من استمرار الانخراط معها من أجل جلبها إلى المساحة التي نريد، وهي المساحة التي نقوم فيها بجهد حقيقي لوقف العدوان.
وتابع أن ثمة قضايا اتفقنا مع الولايات المتحدة عليها، ونرى في موقفها موقفًا نريد أن نبني عليه مثل مسألة رفض التهجير، ورفض اقتطاع أي جزء من أراضي غزة، ورفض إقامة مناطق عازلة في القطاع.
المرحلة الثانية ما بعد العدوان على غزة
وبشأن المرحلة التالية بعد انتهاء العدوان، شدد الصفدي على أن موقف الأردن هو موقف عربي واحد، وهو يرفض الحديث عن اليوم التالي طالما استمر هذا العدوان، ويرفض الحديث عن غزة لوحدها، مشددًا على أن أي حديث عن اليوم القادم يجب أن يكون حديثًا يشمل الضفة الغربية بحيث يتم التعامل مع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة كحال واحدة، وكأرض محتلة واحدة، والحديث يجب أن يكون أيضًا باتجاه إنهاء هذا الصراع وإنهاء الاحتلال وتلبية حقوق الشعب الفلسطيني.
وأكد أن الأردن يرفض قضية إدارة غزة بشكل منفصل أو التعامل مع غزة كحالة منفصلة عن الضفة الغربية وعن الوضع الكلي للأرض الفلسطينية المحتلة، لأنه سيكرس الحالة التي تريد الحكومة الإسرائيلية أخذ غزة باتجاهها، وهي عزلها عن الضفة الغربية والتعامل معها من منطلق أمني إنساني فقط.
واعتبر الصفدي أن أي مقاربة تعتمدها حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الضفة الغربية أي محاولة لفرضها على غزة، سيؤدي إلى فشل أكبر وسيؤدي إلى تجدد الصراع، موضحًا أن ما يقوم به الأردن ويضغط باتجاهه وهو وقف الحرب، وإيصال المساعدات، وحماية المدنيين، ومن ثم التقدم بخطة واضحة المعالم محددة الأهداف قابلة للتطبيق لإنهاء الصراع ومعالجة أساس الصراع، وهو الاحتلال الإسرائيلي.
وتابع: “نقول للجميع بأن هذا الاحتلال يجب أن يزول، ولا يمكن أن تحصل إسرائيل على الأمن ما لم يحصل الفلسطينيون على الأمن، وأن كل المقاربات التي كانت طرحتها الحكومة الإسرائيلية بإمكانية القفز فوق القضية الفلسطينية وتهميش القضية الفلسطينية هي مقاربات ليست فقط مرفوضة، ولكن فاشلة”.
وحول حراك الشارع الأردني ومطالبته إنهاء معاهدة السلام مع إسرائيل، أوضح الصفدي أن القضية الفلسطينية بالنسبة للأردن هي قضيته الأساس وكل سياساته وإمكاناته مكرسة باتجاه حل هذه القضية على الأسس التي تنصف الشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى أن هناك وحدة موقف بين الحكومة والشعب لحماية الشعب الفلسطيني وحماية حقوقه والوقوف إلى جانبه.
وأكد وزير الخارجية أن كل ما يسهم في تحقيق هذه الأهداف سيتخذه الأردن ضمن رؤية سياسية ناضجة تعرف ما يجب أن نقوم به.