غابت عن مدينة بيت لحم مظاهر الاحتفال بعيد الميلاد مقارنة بما جرت عليه العادة خلال السنوات الماضية، فلم توضع شجرة الميلاد في ساحة كنيسة المهد ولم تعزف فرق الكشافة لدى دخول بطريرك اللاتين بيير باتيستا بتيسابلا ساحة الكنيسة بسبب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

وبدل أن يحمل أعضاء فرق الكشافة الآلات الموسيقية في المسيرة السنوية التقليدية مع بدء الاحتفالات بعيد الميلاد، رفعوا لافتات تدعو إلى وقف الحرب على قطاع غزة المحاصر.

ومما كُتب على اللافتات التي رفعها أعضاء فرق الكشافة “سلام لغزة وأهلها” و”غزة في القلب” و”نريد حياة لا موتا” و”يريد أطفالنا أن يلعبوا ويضحكوا”.

وقال البطريرك بيتسابلا للصحفيين لحظة وصوله إلى ساحة كنيسة المهد التي بدت خالية سوى من بضع عشرات من الفلسطينيين، “هذا عيد ميلاد حزين جدا”.

وأضاف: “مثلما رأينا لا توجد أجواء للسلام لأننا في حرب رهيبة، ونعبر عن تعاطفنا مع أهالي غزة، جميع أهالي غزة، وعلى وجه الخصوص المجتمع المسيحي في غزة الذي يعاني، وأنا أعلم أنهم ليسوا وحدهم من يعاني. هناك أكثر من ميلوني شخص يعانون من التشريد والجوع في ظروف لا يمكن تحملها”.

تابع قائلا: “نحن هنا للصلاة، وأيضا ليس فقط من أجل المطالبة بوقف إطلاق النار، وإنما من أجل وقف الأعمال العدائية والمعاناة وطيّ هذه الصفحة، لأن العنف لا يولد إلا العنف”.

أوضح البطريرك أن “رسالة الميلاد هي السلام وليس العنف… السلام العادل لكل الفلسطينيين الذين انتظروا طويلا دولتهم وحريتهم”.

وأضاف “في هذا التوقيت علينا أن نكون متحدين، وهذا مهم. العدو يريد لنا الانقسام… والشيطان يريد لنا الانقسام. لكن يجب علينا أن نكون متحدين. قوتنا في الاتحاد.. مسيحيين ومسلمين. وأقولها لكل الفلسطينيين… الاتحاد أمر ضروري حتى تعملوا معا من أجل الحقوق والكرامة وإنهاء الاحتلال لأن هذا هو أصل المشكلة”.

وعبر البطريرك عن أمله بأن يكون “عيد الميلاد في العام المقبل مليئا بالفرح والحياة والأطفال لأن عيد الميلاد بدون الأطفال ليس عيدا حقيقيا”.

“عذاباتكم لن تذهب سدى”

ولم تتزين شوارع المدينة كعادتها بأشكال مختلفة من الإضاءة ولم يأتِ إليها المواطنون، مسيحيون ومسلمون، إلى ساحتها في ظل غياب مظاهر الاحتفال والاقتصار على الشعائر الدينية.

وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، “يأتي ميلاد السيد المسيح هذا العام، ومدينة الميلاد، بيت لحم، تعيش حزنا لم تره قبل هذا اليوم، قوى الاحتلال تبطش وتقتل أطفال فلسطين، وتختطف الابتسامة البريئة من وجوه الأحياء منهم، حيث لم يسلم أحد من أبناء شعبنا، النساء، والرجال، وكبار السن من هذا القتل والإرهاب ومحاولات التهجير القسري وتدمير الآلاف البيوت، ما يذكرنا بما حدث في نكبة عام 1948”.

وأضاف في كلمة بثتها الوكالة الرسمية بمناسبة عيد الميلاد، “أقول لأبناء شعبنا ولعائلاتنا التي تتخذ من الكنيسة في غزة ملجأ لها، والذين لم يسلموا من همجية العدوان الإسرائيلي، ولجميع أبناء غزة، إن عذاباتكم، وعذابات شعبنا في الداخل والخارج لن تذهب سدى، وإن شمس الحرية والدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، آتية لا محالة، بل إنها قاب قوسين أو أدنى”.

وحيا عباس في كلمته الشعوب التي خرجت في مسيرات للمطالبة بوقف الحرب على غزة

وقال “أما أنتم يا شعوب العالم، فإننا نحييكم ونشكركم، على خروجكم إلى الشوارع في جميع أنحاء العالم، مطالبين بالحرية لفلسطين، وهذا فخر لنا وهزيمة للطغاة”.

ولم يُعلن رسميا إن كان عباس سيشارك في قداس منتصف الليل مثلما جرت العادة أم سيرسل ممثلا عنه.