مرايا – كتب : عمر كلاب – من المُبكر الحُكم على تعليمات الاستثمار الطازجة ومقدرتها على تحريك عجلة الاستثمار والاقتصاد، فقد تأخرنا كثيرا في تقديم قوانين جاذبة للاستثمار ، بعد ان سبقتنا دول كثيرة الى ذلك وبشروط ميسرة، فالارقام التي طرحها القانون تفوق كثيرا مثيلاتها في الدول الاوروبية المتقدمة للحصول على الامتيازات نفسها، مع الاحتفاظ بأفضلية الفوارق تحديدا في عوامل البيئة الاجتماعية لمستثمرين ما زالوا ممسكين على ثقافة العادات والتقاليد، اي اننا نستهدف المستثمر الذي يبحث عن مجتمع محافظ ومحكوم بمنظومة قيمية يكون فيها المفاعل الديني حاضرا، وهذه ايضا نسبة لا يمكن الحسم بتعدادها اولا، واذا ما كنا الخيار الافضل لها ثانيا، فايداع مبلغ يكسر حاجز الخمسة ملايين ريال او درهم بالعملة الخليجية ليس من السهل الاستغناء عنه دون عوائد لخمس سنوات، هذا من الناحية الاقتصادية ودراسات الجدوى .
الظلال الاكثر طغيانا على المشهد اليوم، هي الظلال السياسية بتزامن صدور القرارات مع صفقة القرن وتسوية القضية الفلسطينية وارتدادات تلك التسوية على التركيبة الاردنية، رغم استبعاد ان يكون القرار جزءا من ذلك، فالفلسطيني ثابت على ارضه وراسخ فيها ولن يقبل تجربة اللجوء مجددا بعد ان عانى الويلات من تجارب اللجوء، وهو ايضا بارقامه الحالية ليس جاذبا لراغبين بالتجنيس ممن يتمتعون بالاقامة الدائمة في الاردن او من حمَلة الجوازات المؤقتة سواء من ابناء الضفة الغربية او ابناء قطاع غزة، فالمطلوب تجميد مبلغ ضخم ولا اخال أن كثيرين يملكون ترف ايداعه لخمس سنوات دون عوائد او عشر سنوات، وبالتالي فإن هواجس التوطين ليس لها مكان.
السؤال الواجب طرحه هو ماذا اعددنا لتوطين الاستثمار الموجود اصلا، من خلال منح هذه الفرصة لمن يحملون التابعية الاردنية – الجواز المؤقت – من الذين يقومون بتسجيل املاكهم واستثماراتهم باسماء شخوص يحملون الجنسية الاردنية، وكذلك سؤال ابناء الاردنيات ممن طالبوا بالحقوق المدنية الكاملة وقامت الحكومات المتعاقبة بتعليق مطالبهم والمماطلة في تنفيذ الاجراءات الضامنة لهم، فهم أولى بالرعاية والمحافظة على حقوقهم، ومجرد منحهم الفرصة لتسجيل عقاراتهم واستثماراتهم باسمائهم سيُدخل على الخزينة اموالا طائلة دون اي كلفة سياسية ودون صرف رقم وطني واحد، فكل مطالب ابناء الاردنيات وحملة الجوازات المؤقتة كانت بحقوق مدنية فقط التزاما بعهد ووعد حق العودة واحتراما للهواجس الوطنية .
منح الجنسية بالاستثمار، معمول به في كل الدول المتقدمة وهو ليس ابتكارا اردنيا او فرادة، وسنويا يجري تجنيس الكثير من غير الاردنيات بحسب قانون الجنسية الساري المفعول الذي يمنح الزوجة العربية الجنسية الاردنية بعد ثلاث سنوات زواج فيما يمنحها للاجنبية بعد خمس سنوات؛ ما يضع مطلب ابناء الاردنيات بالحقوق المدنية الكاملة موضعا محترما ووطنيا بامتياز وكذلك مطلب حملة الجوازات المؤقتة، مع موافقتي النسبية على منح جواز استثمار متبوع بجنسية كاملة لمن يقوم باستثمار في المحافظات حسب القانون ومنح من يستثمر بمبلغ اقل اقامة دائمة، على ان ينحصر هذا الامر في المحافظات فقط .
omarkallab@yahoo.com