مرايا – حذرت أوساط مختصة في قطاع المياه من خطورة “تقلّص” مساحة مسطح مياه البحر الميت، والبالغة حاليا نحو 620 كيلو مترا مربعا، عاما بعد عام، مؤكدين أن “الخسارة” تتعدى خسارة المياه إلى الخسارة الصناعية والاقتصادية في منطقته.
وفي الوقت الذي كشفت فيه أرقام رسمية، عن استمرارية “هبوط” منسوب مياه البحر بما معدله 33 مترا اعتبارا من العام 1976 حتى العام الماضي 2017، تتزايد أهمية الإسراع بإنقاذه للحؤول دون الانعكاسات السلبية المتوقعة بيئيا واقتصاديا وسياحيا على المنطقة.
وبينت هذه الأرقام ذاتها أن معدلات انخفاض منسوب البحر الميت، بلغت خلال الأعوام العشرة الماضية كالآتي، 1.37 متر في العام 2008، و1.14 في 2009، و87 سنتيمترا في 2010، 1.39 سنتيمتر في 2011، 1.36 سنتيمتر في 2012، 95 سنتيمترا في 2013، 98 سنتيمترا في 2014، متر واحد في العام 2015، 1.24 متر في 2016، و 1.30 متر في العام 2017.
وأكد مختصون في مجال المياه ضرورة تنفيذ ما يلزم من مشاريع للمحافظة على مياه البحر وكافة الصناعات والاقتصادات القائمة في منطقته، سيما وأن الأرقام الرسمية ذاتها أظهرت أن مسطح بحيرة البحر الميت يصل حاليا إلى نحو 620 كيلومترا مربعا.
إلى ذلك، قال أمين عام سلطة وادي الأردن الأسبق د. دريد محاسنة إن خسارة مياه البحر الميت “لا تتوقف فقط على خسارة المياه، بل ستكون أيضا خسارة في المجال الصناعي من عند الأخذ بالاعتبار فقدان آلاف العمال بالمنطقة لوظائفهم في مختلف الصناعات القائمة على البوتاس وغيرها، واقتصادية من جهة أخرى حيث ستؤثر على الحركة التنموية المتعلقة بالسياحة والنقل”.
وبين محاسنة أن تراجع/ اختفاء المياه الحلوة الواصلة للبحر الميت سـ “يخلق اختلالات في تركيبة التربة في منطقته، ويؤدي لخلق حالة تسمى (الحفر العميقة) وهو ما قد ينعكس على انهيار العمران والبنيان والمزارع والمنشآت والسدود والأحواض المائية والصناعات البوتاسية وغيره”ا.
من جهته، اعتبر أستاذ علوم المياه الجوفية وكيميائية المياه في الجامعة الأردنية د. إلياس سلامة، أن هبوط منسوب البحر الميت “يمس الاقتصاد والسياحة الأردنية على حد سواء”، مشيرا إلى بعد المسافة بين مواقع الفنادق السياحية ومنطقة المياه والناجم عن التراجع المستمر وتأثيره على السياحة.
وأوضح سلامة أن انخفاض منسوب البحر الميت “له تداعيات وتأثيرات طبيعية، تتعلق بهروب المياه الجوفية”، موضحا ان المياه الجوفية العذبة ترتبط بمستوى البحر الميت، أي أنه كلما انخفض مستوى البحر الميت قلت المياه الجوفية، وتتجه المياه التي تهبط باتجاه البحر الميت.
وشرح سلامة تأثير الحفر الانهدامية التي ظهرت بالمنطقة على مزارع ومنازل مواطنين في المنطقة ما أدى لهبوط مناطق بشكل مفاجئ، حيث توجد 70 حفرة بالمنطقة حتى الآن ولا يزال تأثيرها مستمرا، لافتا إلى “ارتباط انحسار مساحة البحر الميت بانخفاض كمية المياه المتبخرة، ما ينعكس على نسبة الرطوبة في بيئة المنطقة” وهو ما اعتبره سلامة “مدمرا”.
واتفق وزير المياه والري الأسبق م. محمد النجار مع سابقيه بخصوص ما يتعلق بخطورة عدم توفر مياه ترفد البحر الميت كما كان الوضع تاريخيا، مبينا أنه “في حال استمر الوضع على ما هو عليه، فإن المساحة ستتقلص، وبالتالي سيؤثر على المناطق المجاورة وظهور الحفر”.
وأضاف النجار، ان “الانعكاسات السلبية تتعدى ذلك إلى هبوط في بعض المناطق، بالإضافة لزيادة الملوحة في البحر عما كانت عليه سابقا، ما ينجم عنه جميعا التأثير بشكل مباشر على السياحة”.
وبحسب دراسات علمية سابقة، فإن التحذيرات لا تزال مستمرة بخصوص سلبية انعكاس آثار هذه التغيرات مجتمعة على “موازنة العرض والطلب للمياه، وتوازن كتلة مياه البحر الميت، والحد البيئي المرجعي بعيد المدى في المنطقة”، إضافة إلى وجود مؤشرات حول تغيرات مقترنة بالرطوبة النسبية، وفق دراسات علمية رجحت أن تحدث نسبة أكبر من معدل هطول الأمطار في حالات الهطول المطري الشديد.