مرايا – «لم يعد الحال طبيعيا، فتيات صغيرات اخترقن عالم الفضاء الافتراضي، وأصبح لديهن حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، ويشاركن بصور و فيديوهات» لا تناسب أعمارهن ولا تنسجم مع عاداتهن وثقافتهن وخصوصيتهن، اذ أنه في إحدى المرات ذُهلتُ عندما دخلت على حساب أبنة احد الأقارب وعمرها عشرة أعوام على «السناب شات» ورأيتها تحدّث متابعيها وتخبرهم بأنها تهمّ بأخذ حمام ساخن، وبقيت تصوّر نفسها الى أن أوصدت باب الحمام عليها، وبعد فترة قصيرة عادت للتواصل مع متابعيها وهي تلف رأسها بمنشفة الحمام».. بهذه الكلمات عبّرت أسماء محمود -وهي أم لثلاثة أبناء- عن استيائها مما تراه على مواقع التواصل الاجتماعي من صغيرات العمر.
وتتابع متسائلة»الى أي مستوى وصلنا؟ وأين والديها عنها؟ لماذا لا يتابعان ما تشارك به الناس ؟ لماذا لا يدلانها على طريق الصواب؟».وتلفت الى أن الحال لا يقتصر على الفتيات فقط انما يتعدى الى الفتيان أيضاً، يشاركون متابعيهم باهتمامات لا تليق بأعمارهم الصغيرة التي لا تتجاوز الثانية عشرة».
كثيرون يتفقون مع ما ذكرته أسماء، يستاءون من رؤية صغار السن يشاركون صورا وفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي لا تليق بمجتمعنا المحافظ، إذ لا تناسب أعمارهم اليافعة ، ولا بد من عيشهم مرحلة الطفولة بعيداً عن تبني عادات الأكبر عمراً، أو تقليد مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي دون إدراك لمعنى التصرفات التي يحاكونها.
ومن هنا طرح عدة أسئلة على مواطنين منها: «ما هو العمر المناسب لدخول الأبناء العالم الافتراضي؟» و»هل تشجع أبناءك على دخول هذا العالم؟» هل تراقب مشاركات أبنائك وتصرفاتهم؟» ،فجاءت اجاباتهم متباينة.
تجيب كاتيا مجالي -وهي موظفة في مديرية تربية وتعليم-: «اعتقد أن سن ال أحد عشر عاما هو العمر المناسب، اذ أن معظم الأولاد والبنات يطالبون بهواتف نقالة، ويطالبون بحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن الصعب تهميش آرائهم ورغباتهم نظرا لتسارع التكنولوجيا، ولكن نحن نقوم بالدور الرقابي والمتابعة ونحاورهم كأنهم أشخاص كبار، ونلفت أنظارهم للأخطار التي من الممكن التعرض لها بطريقة مبسطة، ونقوم بتوعيتهم بعدم قبول صداقة أي شخص غريب لا يعرفونه، بالإضافة الى وضع حد نطلب
منهم عدم تجاوزه، والا سيعاقبون بعدة وسائل منها: سلب هواتفهم النقالة منهم أو إلغاء حساباتهم الالكترونية».وتضيف: «كل ممنوع مرغوب، لذلك علينا جعل الأمور تسير في مجراها الطبيعي ونتابعهم باستمرار».
تقول وفاء الشويلي -وهي أم لسبعة أبناء -: «طلبنا أنا وزوجي من أبنائنا مراقبة أنفسهم وحمّلناهم المسؤولية، فنحن بشكل عام نصادقهم ونسمعهم ونراقبهم عن بعد دون علمهم، بالإضافة الى أن أبنائي الكبار يصادقون اخوانهم الأصغر عمراً».
وتتابع: «حصلت مشكلة مع أحد أبنائي وعرضها علينا ،وقمنا بمساعدته، وبعدها ألغينا حسابه الإلكتروني لأننا قد أفهمناهم بأن أي شيء من الممكن أن يسبب مشكلة لنا من الأفضل الاستغناء عنه».
وتشير الى أنها ترفض فكرة حصول أحد ابنائها على هاتف محمول قبل بلوغ سن الرابعة عشرة.
وتجيب رانيا سوداح جبارة -وهي ربة منزل-: «من المحبذ أن يكون لأبنائنا علم بهذه البرامج، وأن يكبروا معها؛ لأن التطور سريع وعليهم مواكبته، شريطة أن لا يتجاوز تواصلهم بها ساعة واحدة في اليوم، ويجب أن يكونوا تحت اشراف الأبوين ومعرفة التعامل مع المعلومات التي تفيدهم في حياتهم».
وفي المقابل هناك أشخاص ضد استخدام الأبناء لمواقع التواصل الاجتماعي، وشمس أبو حنا -أم لأربعة أبناء- ، فهي: « أثّرت على سلوكيات أبنائنا بشكل كبير، وبالأخص على البنات اذ جعلتهن يعيشن مرحلة أكبر من أعمارهن ، ورويدا رويدا ستمحي العادات والأخلاق التي تربينا عليها؛ لأنها تغسل دماغ أبنائنا وتجعلهم ينفتحون على حضارة مختلفة عن حضارتنا، وفكر يختلف عن فكرنا اذ انهم في عمر لا يميزون بين الصواب والخطأ».
وتتابع: «من الجميل مواكبة التطور تحت رقابة الآباء مع انني أدرك أنه من الصعب تحقيق ذلك اذ أن ابناءنا يستطيعون مسح كل ما لا يريدوننا معرفته، أو ننتظر الى ان يبلغوا عمرا يدركون به التطور دون التأثير على رواسخهم التي مددناهم بها».
وتقول كارول القسوس -وهي معلمة في إحدى المدارس الخاصة-: « نقلق أنا وزوجي من فكرة استخدام أبنائنا لمواقع التواصل الاجتماعي خوفا من تعرضهم للمخاطر».
وتضيف: «ولكن عندما وصل ابني للصف الخامس واجهت ضغوطات من قبله، وخاصة أنه يمتلك قدرات إلكترونية ممتازة، وجميع أقرانه لديهم حسابات إلكترونية، ولكن أباه أخبره بانه لن يرضخ لطلبه الا عندما يبلغ عمر الثلاثة عشر عاما ليكون أكثر وعيا وإدراكا لما يحيط به».
يشير المستشار التربوي د.خليل الزيود إلى أنه لا نستطيع تحديد عمر مناسب لذلك، اذ ان لكل شخص طبيعة وطريقة تفكير تختلف عن الآخر، وبالتالي نتعامل مع كل شخص على حدة، اذ أنه من الممكن أن يستخدم شخص يبلغ ٢٥ سنة مواقع التواصل الاجتماعي بشكل خاطئ اذ أنه يهرب إليه كنوع من تفريغ ما يشعر به.ويلفت الى أنه عند سؤال كثير من الأبناء «لماذا تلجأ إلى «السناب شات» أكثر من بقية مواقع التواصل الاجتماعي؟» يجيب: «لأن ابواي لا يعرفان استخدامه وبالتالي أبقى على راحتي بعيدا عن مراقبتهما».
ويبيّن الزيود سبب تصرفات هؤلاء الفتيان والفتيات بمثل هذه المشاركات: يلجأ أفراد الجيل الحالي إلى الأكثر إثارة، اذ ان «الإثارة» رأس مال هذا الجيل لجذب الإنتباه إليهم بشكل أكبر؛ لأنهم في هذه المرحلة يبحثون عن ذواتهم، وبهذه الحالة يحققون ما يطمحون إليه بمشاركة هذه الفيديوهات بدلا من نشر المعرفة كمشاركتهم باسم كتاب او رواية اذ لا يجذبون غيرهم بها بل على العكس يطلقون عليهم النكات ويستهزئون بهم.
ويلفت الزيود الى اختلاف دور الأبوين من مربٍّ الى شرطي عندما يطلقان الشروط والمواعظ عليهم بدلا من صداقتهم ومناقشتهم بفهم ووعي وبالتالي يهربون منهما.
ويشير الى ان دور الوالدين هو تقريب العلاقة النفسية بعيدا عن المواعظ ومن المفضل اللجوء إلى شخص له مساحة نفسية في حياة الإبن ويتقبل توجيهاته ونصائحه بكل صدرٍ رحب كمرشده او معلمه في المدرسة او أحد الاقارب ليصل الى الهدف المنشود.وينهي
حديثه: «يجب علينا وضع رابط لأبنائنا ونقيس عليه، بالاضافة الى وجوب شرح مفهوم الخصوصية لأبنائنا وأهميتها في حياتنا، وأن نزرع بهم مفهوم القناعة بأن لا نضّر أنفسنا ولا غيرنا اذ ان الانسان هو الذي يأنس بالأخرين والاخرون يأنسون به بعيدا عن الضرر».الراي – تالا ايوب