مرايا – تمتلئ سجلات التاريخ بصفحات ناصعة، تبث الأمل وتروي حكاية شعوب وشخصيات ومواقف وحروب جسدت نضال البشرية وسعيها نحو الأفضل، إلاّ أنها احتفظت أيضاً بسجلات إجرامية، من بينها يبرز اسم جسي جيمس كمحارب في الحرب الأهلية الأمريكية، ولكن مصدر شهرته الأوسع كان عن طريق الإجرام والسطو على البنوك والقتل كزعيم عصابة «جيمس» التي كانت مصدر قلق بالغ في الولايات المتحدة، خاصة بعد أن أقدم جيمس على ارتكاب أول عملية سطو مسلح على بنك في التاريخ في عام 1866.
أحدثت سرقة بنك مقاطعة كلاي بولاية ميزوري الأمريكية ضجة في الولايات المتحدة في ذلك الوقت، كونها كانت الأولى من نوعها في العالم. كانت لهذه السرقة تطورات سابقة لجيمس. فبعد مشاركته في الحرب الأهلية، أصيب في صدره، وبعد تعافيه ولقناعاته الشخصية، كون عصابة محترفة للسرقة تحمل اسمه مستغلاً تفكك الأوضاع السياسية والأمنية في ولاية ميزوري، وأقدم على سرقة البنك في عملية سطو مسلح مروعة وفي وضح النهار وجعل خزينته خاوية على عروشها، بينما قُتل أيضاً عدد من المارة بسبب تبادل إطلاق النار المحدود حينها.
حاول البعض ربط تلك الحادثة بتحقيق أهداف سياسية؛ كون البنك كان مملوكاً لجهة تابعة للديمقراطيين الذين كان يكرههم جيمس، واعتمادهم على البنك في تمويل حملة انتخابية في المقاطعة، كما أن ما أكسب العصابة هذه الصفة هو أن آرتشي سليمنت القائد السابق الموالي للولايات الكونفدرالية الأمريكية خلال الحرب الأهلية والقائد السابق لجيمس، كان يترأس معه هذا التشكيل العصابي الخطير الذي يضم العديد من المسلحين المحترفين. على الرغم من ذلك تبددت تلك الهواجس بعد قيام العصابة بعدد من عمليات السطو التي أصبحت مسار حديث الولاية وأمريكا، كما قامت العصابة في 13 يونيو من العام نفسه، بالسطو المسلح على أحد السجون وحررت مسجونين من عصابة كوانتريل «Quantrill» في مقاطعة جاكسون بالولاية.
عادت إلى الأذهان مرة أخرى نغمة الأهداف السياسية بعد احتلال العصابة التي كانت تعتمد على الكرّ والفرّ، مدينة «لكسينجتون» في نفس يوم الانتخابات، ولكن سليمنت قُتل في هذه الموقعة.
وبعد هذا الانكسار السياسي، استمرت العصابة في السطو على البنوك، وكانت أهدافهم دائماً صغيرة بسبب تشديد الأمن على البنوك الكبيرة.
بين عشية وضحاها، أصبح جيمس أسطورة في عالم الجريمة والعصابات المنظمة التي لو كانت متواجدة حالياً لأصبحت في مصافّ عصابات المافيا أو الميليشيات المسلحة. خاصة بعدما أقدم في 23 مايو 1867 على سرقة البنك الرئيسي في مقاطعة راي بالولاية، والتي أدت إلى مقتل عمدة المدينة واثنين من كبار موظفيه.