مرايا – شؤون محلية – نشر في عدد الجريدة الرسمية رقم 5479 بتاريخ 30/8/2017، القانون رقم (27) لعام 2017 “قانون معدل لقانون العقوبات الأردني”، وجاء في مادته الأولى بأنه سيبدأ العمل به بعد مرور ستين يوماً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، ودخل حيز التنفيذ بتاريخ 1/11/2017.

ورحبت جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن” بالإصلاحات التشريعية العديدة، وتضيف بأن القانون المعدل عمل على تعزيز الحماية الجزائية للفتيات والنساء في عدة مواد منها ما تعلق بالجرائم تحت ذريعة “الشرف”، ومنها ما تعلق بالنساء ذوات الإعاقة، وإعطاء الأمهات حق الموافقة على العمليات الجراحية والعلاجات الطبية لأولادهن، كما وأنهى التعديل القانوني سياسة الإفلات من العقاب في مواد أخرى كالمادة 308 التي كانت تجيز لمرتكبي الجرائم الجنسية الإفلات من العقاب في حال تم تزويج الضحايا لهم. كما أقر القانون بدائل إصلاح مجتمعية كعقوبات بديلة.

بدائل الإصلاح المجتمعية تعزز من فكرة الإصلاح والتأهيل للمحكوم عليهم

أضاف القانون المعدل لقانون العقوبات مادة جديدة تتضمنت النص على بدائل إصلاح مجتمعية وهي الخدمة المجتمعية، المراقبة المجتمعية، والمراقبة المجتمعية المشروطة بالخضوع لبرنامج تأهيل أو أكثر. وتجد “تضامن” بأن إضافة هذه العقوبات البديلة في غاية الأهمية من حيث تركيزها على فكرة الإصلاح والتأهيل بدلاً من السجن، وفي حال تطبيقها بالشكل المأمول فإن الهدف من إيجادها سيتحقق بإعادة إدماج المحكوم عليهم ذكوراً وإناثاً في المجتمع بعيداً عن سياسة العقاب السجني، خاصة في الجرائم البسيطة والتي لا تشكل خطراً على الأمن والسلامة العامة.

فقد أضاف القانون المعدل المادة (25 مكررة) تحت عنوان “بدائل إصلاح مجتمعية” حيث جاء فيها :”1- الخدمة المجتمعية : هي إلزام المحكوم عليه بالقيام بعمل غير مدفوع الأجر لخدمة المجتمع لمدة تحددها المحكمة لا تقل عن (40) ساعة ولا تزيد على (200) ساعة على أن يتم تنفيذ العمل خلال مدة لا تزيد على سنة. 2- المراقبة المجتمعية : هي إلزام المحكوم عليه بالخضوع لرقابة مجتمعية لمدة تحددها المحكمة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات. 3- المراقبة المجتمعية المشروطة بالخضوع لبرنامج تأهيل أو أكثر : هي إلزام المحكوم عليه بالخضوع لبرنامج تأهيل تحددة المحكمة يهدف لتقويم سلوك المحكوم عليه وتحسينه.”

وتضيف “تضامن” بأن نجاح تنفيذ العقوبات البديلة يتوقف على وضع آليات واضحة ومحددة لتنفيذها، ومعايير إلتزام المحكوم عليهم بها، إضافة الى الجهات المناط بها تنفيذ هذه العقوبات، والخدمات التي يمكن أن تشملها أحكام هذه المادة، وآليات الرقابة والتوثيق.

وقد أجابت على بعض هذه الإستفسارات المادة (54 مكررة) من القانون المعدل والتي نصت على أنه :”للمحكمة بناء على تقرير الحالة الاجتماعية وبموافقة المحكوم عليه فيما خلا حالة التكرار أن تقضي بإحدى بدائل الإصلاح المجتمعية أو جميعها عند الحكم بوقف تنفيذ العقوبة الأصلية المحكوم بها وفقاً لأحكام المادة (54 مكررة) من هذا القانون. 2- للمحكمة بناء على تقرير الحالة الاجتماعية إلغاء بدائل الإصلاح المجتمعية المحكوم بها في أي من الحالتين التاليتين : أ- عند إلغاء وقف التنفيذ وفقاً لأحكام المادة (54 مكررة) من هذا القانون. ب- إذا تعمد المحكوم عليه بعد إخطاره عدم تنفيذ بدائل الإصلاح المجتمعية أو قصر في تنفيذها دون عذر تقبله المحكمة.”

3073 نزيلة في مراكز الإصلاح والتأهيل عام 2016

أظهرت الأرقام التي حصلت عليها “تضامن” من إدارة مراكز الإصلاح والتأهيل بأن 3073 إمرأة أوقفن في مركزي الإصلاح والتأهيل للنساء (إم اللولو والجويدة) خلال عام 2016، منهن 448 إمرأة صدرت بحقهن أحكاماً قضائية وبنسبة 14.6%، و 904 إمرأة تم توقيفهن قضائياً وبنسبة 29.4%، فيما تم توقيف 1721 إمرأة إدارياً وبنسبة 56%.

وتشير “تضامن” الى إنخفاض أعداد نزيلات مراكز الإصلاح والتأهيل عام 2016 مقارنة مع عام 2015، حيث كان هنالك 493 امرأة صدرت بحقهن أحكاماً قضائية، و 988 امرأة موقوفة قضائياً، و 2052 امرأة موقوفة إدارياً. ووصلت نسبة الإنخفاض بخصوص الموقوفات إدارياً الى 16.1%.

وخلال عام 2016، فقد تم الإفراج عن 693 امرأة صدرت بحقهن أحكاماً قضائية من ذات العام والأعوام السابقة، كما تم الإفراج عن 923 امرأة تم توقيفهن قضائياً، وأفرج عن 2239 امرأة تم توقيفهن إدارياً.

إحتياجات خاصة للنساء نزيلات مراكز الإصلاح والتأهيل

وفي الوقت الذي تشير فيه “تضامن” الى ضرورة تعزيز المعاملة الإنسانية والعادلة وإحترام حقوق جميع نزلاء ونزيلات مراكز الإصلاح والتأهيل ، إلا أنها تؤكد على الإحتياجات الخاصة للنساء اللواتي يقعن تحت طائلة نظام العدالة الجنائية والأثار المترتبة على ذلك لأنفسهن وأطفالهن وأسرهن والمجتمع بأكمله.

ونظراً لذلك فقد أقرت الأمم المتحدة مؤخراً القرار رقم (A/RES/65/229) والذي صدر بتاريخ 16/3/2011 بعنوان “قواعد الأمم المتحدة لمعاملة السجينات والتدابير غير الاحتجازية للمجرمات (قواعد بانكوك)” ، وأشارت فيه الى قراراتها السابقة والتي دعت فيها الحكومات وجميع الهيئات الحكومية وغير الحكومية الى بذل مزيد من الجهود والإهتمام بموضوع النساء في مراكز الإصلاح والتأهيل وأطفالهن المتواجدين معهن ، وإعطاء الأولوية لتطبيق العقوبات البديلة غير الإحتجازية كما نصت عليها قواعد طوكيو ، والحث على معالجة الأسباب المتعلقة بالعنف ضد النساء والفتيات والتمييز ضدهن ، والتركيز على الآثار المترتبة على الأطفال عند حجز أمهاتهن من النواحي العاطفية والنفسية والإجتماعية وعلى نموهم وصحتهم البدنية.

ومع تزايد أعداد النساء اللواتي يدخلن مراكز الإصلاح والتأهيل في مختلف دول العالم ، بات من الضروري العمل على تعزيز الإحتياجات الخاصة بهن الى جانب معاملة النزلاء والنزيلات بما يضمن الإحترام الكامل لحقوق الإنسان ومن بينها “القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء” وقواعد طوكيو. علماً بأن ذلك كله لا ينظر اليه على أنه تمييز وإنما تهدف تلبية هذه الإحتياجات الى تحقيق مزيد من التقدم نحو مساواة فعلية بين الجنسين. فالنساء النزيلات بحاجة الى رعاية خاصة وتسهيلات مختلفة عند دخولهن مراكز الإصلاح والتأهيل سواء كن موقوفات في قضايا جنائية أو مدنية أو النساء اللواتي لم يحاكمن بعد أو النساء المدانات والنساء اللواتي يخضعن لـ ”تدابير أمنية“ أو تدابير إصلاحية بناء على أمر قضائي.

وتضيف “تضامن” بضرورة مراعاة أماكن الإحتجاز (التي غالياً ما تكون مخصصة للنزلاء الرجال) لإحتياجات النساء خاصة الحوامل والمرضعات واللواتي يعتنين بأطفالهن ، وأن يتضمن سجلهن الصحي بالإضافة الى المعلومات الصحية المشتركة مع الرجال تفاصيل خاصة بصحتهن الإنجابية وأية إنتهاكات جنسية أو جسدية أو نفسية نتيجة عنف تعرضن له قبل دخولهن مراكز الإصلاح والتأهيل. وأن لا تطبق عقوبة الحبس الإنفرادي أو العزل التأديبي على الحوامل والنساء اللواتي برفقتهن أطفال رضع والأمهات المرضعات.

وإذا ما ثبت تعرض إحداهن الى عنف بأي شكل من الأشكال وسواء قبل الإحتجاز أو بعده ، فإن من حقهن معرفة الإجراءات القانونية التي يمكنها إتخاذها ، ويجب توفير الحماية اللازمة لهن من أية عمليات إنتقامية قد تحدث نتيجة سيرهن بتلك الإجراءات. وفي حال كون النزيلة قاصراً فإن تدابير خاصة لحمايتها لا بد من إتخاذها مع توفير فرص متساوية لها كالنزيلة البالغة أو حتى النزيل القاصر في مجال التدريب والتعليم.

وتؤكد القواعد على أهمية العقوبات غير السالبة للحرية بالنسبة للنساء حماية لأطفالهن ولأسرهن ومجتمعاتهن المحلية وإحالتهن الى برامج إصلاح خارج نطاق نظام العدالة الجنائية متى كان ذلك ممكناً ، ومراكز الإيواء التي تديرها هيئات مستقلة أو منظمات غير حكومية أو دوائر أخرى تعنى بالخدمات المجتمعية، لحماية النساء اللواتي يحتجن إلى هذه الحماية. وقد تشمل تلك البدائل تنظيم دورات علاجية وتقديم المشورة إلى النساء ضحايا العنف الأسري والإعتداء الجنسي وتقديم العلاج المناسب إلى النساء اللواتي يعانين من إعاقة عقلية وتوفير برامج تعليمية وتدريبية لتحسين فرص توظيفهن. وتأخذ هذه البرامج في الإعتبار ضرورة توفير الرعاية للأطفال والخدمات المخصصة للنساء دون غيرهن.

ويفضل إصدار أحكام غير إحتجازية بحق الحوامل والنساء اللواتي يعلن أطفالا كلما كان ذلك ممكناً ، وينظر في إصدار أحكام احتجازية في الحالات التي تعتبر فيها الجريمة المرتكبة خطيرة أو عنيفة أو في الحالات التي تشكل فيها المرأة خطراً مستمراً ، وبعد مراعاة مصلحة الطفل أو الأطفال مع كفالة وضع ترتيبات ملائمة لتوفير الرعاية لهؤلاء الأطفال.

وتؤكد “تضامن” على أهمية إعادة إدماج النساء في المجتمع مع مراعاة مصلحة الطفل في المقام الأول ، خاصة وأن حرمانهن من الحرية وعدم إستخدام العقوبات البديلة قد يجعل من إعادة إدماجهن من الصعوبة بمكان ، مما يرتب آثاراً نفسية وإجتماعية وأسرية قد تكون مدمرة لمستقبلهن وبالتالي يكن عرضة للعودة الى مراكز الإصلاح والتأهيل مرة أخرى. وتقع على جيمع الجهات المعنية بما فيها وسائل الإعلام مسؤولية التوعية في هذا المجال.

وتطالب “تضامن” بإشراك النساء النزيلات في أية مشاورات تهدف الى الخروج ببرامج أو توصيات أو إستراتيجيات من شأنها الوقوف على الأسباب الحقيقية لإرتكابهن الأفعال المخالفة للقانون أو الجرائم ، وربط ذلك بالعنف والتمييز ضدهن وعدم المساواة بين الجنسين ، للوصول الى أنجع السبل لتطبيق العقوبات البديلة غير السالبة للحرية و / أو إعادة إدماجهن في مجتماعاتهن.