(بوح القرى) للكاتب والمصور مفلح العدوان
مرايا – يفتتح في غاليري بنك القاهرة عمان في تمام الساعة السادسة من مساء يوم الثلاثاء الموافق السابع والعشرون من اذار الجاري , معرضا للصور الفوتوغرافية بعنوان ( بوح القرى :صورة وسرد ) للكاتب والمصور مفلح العدوان , يقدم فيه الكاتب شهادة بصرية موثقة بسرد يحكي عن القرية الأردنية وهو المشروع المستمر الذي انشغل به كاتبنا المعروف عبر السنوات الماضية واصدره في سلسة مجلدات نعتبر مرجعا للباحث والمهتم بالفنون .
المعرض يعتبر رصدا لعدد كبير من القرى الأردنية من مختلف المناطق من الشمال على اطراف الرمثا مرورا بالبادية ووصولا الى العقبة.
وقد جاء في كلمة الغاليري حول المعرض 🙁 لقد ظلت بيوت الأردنيون القديمة ، بحجارتها التي قدت من صخور التعب ، الصفراء منها والرمادية ، بيوت حملت أحلام البسطاء وشكلت الوطن بحاضره ، مدنه وقراه , عبر آلاف السنين ، منذ نحت النبطي العربي , بيته الأول وصنع معجزة المكان في البتراء والبيضاء وسهل حوران وجباله التي امتدت من خاصرة بلاد الشام حتى العقبة ، وهي ذات البيوت بأهلها ، عشائرها وحرثوها الذين صنعوا بأيديهم المقدسة ، حاضرة الأردن ، سكانها وملح ترابها الغالي . وهي ذات البيوت التي خرجت للكون ، رجال ونساء , هم ثروتها واغلى ما يملك الوطن ، كما قالها الملك الباني الحسين رحمة الله ، أنها قرى الأردن ، التي امتدت على كامل ترابه من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق حتى زيتون الغرب ونهره الخالد ، نهر الأردن , حيث تعمد السيد المسيح عليه السلام ، كلها حملها في قلبه ضيفنا في هذا المعرض الخاص ، انه كاتبنا المبدع مفلح العدوان ، فهو إلى جانب جولاته الواسعة في القصة والرواية والمسرح وجوائزه العديدة التي حصدها في رحلة العمر ، كان يوثق خطاه التي عبرت تراب هذه القرى ، ويحفظها للتاريخ درة وجوهرة عز نظيرها .
يسعدنا في غاليري بنك القاهرة عمان ، ان نستضيف معرض ( بوح القرى ) لنصيخ السمع جيداً , الى بوح غنائها و هسيس أوراق أشجارها ، مائها وبحرها .
يسعدنا إن نستضيف مفلح العدوان ، ابنها البار وهو يحمل في عينيه تفاصيل بيوتها وتلويحة أهلها الطيبين , بتراثهم الخالد ورنة إقدامهم الجسورة على رمل صحرائها وبواديها وحواضرها , تلك التي كرست نفسها على خارطة العرب ، بعرق الجبين وسواعد النساء والرجال من أبنائها .)
اما كاتبنا مفلح العدوان فقد قدم لمعرضه شهادة أدبية مهمة جاء في مقاطع منها 🙁 من زمان وحديث القرايا شفوي، منسي، غير موثق، تذروه الرياح، في مقابل حديث السرايا الذي تُصَفُّ له الكتب والمراجع والمجلات، حتى دخل هذا العرف جزءا من بنية ذاكرة البشر هنا في التفريق بين حديث القرايا وحديث السرايا.
وهنا لا بد من الانتصار لتلك الأحاديث المنسية حتى لا تغيب عنا ذات يوم فلا نستطيع التقاطا لها، ولا تدوينا لمنمنمات القصص والحكايا التي تفصلها، وتدخل في تشعبات الذاكرة الشعبية التي تتجه كل الأمم لتدوينها ولو بعد طول غياب. وقرانا لها ذاكرة أيضا، ولها طقوسها ومعارفها، وتفاصيلها التي بدأ يغلفها النسيان حينا، والتبرؤ منها في أحيان أخرى، وهذا بداية المدماك، في سبيل جمع شتاتها، وتدوينها، حينا من أفواه الكهول، وحينا من سواليف العجائز، وأحيانا أخرى من بطون الكتب، وبقايا الصور، ونتف المدونات التي تناثرت فيها على خجل في مرات عديدة، فمن أين يكون البدء والقرى على مدّ البصر حولنا، وما بعضها في الاردن الا بداية هذه المدن التي صارت عجلة الحركة فيها تجعلها تتثاءب بين البداوة والريف حتى وإن غلفتها مظاهر المدينة، وتغيرت منها الأسماء أيضا، والقرى بدء الحضر، ونهاية البداوة، والقرى نكهة الحنطة، وكروم العنب والزيتون، وحين تكون القرية يكون منها مبتدأ مدينة مجاورة ، أو غواية لريف تسرح فيها كل معاني الحياة وتفاصيل تطورها )
ثم يقول الكاتب (ولعل تلمس اللون، والنور، والظل في الصورة الوثيقة التي تتكشّف من خلالها القرى، يمكن تلمس كثير من تفاصيل نبض الحياة فيها، بتلك التلقائية التي عبرت عنها تلك الأمكنة، كما هي عليه، دون تهويل، ولا تبخيس، وهنا يكمن سر توثيق اللحظة، صورة، مضافة إلى ما يُكتب عن واقع وتاريخ تلك القرى، فيكون التعبير صادقا كسريرة الطيبين، ولكنه محمل، أيضا، بالأسرار والتمائم والحكايات القصص والذاكرة الخاصة بتلك الأماكن التي نحبها، ونَحنّ إليها، كحضن دافئ، آمن، حقيقي، بعيدا عن ضجيج المدينة، وتقلبات أحوالها. إنها مغامرة قراءة مغايرة من لدنّا للنبض الذي يسكن تلك القرى، وللدلالات المعنوية والمادية التي كانت محتجبة طويلا في تلك الأماكن، ولا بد من رفع الحجاب عنها، وفي هذا المقام تكون الإشارة مرة تلميحا، وأخرى تصريحا، ليكون تقديمها ذا عمق دلالي، توصلنا اليه دروب تمر تارة بسرّ من أسرار قرانا، وتارة أخرى بقصة من قصصها، أو بشخصية من أعلامها، ولعل مجمل التاريخ الذي نريد قراءته، كما هو، دون تزويق، ولا تهويل، أو تقليل، يمكن أن نجده ينتظرنا وراء أبواب تلك القرى التي ما إن نطرقها حتى تبدأ صفحات كتاب تاريخ المكان والإنسان كلها تنداح أمام عيوننا.)
انها وثيقة بصرية حول جذور المكان الأردني رصدها كاتبنا المبدع بتسعة أربعين صورة ندعو جمهور الفن والسرد لحضورها .