مرايا – في زاوية في غرفة المعيشة الخاصة بطبيب عراقي، يوجد ديكور “غير عادي”، تمثال نصفي كبير لرأس الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، يحدق بعمق مع قبعة عسكرية على رأسه، لكن هناك حبلا حول عنقه معلقا على الحائط.
كانت تلك هي الافتتاحية، التي استهلت بها مجلة “التايم” الأمريكية، تقريرها، الذي أجرت فيه حوارا مع الطبيب والسياسي العراقي، موفق الربيعي، الذي نفذ حكم الإعدام بحق صدام حسين.
وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن الربيعي يحتفظ بنفس الحبل، الذي نفذ به حكم الإعدام بحق صدام حسين في 30 ديسمبر/ كانون الأول 2006، خاصة وأنه يدعي أنه هو من سحب ذراع منصة الإعدام التي كان يقف عليها الرئيس العراقي الراحل.
ونقلت المجلة الأمريكية عن الربيعي، الذي تعرض للسجن والتعذيب 3 مرات على يد صدام حسين، قوله إن “المكان الطبيعي للحبل أن يكون حول عنق صدام حسين”.
البداية
وروى الربيعي كواليس يوم الإعدام، بقوله إنه كان في البداية يعيش في منفاه في لندن، حتى 20 مارس/ آذار 2003، وهو تاريخ غزو القوات الأمريكية للعراق، التي تسببت في انهيار نظام صدام حسين الذي دام 24 عاما، وتنفيذ الولايات المتحدة لكثر الهجمات الدموية في تاريخها منذ حرب فيتنام، والتي حصدت مئات الآلاف من العراقيين ونحو 4500 جندي أمريكي، بحسب ما نشرته المجلة الأمريكية.
وعاد حينها الربيعي إلى العراق، وتحدث للمجلة عن أنه مع دخول المارينز إلى وسط بغداد يوم 9 أبريل/ نيسان 2003، شعر كثير من العراقيين بالجرأة لتحدي حكم صدام حسين، وشرعوا في تحطيم الكثير من التماثيل واللوحات الخاصة بالنظام البائد، وأبرزها تماثيل صدام حسين نفسه، والإطاحة بتمثاله العملاق في ساحة الفردوس في العاصمة بغداد.
وقال الربيعي: “مع دخول القوات الأمريكية إلى العراق، وانهيار قوات صدام، توجهت إلى العراق قادما من الأردن”.
وتابع “وجدت في صالة كبار الزوار، مشاهد توحي بالخطر، حيث كان على الأرض لوحة زيتية ملقاة على الأرض بين المخلفات، والتي كانت تظهر صدام متألقا بثيابه وسط الصحراء”.
ومضى “قمت وأخرجت اللوحة عن إطارها، ولففتها داخل حقيبتي لإنقاذ التاريخ، الذي لا ينبغي طمسه على الإطلاق”.
وتحدث الربيعي، الذي أصبح اليوم سياسيا رفيع المستوى، عن أنه بمجرد وصوله إلى العراق، تواصل معه ضابط عسكري أمريكي رفيع المستوى، تفيد بأن تمثال لصدام حسين ضخم، تم تحميله من بغداد على طائرة شحن عملاقة.
وقال لي الضابط “تلك محاولة تهريب، نرغب في إعادة التمثال إلى العراق، وبالفعل شرفت على تخزينه في المنطقة الخضراء بالعاصمة بغداد لمدة عامين، حتى عدت إلى منزلي واحتفظت به معي”.
ليلة الإعدام
أما عن إعدام صدام حسين في عام 2006، قال إن الحبل، الذي يحتفظ به حول التمثال النصفي في زاوية منزله، هو نفس الحبل التي كانت ملفوفة به رقبة صدام حسين حين تم إعدامه.
وقال الربيعي إن الحبل بمثابة “تذكير صارخ لليلة، لعبت فيها دورا رئيسيا”.
وأضاف “تمت عملية الشنق على بعد بضع بنايات فقط من منزلي، في حي الخدامية في بغداد”.
أما عن مشاعر صدام حسين حين تم إعدامه، قال موفق الربيعي، “كنت آمل أن أشاهد ولو بعض من ملامح الندم على وجه صدام حسين قبل دقائق من وفاته”.
واستطرد “لكنه ظل غير متأثر لما يحدث معه”.
ومضى “مشاعري لا زالت معقدة حول تلك الليلة… خاصة عندما أتذكر أني أعمل طبيبا منذ عام 1971، ورددت قسم أبقراط لإنقاذ الأرواح”.
وعن الحبل قال الربيعي: “أعلم أن قيمته تجاوزت الملايين، خاصة وحاولت أماكن عديدة أن تشتريه مني، حتى أنه قدم له عرضا لشرائه من أحد الأماكن عام 2015 مقابل 7 ملايين دولار”.
وكشف الربيعي أنه يخطط لإنشاء متحف، يحتوي على كل شيء من تلك الحقبة، مضيفا “من الضروري الحفاظ على تاريخ صدام حسين للأجيال القادمة، ليعلموا كيف عاش العراقيون في ظل الديكتاتورية”.