مرايا – دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الأردن إلى مراجعة التعليمات التي صدرت مؤخرا عن السلطة التنفيذية، وأجازت زواج القاصرين والقاصرات في المملكة بعمر 15 عاما، حيث اعتبر أن “هذه التعليمات تخالف بشكل واضح وصريح مواد قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم (36) لعام 2010، وتوثر سلبا على الفتيات اللاتي يتزوجن دون سن 18 عاما في مختلف النواحي الصحية والاجتماعية والثقافية”.
وقال المرصد، الذي يتخذ من جنيف مقرا له، إن “المادة (3) من التعليمات رقم (1) لعام 2017 والمتعلقة بزواج القاصرين والقاصرات، نصت على أنه “يجوز للقاضي أن يأذن بزواج من أكمل 15 سنة شمسية من عمره ولم يكمل 18 عاما إذا كان في زواجه ضرورة تقتضيها المصلحة وفقا لأحكام هذه التعليمات”.
وأوضح المرصد أن المادة (3) في التعليمات تخالف الفقرة (ب) في المادة العاشرة من قانون الأحوال فيما يتعلق “بموافقة قاضي القضاة” على قرار القاضي بمنح القاصرات إذن الزواج، حيث اشترطت المادة (10) في القانون موافقة قاضي القضاة على قرار القاضي بمنح الإذن بزواج الفتاة القاصرة إذا كان في زواجها ضرورة تقتضيها المصلحة.
وأضاف أن المادة (3) من التعليمات أزالت عبارة “بموافقة قاضي القضاة”، الأمر الذي يجعل عمل القاضي مقيدا بالشروط الواردة في القانون بتزويج الفتيات القاصرات بعيدا عن رقابة قاضي القضاة، بالإضافة إلى أن مواد التعليمات جميعها وعددها (13) لم تشر إلى الآثار الخاصة المترتبة على عقد زواج الفتاة القاصر في حال تم تزويجها من القاضي بشكل يخالف النصوص الواردة في القانون.
وبيّن أن الأردن شهد خلال الخمس سنوات الماضية حوالي 51 ألف حالة زواج لقاصرات لم يبلغن السن القانوني، وفقا للتقارير السنوية الصادرة عن دائرة قاضي القضاة للأعوام (2012-2016)، حيث بلغ عدد حالات زواج الفتيات القاصرات في العام 2012 حوالي 8859 حالة، في حين بلغ في العام 2016 حوالي 10907 حالة، وهو ما يشير إلى ارتفاع ملحوظ في نسبة زواج القاصرات خلال الفترة التي تناولها التقرير.
وأوضح المرصد أن ارتفاع حالات زواج الفتيات القاصرات في الأردن انعكس سلبا على حياتهن في شتى المجالات التعليمية والصحية والاجتماعية، حيث أدى إلى انقطاعهن عن التعليم وحرمانهن من هذا الحق.
ووفقا لدراسة صادرة عن “دائرة الإحصاء العامة” للعام 2017، ظهر أن تزويج الفتيات بسن مبكرة يجعلهن من الناحية الفعلية فتيات غير مرغوب بهن على مقاعد الدراسة، مشيرا إلى أن حوالي 10 آلاف قاصرة مهددة بالحرمان من التعليم سنويا.
ولفت المرصد إلى أن زواج الفتيات قبل اكتمال سن البلوغ له مخاطر صحية عليهن تفوق المخاطر التي قد تتعرض لها النساء الأكبر سنا، “فالقاصرات قد يتعرضن لمضاعفات ومشاكل صحية وقد يواجهن خطر الوفاة أثناء الحمل والولادة، حيث تشير الإحصاءات الصادرة عن تقرير حالة سكان العالم إلى وجود حوالي 70 ألف حالة وفاة بين الزوجات المراهقات بسبب مضاعفات الحمل والولادة، بالإضافة إلى 3.2 مليون حالة إجهاض غير آمنة بين المراهقات سنويا”.
ولفت المرصد إلى أن وتيرة العنف الجسدي تتصاعد تجاه الزوجات القاصرات ممن تتراوح أعمارهن ما بين (15-18) عاما مقارنة بالزوجات الأكبر سنا، حيث سجل العام 2017 تعرض 12.9 % من الفتيات القاصرات للعنف الجنسي من قبل أزواجهن، كما تعرضت 7.9 % منهن للعنف الجسدي أثناء الحمل.
وقال المستشار القانوني للمرصد طارق عبد الرزاق “على الرغم من أن المادة العاشرة في قانون الأحوال تحتاج أصلا للتعديل لانتهاكها الواضح لحقوق الفتيات القاصرات من خلال إغفالها تحديد عمر زواج الفتيات بسن البلوغ 18 عاما والسماح بتزويجهن في عمر 15 عاما، بذريعة وجود ضرورات تقتضيها المصلحة، نجد أن التعليمات الصادرة عن السلطة التنفيذية جاءت لتساهم في زيادة هذه الانتهاكات من خلال السماح بتزويج الفتيات من قبل القاضي دون أي رقابة عليه من دائرة قاضي القضاة”.
وأضاف “هذه المخالفة القانونية قد تؤدي إلى الطعن في صحة قرار القاضي بمنح الإذن بالزواج من عدمه، الأمر الذي من شأنه أن يجعل الفتيات القاصرات ضحية هذه المخالفة، فضلا عن أن مواد التعليمات لم تنص على الضمانات التي من الممكن أن تحفظ حقوق هؤلاء الفتيات في حال تم تزويجهن بشكل مخالف للقانون”. ودعا المرصد الدولي في نهاية بيانه الأردن إلى مراجعة كافة التشريعات والتعليمات الصادرة عنها بهذا الخصوص، والعمل على تعديل نص المادة العاشرة في قانون الأحوال الشخصية وتحديد سن زواج الفتيات بسن البلوغ (18 عاما) وإزاله الاستثناءات الواردة على ذلك، مطالبا كذلك بضرورة تعديل نصوص التعليمات بما يتلاءم مع قانون الأحوال الشخصية، وبذل الجهود اللازمة للحد من ظاهرة زواج الفتيات القاصرات في المملكة الأردنية بدلا من القيام بإجراءات تؤدي إلى التشجيع عليها.