مرايا – شؤون محلية – أصبحت تكاليف الزواج المرتفعة تشكل كابوساً للعديد من الشباب المقبلين عليه ،وخصوصا ذوي الدخل المحدود ،فمتطلبات الزواج باتت عبئاً ثقيلاً على العديد منهم لما يواجهونه من متطلبات أهل العروس ،المتمثلة بتأمين مسكن مؤثث بشكل كامل ،إضافة إلى تجهيزات العرس وما يحتاجه من حجز صالة للفرح ،وحجز فستان العرس الذي يبلغ استئجاره ما يقارب 400 دينار بالاضافة الى صالون التجميل والذي يتراوح ما بين 400- 800 دينار .
الرواتب المتدنية التي يتقاضاها كثير من الشباب تجعلهم عاجزون عن تحقيق وفر مالي يساعدهم في الإعداد للحياة الزوجية . ويقول علي محمد (اسم مستعار ) بلغت من العمر 34 عاما وراتبي لا يتجاوز 400 دينار ،وأعاني ظروفا اقتصادية صعبة حالت دون زواجي حتى الان ،ويضيف لا استطيع دفع إيجار منزل أو تأمين متطلبات الزواج من مهر واثاث وصالة افراح فجميعها فوق قدرتي المالية .

وما يزال كثير من الأهالي يتفننون في إثقال كاهل طالبي الزواج من الذكور بالطلبات مما قد يحول دون زواج بناتهم ،ولا تخفي الشابة «علياء» سبب تأخرها في الزواج بعد أن تجاوزت سن الثلاثين ،وتقول ً تقدم لخطبتي العديد من الشباب ولكن طلبات اهلي حالت دون ذلك حيث كانوا يطلبون عشرة آلاف مهراً بالاضافة الى وجود منزل خاص وتأثيثه ،وكل هذه الامور أصبحت عقبة في طريقي لأجد شريك الحياة. ويلفت عاطف سلمان ان خطبته لابنة عمه استمرت أربع سنوات بسبب ظروفه الاقتصادية الصعبة وراتبه الذي لم يتجاوز 350 دينارا،ويقول :»استمرت فترة خطبتنا أربع سنوات وعندما تزوجنا كنا نعاني أنا وزوجتي من ثقل الدين المتراكم علينا من تكاليف الزواج مما جعلني أعمل عملا اضافياً خلال ساعات الليل واضطرت زوجتي للعمل في بيع ادوات التجميل عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي حتى نستطيع سداد ما تراكم علينا من الديون .

تكلفة الزواج باتت تشكل أزمة مالية للعديد من الشباب خصوصا ذوي الدخل المحدود ،ويقول دكتور علم الاجتماع فيصل غرايبة ان ارتفاع تكاليف الزواج في الاردن بدءاً من تكاليف حفل الزفاف وشهر العسل اصبح ظاهرة بارزة في الحياة الاجتماعية الأردنية ،وأصبحت عاملا مؤثراً قوياً في تأجيل سن الزواج او العدول عنه . ويشير غرايبة الى ان نسبة العنوسة للشباب والفتيات قد وصلت الى 40% باختيارهم أو اضطراراً في حين كان سن الزواج لدى الأردنيين في السابق يتراوح بين 25عاماً للذكور و20عاماً للإناث ولكنه أصبح في السنوات الاخيرة30عاماً للذكور و 25عاماً للإناث .

ويرى غرايبة ان ارتفاع عمر الزواج لكلا الطرفين خلال السنوات السابقة نتيجة للظروف الاقتصادية المتعلقة في تغطية تكاليف الزواج ،وكثيرا ما يحدث بطلان في عقود الزواج بين الطرفين بسبب عجز الشاب على تلبية طلبات الزوجة وأهلها واصرار العروس على توفير الكثير من المستلزمات التمهيدية للزواج قبل اقامة حفل الزفاف كإقامة حفل فاخر او طلب الكثير من الحلي والمجوهرات والتي زادت كلفتها حالياً في الأسواق واشتراط العروس في عقد الزواج القيام بشهر عسل وخاصة في المناطق البعيدة والتي تزيد من الكلفة المادية للزوج .

ويؤكد غرايبة اننا نرى ونسمع كثيراً عن المبالغ الكبيرة التي تدفع في حفلات الزواج من قبل الشباب الميسورين مالياً ،الذين ينتمون الى الأسر المقتدرة , ويحدث ان تقيم هذه العائلة حفل الزواج من باب التفاخر والمباهاة . ويلفت غرايبة إلى ان كثيراً ما يلجأ المقبلون على الزواج إلى الاستدانة من البنوك او الأخوة والأقارب خلال فترة الاعداد للزواج للتغلب على الصعوبات المالية حيث ان قدراتهم المالية تعجز عن مواجهة هذه المتطلبات الطارئة عليهم ،فما يلبثون أن يؤسسون بيت الزوجية ويسيرون بحياتهم الطبيعية حتى يواجهوا شحاً في الموارد وعجزا في تلبية متطلبات البيت نتيجة تراكم ديون الزواج والبدء بسدادها .

ويؤكد غرايبة ان امر الزواج يجب أن يحسب من الطرفين وأن تتولد القناعة لدى الطرفين بأن تكاليف الحياة في المجتمع المعاصر قد زادت بشكل كبير وان بعضا من مستلزمات الزواج ليست ضرورية وان ترشيد النفقات والإقلاع عن التباهي والتفاخر يقلل كثيرا من الأعباء المالية ما بعد الزواج .

ويلفت الى أن الجيل الجديد عليه ان يراعي ان الحياة الأسرية تتطلب تدبراً وصبراً في مواجهة مغريات الحياة المتنوعة وعلى الفتيات أن يشاركن الزوج في تقدير ظروفه المالية حق تقدير كما هي بالواقع دون دفعه إلى الاستدانة اوالقروض وان تكون الفتاة على بصيرة بالإمكانيات المالية للخاطب حتى لا تصدم بعد الزواج بأن إمكانياته بسيطة لتعيش رحلة طويلة من المعاناة الاجتماعية بسبب سوء التقدير .

واللافت أن كثيرا من متطلبات الزواج تأتي في إطار التباهي والتفاخر بالقدرة على إقامة حفل العرس في قاعة فخمة ذات سعر مرتفع ،وشراء مصاغ مرتفع الثمن للعروس ،او إعداد غداء تتجاوزز كلفته آلاف الدنانير ،وهو أمر بات يتطلب إلى توعوية المجتمع بآثاره السلبية على العروسين بعد الزواج.