مرايا – محمد فخري – أهلي صلوا التراويح وطلعوا زيارة لعند جدي وعمي ، أمي وأبوي أخذوا معهم خواتي الثلاثة وضليت بالبيت أنا وأخواني الشباب وكنا أربعة ، المهم أهلي طولوا بالسهرة وضلوا قاعدين عند دار عمي ولما أجوا يروحوا عمي أصر عليهم يتسحوروا وبعدين ويروحوا لإنه صار موعد السحور ، وأبداً ما وافقوا بالمرة وروحوا على بيتنا ، ع الباب أختي نجلاء بتحكي لعمي عن مزح :
هسا بشوفونا لابسات النقاب بقصفونا !
وروحوا ع البيت ، وكان البيت قريب من عنا بخان يونس بس وصلوا أخوي ياسر حكى لأبوي إنه بده يطلع يقعد مع صحابه شوي ، وكانت أجواء رمضان كلها سهر وكل العالم سهران ، ياسر طلع وقعد مع صحابه وكان مش بعيد عن الدار إلا حوالي 500 متر ، وكانت كل الناس صاحية سهرانة وكان بهذا الوقت في مباراة كأس عالم نصف نهائي بين هولندا والأرجنتين ، والناس أغلبها ملتهية بالمباراة ، والباقي سهرانيين بستنوا للسحور وأجواء رمضان المعروفة ، الساعة قربت تصير 1 بالليل وقرب موعد السحور ، بس صار في صوت طيارات وما عرفنا شو رح يصير ، بهذا الوقت أختي نجلاء كانت بتحكي مع أختي المتجوزة فداء ، وفداء بتطمن علينا وبتسأل بنجلاء كيف أمي وأبوي وكيف أخواني والبنات ، وياسر أخوي بهاي اللحظة إتفق هو وصحابه كل واحد يروح ع بيته لإنه ما دام في طيارات رح يصير إشي ف بلاش يصير عليهم إشي ، ياسر روح ع الدار وقبل ما يصل البيت ب 100 متر طلع ضو كبير ؛ هالضو عبى المنطقة وبعد هالضو صوت دب دب مرتين أو ثلاثة هز الأرض هز ، وإنقطع الكلام بين نجلاء وفداء وقطعت الكهرباء ، المنطقة كلها صارت غبرا وبعد دقايق بس راحت الغبرة صار صوت صراخ وعياط !
طبعاً صار في قصف على إحدى الأهداف والبيوت عشنها ملزقة ببعض أغلبها تدمر ومع الغبرة والصوت والهزة الأرضية اللي صارت ما حد عرف وين القصف ، بس الناس إستوعبت شو الي صار ، شبابيك بيوت الجيران من قوة الضربة طارت والشظايا عبت المنطقة والإصابات البشرية والأضرار بالبيوت بتخوف ، كان في دمار ناتج عن زلزال ، الناس والأهالي كل واحد صار يتطمن ع أهله وبعدين يروح يركض يشوف وين القصف صار ، وكل الناس بتركض بالشارع وبتلاخم مش عارفة وين الضربة لحد ما عرفوا وين القصف وحددوا المكان !
القصف صار على بيتنا بيت :
“محمود لطفي محمود الحاج” أبو ياسر ، وكل البيت صار عبارة عن تراب مخلوط بدم وكان مقصوف بثلاث صواريخ إف 16 !
هالبيت كان فيه 8 أشخاص :
محمود لطفي محمود الحاج 51 سنة
باسمة عبد القادر محمد الحاج 51 سنة
وأولادهم :
نجلاء 29 سنة ، أسماء 22 سنة
عمر 20 سنة ، طارق 18 سنة ،
سعد 16 سنة ، فاطمة 14 سنة .
هالعيلة كلها إستشهدت وتقطعت بين هالرمل والركام ، وكانت الرجلين والإيدين والأشلاء مرمية ، وما ضل منا إلا ياسر كان مع صحابه وفداء اللي متزوجة وساكنة مع جوزها برا البيت ، ياسر وصل للبيت وقعد دقيقة صافن بالبيت لحد ما إستوعب شو اللي صار ، شاف خاله حامل أمه وكانت رجليها مقطعات صار يركض وراهم ، وهو بركض شاف أخوه عمر مقطع ع الأرض مقدرش يكمل ووقع على الأرض وصار يصرخ :
أهلي جوا أهلي .. كان إستنتوني وأخذتوني معكم !
الناس بلشت تلم بالأشلاء وتحطها على بطانيات وتنقلها ع المستشفى ، الوضع كان مأساوي ..
فداء فصل تلفونها مع الضربة والهزة ، ورجعت رنت على كل تلفوناتنا ما في تلفون جاوب ، وشافت خبر إنه قصف على عائلة الحاج وقلبها حسها ، فداء وياسر ماتوا وهمه أحياء !
ببساطة زي هاليوم 10/7/2014 قبل 4 سنوات ، قصف من الإحتلال أخذ 8 أشخاص وما فرق بين البشر وبين الحجر !
8 جثث وقف قدامهم ياسر وصلى عليهم الجنازة ووقفت فداء والناس بتبكي لبكاء ياسر وأخته ولمصابه !
ياسر وقف على ركام البيت وصار يتذكر بذكريات وسأل كثير :
ليش وشو وكيف إنه فجأة تصير بدون أب وأم وأخت وأخ !
كيف بلحظات تتمزع أجسام 8 أشخاص أطفال ونساء بدون سبب !
كيف بلحظات بتموت وإنت عايش !
وبتموت معك الأماني والأحلام وبتضل الأمنية الوحيدة : إنه أهله يرجعوا للحياة ويستشهد معهم !
ببساطة تخيل نفسك ياسر !
#الشهيد_ليس_رقمًا،