مرايا – أقل من اسبوعين هي المدة التي تبقّت لدى زعيم حزب الليكود نتانياهو، كي يُشكل حكومة يمينية جديدة, بعد الانتصار الذي حققه معسكر اليمين في اسرائيل، هذا المعسكر الذي يعاني من تصدّع وخلافات قد تنتهي الى طريق مسدود. ما يقلّص هوامش مناورة نتانياهو الذي ظن بعد ظهور نتائج انتخابات التاسع من نيسان الماضي, ان مهمته لترؤس حكومته الخامسة او الرابعة على التوالي منذ العام 2006 ستكون سهلة, وانه يستطيع ان اصطياد اكثر من عصفور بحجر واحد, هو حجر اليمين بجناحيه القومي والديني ويحول دون توفير اي فرصة لخصومه في تحالف كاحول – لافان (أزرق – أبيض) بزعامة الجنرال بيني غانتس, وهو تحالف لن يتردّد نتانياهو في تمزيقه باستغلال التناقضات بين مكوناته الثلاثة, على نحو قد يجذب من خلالها احد تلك الاجنحة, سواء جناح يئير لبيد (حزب يش عتيد، او هناك مستقبل) او حتى عدوه اللدود رئيس الاركان الاسبق موشيه يعلون وحزبه «تيلم»، فيما يصعب عليه جذب الجنرال غانتس وحزبه (المناعة لاسرائيل).. ولن يعدم نتانياهو اي وسيلة حتى تلك التي تقوم على جذب عضو كنيست او اكثر من هذا التحالف, لزيادة قاعدة اي ائتلاف حكومي يمكن ان يشكله, وبخاصة اذا ما واصل رئيس حزب يسرائيل بيتينو افيغدور ليبرمان التمسّك بشروطه لدخول الائتلاف, وخصوصا في شأن قانون التجنيد الخاص بالحريديين (اي طلاب المعاهد الدينية) عبر مقولته الشهيرة: انه يدعم دولة يهودية, لكنه ضد دولة «شريعة يهودية»، كذلك في ما خص موقفه من غزة إذ يُصرّ على ضرورة اقتلاع حكم حركة حماس من غزة وعدم القبول بسياسة نتانياهو حيال قطاع غزة, والتي يرى فيها ان حماس هي التي تفرض شروطها وان اسرائيل بذلك تفقد قوة ردعها, وهو أمر دفعه سابقاً للاستقالة من موقعه كوزير للدفاع. ويبدو ان هذه نقطة خلافية ما تزال تعوق انضمامه لائتلاف جديد, رغم تأكيده انه لن يشارك في اي حكومة لن يكون رئيسها نتانياهو. ما يدفع للاعتقاد انه سيرفض الدعوة التي وجّهها له قبل يومين يئير لبيد احد قادة تحالف ازرق ابيض للانضمام لحكومة برئاسة (كاحول – لافان), مُغرياً اياه برفع مخصصات التقاعد الى المستوى الذي تعهّد به, حتى لا يخسر جمهور المهاجرين الروس (وهم قاعدة ليبرمان الإنتخابية) كل شيء مرة اخرى.. كما قال لبيد.

نتانياهو ما يزال يناور ويبحث عن بدائل عديدة, وبخاصة بعد ان واجَه معارضة شديدة حتى داخل حزبه الليكود, في شأن مشروع القانون الخاص الذي يسعى الى إقراره في الكنيست, وهو قانون الحصانة (او القانون الوطني) الذي يمنع محاكمة رئيس الحكومة اثناء ممارسته عمله, في مسعى منه للتحرر من الاتهامات التي وجّهها له النائب العام, عندما قبل توصية الشرطة بتوجيه تُهم الفساد وخيانة الامانة والاحتيال والرشوة،, قبل توجيه لائحة الاتهام رسمياً له.

وسائل الاعلام الاسرائيلية المختلفة قالت: ان نتانياهو تنازل عن اشتراط إدراج قانون يُحصِّنه من المساءلة القانونية كَبندٍ في اتفاقية الائتلاف دون التنازل عن التشريع نفسه، اي انه يريد ضمان وجود تشريع كهذا، قد يستفيد منه لاحقاً في حال اختلفت موازين القوى بين الكتل البرلمانية الممثلة في الكنيست، اضافة الى انه ما يزال يواصل القول: ان مواطني اسرائيل يستحقون رئيس حكومة بوظيفة كاملة، وبعد ان أُنهي مهام منصبي, سأواجِه المحكمة، علماً ان مواطني اسرائيل عرفوا بوضعي وانتخبوني.. ختَم قائلاً.

اي خيار سينتهي اليه نتانياهو؟

ما من شك بان المقاعد الخمسة التي يتوفّر عليها حزب ليبرمان (يسرائيل بيتينو) هي الكفيلة بضمان اغلبية مربحة نسبياً لائتلاف معسكر اليمين. إلاّ ان الطريق المسدود الذي انتهت اليه مفاوضات نتانياهو – ليبرمان وآخرها الاجتماع «السرّي» الذي عقده الاثنان صباح يوم اول من امس الجمعة, يدفع للاعتقاد ان الازمة قد تعمّقت بعد ان راجت شائعات ان نتانياهو يعتزم تشكيل ائتلاف من «60» عضوا (الكنيست 120 عضوا) وهو امر سارع موشيه كحلون رئيس حزب كولانا (كُلّنا) ويحوز على (4) مقاعد, الى رفض ان يكون وزير مالية في حكومة ضيِّقة تعتمد على «60» عضوا، ما زاد الشكوك بان هناك تنسيقاً ما بين ليبرمان وكحلون إلاّ ان الاخير نفى ذلك.

رفض كحلون الانضمام الى ائتلاف ضيق كهذا يقوم على «60» عضو كنيست, هي مقاعد الليكود (35 مقعدا) وشاس (8 مقاعد) ويهودت حاتوراة (8 مقاعد) والبيت اليهودي (5 مقاعد), تضاف اليها بالطبع المقاعد الاربعة لحزب كولانا، يُغلق الطريق امام نتانياهو لتمرير ائتلاف هشّ كهذا, ويصعب عليه الاستمرار او تمرير اي مشروع قانون, إلاّ في حال امتناع اعضاء حزب يسرائيل بيتينو (الخمسة) بزعامة ليبرمان عن التصويت. وهو امر غير مؤكّد, كونه (نتانياهو) سيكون اسير رغبات ومزاج ليبرمان, الذي لا يخفي خلافاته مع نتانياهو شخصيا ومع الاحزاب الحريدية بوجه خاص، ناهيك عن ان الشرخ ما يزال قائماً في العلاقة بين نتانياهو والاحزاب الحريدية في كثير من الملفات, وعلى رأسها الملف الاهم وهو قانون التجنيد الذي تم اقراره في الكنيست السابقة بالقراءة الاولى.

هنا يبرز السؤال الذي بدأنا به هذه العجالة..

هل تذهب اسرائيل الى انتخابات جديدة؟

على رغم انعدام الرغبة لدى اكثر من حزب نجح في انتخابات التاسع من نيسان الماضي, في خوض انتخابات جديدة قد تُخرِجه من قوائم الفائزين, وبخاصة تلك الاحزاب التي بالكاد اجتازت نسبة الحم (25ر3%) مثل حزب كولانا برئاسة كحلون، كما تأرّجحت حظوظ حزب اسرائيل بيتنا (ليبرمان) والبيت اليهودي قبل ان تستقر عند «خمسة» مقاعد لكل منهما (والقائمة العربية الموحدة التي لم تحصل سوى على (4 مقاعد)، إلاّ ان احتمالات اعتذار نتانياهو عن التشكيل, سيُسرِّع بخيار كهذا، اللهم إلاّ تمكن الجنرال غانتس وتحالف كاحول – لفان من جذب اسرائيل بيتنا (ليبرمان) عندها يستطيع توفير ائتلاف من «61» يعتمد (وهنا تكمن نقطة ضعفه) على اصوات فِلسطينِيِّي الكنيست «العشرة». وهو خيار كان أعلَنَ رفضَه مُسبقا خلال حملته الانتخابية، ما يزيد من فرص حلّ الكنيست الـ«21» والذهاب الى انتخابات جديدة في الصيف او الخريف المُقبلين، ما يعني ايضا. تأجيل إعلان «صفقة القرن».جريدة الرأي الاردنية