مرايا -كشف باحث أمني إسرائيلي عدة أهداف تقف خلف نشر جيش الاحتلال وأمنه تفاصيل حول عملياتهم العسكرية السرية، تعقيبًا على نشر الجيش تحقيقات من عملية خانيونس الفاشلة.
وقال الباحث “يائير أنسباخر” الحاصل على شهادة الدكتوراه في مجال الأمن والقوات الخاصة إن أربعة أسباب تقف خلف تفضيل الأمن الإسرائيلي نشر تفاصيل حول عملياته، مع أن الأصل هو إخفاء هكذا تفاصيل حتى لا تخدم بها عدوك.
وأوضح أن الهدف الأول وراء نشر هكذا معلومات هو لغايات “الردع”، إذ ترغب “إسرائيل” أن يراها أعداؤها يقظة دائمًا، وذات جيش قوي وحديث يتوجب الحذر منه، وهي طريقة ينتهجها الجيش الأمريكي حين ينشر تفاصيل لتعظيم قدراته أمام أعدائه.
لكن الباحث قال إن الجيش الإسرائيلي ليس الجيش الأمريكي من حيث العدد والعدة، إذ يدور الحديث عن كيان صغير ومهدد من جميع الجهات، ولا يمكن أن ينطبق عليه وصف قوة عظمى كالولايات المتحدة.
ورأى أن المعلومات التي يكشفها الجيش الأمريكي تساعد أعداءه على قراءة تصرفاته والاستفادة من أخطائه.
وذكر أن “أعداء إسرائيل لا تردعهم هكذا تفاصيل وقدرات نظرية، ويواصلون الاستعداد للعمل ضدها على أي حال”.
أما بخصوص البعد النفسي، فقال الباحث إن الخوف من الشيء المجهول أكبر من الشيء المعروف من ناحية العدو، مضيفًا “فكلما حصلت عنه على معلومات أكبر قلّ خوفك من تهديده، وبالتالي هناك طرق لردع العدو غير نشر معلومات حساسة تضر عمليات مستقبلية وتستخدم للاستعراض”.
ويكمن الهدف الثاني، وفق الباحث الإسرائيلي، في رفع الروح المعنوية للإسرائيليين، أو تعظيم الذات، لكنه لفت إلى أن نشر هكذا معلومات لا يعطي الإسرائيليين شعورًا زائدًا بالأمن لفترة طويلة، وقد يسهم في رفع الروح المعنوية لفترة قصيرة، وسرعان ما يتم نسيان الأمر.
وأشار إلى أنه وفقًا لهذه النظرية؛ قد يحتاج الأمن الإسرائيلي لنشر معلومات مثيرة طوال الوقت حفاظًا على الروح المعنوية الوطنية.
لكن الباحث استدرك بقوله إن: “الإسرائيليين ليسوا أغبياء ومغفلين ولا يحبون الجيش في كل الأحوال، ولن يغير نشر معلومات عن العمليات السرية الصورة كثيرًا لديهم، بل قد يضر عبر الحد من تكرار ذات الأساليب مستقبلًا”.
أما الهدف الثالث لنشر تفاصيل عن العمليات العسكرية السرية، فيكمن في رفع مستوى الرغبة بالتجند في الجيش، مشددًا على أن تلك طريقة خاطئة ولاسيما في الوحدات الخاصة، إذ تكمن الأهمية في انتقاء نوعيات خاصة من المجندين وليس بالعشوائية.
في حين يكمن الهدف الرابع والأخير من وراء النشر لغايات إظهار نظافة اليد أو حصد نقاط سياسية أو جذب انتباه الناس عن قضايا سياسية.
ولفت إلى وجود “من يتاجر في المقدسات الأمنية لغايات شخصية”، مطالبًا المسؤولين الإسرائيليين بفحص الدوافع المختلفة لنشر هكذا معلومات أمنية سرية حساسة واستخلاص العبر المطلوبة.
واختتم الباحث تقريره بالقول إن من حق الجمهور معرفة الحقيقة في غالبية الأمور المرتبطة به، ولكن في العمليات السرية من الأفضل ألا يعرف الجمهور تفاصيلها حفاظًا على سريتها، وسعيًا لعدم تقييد يد الأمن مستقبلًا.
إقرار بالفشل
وفي السابع من يوليو/ تموز الجاري أقرَّ قائد أركان جيش الاحتلال أفيف كوخافي بأن عملية “خانيونس” التي نفذتها وحدة خاصة خلال شهر نوفمبر/ تشرين ثاني 2018 فشلت في تحقيق أهدافها.
جاءت تصريحات كوخافي عقب انتهاء الاحتلال من تحقيقاته حول تلك العملية التي قتل فيها قائد القوة وأصيب ضابط آخر، وهما من وحدة هيئة الأركان الخاصة في الجيش المعروفة بـ “ساييرت متكال”.
وبين كوخافي أن مهمة القوة لم تُنفذ، معربًا عن أسفه لمقتل قائد القوة الملقب “م”.
ولفت إلى أن تحليل تسلسل الأحداث يبين وجود عدة أخطاء وثغرات أدت لانكشاف القوة ومن بينها أخطاء عملياتية وأخطاء خلال الاستعدادات.
أما المتحدث العسكري الإسرائيلي فقال إن هدف العملية كان زرع أجهزة تجسس لمتابعة حركة حماس، وأن الوحدة تدربت سبعة أشهر على العملية.
وأوضح أن قوة من حماس اكتشفت مركبتين تابعتين للوحدة من ضمن القوة، وجرى استجواب من فيهما لنحو نصف ساعة.
وزعم أنه حينما قررَّ أفراد كتائب القسام نقل أفراد الوحدة إلى مقر أمني لاستجوابهم أطلق أحد الضباط بالوحدة النار من سلاح كاتم للصوت باتجاههم؛ لكنه أصاب قائد الوحدة الملقب “م” فقتل على إثرها بينما أصيب ضابط آخر في العملية.
وبينت التحقيقات –وفق الناطق- وجود خلل في أداء القوة، حيث فشلت في إخفاء بعض معداتها وأجهزتها على الرغم من قصف الطائرات للمركبتين، وأن عملية إنقاذ القوة استغرقت 20 دقيقة تحت نيران كثيفة من جانب مقاتلي القسام.
وحسب الناطق، تواجد قائد الأركان في حينها ومسؤول الشاباك وقائد شعبة الاستخبارات في مقر هيئة الأركان في ذلك الوقت لمتابعة تسلسل الأحداث.
ووفق وسائل إعلام إسرائيلية؛ فإن انكشاف أمر القوّة الإسرائيلية بغزّة أدّى إلى “ضرر عميق وخطير لأمن لإسرائيل، بمستويات لا يمكن التفصيل فيها”.