مرايا – أصداء واسعة في الشارع الفلسطيني أخذته التقارير الإسرائيلية الخاصة بالهجرة الطوعية لسكان قطاع غزة التي يشجع عليها الاحتلال الإسرائيلي، والعمل على إيجاد دولة مستعدة لاستيعاب المهاجرين على نفقة الاحتلال.

وكانت القناة العبرية 12 كشفت نقلًا عن مصدر سياسي أن “إسرائيل” تعمل على تشجيع الهجرة من غزة، وتسهيل خروج الشباب على نفقة الاحتلال الإسرائيلي، وإيجاد دولة مستعدة لاستيعابهم.

ووافقت “إسرائيل” بحسب التقرير على فتح مطار في الجنوب “النقب” لنقل الراغبين بالهجرة من قطاع غزة إذا كانت هناك دولة مستعدة لاستيعابهم، وتوجهت إلى عدة دول عديدة في الشرق الأوسط وخارجه من دول العالم لاستيعابهم. لكن حتى الآن دون إجابة، مشيرةً إلى أن 53 ألف فلسطيني هاجر من قطاع غزة خلال 2018.

تيسير محيسن المحلل والمختص في الشأن الإسرائيلي، أكد أن فكرة التهجير ليست حديثه العهد، فهناك قلق إسرائيلي دائم من القلق وجود هذه الكتلة البشرية التي تهدد بشكل مباشر وجود الاحتلال الإسرائيلي على المدى البعيد.

وأوضح محيسن لـ”فلسطين اليوم الإخبارية”، أن أكبر معضلة تواجه “إسرائيل” هي المشكلة الديمغرافية، فالأرض وفق قناعتها لا تحتمل أن يكون هناك شعبين، لذلك تعمل على أن تكون الأرض للشعب اليهودي فقط وأي شعب آخر يجب أن يختفي أو يزول أو يضمحل.

وقال: “من هنا تأتي الأفكار التي تتساوق مع المبادئ الأيدلوجية والفلسفية التي تتبناها دولة الاحتلال والحركة الصهيونية، فقطاع غزة يمثل حالة ازعاج متنامية لإسرائيل مع استمرار الحصار وعدم وجود أفق سياسي خاصة في ظل وجود حركات المقاومة”.

وأشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يحاول أن يستفيد من الوضع الاقتصادي الصعب والأجيال التي تنشأ في القطاع، وتصدير هذه الأجيال إلى الخارج، الأمر الذي سيكون سهل بحكم الواقع المعاش.

ونوَّه محيسن إلى أن الواقع يقول إن الخطط يمكن أن تنجح إذا ما أصبح هناك نوع من التسهيلات في خروج الشباب وتحقيق مبتغاهم في الخارج، خاصة إذا تم التنسيق مع الدول الخارجية لفتح اللجوء لهؤلاء الفلسطينيين، مؤكدًا أنه إذا نجح الاحتلال في ذلك سنجد أن عدد لا بأس فيه يخرج من الواقع المعاش في غزة.

وأضاف: “مهما كان لخطط ومحاولات الاحتلال الإسرائيلي من انعكاسات سلبية، إلا أنها لن تستطيع أن تقتلع الوجود الفلسطيني، فنحن نراهن على أن الشعب الفلسطيني حتى لو كان مهاجرًا أو حاصلًا على لجوء في أي بلد، فإن ارتباطه بفلسطين سيبقى حي، والواقع يقول ذلك، وهناك نماذج كثيرة تثبت ذلك”.

تابع: “من ناحية الوجود العملي في فلسطين، فواقع الزيادة السكانية التي عليها الحالة الفلسطينية، لن تمكن الاحتلال من تحقيق هدف تقليص حجم الفلسطينيين، خاصة إذا قارناها بالمجتمع الإسرائيلي، فهناك فرق كبير”.

وفي السياق قال سعيد بشارات، المحلل المختص في الشأن الإسرائيلي، إن خطة التهجير الطوعي تأتي من ضمن 3 خطط لتعامل الاحتلال الإسرائيلي مع قطاع غزة.

وأوضح بشارات في حديثه لـ”فلسطين اليوم الإخبارية”، أن الخطط الإسرائيلية تتضمن إما جولة عسكرية خاطفة على القطاع، أو جولة عسكرية واسعة والقضاء على المقاومة في قطاع غزة وإعادة احتلال أجزاء من القطاع، إلا أن تأتي قوة وتسيطر على القطاع، والخطة الأخيرة هي ترحيل سكان قطاع غزة لمن أراد ذلك.

وأشار إلى أن خطة الترحيل يطريها مسؤول الأمن القومي السابق يعقوب عميدرور مسؤول الأمن القومي السابق، وتتضمن ترحيل من أراد سكان قطاع غزة، وذلك بفتح المعابر والحدود والأجواء أما الشبان مثلما ذكرت القناة 12 أمس.

وأضاف: “هناك خطة كذلك تتعلق بزعيمة حزب اليمين الإسرائيلي الجديد، إيليت شاكيد ومجموعة اليمين الديني، التي طرحها وزير المواصلات بتسلئيل سموتريتش، وهي تشجيع الشباب الفلسطيني في الضفة وغزة على الهجرة حتى لو اضطرت “إسرائيل” لدفع مبالغ خاصة لهم.

وتابع: “الخطة لا تطرح للمرة الأولى لكن الفرق هذه المرة وجود خطوات عملية وليست فقط خطط على الأوراق، مما يؤكد أن المخطط ينفذ حاليًا على أرض الواقع”.

وشدد على أن التضييق والحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة جزء من خطة التهجير، وذلك بالضغط على الشباب من أجل الخروج الطوعي من فلسطين.

وكانت زعيمة حزب اليمين الإسرائيلي الجديد، إيليت شاكيد، قالت في تصريح صحفي، إن هجرة سكان غزة هي مصلحة إسرائيلية، داعيةً شاكيد لمنح الفرصة والتسهيلات لمن يريد الهجرة من القطاع.

من جهته قال المحلل السياسي، فراس حسان، إن “إسرائيل” تحاول إنهاء قضية غزة بشكل استراتيجي، والبعد عن العمل العسكري، لأنه يشكل إشكالية دولية لها.

وأوضح حسان في حديثه لـ”فلسطين اليوم الإخبارية” أن الاحتلال الإسرائيلي يعمل على تشديد الحصار على قطاع غزة، بحيث يصبح الشباب غير قادر على الحياة والاستمرار في أوضاع معيشية صعبة.

وأشار إلى أن الأرقام التي ذكرتها “إسرائيل” صادمة، مبينًا أن هجرة 35 ألف فلسطيني خلال عام 2018 مؤشر مخيف وخطير جدًا.

وأكد حسان أن هذه المؤشرات الخطيرة تدق ناقوس الخطر أمام القيادة والفصائل الفلسطينية، مشددًا على ضرورة التخفيف من البطالة الكبيرة الموجودة في قطاع غزة، والعمل على تخفيف الحصار.

وقال: “يجب تثقيف الشباب الفلسطيني بصورة صحيحة، وبيان الهجمة الإسرائيلية الشرسة التي تستهدف الوجود الفلسطيني، والعمل على إعادة اللحمة وانهاء الانقسام، ومحاولة خلق فرص عمل، لإعطاء الشباب الأمل بمستقبل مشرق من خلال العيش في فلسطين”.

ولفت إلى أن الاستمرار بهذه الطريقة والوتيرة الموجودة حاليًا، لن يخلق للشباب أي أفق، مما سيجعلهم يستجيبون لكل المغريات التي تحاول إخراجهم من فلسطين.