مرايا – كشف كاتب إسرائيلي أن وحدة المستعربين التابعة لجيش الاحتلال قد تشكلت وتطورت في مرحلة ما قبل النكبة وقيام إسرائيل، بفضل الدور الذي قام به جهاز الأمن العام “الشاباك”، لا سيما من خلال أحد قادتها البارزين شموئيل موريا الذي توفي هذا الأسبوع عن 95 عاما.
ويوضح الباحث الإسرائيلي عوفر أدرات، في تقرير مطول نشرته صحيفة هآرتس، أن موريا نشط عام 1947 في تهجير عشرات اليهود من العراق إلى فلسطين، وفي 1953 قام بتهجير عشرات آخرين من دول عربية أخرى، للاستيطان في قرى وتجمعات سكانية عربية، كما أشرف على إقامة وحدة المستعربين السرية في “الشاباك ” ممن أقاموا عائلات مع سيدات عربيات داخل فلسطين.
وأوضح أن موريا ولد في البصرة العراقية عام 1924، ومنذ صغره أقام مجموعة صهيونية في المدينة، ثم انتقل إلى بغداد، ومن هناك بدأ يشارك في تنفيذ هجرات يهودية عراقية إلى فلسطين، وبدأ من عام 1947 عمليات تهريب يهود عراقيين من خلال استخدام جوازات سفر مزورة، ودفع رشاوى للمسؤولين العراقيين للتمكن من اجتياز الحدود بطريقة غير قانونية.
وأشار إلى أن “موريا كان أحد رواد عملية مايكلبيرغ وهي أول عملية جوية من العراق إلى فلسطين، وكانت مهمته ضابط الاتصال بين جهاز الموساد ووكالة الهجرة اليهودية”، وأشرف على عملية التهجير كلها وزير الشرطة الإسرائيلي شلومو هيلل الذي قاد المجموعة اليهودية في العراق، كما نقل مجموعة من خمسين يهوديا من العراق وصلوا سيرا على الأقدام من بغداد إلى فلسطين مرورا بالأردن.
وأكد أنه في عام 1949 تم تجنيد موريا في جهاز “الشاباك” على يد إيسار هارئيل (رئيس الموساد لاحقا) حيث خدم في الوحدة العربية، التي عملت على إحباط عمليات التجسس العربية على إسرائيل. وفي 1953 أقام وحدة المستعربين السرية، وتكونت في البداية من عشرة مقاتلين، تم تشكيلها من يهود مهاجرين من دول عربية، اجتازوا تدريبات مكثفة، وتم إقحامهم في البلدات العربية داخل فلسطين. وأوضح أنه لم يتوقف عمل هؤلاء المستعربين على تنفيذ مهمة خاصة مثل مستعربي اليوم، ثم يعودون إلى قواعدهم العسكرية الإسرائيلية، وإنما يبقون مقيمين في البلدات العربية، بما في ذلك تكوين عائلة عربية كاملة، وكان مظهرهم الخارجي مقبولا على البيئة العربية، كي يستطيعوا الانصهار بينهم دون إثارة أي شبهات، حتى إن بعضهم انقطع عن عائلاتهم اليهودية فترات زمنية طويلة.
وكشف النقاب عن أن التدريبات التي خاضها هؤلاء المستعربون، وأشرف عليهم موريا، شملت تعليمهم مفاهيم الإسلام، وقراءة القرآن، واللهجة الفلسطينية المحلية، وامتهنوا عمل الاستخبارات والتعقب والملاحقة، والتخفي عن الأشخاص المستهدفين، بجانب كتابة التقارير السرية. وأشار إلى أنه كجزء من عمليات التخفي والتمويه فقد تزوج بعض المستعربين اليهود من سيدات فلسطينيات وأنشأوا معهن عائلات كاملة، دون أن يخبروهن بهويتهم الحقيقية.
ونقل عنه القول: “صحيح أننا لم نطلب من المستعربين الزواج منهن، لكن استكمال المهمة على أصولها تطلب منهم ذلك كي يكتمل مسلسل التخفي”. كما قال إنه في عام 1959 تم تفكيك وحدة المستعربين، وحينها كشفت الحقيقة للزوجات الفلسطينيات، مما أسفر عنها تمزق العائلات، وحين عرضنا على بعضهن الالتحاق بإسرائيل، والانخراط مع اليهود، وتحويل أبنائهن إلى الديانة اليهودية، رفضن، وبعض الزوجات الفلسطينيات أغمي عليهن، فيما عانى أولاد المستعربين من حالات نفسية صعبة، فكيف يتحول الأب في لحظة واحدة من أحمد إلى يوسي أو روني؟ وأوضح أنه في فترة لاحقة، أقامت إسرائيل الحكم العسكري، ولم يكن لديها حاجة لاستكمال مهمة المستعربين، خاصة في صفوف فلسطينيي الداخل، وفيما انتقل موريا للعمل ملحقا لجهاز الموساد في فرنسا، فقد شرع “الشاباك” في تجنيد العديد من العملاء والجواسيس الذين يقدمون المعلومات الأمنية، مقابل تصريح عمل أو سفر خارج الأراضي الفلسطينية، دون الحاجة للتضحية بأي من الإسرائيليين.
المستعربون جواسيس إسرائيليون في فراش العرب
يشار إلى أن صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية كانت نشرت في 2016 تقريرا بهذا المضمار قالت فيه إن القصّة بدأت باندساس وحدة تابعة لجهاز “الشاباك” الإسرائيلي تعرف بـ”المستعربين” داخل تلك القرى الفلسطينية في أراضي 48.
وحسب تقرير الصحيفة بعنوان “المستعربون جواسيس إسرائيليون في فراش العرب”، انتحل عناصرها صفة شباب عرب، واخترقوا النسيج الفلسطيني، وتزوجوا بنساء فلسطينيات مسلمات، وأنجبوا منهن. وأوضحت “يديعوت أحرونوت” وقتها أن وحدة المستعربين مختلفة عن وحدات المستعربين المستحدثة والتابعة لأجهزة الأمن الإسرائيلية، إذ تقتصر مهماتها الحالية على الاندساس بين المتظاهرين الفلسطينيين لساعات قليلة واعتقالهم، وأحيانا تنفيذ عمليات اغتيال بحقّ ناشطين في المقاومة.
يقول الصحافي والناشط الاجتماعي والسياسي نوعام روتم، في تقريره المنشور على الموقع الإسرائيلي “سيحا ميكوميت”(محادثة محلية): “هل سمعتم عن المستعربين؟ أتعلمون كيف بدأوا؟ ليسوا مثل بلطجية اليوم الذين ينتحلون صفة عرب لساعة أو ساعتين ويطلقون النار على الأطفال الذين يرمون الحجارة”. ويتابع: “ذات مرة وقبل أكثر من ستين عاما، كانوا جواسيس حقيقيين. ليس لأنهم أفادوا في شيء ما، لكنهم لأكثر من 12 عاما عاشوا كفلسطينيين في الجليل والمثلث وحتى بين البدو في النقب، تزوجوا بنساء فلسطينيات، وأنجبوا أطفالا، وعملوا في المصانع الفلسطينية، وفعلوا كل شيء وكأنهم فلسطينيون. كل هذا كجزء من عملية اتضح بعد 12 عاما أنها عديمة الجدوى.
المستعربون اليوم
في المقابل، ما زالت تعمل وحدات مستعربين في الضفة الغربية المحتلة في عمليات دهم واعتقال مناضلين فلسطينيين وعادة يندس عناصرها بزي عربي في المظاهرات من أجل اعتقال قادتها.
وفي سياق متصل، نشرت منظمة المدافعين عن حقوق الإنسان الفلسطينية مقطع فيديو يظهر إطلاق جنود الاحتلال الإسرائيلي الرصاص على شاب فلسطيني وإصابته في ظهره، وقالت المنظمة إن الرصاص الذي أطلق على الشاب معدني ومغلف بالمطاط.
كما عرضت القناة الـ13 الإسرائيلية الفيديو، وأشارت إلى أن الحادثة وقعت قبل عام ونصف أثناء عبور الشاب حاجز “الزعيم” العسكري شرقي القدس المحتلة. وبحسب القناة، فإن الجندي أرسل أيضا مقطع الفيديو إلى صديقته، وسألها عن رأيها في دقة إطلاقه الرصاصة المطاطية تجاه الشاب الفلسطيني، لترد عليه بأنه بارع.
ويظهر الفيديو منع جنود الاحتلال الشاب الفلسطيني من الاقتراب وعبور الحاجز، ثم الطلب منه المغادرة، وبعد استجابته لطلبهم وأثناء مغادرته وبعد أن قطع مسافة عنهم أطلق أحد الجنود النار فأصابه في ظهره كما يظهر في الفيديو.
وقال روغل الفير، أحد أبرز المعلقين الإسرائيليين، معقبا على شريط الفيديو بالقول إن الجندي أطلق رصاصة الإسفنج على الشاب الفلسطيني في حاجز الزعيم لدواع عنصرية وفاشية. وتابع في مقال نشرته “هآرتس” أمس أن الحديث يدور عن جريمة مروعة يهودية – نازية ارتكبها جنود تبلورت قيمهم في البيت والمدرسة والجيش والإعلام.