مرايا – فتحت مراكز الاقتراع، الاثنين، في الاحتلال الإسرائيلي في ثالث انتخابات تشريعية تجري خلال أقل من عام، ستكون حاسمة لرئيس الوزراء المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو، الذي يكافح من أجل البقاء بالسلطة في ظل اتهامات له بالفساد.
ويأتي التصويت قبل أسبوعين من بدء محاكمة رئيس الوزراء اليميني بتهم فساد، إلا أن الاستطلاعات للرأي تفيد بأن شعبيته لم تتراجع، في مؤشر إلى أن السباق سيكون محموما بين حزب الليكود الذي يتزعمه وتحالف “أزرق أبيض” الوسطي بزعامة خصمه الجنرال المتقاعد بيني غانتس.
ويتوجه 6.4 مليون شخصا إلى أكثر من 10 آلاف مركز اقتراع لاختيار مرشحهم لرئاسة الحكومة، قبل أن تغلق المراكز أبوابها الساعة 22.00 (20,00 ت غ).
وتفيد الاستطلاعات بأن أيا من الحزبين لن يتمّكن من الفوز بغالبية في الانتخابات التي تجرى على أساس النظام النسبي، وبالتالي سيسعى الفائز فيها إلى تشكيل ائتلاف مع أحزاب أقل تمثيلا.
ولم يتمكّن أي من الحزبين في الانتخابات التي جرت في نيسان، وفي أيلول العام الماضي، من تشكيل ائتلاف، ومن المحتمل أن تفضي هذه الانتخابات الثالثة إلى مأزق مشابه.
وفي ظل الانقسام السياسي الحاد، تكتسي نسبة المشاركة في الاقتراع أهمية كبرى، وسط سعي الأحزاب إلى تعبئة قواعدها الأحد، علما أن قلة من الناخبين لم يحسموا بعد قرارهم.
وأعلن نتنياهو الذي يتولى السلطة منذ 2009، إن استطلاعات الليكود تفيد بأن الحزب قريب من الفوز وإيجاد حل للأزمة السياسية.
وقال رئيس الوزراء الأطول عهدا في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي، خلال مؤتمر صحافي، الأحد: “نحن قريبون جدا من تحقيق الفوز”، مضيفا: “أخرجوا من منازلكم وصوتوا لليكود”.
في المقابل، دعا رئيس هيئة الأركان السابق بيني غانتس مناصري “تحالف أزرق أبيض” إلى التصويت ووضع حد لحكم نتنياهو، الذي أوجد انقساما في البلاد.
وفي تصريح الأحد، للإذاعة الرسمية، قال غانتس “لا يمكنكم البقاء في منازلكم والتذمّر مما يجري”، مضيفا “أخرجوا واقترعوا”.
جولة رابعة؟
في انتخابات نيسان/أبريل، فاز كل من الحزبين بـ35 مقعدا في الكنيست، أما في انتخابات أيلول/سبتمبر ففاز أزرق أبيض بـ33 مقعدا مقابل 32 لليكود.
وتعهّد حزبان يهوديان متشددان فازا في الانتخابات الأخيرة بما مجموعه 17 مقعدا بدعم نتنياهو الذي يحظى كذلك بتأييد عدد من الأحزاب اليمينية.
أما القائمة المشتركة، التحالف الذي يمثّل عرب إسرائيل والذي فاز بـ13 مقعدا في أيلول/سبتمبر، فأعلن تأييد غانتس على غرار عدد من الأحزاب اليسارية.
وفي كانون الثاني، وجّهت النيابة العامة إلى بنيامين نتنياهو تهم الرشوة والاحتيال وخيانة الثقة، ليصبح بذلك أول رئيس حكومة في الاحتلال الإسرائيلي يوجّه إليه الاتهام خلال ولايته.
وتبدأ في 17 آذار/مارس، محاكمة بنيامين نتنياهو البالغ 70 عاما بتهم تلقي هدايا تقدر قيمتها بآلاف الدولارات، وعرض تعديل القوانين مقابل الحصول على تغطية إعلامية إيجابية.
ويسيطر نتنياهو منذ 20 عاما على حزب الليكود، حيث يحظى بولاء كبير، وقد تخطى مؤخرا بسهولة تمردا داخل صفوف الحزب على زعامته.
وينفي نتنياهو التهم الموجّهة إليه، ويتّهم في المقابل النيابة العامة والإعلام وجهات أخرى بممارسة حملة اضطهاد ضده. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن شعبيته ضمن حزب الليكود لم تتأثر بتلك الاتهامات.
وفي كانون الثاني، عرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب “صفقة القرن” التي تمنح الاحتلال ضوءا أخضر لضم مستوطنات ومساحات من الأراضي في الضفة الغربية المحتلة، ما أثار غضبا فلسطينيا عارما.
وبعد الدعم الأميركي الكبير له، أعلن نتنياهو في حملته الانتخابية أنه سيبني آلاف المنازل في المستوطنات.
ولا يعترف المجتمع الدولي بالمستوطنات الإسرائيلية، المخالفة للقانون الدولي.
بدوره رحّب غانتس بالخطة، لكن القائمة العربية التي أعلنت دعمها له لتشكيل ائتلاف حكومي، شدّدت في حملتها الانتخابية على رفض الخطة المرفوضة أيضا من القيادة الفلسطينية.
مخاوف من كورونا
وتعهّد غانتس في حملته تطهير السياسة من الممارسات الملتوية وركّز على اتّهامات الفساد الموجّهة لخصمه.
لكن الحملة أصبحت في الأيام الأخيرة أكثر حدة، لا سيما بعد نشر عدد من التسجيلات المسرّبة وتقاذف الاتهامات.
وستجرى الانتخابات على الرغم من المخاوف بتفشي فيروس كورونا المستجد، والذي أعلن الاحتلال تسجيل 7 إصابات به.
وأقيمت مراكز انتخابية خاصة للإسرائيليين الموضوعين في حجر صحي في منازلهم والبالغ عددهم 5600 شخص، كثر من بينهم زاروا دولا تفشى فيها الفيروس.
ولن يُسمح لهم بأن يستخدموا مراكز الاقتراع العامة وسيضعون كمامات لدى الإدلاء بأصواتهم.
وتبدأ نتائج استطلاعات الخروج من مراكز الاقتراع بالظهور بعيد إغلاق الصناديق، أما النتائج النهائية فيتوقع أن تصدر صباح الثلاثاء.
وحافظ اليمين ويسار الوسط في الاستحقاقين الانتخابين الأخيرين على حجمهما التمثيلي، وتشير الاستطلاعات إلى أن المأزق السياسي الحالي سيبقى قائما.
ويقول المحلل الإسرائيلي في مجموعة الأزمات الدولية عوفر سالسبرغ إنه “من الصعب أن تجد ما يمكن أن يقنع أحدا صوّت مرّتين للحزب نفسه بأن يغيّر هذه المرة قراره”.
ويضيف سالسبرغ “النتيجة الأكثر ترجيحا ستكون أن نستفيق صباح الثلاثاء على عدم وجود فائز واضح في الانتخابات”.