مرايا – خلال الشهرين الماضيين ازدادت وتيرة بناء البؤر الاستيطانية في المناطق المصنفة “ج” بالضفة الغربية المحتلة، وهي التي تقع تحت السيطرة الكاملة للسلطة، في ظل تغول الاحتلال ومستوطنيه على الأراضي والاستيلاء عليها.
وأعلنت منظمة العفو الدولية مطلع الشهر الجاري، أن إنشاء المستوطنات بشكل دائم على الأراضي المحتلة يعتبر جريمة حرب، مشيرةً إلى أن عملية الضم قد تسفر عن مصادرة أراض ذات ملكية خاصة وأراض زراعية، داعية إلى وقف بناء وتوسيع المستوطنات.
“خطة الضم” التي أعلن الاحتلال أنه سيبدأ بتنفيذها مطلع الشهر الحالي، والقاضية بالسيطرة على أكثر من 33% من مساحة الضفة الغربية المحتلة، بدأها الاحتلال بعمليات مصادرة لأراض جبلية وإقامة بؤر استيطانية فيها، بحسب خبراء.
ويقول الخبير في شؤون الجدار والاستيطان جمال جمعة لوكالة “صفا”: إن “وتيرة مصادرة الأراضي بالقوة من قبل المستوطنين وبناء البؤر الاستيطانية خلال فترة الشهريين الماضيين تزايدت بشكل غير طبيعي وبشكل مقلق، وهناك تسع بؤر استيطانية على الأقل تم إقامتها من قبل المستوطنين بالضفة”.
ويضيف جمعة: أن “هناك قرار من مجلس المستوطنات الأعلى ببدء هذه المعركة، والهدف من ذلك هو أن يفرض المستوطنون واقعا جديدا يتعدى خريطة الضم وحتى خريطة ترامب نفسه، بمعنى أن ما يتم احتلاله يتم تثبيته لاحقا”.
ويؤكد أن هذا الأمر مدعوم من حكومة الاحتلال، التي توفر الحماية والإمكانيات للمستوطنين وتساعدهم، وهذه سياسة استيطانية من حكومة عنصرية.
ويتابع: “إذا تتبعنا مصادرة الأراضي في جنوب الضفة مثلا “غوش عتصيون” تحديدا، فعندما يتم الحديث عن تحويل أراض باسم الصندوق القومي اليهودي فهذه بادرة خطيرة جدا، وهذا يعني أنهم بدأوا يتعاملون أن مناطق الضفة تابعة لكيان الاحتلال مدنية ولم تعد عسكرية”.
ويكشف جمعة عن أن “إسرائيل” تقوم بعملية الضم على أرض الواقع بدون الدخول في موجة الإعلان، كما كان الحديث عن الأول من تموز في غور الأردن، لكن هي بدأت فعليًا عملية الضم في المناطق الجبلية من الضفة بمصادرة الأراضي وتحويلها للصندوق القومي اليهودي.
ويكمل: “بينما في غور الأردن بدأت بشكل مكثف باحتلال ما تتمكن منه عبر المستوطنين، من تلال وجبال والاستيلاء على الأراضي الزراعية والمراعي وخلق المشاكل معهم المواطنين باتجاه دفعهم للرحيل عن مناطقهم”.
آلية التصدي
ويرى الخبير صعوبة في الاستمرار بمواجهة المشروع في حال بقي الوضع الفلسطيني كما هو عليه اليوم، في ظل السياسة التي تنتهجها السلطة أبرزها قضية التنسيق الأمني.
ويشكك جمعة في جدية السلطة بوقف التنسيق الأمني بقوله:” عندما تم الحديث عن وقف التنسيق الأمني مع كيان الاحتلال لم يتم تطويره ووضع آليات من أجل تنفيذه، بمعنى أن التنسيق كان وبقي ونحن لا نعلم”.
ويلفت إلى أن الأمور تسير بطريق مخالفا للقرار، بمعنى أن القرار اتخذ لامتصاص نقمة الشارع الفلسطيني، قائلاً: “نحن نعلم وتستطيع أن تستشعر عندما يكون الموضوع جدي يكون رد إسرائيل مختلف وقد يقود إلى مواجهة”.
ووفق رؤية الخبير، فإن التصدي يجب أن يشمل مطالبة عربية بسحب العلاقات مع الاحتلال، الأمر الذي قد يدفع لإعلان فلسطيني عن سحب الاعتراف بالاحتلال، إضافة إلى تشكيل جبهة عالمية مساندة للقضية الفلسطينية.
أما على المستوى المحلي، فيرى جمعة أن بوادر الوفاق بين حماس وفتح في سبيل مواجهة الضم بحاجة لترجمة على أرض الواقع، من خلال التصدي لكل مشاريع الاحتلال على الأرض.
ويتطرق في حديثه، إلى ضرورة تشكيل قيادة وطنية موحدة لتعزيز الفعل الشعبي على الأرض، وعدم الاكتفاء بما تقوم به اللجان الشعبية من رد فعل هنا وهناك، والحاجة لفعل منظم بالتزامن مع قضية المقاطعة وتبني الجهة الرسمية المقاطعة عبر الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية.
الأكثر أهمية
بدوره، يقول مدير وحدة مراقبة الاستيطان في معهد أريج سهيل خليلية إن :”إسرائيل كانت في البداية تخطط لعملية ضم شاملة، لكن الإجراءات على الأرض تشير إلى أنها ستقوم بعملية الضم حسب الأولوية والأهمية، فالأهمية القصوى هي التكتلات الاستيطانية الضخمة تحديدا حول القدس مثل :”جفعات زئيف ومعالي ادوميم وغوش عتصيون” حتى تعلن من خلالها ما يسمى بـ”القدس الكبرى”.
ويضيف خليلة أن الجزء الثاني الذي له أهمية هي المناطق الواقعة خلف الجدار الفاصل، أي ما بين الجدار وما بين خط الهدنة، يليها أهمية تثبيت الأراضي الشاطئية للبحر الميت، وما يتبقى استيطان زراعي وصناعي.
وبحسب خليلية، فإن عمليات التجزئة ستلاحظ بشكل أكبر خلال المرحلة القادمة، موضحا أن قضية الضم لن تخدم الاحتلال إلا إذا كان هناك شبه اتفاق مع السلطة في هذه المرحلة لغض النظر عن بؤر استيطانية من أجل الضغط.
ويرى خليلية أن الاحتلال يحاول تغيير القوانين المعمول بها في المناطق المسماة “ج”، وتحويلها من قوانين عسكرية إلى مدنية كما في الداخل المحتل، ومن خلاله يستطيع إعادة تصنيف وتعريف جزء كبير من الأراضي وتغيير تسجيلها، كأن يقوم المستوطنون أنفسهم بتسجيل الأراضي وليس من خلال جمعيات استيطانية.