مرايا – من جديد، انتصرت فلسطين في الأمم المتحدة، وحصلت على أغلب الأصوات في الجمعية العامة للأمم المتحدة، لصالح قرار السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، بالرغم من الجهود التي تبذلها الإدارة الأمريكية ودولة الاحتلال لعرقلة هذه القرارات، في وقت أيضا انتقد فيه المسؤول الدولي الكبير نيكولاي ميلادينوف الخطط الاستيطانية الجديدة، وحذر من خطرها على تقسيم الضفة الغربية.

وصوتت 153 دولة لصالح القرار، و6 دول ضده وهي (كندا، وإسرائيل، وجزر مارشال، وميكرونيزيا، وناورو، وأمريكا)، فيما امتنعت 17 دولة عن التصويت.

وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي معقبا على ما جرى: “إن التصويت لصالح هذا القرار يؤكد حق الشعب الفلسطيني في موارده الطبيعية بما فيها الأرض وموارد الطاقة والمياه، دون الانتقاص من حقوقه في بحره، وحقه كذلك في التعويض جراء استغلال الاحتلال الإسرائيلي لموارده الطبيعية”.

وأشار إلى أن التصويت يعد بمثابة تأكيد دولي على الحق الراسخ والثابت للشعب الفلسطيني، ورفض لاعتداءات المستوطنين الإرهابيين ضد الأرض وأصحابها، وطالب المالكي المجتمع الدولي بضرورة الالتزام بتنفيذ القرارات الدولية وضمان حرية استخدام الشعب الفلسطيني لأرضه وحقوقه وموارده، ووضع حد لأعمال الاستغلال والانتهاك والسرقة.

وأشاد بالدول التي صوتت لصالح القرار، وطالب الدول التي صوتت ضده أو تلك التي امتنعت عن التصويت لصالحه، أن تعمل على مراجعة مواقفها، وأن تأخذ بعين الاعتبار ما نصت عليه القرارات الدولية من ضمان وكفالة حق الشعب الفلسطيني الثابت والأبدي في أرضه، وفي حقوقه غير القابلة للتصرف وعلى رأسها حق تقرير المصير والعودة، والاستقلال لدولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية وذات السيادة الدائمة.

يشار إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة صوتت قبل أيام وبأغلبية ساحقة، على قرار “حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير”، وجاء ذلك بعد أن كانت قد صوتت على ستة قرارات أخرى لصالح الفلسطينيين، وجاء التصويت مع استمرار الإدارة الأمريكية الرامية لعدم إخضاع إسرائيل للمحاسبة، بسبب ارتكابها مخالفات جسيمة للقانون الدولي، وذلك من خلال استغلال سلطتها في مجلس الأمن، حيث عقدت مساء الإثنين جلسة للمجلس جرى خلالها مناقشة خطر الاستيطان.

وقال مندوب فلسطين في الأمم المتحدة السفير رياض منصور، إن من عطل تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي “2334” المتعلق بالاستيطان، هي إدارة الرئيس ترامب، التي تسلمت الحكم عام 2017، وأعرب السفير منصور عن أمله بأن تحترم الإدارة الأمريكية الجديدة، برئاسة الرئيس المنتخب جو بايدن، والتي ستتسلم الحكم بعد شهر، القرار 2334.

وقال في تصريح صحافي، تناول جلسة مجلس الأمن الدولي، إن المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف، حذر في إحاطته الشهرية، من أن الخطط الاستيطانية الإسرائيلية الأخيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة ستؤدي إلى قطع التواصل بين شمال الضفة الغربية وجنوبها، وكذلك بين القدس الشرقية وبيت لحم، ما يعني تقويضاً لحل الدولتين.

وقال السفير منصور إن إسرائيل ضاعفت الاستيطان منذ اعتمد القرار 2334 عام 2016، الأمر الذي أثار احتجاج جميع أعضاء مجلس الأمن، باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية، التي لم يتطرق مندوبها إلى الموضوع في كلمته، لافتا إلى أن ملادينوف تطرق في إحاطته إلى هدم البيوت، وتشريد السكان المدنيين، وقتل الأطفال وغيرها من الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي، التي ترتكبها إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال.

ودعا السفير منصور المجتمع الدولي إلى إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، مؤكدا دور الرباعية ومجلس الأمن في دعم وإسناد الأطراف المعنية للتوصل الى السلام العادل والشامل وإنهاء الاحتلال، وإنجاز حل الدولتين على الأرض كما هو متفق عليه، ووفق المرجعيات المعروفة.

وأشار إلى أن السفير الألماني أكد أيضًا خلال كلمته في جلسة مجلس الأمن أن القرار “2334” ملزم ويجب تنفيذ جميع بنوده دون استثناء، فهو جزء من القانون الدولي، كما اعتبر أن أي تغيير في الوضع القانوني لمدينة القدس يعد باطلا.

ويحث القرار 2334 على وضع نهاية للمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، ونص القرار على مطالبة إسرائيل بوقف الاستيطان في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وعدم شرعية إنشاء المستوطنات.

من جهته، فقد حذر ميلادينوف في كلمته من أن الخطط الاستيطانية الإسرائيلية الأخيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة ستؤدي إلى قطع التواصل بين شمال الضفة الغربية وجنوبها، وكذلك بين القدس الشرقية وبيت لحم، مما يعني تقويضاً لحل الدولتين، وشدد المسؤول الدولي في إحاطته الأخيرة (إذ يستعد لترك منصبه، حيث سيتعين مبعوثاً خاصاً للأمم المتحدة إلى ليبيا) على ضرورة تنفيذ أحكام القرار 2334، وأعرب عن “انزعاجه” من استمرار التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، مشيراً إلى أنه خلال العام الماضي «مضت السلطات الإسرائيلية في خطط استيطانية مثيرة للجدل جرى تجميدها لسنوات».

وأكد في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”، أن وحدات المستوطنات عام 2020 تتساوى مع أرقام عام 2019 “رغم انقطاع استمر 8 أشهر”، علماً بأن نحو 50% منها يقع في عمق الضفة الغربية، في مناطق «حيوية لتواصل وقابلية الدولة الفلسطينية المستقبلية للحياة».

ولفت إلى أنه «في الموقع الاستراتيجي (e1) قدمت خطط لنحو 3500 وحدة بعد تأخير استمر 8 سنوات”، وقال: “إذا نفذت الخطة فإنها ستقطع الاتصال بين شمال الضفة الغربية وجنوبها”، وانتقد المناقصة الإسرائيلية لبناء 1200 وحدة لإنشاء مستوطنة جديدة في مستوطنة “جفعات هاماتو”، وقال إنها “تهدد بفصل القدس الشرقية عن بيت لحم وجنوب الضفة الغربية”، وأضاف: “التقدم في أي من المشروعين سيؤدي، إلى حد كبير، إلى تقويض إنشاء دولة فلسطينية مجاورة وقابلة للحياة في جزء من حل الدولتين المتفاوض عليه”.

وذكر بأن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، “تشكل انتهاكاً صارخاً لقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي»، مضيفاً أنها «ترسخ الاحتلال وتقوض آفاق تحقيق حل الدولتين»، مؤكدا على ضرورة وقف النشاط الاستيطاني على الفور.

وأكد أيضا على ضرورة أن تقوم إسرائيل بوقف عمليات هدم عقارات وممتلكات الفلسطينيين ووقف تهجيرهم، والموافقة على الخطط التي من شأنها تمكين هذه المجتمعات من البناء بشكل قانوني ومعالجة حاجاتها التنموية، مشددا على أن “استمرار العنف والهجمات ضد المدنيين والتحريض على العنف، أمر غير مقبول”، وطالب بمحاسبة مرتكبي أعمال العنف، وقال: “الأطفال لا يزالون كذلك الضحايا؛ مع سلسلة مقلقة بشكل خاص من الحوادث خلال الشهر الماضي في الأراضي الفلسطينية المحتلة”.