مرايا – أكد وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الطارئ يوم الاثنين، في القاهرة، لبحث تطورات القضية الفلسطينية ودعمها، أن السلام شرطه زوال الاحتلال، وأن القضية الفلسطينية ستظل على الدوام مفتاح الصراع واساس السلام بالمنطقة.
وقال أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن حل الدولتين هو الخيار الوحيد لحل القضية الفلسطينية، مشددا على أن النشاط الاستيطاني الصهيوني غير قانوني، وأن الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان ونقل السفارة اليها عمل عارٍ عن الشرعية.
وأكد: إن اجتماعنا اليوم يبعث للعالم رسالة بأن الدول العربية تضع القضية الفلسطينية على رأس أولوياتها ويتعين على المجتمع الدولي بدوره أن يضعها على قمة أجندته فتحقيقُ تسويةٍ دائمة وعادلة لهذا النزاع الطويل كفيلٌ بأن يخلق ديناميكية جديدة في المنطقة كلها بما يطلق الطاقات، ويرسم مستقبلاً أفضل لأجيال تريد العيش بسلام وأمن، ولكن السلام الذي يتأسس على الحق هو وحده ما يستمر والأمن الذي يرتكز على العدل هو فقط الذي يدوم.
وأضاف: إن التسوية النهائية تمر عبر مسارٍ وحيد هو حل الدولتين وهو المسار الذي يحظى بتوافق العرب والعالم بل وبتأييدِ أغلبيةِ الفلسطينيين والصهاينة وليس في الأفق صيغةٌ بديلةٌ عن حلِ الدولتين يمكنها تلبية حاجة الفلسطينيين إلى الدولة، وحاجةِ للصهاينة إلى الأمن.
وشدد أبو الغيط ان الإجماع الدولي على حل الدولتين لابد أن يُترجَمَ في تحرك عمليّ يقود إلى إنقاذ هذا الحل من محاولات صهيونية مستمرة تهدُفُ إلى تقويضه وتهميشه، وإن النشاط الاستيطاني، في الضفة الغربية والقدس الشرقية، يُشكل عقبة خطيرة في طريق حل الدولتين وهو نشاط غير شرعي ولا قانوني ومخالفٌ لقرارات الشرعية الدولية وعلى رأسها قرار مجلس الأمن 2334، كما أن الاعتراف بالقدس عاصمةً للاحتلال ونقل السفارات إليها هو عمل عار عن الشرعية ويُشكل مخالفة للقرارات الأممية في هذا الصدد.
وتابع أبو الغيط: لقد أثبتت تجربة السنوات الماضية أن التسوية السياسية لا يُمكن فرضُها بمشروعاتٍ أُحادية أو بخُطط تتبنى وجهة نظر الدولة القائمة بالاحتلال وتتماهى معها، ليس أمامنا سوى تمهيد الطريق لمسار التسوية عبر التفاوض، وإننا ندعو اليوم جميع الأطراف الدولية ذات المصداقية والتأثير، وفي مقدمتها الرباعية الدولية، أن تبذل جهداً حقيقياً من أجل إطلاق عملية سياسية يكون لها أفق زمني واضح، وتتأسس على نتائج جولات التفاوض السابقة ومبادئ القانون الدولي وأسس مبادرة السلام العربية.
واختتم أبو الغيط كلمته بالقول: إن إطلاق عملية تفاوضية تتناول قضايا الحل النهائي يظل السبيل الوحيد لكي يشعر الفلسطينيون بأن ثمة ضوءاً للحرية في آخر نفق الاحتلال الطويل، وليس بخافٍ أن الشعب الفلسطيني قد أوشك أن يفقد الثقة في حل الدولتين، وفي إمكانية تطبيقه على الأرض بعد أن وجد من الطرف الآخر انصرافاً عن هذا الحل، بل وعملاً لا يكِلُ لهدمِ أركانِه ومحوِ شروط تحققه وأقول بصراحة أن انصراف الفلسطينيين عن حل الدولتين لن يكون في مصلحة أي طرف.. خاصة وأن بدائلَه لن تحقق للاحتلال أياً من أهدافها.. بل ستزيد من المخاطرِ والتهديداتِ المُحدقةِ بها.
وقال إن الشعب الفلسطيني يحظى بكل الدعم بكل الاحترام والتقدير من الشعوب العربية جميعاً.. والقضيةُ الفلسطينية هي قضية العرب قبل أن تكون قضيةَ الفلسطينيين.. ومكانتُها وتأثيرها في الرأي العام العربي راسخةٌ لا تتزحزح.. وحضورُها في هذا البيت العربي الجامع يظل مركزياً وجوهرياً، وإننا اليوم نُجدد التزاماً وعهداً بالوقوف إلى جانب فلسطين إلى أن تنال سيادتها وتحقق استقلالها ونؤكد على أن التطوراتِ الأخيرةَ لابد وأن تُوظَفَ لصالح الحق الفلسطيني، ومن أجل تحقيق الهدف الفلسطيني ولخدمة غايتنا العُليا المشتركة بأن نرى الدولةَ الفلسطينيةَ حقيقة قائمةً، وواقعاً ملموساً.
وجدد أبو الغيط دعمه لكافة الإجراءات التي تتخذها الرئاسة الفلسطينية من أجل تعزيز وَحدةِ البيت الفلسطيني وإعادة الُلحمةِ له، عبر الانتخابات والمصالحة معا فالجهدان متكاملان ويسهمان معاً في تقوية الموقف الفلسطيني، داخلياً وخارجياً.
شكري: مبادرة السلام العربية هي المرجعية لتحقيق السلام في المنطقة
من جانبه، شدد وزير الخارجية المصري سامح شكري، على أن مبادرة السلام العربية لعام 2002 ستظل هي المرجعية لتحقيق السلام في المنطقة، وأن مصر تؤكد على ضرورة عدم اتخاذ خطوات أحادية في القدس قد تهدد الاستقرار في المنطقة
وقال: من يظن البعض أن العالم العربي في ظل تلك الظروف الدقيقة قد انشغل عن قضيته الرئيسية العادلة وأن إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقيــة قد انزوت على أجندة أولويات الدول العربيـة، وهو الظن الذي يجانبه الصواب.
وأضاف، ان القضية الفلسطينية كانت وستظل في قلب الضمير العربي، مهما شاب العملية التفاوضية من ركود وتعطيل، وعلى الرغم من الممارسات الصهيونية أحادية الجانب ومشروعات الاستيطان في الضفة الغربية، مشيرا إن تلك القضية واجهت ظروفاً شديدة الصعوبة خلال السنوات الماضية، إلا أن القضايا العادلة لا تموت وتظل تحظى بالشرعية طالما أنها لم تجد للحل والتسوية العادلة سبيلاً وطالما لم يقم المجتمع الدولي بعد بواجبه تجاهها بحثاً عن الاستقرار عبر إنفاذ القانون الدولي.
وقال شكري، ان مصر تواصل جهودها المستمرة والحثيثة لإنهاء الانقسام الفلسطيني، ولم تبخل بتقديم كافة أنواع الدعم والمساندة للأشقاء الفلسطينيين لاستعادة اللحمة وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني، إيماناً منها بأن تحقيق المصالحة الفلسطينية سينعكس بصورة إيجابية على قدرة الشعب الفلسطيني على تسيير عملية التفاوض من جديد وتحقيق أهدافه وطموحاته المشروعة، مشيرا إلى اللقاءات التي تستضيفها القاهرة خلال هذه الآونة لتفعيل الحوار بين مختلف الفصائل الفلسطينية ومناقشة سبل عقد الانتخابات التشريعية ثم الرئاسية ثم المجلس الوطني المقررة منتصف العام الجاري وآليات إنجاحها، حسبما أعلن الرئيس “محمود عباس”.
وأكد شكري على أن مصر تؤكد دائماً على ضرورة احترام الوضع القائم في القدس الشريف والعمل على حمايته والحفاظ عليه، وتجنب إي إجراءات يكون من شأنها تأجيج الصراع أو اتخاذه لملامح أو أبعاد دينية سيكون لها تداعياتها الخطيرة على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، كما تؤكد مصر حرصها على استمرار أداء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) بمناطق عملياتها الخمس، في القيام بمهامها تجاه اللاجئين الفلسطينيين من حيث توفير الخدمات اللائقة في ظل ظروف سياسية وإنسانية معقدة، وباعتبار أن ذلك حق أصيل لهم، تقوم به الوكالة كمنظمة ذات طبيعة إنسانية لا يجب تسييسها، وحث المجتمع الدولي على الوفاء بمساهماته المالية خاصة في هذا التوقيت الحرج وذلك لحين التوصل إلى تسوية عادلة ودائمة للقضية الفلسطينية تسمح لهؤلاء بالعودة إلى الأراضي الفلسطينية.
الصفدي: القضية الفلسطينية هي مفتاح السلام في المنطقة
قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، إن القضية الفلسطينية هي قضيتنا المركزية الأولى، وهي أساس الصراع، ومفتاح السلام الشامل الذي تقوض الكيان فرص تحقيقه.
وأضاف ان هناك حاجة حقيقة لإسناد الأشقاء في فلسطين، مشيرا إلى انه ثمة أهمية للعمل إيجابيا مع الإدارة الأميركية الجديدة، كما نحتاج إلى بلورة إطلاق مفاوضات فاعلة وحقيقية، والتوصل إلى حل الدولتين، لإقامة دولة فلسطينية، وعاصمتها القدس المحتلة على حدود 67.
وشدد الصفدي على أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع، والحاجة إلى موقف دولي، معتبرا المستوطنات في الضفة الغربية خرقا فاضحا يقتل حل الدولتين، ويجعل خيار الدولة الواحدة صعبا، وسيواجه العالم حينها نظاما عنصريا لا يمكن تفاديه، إلا بحصول الفلسطينيين على حقهم.
وتحدث عن اعتداءات سلطات الاحتلال الصهيوني على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة، في انتهاك واضح للقانون الدولي، واستفزاز لمشاعر المسلمين والمسيحيين، داعيا لعمل عربي ممنهج لحماية المدينة، وتثبيت سكانها، لأن السيادة هناك فلسطينية، والوصاية هاشمية، والمسؤولية فلسطينية أردنية عربية دولية.
وأكد الصفدي دعم بلاده جهود المصالحة الوطنية، مثمنا جهود مصر في ضمان إنجازها، لافتا إلى ضرورة استمرار الدعم المالي والسياسي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، لتتمكن من استمرار خدماتها.
وكانت أعمال الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية في دورة غير عادية برئاسة مصر، الرئيس الحالي لمجلس الجامعة، وذلك بمبادرة مشتركة مصرية أردنية، وتأييد الدول الأعضاء، قد انطلقت، مساء اليوم الاثنين، لبحث مختلف القضايا ذات الأهمية لمصالح الأمن القومي وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وتطوراتها.
بن فرحان: موقف السعودية داعم للقضية الفلسطينية
قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بن عبد الله آل سعود، إن الوطن العربي يعيش اوضاعا غاية في الحساسية، ما يؤكد أهمية وضرورة تعزيز العمل العربي المشترك.
وأضاف انه بالرغم من هذه التحديات، إلا أننا ما زلنا متمسكين بمواقفنا الثابتة تجاه القضايا المركزية، والتي تأتي القضية الفلسطينية على رأسها، مؤكدا موقف المملكة الثابت بالوقوف إلى جانب شعبنا الفلسطيني، ودعمها لجميع الجهود الرامية للوصول إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.
وشدد آل سعود على أن السلام خيار استراتيجي يضمن استقرار المنطقة، مطالبا المجتمع الدولي ببذل المزيد من الجهود لإحياء عملية السلام، التي تحقق إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مجددا رفض السعودية لجميع ممارسات الاحتلال الصهيوني ضد شعبنا، وأرضه المحتلة.
بن مبارك: القضية الفلسطينية محل إجمال عربي
وقال وزير خارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك، إن هذا الاجتماع يؤكد الثوابت العربية التي تم التوافق عليها وأولها القضية الفلسطينية، التي هي محل إجماع عربي، وإحقاق الحقوق المشروعة للأرض الفلسطينية وإنهاء الاحتلال، وهو هدف جامع تعمل من أجله كل الدول العربية، مضيفا ان حل الصراع هو المدخل الحقيقي للسلام والحل العادل والشامل، يكون بالالتزام بالمرجعيات والقرارات الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية.
وأعرب عن تأييد اليمن للحوار الوطني الفلسطيني، ومساعي إنجاح الانتخابات المقبلة كخطوة مهمة، على طريق توحيد الصف الفلسطيني، لنيل حريته واستقلاله.
وجدد بن مبارك التأكيد على دعم شعبنا الفلسطيني لنيل حقوقه التي كفلتها له المواثيق الدولية، وتأييد اليمن لنتائج هذه الاجتماع الخاص بوزراء الخارجية العرب فيما يتعلق بفلسطين.
وهبة: يجب تكثيف جهودنا لإعادة الاعتبار لأولوية القضية الفلسطينية دوليا
وقال وزير الخارجية اللبناني شربل وهبة، إن هذا الاجتماع الاستثنائي جاء في الوقت المناسب، لمحورية القضية الفلسطينية، التي تحتاج لتكاتف عربي موحد، قادر على الدفع باتجاه حل عادل وشامل يتيح تحقيق السلام.
وأضاف ان الدورة الحالية تنعقد في ظل تغييرات دولية ومواقف إقليمية، ما يدفعنا لتكثيف جهودنا المشتركة لإعادة الاعتبار لأولوية القضية الفلسطينية على الصعيد الدولي، وإعادتها للواجهة لمواجهة التعنت الصهيوني .
وأوضح أن سلطات الاحتلال الصهيوني لم تمتثل لقرارات الشرعية الدولية، بل أمعنت في تعميق الجرح الفلسطيني، واستمرت في انتهاك قواعد حقوق الإنسان دون رادع أخلاقي أو قانوني.
وأضافت “في الأشهر المقبلة يجب أن نسمع صوتنا وبقوة، لضمان التوصل لحل للقضية الفلسطينية، خاصة أن الدول الكبرى تؤكد نيتها الدفع لتثبيت الاستقرار في الشرق الأوسط، لكن أي استقرار يكون ممكنا دون إنهاء الاحتلال وعودة الفلسطينيين وقيام الدولة الفلسطينية”، مطالبا اللجنة الرباعية بتفعيل دورها، والدفع قدما للتواصل لحل عادل للقضية الفلسطينية.
وجدد التزام بلاده بمبادرة السلام العربية التي أطلقت في قمة بيروت، وبمبادئ القانون الدولي والإنساني، والتأكيد على حل الدولتين وقيام الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، التي يجب أن تحتفظ بهويتها العربية، وعدم القبول بتغييرات في وضعها القانوني والدولي، والتشديد على حقوق شعبنا الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وفي طليعتها حق تقرير المصير والعودة.
ودعا الدول العربية لتأكيد أهمية الاستمرار في دعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا”، لتبقى على ما تقدمه تجاه اللاجئين، حتى التوصل لحل عادل لقضيتهم.
وعقد وزراء الخارجية العرب قبيل انطلاق أعمال الاجتماع، جلسة تشاورية بحضور وزير الخارجية المصري سامح شكري، رئيس الدورة الحالية لمجلس الجامعة العربية، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزراء الخارجية العرب.
وجرى خلال الجلسة تبادل وجهات النظر بشأن التطورات العربية عامة، والفلسطينية خاصة، بهدف بلورة موقف عربي موحد، والتوافق حول مشروع القرار المقرر أن يصدر عن الاجتماع الطارئ.