مرايا – تمارس الفلسطينية صالحة مهر (55 عاما)، من بلدة النصارية شرق نابلس، هواية جمع نباتات الصبار المكسوة بالأشواك، حيث تعاملها برفق دون أن تتعرض لأي أذى، فهي تعلم نقاط ضعفها، وتعتبرها الأغلى على قلبها ولا تهديها إلا للمقربين عليها.
مرافقة نبات الصبار الذي يستخدم للزينة في الحدائق المنزلية مضى عليها أكثر من 24 عاما، اعتادت مهر على زراعته حبا وشغفا بهذه النباتات وهواية، ونوع آخر لاستغلال الوقت، لكن هذا الأمر تحول مع السنوات إلى استثمار ومصدر رزق لها.
تملك مهر (أم حذيفة) أكثر من 200 نوع من نبات الصبار، تعتبرها إمبراطورية لها في حديقة منزلها الخلفية، بعد إنشاء بيوت بلاستيكية خاصة بزراعة بذور وأشتال هذه النباتات، بل تعدى الأمر إلى تطعيم وتهجين بعضها لتنتج أنواعا أخرى.
إمبراطورية مهر كسرت النمط السائد لطبيعة الزراعة المتعارف عليها في قرية النصارية التي تشتهر بزراعة الخضار والمحاصيل الزراعية الأخرى.
وتزرع مهر أنواعا أخرى من الزهور والورود، والتي رافقتها كهواية منذ عام 1996، فكانت تلك الصبارة الصغيرة التي اشترتها من أحد الأسواق النواة الأولى لبناء المشروع الاستثماري الذي أبصر النور في عام 2014، حسب ما أكدت مهر.
وقالت مهر “في كل مرة أذهب فيها إلى السوق اشتري نوعا من الصباريات حتى أصبح عندي حوالي 200 نوع منها”.
وأضافت، “بعض الأنواع الموجودة لدي في الحديقة عملت على تركيب وتطعيم وتهجين بعضها من مختلف أنواع الصبار”.
وتشير إلى أنها تملك حاليا ثلاثة بيوت بلاستيكية تزرع فيها بذور وفسائل الصبار، موضحة أنها أصحبت تشارك في معارض الزهور وتسوق منتجها لبعض المشاتل المختصة ببيع الورود حسب طلبهم.
وتعتبر مهر إحدى هذه النباتات الأقرب إلى قلبها كونها اعتنت بها كثيرا ولزهورها المميزة التي تنتجها مع بداية شهر آذار/ مارس؛ ولخصائصها الفسيولوجية، فبمجرد أن تنزع إحدى أشواكها ينمو مكانها فسيلة، لتصبح نبتة اخرى.
وتأمل مهر أن تطور وتنمي مشروعها وتمتلك أرضا بمساحة أكبر، إضافة إلى أمنيتها أن تمتلك مركبة خاصة بها؛ تساعدها في نقل النباتات وتسويقها.
وتقضي مهر نحو خمس ساعات بين نباتات الصبار بشكل يومي، حتى إذا لم تجد ما تفعله تجلس بقربها، فهي تعتبرها صديقة لها، ومصدر رزق مساند للعائلة التي تتكون من 10 أشخاص والذين يتعلم عدد منهم في الجامعات.
جائحة فيروس كورونا المستجد كان لها أثر كبير على مشروع مهر، في ظل توقف تنظيم المعارض وإغلاق الأسواق، فلجأت إلى استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، فأنشأت صفحة تحمل اسم “صباريات أم حذيفة” كوسيلة لتسويق منتجاتها، ورغم أنها لا تجيد القراءة والكتابة لكنها تؤمن بأن الحياة أكبر مدرسة يمكن أن تعلم الإنسان.
مهر، واحدة من بين الكثير من نساء فلسطين اللواتي أسسن مشاريع استثمارية صغيرة، حتى تكون عونا وتساعد العائلة في تحمل أعباء الحياة في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية في فلسطين.
“فرص عمل في ظل كورونا”
الناطق باسم وزارة العمل الفلسطينية رامي مهداوي، أكد أن الوزارة وفرت في ظل جائحة كورونا 650 فرصة عمل دائمة ضمن برنامج التشغيل الذاتي، إضافة إلى 923 فرصة عمل مؤقتة ضمن برنامج التشغيل المؤقت في المحافظات الجنوبية؛ من خلال مشروع التشغيل المؤقت بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وصندوق البلديات”.
وتابع مهدواي “جرى تمكين 120 شابة من اللواتي أنهين دراستهن من خلال مشروع “مكني” لإكسابهن مهارات عملية تؤهلهن للانخراط في سوق العمل، إضافة إلى ما يقارب 5000 مستفيد ومستفيدة من حصص التوجيه والإرشاد المهني، منهم 500 من طلبة الجامعات”.
وأضاف “أن الوزارة نفذت حملات دعم للنساء المزارعات في محافظة أريحا والأغوار ضمن خطة التنمية العنقودية، من خلال منحة القطاع التعاوني بقيمة نصف مليون دولار، من قبل الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي، موضحا أنه سيتم استهداف ما لا يقل عن 3600 شاب وفتاة نصفهم نساء ضمن برنامج العمل مقابل الأجر من خلال منحة من البنك الدولي”.
وأوضح أنه في إطار دعم النساء من خلال العمل من داخل المنزل في ظل جائحة كورونا، كان هناك تجربة أولية من خلال التعاون الإنمائي الألماني باستهداف 25 مشروعا والآن وصلت إلى 100 مشروع، بالتالي تم التعاطي مع جائحة كورونا من خلال أهمية وجود المرأة في أعمالها المختلفة وخصوصا المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، إضافة إلى تنفيذ سلسلة تدريبات متخصصة بمفهوم العمل عن بعد؛ خاصة أن العالم يتجه نحو الثورة التكنولوجية في ظل انتشار فيروس كورونا، فكان توجه الوزارة لتعليم النساء بمفهوم العمل عن بعد والتسويق الإلكتروني لمنتجاتهن”.
وقال “في ظل جائحة كورونا وما يحدث في العالم بشكل عام، وللتأكيد على أهمية العمل بالمشاريع الصغيرة بسبب ارتفاع البطالة وإنهاء خدمات العديد من موظفي القطاع الخاص المتأثر بأزمة كورونا، جرى دعم عدد من المشاريع من خلال صندوق التشغيل الفلسطيني في جميع محافظات الوطن”.
وأشار إلى أن معظم المشاريع الصغيرة التي جرى دعمها كانت في القطاع الزراعي والإنتاجي في الحرف اليدوية، إضافة إلى مشاريع العمل عن بعد؛ مثل “غرافيك ديزاين” والترجمة، موضحة أن المرأة استطاعت أن تشق طريقها من خلال العمل عن بعد خاصة في قطاع غزة.
وبين أن جميع القطاعات في فلسطين تأثرت بأزمة كورونا، ولذلك اتخذت الحكومة عدة خطوات من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه؛ فمثلا: تم توقيع الاتفاق الثلاثي بين وزارة العمل والنقابات العمالية وأصحاب العمل في بداية شهر آذار/ مارس الماضي، من أجل الحفاظ على حقوق العامل ومصلحة صاحب العمل وضمان استقرار سوق العمل، كما تم دعم ما يقارب 40 ألف عامل متضرر من جائحة كورونا، والآن سيتم دعم 65 ألف عامل وعاملة ضمن منحة بمقدار 700 شيقل، من خلال البنك الدولي وبالتعاون مع وزارة التنمية الاجتماعية.