مرايا – بعد تهيئة الأجواء الفلسطينية للانتخابات المقبلة، وفي ظل السعي الصهيوني المحموم للتدخل المباشر في الانتخابات من خلال سياسة اعتقال عدد من القيادات الفلسطينية، خاصة التابعين لحركة “حماس” في الضفة، يأتي الحديث عن إمكانية مشاركة الأسرى في تلك الانتخابات.
ويحق للمعتقلين داخل السجون الصهيونية، المشاركة بعملية الانتخابات الفلسطينية المُقبلة، لكن بشكل مُتجزأ ودون ممارسة حقّهم في “الاقتراع”.
وتنحصر هذه المشاركة ما بين عملية “التسجيل” بالإنابة التي تتضمن إدراج أهالي المعتقلين أو من ينوب عنهم أسماء الأسرى في سجل الناخبين لتمكينهم من الاقتراع لاحقا – في حال كانوا خارج السجون”- وإما “الترشّح” بالوكالة، كما قال فريد طعم الله، المتحدث باسم لجنة الانتخابات المركزية.
وتابع طعم الله، أن مشاركة المعتقلين بالعملية الانتخابية لا تشمل “استخدام حق الاقتراع”.
وأرجع ذلك إلى أن هذا الحق يتطلب “توجّه شخصي من الناخب لصناديق الاقتراع، للإدلاء بصوته، وهذا الأمر غير متاح داخل السجون”.
وفي حال حدوث ترتيبات بين السلطة الفلسطينية والكيان ، يمكن حينذاك وضع صناديق اقتراع داخل السجون لتمكين الأسرى من المشاركة، لكن هذه الترتيبات غير موجودة، وفق طعم الله.
وسبق أن شارك معتقلون داخل سجون الاحتلال عام 2006، بالترشّح للانتخابات، وحصلوا على مقاعد في المجلس التشريعي الفلسطيني، مثل القيادي البارز في حركة “فتح”، مروان البرغوثي.
فيما يعتزم “البرغوثي”، الترشّح للانتخابات الرئاسية المقررّة في يوليو/تموز القادم، من داخل سجنه، بحسب تصريحات سابقة لمصادر مقرّبة منه .
وأشارت مؤسسات الأسرى وحقوق الإنسان الفلسطينية إلى أن عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال بلغ حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول 2020 نحو 4400 أسير، منهم 40 أسيرة، بحسب تقارير حقوقية.
وفي الأراضي الفلسطينية، لا يقدّم النجاح في الانتخابات حصانة للمرشّحين تضمن عدم اعتقالهم من قبل الجيش الصهيوني ، إذ اعتقل الجيش بعد الانتخابات التشريعية التي جرت عام 2006 عشرات النواب من قائمة “التغيير والإصلاح” التابعة لحركة “حماس”، في الضفة الغربية المُحتلّة.
وبحسب مركز “فلسطين لدراسات الأسرى” (مقره غزة)، فإن عدد النواب الفلسطينيين الذين مرّوا بتجربة الاعتقال في السجون الصهيونية بلغ نحو 60 نائبا، وفي الوقت الحالي، يقبع نحو 11 نائبا داخل السجون الصهيونية، وفق المركز.
وذكرت مؤسسات الأسرى وحقوق الإنسان الفلسطينية أن عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال بلغ حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول 2020 نحو 4400 أسير، منهم 40 أسيرة، بحسب تقارير حقوقية.
كما يتعرض الناشطون الفلسطينيون، خلال فترة ما قبل الانتخابات، سواء من الناخبين أو المرشحين المتوقعين، لملاحقات صهيونية.
وبحسب مراقبين، فإن الكيان تسعى في الوقت الحالي، للتدخل المباشر في الانتخابات من خلال سياسة اعتقال عدد من القيادات الفلسطينية، خاصة التابعين لحركة “حماس” في الضفة.
** وكالة رسمية
بدوره، قال ثائر شريتح، الناطق الإعلامي باسم هيئة شؤون الأسرى والمحررين (تتبع منظمة التحرير الفلسطينية)، إن عملية ترشّح الأسرى للانتخابات، لا تتم إلا بتقديم طلب وكالة رسمية لـ”الترشّح”، إما من المحامين أو من عائلة المعتقل.
وتابع شريتح لم يسبق أن شارك معتقلون فلسطينيون في عملية الاقتراع، إنما ما يُتاح لهم هو الحق في الترشّح.
وأما عن التسجيل في سجل الناخبين، قال إن ذلك يتم “إما عن طريق الأهل، أو عبر المحامين، أو من خلال طرق خاصة”.
** انتهاك صهيوني
ويرى محمد أبو هاشم، الباحث القانوني في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، أن حرمان فئة معينة من “الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات، يعتبر مساسا بالحقوق وانتهاكا من قبل الاحتلال”.
وتابع في حديثه للأناضول، إن هذا السلوك “يخالف القانون الدولي لحقوق الإنسان الذي ينص على أن المشاركة السياسية حق لكل مواطن”.
واستكمل قائلا إن هذا المنع “يعد جزءا من الانتهاكات ضد الفلسطينيين بشكل عام، وضد الأسرى بشكل خاص”.
وطالب أبو هاشم الجهات “الفاعلة في المجتمع الدولي بالتدخل للإفراج عن جميع المعتقلين الفلسطينيين”، داعيا إياهم بـ”الضغط على الكيان باحترام كافة الحقوق، والسماح بممارستها، ومن ضمنها الحق في الاقتراع”.
** فرصة للاشتباك
من جهته، قال مصطفى إبراهيم، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، إن “مشاركة الأسرى داخل السجون الصهيونية، في الانتخابات، من خلال الترشّح، تعتبر فرصة للاشتباك الدبلوماسي الفلسطيني مع الاحتلال، داخل أروقة المحاكم والمؤسسات الدولية”.
وأضاف إبراهيم، إن “ثبوت ترشّح قيادات فلسطينية، للانتخابات، فرصة يجب أن تستغلها القيادة السياسية دوليا، للضغط على الكيان للإفراج عنهم”.
ويبيّن أن إمكانية فوز المرشحين في الانتخابات سواء التشريعية أو الرئاسية يجب أن “تفتح نقاشا جادا لجعله موقف ضغط على الكيان، على المستويين العربي والعالمي”.
ويتابع: “ترشّح الأسرى في الانتخابات أمر مهم، للضغط للإفراج عنه، من باب أن الممثلين التشريعيين أو التنفيذيين للفلسطينيين، يمارسون مهامهم داخل السجون”.
ويعتقد إبراهيم أن “التحضير لهذه الخطوة من الاشتباك مع الكيان ، يجب أن يبدأ من اليوم، بالتوجه للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي”.
ويرى أن هذه الخطوة فيها “إعادة الاعتبار للمشروع النضالي الفلسطيني”، خاصة أن مشاركتهم تحمل بعدا وطنيا كونهم “أسرى حرية”، وفق قوله.
ومنتصف يناير/كانون الثاني الماضي، أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرسوما حدد بموجبه مواعيد الانتخابات: التشريعية في 22 مايو/أيار، والرئاسية في 31 يوليو، والمجلس الوطني في 31 أغسطس/آب.
وعُقدت آخر انتخابات فلسطينية للمجلس التشريعي (البرلمان) مطلع العام 2006، وأسفرت عن فوز “حماس”، فيما سبقها بعام انتخابات للرئاسة وفاز فيها الرئيس الحالي محمود عباس.-(الاناضول)