المقدسيون يردون الإغلاق بالإغلاق ويفرضون كلمتهم
في ظل التوتر والغليان المتصاعد في مدينة القدس المحتلة، بعدما حولت سلطات الاحتلال الصهيوني أحياءها وبلدتها القديمة وساحات المسجد الأقصى المبارك إلى ميدان حرب، دعت العديد من دول العالم وبينها دول عربية إلى لجم اعتداءات الاحتلال وقطعان المستوطنين للفلسطينيين وممتلكاتهم في القدس المحتلة.
وفي رد على منع الاحتلال الصهيوني لمئات الفلسطينيين من الوصول إلى المسجد الأقصى المبارك، لإحياء ليلة القدر، قطع عشرات الفلسطينيين تضامنا مع المصلين طريقا يؤدي إلى تل أبيب.
وقد منع الاحتلال أمس حافلات تُقل مئات من فلسطينيي الداخل، من الوصول الى المسجد الاقصى وفق شهود عيان وأجبرتهم على النزول في قرية “أبو غوش” والتي (تبعد أكثر من 15 كلم عن وسط القدس)، لاستكمال الطريق مشيا رغم بعد المسافة، الا أن عشرات الشبان المقدسيين عملوا على نقل المصلين إلى المسجد الأقصى بمركباتهم الخاصة، رغم محاولات القوات الصهيونية منعهم بوضع حواجز على الطرق، بحسب الشهود.
ودعت الولايات المتحدة إلى “وقف العنف” في القدس الشرقية المحتلة حيث أصيب خلال المواجهات أكثر من 220 فلسطينيا خلال المواجهات في المدينة خصوصاً في باحات المسجد الأقصى.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس في بيان إن “الولايات المتحدة قلقة للغاية إزاء المواجهات الجارية في القدس… والتي أفادت تقارير أنها أسفرت عن سقوط عشرات الجرحى”.
وأضاف أن “العنف لا عذر له، لكن إراقة الدماء التي تحصل الآن مقلقة بشكل خاص” لا سيما وأنها تحصل في الأيام الأخيرة من رمضان.
ولفت المتحدث إلى أن واشنطن دعت المسؤولين الصهيونيين والفلسطينيين إلى “العمل بحزم لتهدئة التوترات ووقف العنف”.
وشدد برايس على “الأهمية البالغة” لتجنب أي خطوات قد تؤدي إلى تفاقم الوضع، مثل “عمليات الإخلاء في القدس الشرقية، والنشاط الاستيطاني، وهدم المنازل، والأعمال الإرهابية”.
الاتحاد الأوروبي من جانبه طالب بمحاسبة المسؤولين عن التحريض والعنف في القدس من جميع الأطراف، داعياً إلى خفض التصعيد القائم في المدينة.
وأعرب في تصريح أمس، عن قلقه إزاء تصعيد التوترات ووتيرة العنف بشكل خطير في الأيام الأخيرة بالأراضي الفلسطينية المحتلة، وخاصة في القدس المحتلة.
وحث “السلطات الصهيونية على اتخاذ خطوات عاجلة لخفض التوترات القائمة في القدس”، مشدداً على ضرورة تفادي أعمال التحريض حول الحرم الشريف واحترام الوضع القائم هناك.
وطالب الاتحاد الزعماء السياسيين والدينيين من جميع الأطراف بـ”ضبط النفس وتحمل المسؤولية وبذل قصارى الجهد لتهدئة الوضع المتفجر”.
وقال إن قرار السلطات الصهيونية بإخلاء العائلات الفلسطينية قسريا من منازلهم في حي الشيخ جراح ومناطق أخرى من القدس المحتلة يثير القلق الشديد، معتبراً أن هذه الإجراءات “غير قانونية بموجب القانون الإنساني الدولي، وتؤدي إلى تأجيج التوترات على الأرض”.
من جهتها أعربت روسيا عن “قلقها” ودعت إلى تجنب “تصعيد العنف” في القدس، داعية في بيان لوزارة الخارجية “جميع الأطراف إلى الامتناع عن القيام بخطوات قد تؤدي إلى تصعيد العنف”.
وكررت موسكو أن “مصادرة الأراضي والممتلكات، وكذلك إنشاء الكيان مستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، ليس لهما قيمة قانونية”، وتشكل انتهاكا للقانون الدولي وتمنع تسوية سلمية على أساس إقامة دولتين، فلسطين والكيان”.
من جانبها دانت إيران أمس “الأعمال الوحشية” الصهيونية في القدس، داعية الأمم المتحدة الى التحرك في مواجهة “جريمة حرب” ترتكبها الدولة العبرية.
وفي بيان قال المتحدث باسم وزارة الخارجية سعيد خطيب زاده إن “الجمهورية الإسلامية الإيرانية تدين بشدة هجوم العسكر الصهاينة على المسجد الأقصى”.
ورأى ان هذه الأعمال “جريمة حرب تثبت مرة أخرى للعالم الطبيعة الإجرامية للكيان الصهيوني غير الشرعي وضرورة التحرك الدولي العاجل لوقف انتهاك أبسط مبادئ القانون الدولي الإنساني”، داعيا الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية الأخرى ذات الصلة الى أداء واجبها للتصدي لجريمة الحرب هذه”.
وشدد على أن “مكافحة هذا الكيان السفاك هي كفاح ضد الظلم ونضال ضد الإرهاب، مؤكدا أن إيران “تقف بفخر إلى جانب الشعب الفلسطيني البطل”، داعيا “جميع دول العالم خاصة الدول الإسلامية الى القيام بواجبها التاريخي” لدعم الفلسطينيين في مواجهة الكيان.
وكان المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي قال في كلمة متلفزة أول من أمس، إن الكيان ليست دولة بل معسكر إرهابي ضد الشعب الفلسطيني والشعوب المسلمة الأخرى.
ودانت كل من السعودية والكويت والإمارات وقطر والبحرين في بيانات منفصلة بشدة الاعتداءات على الفلسطينيين خطط وإجراءات الكيان لإخلاء منازل فلسطينية في القدس الشرقية، واحداث العنف بمحيط المسجد الأقصى.
وتقاطرت الدعوات الفلسطينية أمس لتنظيم تظاهرات شعبية واسعة في عموم فلسطين المحتلة لنصرة القدس المحتلة، فيما حثت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية على احتجاجات غاضبة في مختلف الأراضي المحتلة العام 1948، وترتيب الوفود لحي الشيخ جراح، وشد الرحال للأقصى.
بدوره؛ اعتبر المجلس الوطني الفلسطيني أن “العدوان الصهيوني الوحشي ضد المسجد الأقصى والمصلين يعد عدواناً على المسلمين ومقدساتهم، وامتهاناً لكافة الأعراف والشرائع الدينية والمقدسات”.
ودعا المجلس، على لسان رئيسه سليم الزعنون، الأمتين العربية والإسلامية وبرلماناتها ومؤسساتها للارتقاء إلى مستوى خطورة عدوان الاحتلال، واتخاذ مواقف عملية عاجلة لنصرة القدس وحماية مقدساتها بما يضمن تنفيذ كافة القرارات المُقرة بشأن حماية القدس وتعزيز صمود أهلها. وطالب المجتمع الدولي بالتحرك العاجل للجم عدوان الاحتلال وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، خاصة لأهالي مدينة القدس المحتلة التي تتعرض للعدوان مع مقدساتها الإسلامية والمسيحية باعتبارها أماكن عبادة محمية من وجهة نظر القانون الدولي.
من جانبه؛ قال الناطق باسم حركة “حماس”، محمد حمادة، إن الاحتلال سيدفع ثمن عدوانه وتعديه السافر على حق المسلمين في الصلاة في مسجدهم الأقصى، داعيا إلى “النفير نصرةً للأقصى وصداً للعدوان الغاشم عليه”.
وأكد حمادة، في تصريح أمس، أن ما يقوم به الاحتلال بحق المصلين في المسجد الأقصى المبارك باعتدائه عليهم بوحشية وهم ركع سجود، “يثبت أن حربه ضد المقدسيين وحرية التعبد، بينما يوسع حربه من محاولة لطرد سكان الشيخ جراح من بيوتهم إلى منع إقامة الصلاة في المسجد الأقصى”.
وبالمثل؛ دعا المجلس الثوري لحركة “فتح” الأطر الحركية في كل المواقع للتحرك لدعم وإسناد أهالي القدس المحتلة، في تصديهم لانتهاكات الاحتلال المستمرة بحق المسجد الأقصى، وما يتعرضون له من تهجير قسري بحي الشيخ جراح، ورفضا للمؤامرة التي تحاك ضد المشروع الوطني.
وأكد أن خطر الاحتلال يعد وجوديا بالنسبة للقدس، بهدف الاستيلاء عليها، عبر استمرار جريمة التطهير العرقي في حي الشيخ جراح وبلدة سلوان وأحياء القدس.
ودعا أبناء الحركة “للتناغم بالفعل الوطني، وتنظيم الصفوف، في معركة التصدي والمواجهة ضد الاحتلال، ومستوطنيه”.
فيما قالت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، إن “معركة القدس تمثل معركة الشعب والأرض وبيت الكل الفلسطيني في مواجهة عدوان الاحتلال ومخططاته ومشاريعه العدوانية التي تستهدف حقوق الشعب الفلسطيني”.
وأضافت الجبهة، أنه “لم يعد مفهوما توسل السلطة الفلسطينية الضغط والتدخلات الدولية، بينما ما تزال تعطل عناصر القوة الفلسطينية، بخاصة وقف التنسيق الأمني وقطع العلاقات والاتصالات مع الاحتلال، وتوفير الحماية الميدانية للمواطنين على يد الأجهزة الأمنية، وتفعيل سلاح المقاطعة الشاملة للاحتلال، وتقديم ملف العدوان إلى محكمة الجنايات الدولية باعتبارها جرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني”.
ودعا الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي، إلى هبة شعبية واسعة في عموم فلسطين المحتلة إسنادا للمسجد الأقصى والشيخ جراح بالقدس في وجه القمع والتنكيل الصهيوني ومحاولات التطهير العرقي.
وطالب البرغوثي “المجتمع الدولي والدول العربية والإسلامية بفرض إجراءات عقابية على الاحتلال والأبرتهايد الصهيونية بدل الاكتفاء ببيانات الإدانة التي لا تعبأ سلطات الاحتلال بها”.