قال خبير عسكري “صهيوني” إنه “إلى ما قبل بداية العملية العسكرية ضد حماس في غزة، كان التقدير الصهيوني القاطع للجيش ومخابراته أن الحركة مردوعة، وغير مهتمة بالمواجهة العسكرية، لكن الواقع أثبت عكس ذلك”.
وأضاف يوآف ليمور في مقال بصحيفة “يسرائيل هيوم” إنه “في حال قدر لهذه العملية أن تنتهي، فسوف تبقى معنا بعض صورها، ومنها جماهير المسلمين يهتفون عند باب العامود تأييدا لإطلاق الصواريخ من غزة، ومبانيها المدمرة، والقنابل، والرعب في شوارع تل أبيب”.
وتابع إن “احتجاجات المدن العربية بالداخل من اضطرابات بين العرب واليهود، جاءت أكثر خطورة على “الكيان” عدة مرات من الحرب الجارية في غزة، لأنه بينما تبقى حماس في غزة في نهاية اليوم، فسوف يبقى “الكيان” هنا للتعامل مع كل ما حدث”، مستطردا : “شكلت هذه الأحداث أعظم إنجازات حماس في الحملة العسكرية، وسيجعل الكيان تواجهها بكل صعوبة”.
وأشار إلى أن “الكيان انجر إلى المعركة في غزة، ولم تراقبها بدقة، والحقيقة أنها تفاجأت أكثر من مرة، حتى وصول وابل الصواريخ إلى القدس، في حين كانت التقديرات الاستخبارية تتحدث بعكس ذلك، فيما صرح مسؤولون صهاينة كبار بأن للحركة مصلحة في إشعال النار في القدس، مع إبقائها بعيدة عن غزة، لكن هذا التقدير الصهيوني سقط فور إطلاق الصواريخ نحو القدس”.
وأوضح أن “ما شهدته الأيام الماضية من إطلاق وابل من الصواريخ على مدن صهيونية عديدة، وما أسفر عنه من إغلاق الشرايين الأساسية من طرق الجنوب، ومنع وصول المستوطنين للمناطق المحاذية لقطاع غزة خوفا من إطلاق القذائف المضادة للدبابات، إلى توجيه انتقادات لمنظومة الدفاع الجوي- القبة الحديدية، لأنها لم تستطع التصدي لكل صواريخ حماس”.
وأكد أنه “يبدو أن أحداً لم يقيّم بدقة نوايا حماس، رغم زيادة تحذيرات جهاز الأمن العام- الشاباك، ورئيسه نداف أرغمان منذ فترة طويلة بأنها تواصل تكثيف قدراتها العسكرية، ويوماً ما سوف تنفجر في وجهنا، لكن المفاجأة جاءت من القذائف التي تمكنت حماس من إنتاجها، وإطلاقها باتجاه عسقلان ثم غوش دان، وهو مثال واحد على ما حذر منه الشاباك، الذي فضل أن تخوض الكيان الحرب لمنع تعاظم حماس”. وفق حديثه.
وبين أنه “حتى عندما بدأت الاحتجاجات عند باب العامود في القدس، وحذر محمد الضيف من أن حماس سترد، فقد كان الجيش الصهيوني مقتنعًا بأنه لا يزال هناك طريق طويل يتعين قطعه قبل الحملة العسكرية، لكنهم استيقظوا حقًا قبل لحظة من إطلاق النار على القدس؛ وكل من يدعي غير ذلك، وسيكون هناك من سيجادل، مدعو لشرح لماذا قرر رئيس الأركان تأجيل التدريبات الحربية نهاية يوم الاثنين، وليس قبل ذلك”.
وقال إن “حماس أصبحت اليوم بطلة في الشارع الفلسطيني، بما في ذلك في الضفة الغربية والقدس، أما السلطة الفلسطينية فقد تبخرت، وكأن أبا مازن رحل، وإذا أجريت الانتخابات الفلسطينية الآن، فإن حماس ستفوز بها بانتصار مدو، بعد أن تبددت آمالها في كسر الحصار السياسي والمادي المفروض عليها، وتراجعت فرصها بالسيطرة على الضفة الغربية بعد إلغاء الانتخابات الفلسطينية”.
ولفت إلى أن “غضب حماس من تأجيل الانتخابات لم يمر دون أن يلاحظه أحد من الاستخبارات “الصهيونية”، لكن التقدير بأن الحركة سوف تترجمه إلى نوايا جاء متأخرا للغاية، رغم أن الإشارات كانت مبعثرة على طول الطريق، فقد حددت حماس فرصة لمرة واحدة في أحداث القدس، بالعودة إلى الأهمية، والسيطرة على الساحة الفلسطينية، وأصبحت راعية لمعركة الأقصى”.
ووفق ليمور، فقد حصلت حماس على ثلاث جوائز في تذكرة واحدة، أما الرابعة فجاءت في أحداث المدن الفلسطينية بالداخل (المحتل) كمكافأة غير مخطط لها”، مردفا إنه “لا يجوز الاستهانة بالمهارة الرائعة التي أدارت بها حماس هذه الحملة في الأسابيع الأخيرة، من حيث استغلال أحداث باب العامود، والمعركة القانونية في حي الشيخ جراح، مع الاستفادة بشكل لافت من شبكات التواصل الاجتماعي الخاصة بها، ما أثار إعجاب الفلسطينيين”.
وأضاف أنه “كان يكفي رؤية الفجوة الهائلة والمثيرة للقلق بين المشاعر المؤيدة للفلسطينيين في شبكات التواصل الاجتماعي، والمقارنة بين هاشتاغات “غزة تحت الهجوم” مقابل تصنيف “الكيان تحت الهجوم”، لفهم مدى نجاح هذه الحملة، ربما منظومة الإعلام الحكومي لم تعمل كما يجب، وفشلت “الكيان” بتوفير حل تكنولوجي وإنساني لإنجاز حماس الفكري، وكان ذلك بالنسبة للحركة إنجازًا ثلاثيًا”.
وتابع : “مما نجح بإثارة المشاعر الفلسطينية والإسلامية تزايد الحديث حول التهديد للأقصى، ما أثار إحساسا في العالم بأن “الكيان” ترتكب جرائم حرب في غزة، وفي الوقت ذاته استطاعت حماس أن تحوز الشعور بأن يدها العليا بعد القذائف التي أرسلها إلى القدس وغوش دان، ما أظهر الطرق العامة وسط الكيان وكأنها عادت لأيام الإغلاق في كورونا، لفهم التأثير النفسي الهائل للصواريخ على الجمهور الصهيوني”.