خلافاً لتصريحات المستوى السياسي في الكيان حول تعزيز قوة الردع العسكرية ضد حركة حماس، لا يزال كبار القادة العسكريين يخوضون سجالات ونقاشات داخلية في الجدل حول تحديد مدى فعالية قوة الردع في الوقت الحالي، وذلك بعد أسبوع تقريباً من التوصل إلى وقف لإطلاق النار. وفق ما نشرت صحيفة النهار العربي.

وبحسب الإعلام العبري، وعلى ما يدور من نقاش، يستعد الجيش لاستئناف القتال في المستقبل القريب، كما لا يمكن في هذه المرحلة تحديد درجة إحجام حركة حماس عن مهاجمة الكيان، فالعملية الأخيرة كانت رادعاً في شكل أساسي لكنها لم تكن حاسمة وفق تصريحات القادة العسكريين اليومية على الرغم من أن جهاز الاستخبارات العسكرية الصهيوني “أمان” عرّف إنجازات العملية على أنها نصر تكتيكي “شبه كامل” لكن قدرة الردع لا تزال موضع تساؤل، فالجيش يعتقد أن الانتصار التكتيكي تحقق في الأساس بفضل قدرته على إحباط محاولات الذراع العسكرية لحماس تنفيذ هجمات جوية وبحرية وبرية واسعة النطاق، والتي كان من الممكن أن تعطي الحركة “صورة انتصار”.

بالنسبة إلى الكيان، حسب ما تظهره النقاشات “الانتصار كان “شبه كامل” لكنها واجهت صعوبة في ضرب منظومة صواريخ حماس والجهاد الاسلامي، فالتقديرات الأخيرة تشير إلى أن 10 في المئة فقط من المنظومة قد أصيبت، وأن حماس ما زال لديها الآف الصواريخ لنطاقات مختلفة، وطالما أن حماس لديها قدرات إطلاق يمكنها القول إنها انتصرت لأنها دفعت الصهاينة الى الاختباء في الملاجئ وعطّلت الحياة والاقتصاد ودمرت المنازل، كما أن حماس والجهاد الاسلامي يعملان بجد، لذلك يسعى جهاز الشاباك وسلاح الجو الصهيوني للتوصل إلى أسلوب قتالي جديد يوقف إطلاق الصواريخ البعيدة المدى، والقذائف الثقيلة.

القرار التنفيذي الذي يبحثه سلاح الجو الصهيوني في نظرهم لا ينطلق من معادلة وجود انتصار واضح أدى الى انهيار “حماس”، وبالتالي عدم قدرتها على القتال في الوقت القريب، واكتفى قادة الجهاز بالقول إن الطائرات “تمكنت من إصابة كبار المسؤولين الذين قادوا البحث والتطوير لمنظومة الصواريخ والطائرات من دون طيار والأسلحة المتطورة، ووفقاً للجيش الصهيوني فإن “أكثر من 100 من أعضاء حركة حماس قتلوا خلال العملية العسكرية بمن فيهم كبار المهندسين ومطوري الأسلحة”.

إلا أن الأجهزة الأمنية الصهيونية لا تزال تنتظر معطيات أكثر دقة حول حجم خسارة حماس التي لا تزال تقوم بإجلاء القتلى من تحت الأنقاض داخل الانفاق التي تم تدمير مئات الكيلومترات منها وفقاً للجيش الصهيوني، علماً أن رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار تحدث خلال خطابه يوم الأربعاء الماضي قائلاً إن “استخبارات الحركة كانت على اطلاع على خطة الجيش الصهيوني وكانت على علم بمدى المراوغة والخداع، وأن البنية التحتية العسكرية قائمة ولم تتضرر إلا في شكل طفيف، فإطلاق الصواريخ كان “بروفة” لما يمكن أن يحدث لاحقاً. أما بالنسبة إلى الضرر الذي لحق بشبكة الانفاق فلم يصل إلى 5 في المئة وستتم معالجته خلال أيام، كما أن الكيان حاول  أن تنال من قادة الصف الثاني والثالث والرابع من أعضاء “حماس” لكنها فشلت فشلاً ذريعاً في تحقيق ذلك”.

لكن يبدو أن الجيش الصهيوني يسعى الى التغطية في شكل أو آخر على ما سماه بعض القادة العسكريين بالفشل أو الهزيمة وإنْ كان في شكل مبطن، فقرر الكشف عن حيثيات العملية العسكرية عبر جولة نظمها لكبار المحللين والمراسلين العسكريين الصهاينة في الصحف والمواقع الاخبارية تبعتها مقابلات مع القادة العسكريين الذين قادوا العملية من “زنزانة الهجوم”، مستخدمين وسائل تكنولوجية عصرية استهدفت “مترو الانفاق” وأحبطت عمليات إطلاق الصواريخ تجاه الكيان. لم تكن هذه التقنية موجودة قبل 7 سنوات فوصفوها “بالأنظمة الذكية المتفوقة التي ساعدت في تحديد وتدمير أهداف تحت الأرض خلال العملية من دون الحاجة إلى القوات البرية”، ورغم الإنجازات والقدرات المتميزة إلا إنها استطاعت فقط تدمير 10 في المئة من ترسانة حماس الصاروخية، ولم تتمكن من إحباط إطلاق الصواريخ والقذائف وهذه هي المشكلة الأساسية.

كما أشار بعض المشرفين على العملية العسكرية “أن حماس تواجه صعوبة في اعادة عشرات الآلاف من النشطاء الى مواقعهم، في أعقاب الهجمات التي استهدفت تدمير البنية التحتية والمكاتب ومنازل ومصانع القادة العسكريين للحركة، في حين تواجه “حماس” أيضاً صعوبة في إعادة تشغيل انتاج اسلحتها نتيجة لاغتيال “أبو رحمة” وهو رئيس قسم البحث والتطوير والعمود الفقري للادارة في الميدان”.

وأبدى مسؤولون، في الاستخبارات العسكرية تفاؤلهم اذ إنهم يعتقدون أن هذه التقنيات سيتم استخدامها في أي حرب ضد حزب الله اللبناني وسوريا في حالات إطلاق الصواريخ، وسيكون من الممكن تحقيق نتائج جيدة، قبيل اللجوء إلى القبة الحديدية.

ووفقاً لتقرير المراسل العسكري في موقع “واللاه نيوز” العبري أمير بوخبوط فإن “عملية حارس الأسوار تمكنت من تأخير مشروع “الاهداف الدقيقة” في شكل كبير والذي كان سيسمح لـ”حماس” بتوجيه صواريخ شديدة الانحدار بدقة تصل الى مئات الامتار نحو الهدف”.

ونقل بوخبوط عن مسؤول كبير في الجيش الصهيوني قوله: “للمرة الأولى يكون الذكاء الاصطناعي مكوناً رئيسياً ومضاعفاً للقوة في محاربة العدو، فقد جمع بين قواعد البيانات وقوة الحوسبة الالكترونية والخوارزميات الرائدة والتطبيقات الفريدة لاكتشاف معلومات الاستخبارات العسكرية فوق الأرض وتحتها، وهي الحملة الأولى من نوعها للجيش الصهيوني وجمعت بين الذكاء الاصطناعي المكثف والاتصال العميق بالميدان، وكانت بمثابة نقطة تحول دراماتيكية في تعزيز ارتباط المعلومات بالشبكة العملياتية”.

ويلفت بوخبوط في تقريره إلى أن الجيش الصهيوني حقق اختراقاً كبيراً تمثل في “شبكة أنفاق غزة” من خلال القدرة على رسم خريطة تحت الأرض وتوفير المعلومات اللازمة للمحاربين عن أبعادها المركزية وأهميتها الاستراتيجية بالنسبة إلى حماس، كما تم استهداف العديد من القادة والمسؤولين في العملية بمساعدة معلومات استخبارية تم جمعها عن كل كتيبة والفصائل المشاركة، فكان في إمكان الحواسيب تحديد الهدف ومعالجة البيانات عن الأشخاص اذا كانوا كباراً في السن وهل هم موجودون أم لا”.

ويخلص بوخبوط قائلاً: “بحسب المسؤول الصهيوني فإن العملية العسكرية الأخيرة على قطاع غزة تميّزت باستخدام القدرات التكنولوجية الأكثر تقدماً، والتطبيقات المبتكرة وأجهزة التحذير والاتصال وقدرات الوحدة 8200 التابعة لـ”الشاباك”، والوحدة 9900 التي تعمل مع الاستخبارات الجغرافية المرئية، والمراكز السيبرانية والوحدات الخاصة التي تمكنت من إنشاء بنك للمعلومات غني وعالي الجودة والمعرفة يتضمن تنبيهات لجهاز الأمن العام حول الهجمات المحتملة إضافة إلى منصة تكنولوجية تتضمن 90 في المئة من المعلومات، كما تمكن الجيش من تحقيق تقدم تكنولوجي كبير في تقنيات الدفاع والأهداف والمناورة وبالتالي انشأ خلايا هجومية لمختلف الأسلحة أطلق عليها “الكيميائي”، و”البشارة” و”عمق المعرفة”.