قال مصدر قيادي من المقاومة الفلسطينية، إن الاحتلال الإسرائيلي ما زال يماطل لإحداث أي اختراق حقيقي في ملف تبادل الأسرى، مشيرًا إلى أن الوسطاء وخاصةً مصر تضغط بشكل كبير على حكومة الاحتلال من أجل التقدم في المفاوضات.
وبحسب المصدر الذي تحدث لصحيفة “القدس” الفلسطينية في الذكرى العاشرة لصفقة “وفاء الأحرار- شاليط” فإن المقاومة جاهزة بشكل تام ولديها مطالب واضحة ومحددة مسبقًا ومن أبرزها إعادة الإفراج عن جميع الأسرى الذين أعيد اعتقالهم بعد تحريرهم بصفقة “وفاء الأحرار – شاليط”، لافتا إلى أن المقاومة مصرة على الإفراج عن أسرى المحكوميات العالية خلال الصفقة الجديدة.
وشدد المصدر على أن صفقة التبادل الجديدة ستكون بثمن كبير، وأن الصفقة ستنجز عاجلًا أم آجلًا، وأن ذلك مجرد مسألة وقت.
ووفقًا لذات المصدر فإن مماطلة الاحتلال لن تجدي نفعًا، وأن المقاومة لديها النفس الطويل والصبر اللازم من أجل إنجاز هذه الصفقة.
ونشرت اليوم كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس على موقعها الإلكتروني وحساباتها في شبكات التواصل الاجتماعي صورة تظهر صور الأسرى الأربعة لديها وأحد عناصرها الملثمين وهو يحمل سلاحًا و”أصفادا” في إشارة لأسرهم أحياء وكتب أسفلها “أسرانا.. اقترب موعد تحريركم”.
وتشير تقارير إعلامية عبرية إلى أنه لا يوجد أي تقدم في ملف صفقة التبادل وأن الفجوة كبيرة بسبب مطالب حماس بالإفراج عن عدد كبير من الأسرى من أصحاب المحكوميات العالية.
ووفقًا لمصادر كانت تحدثت لصحيفة ”القدس” منذ أيام، فإن إسرائيل ترفض بشدة الإفراج عن أصحاب المحكوميات العالية، فيما تقبل بالإفراج عن كبار السن والمرضى ومن بينهم مسؤولون بالفصائل مثل الأسير أحمد سعدات أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، واللواء فؤاد الشوبكي.
ويواجه نفتالي بينيت رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالية ضغوطًا شديدة من قبل عوائل الأسرى لدى حماس، وسط دعوات من عائلة الضابط هدار غولدن لوزراء في حكومته وكذلك أعضاء كنيست بعدم السماح بتمرير الموازنة العامة الشهر المقبل قبل أن يتم إعادة الأسرى والمفقودين من غزة، كما يوصفون.
ويصادف يوم الثامن عشر من أكتوبر/ تشرين أول الذكرى العاشرة لصفقة “وفاء الأحرار- شاليط” التي تمت عام 2011 وأفرج بموجبها عن 1027 أسيرًا من داخل سجون الاحتلال مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي أسرته المقاومة عام 2006.
وتجري مفاوضات “بطيئة” من أجل التوصل لصفقة جديدة بين حركة حماس التي تلمح لامتلاكها أربعة أسرى إسرائيليين أحياء وبين إسرائيل التي تشير إلى أن اثنين منهم هما عبارة عن جثث لجنود تم أسرهم خلال العدوان على قطاع غزة عام 2014.
وشهدت تلك الصفقة جدلًا كبيرًا في الأوساط الإسرائيلية استمر حتى هذا اليوم، حيث نشرت وسائل إعلام عبرية في الأيام الأخيرة تقارير كبيرة عن الصفقة التي رفض أن يتمها رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها أيهود أولمرت، بينما عجل بنيامين نتنياهو الذي خلفه في الحكم بإتمامها تحت ضغوط عائلية وشعبية، وكذلك من عدة وسطاء الذين فشلوا على مدار 5 سنوات في تحقيق أي اختراق قبل أن يرضخ نتنياهو للضغوط الداخلية التي دفعته للإيعاز إلى دافيد ميدان منسق ملف الأسرى والمفقودين الإسرائيليين آنذاك بالتواصل مجددًا مع مصر قبل أن تصل رسائل عبر رجل أعمال إسرائيلي كان على تواصل مع قيادي في حماس، تشير إلى إمكانية تقارب المواقف وهو ما دفع بالمفاوضات حينها قدمًا حتى نجحت الصفقة.
وكانت أول مرحلة فعلية للصفقة، نشر كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس فيديو يظهر الجندي شاليط الذي ظهر وهو يحمل صحيفة “فلسطين” المحلية المقربة من الحركة بتاريخ قريب من يوم الفيديو وبموجبه أفرج عن 19 أسيرة من سجون الاحتلال بتاريخ الأول من أكتوبر 2009، إلا أن الصفقة توقفت لاحقًا بسبب مرواغات الاحتلال قبل أن تستكمل المفاوضات ويعلن خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس في الحادي عشر من أكتوبر/ تشرين أول 2011 التوصل لاتفاق بعد مفاوضات مضنية بجهود مصرية.
ونفذت الصفقة الفعلية على مرحلتين، الأولى في الثامن عشر من أكتوبر/ تشرين أول 2011 بالإفراج عن 450 أسيرًا من أصحاب المحكوميات العالية إلى جانب جميع الأسيرات وعددهن 27، منهن 5 أسيرات محكوم عليهن بالسجن المؤبد، فيما أفرج بالمرحلة الثانية عن 550 أسيرًا من أصحاب المحكوميات المتوسطة والخفيفة وذلك في الثامن عشر من ديسمبر/ كانون أول 2011.
وبقيت تلك الصفقة تؤرق إسرائيل حتى هذه الأيام بعد أن عاد عدد كبير من محرريها للمقاومة مجددًا وأصبح الكثير منهم في الصفوف الأولى بقيادة الفصائل وخاصةً حماس وعلى رأسهم يحيى السنوار قائد الحركة بغزة حاليًا وروحي مشتهى، وهما من القيادات الذين يشاركون في المفاوضات التي تجري وتتوقف من حين إلى آخر من أجل صفقة جديدة.
ونجحت حماس بالحفاظ على الجندي شاليط لمدة 5 سنوات من خلال “وحدة الظل” التي أسستها عام 2006 بعد أسره، وتمكنت رغم الإمكانيات الاستخبارية والتكنولوجية الإسرائيلية من الحفاظ عليه رغم العدوان المتكرر على القطاع، بينما ما زالت تحتفظ منذ عام 2014 بجنديين وإسرائيلي آخر من أصول أثيوبية ورابع من فلسطينيي النقب، لم تعقب حماس على ظروف أسره بعد اجتيازه الحدود وفيما إذا كان يعمل لصالح الأمن الإسرائيلي.
وأصدرت الحركة الوطنية الأسيرة في سجون الاحتلال، يوم الاثنين، بيان إلى جماهير الشعب الفلسطيني في الذكرى العاشرة لصفقة “وفاء الأحرار” جاء فيه : جماهير شعبنا البطل المرابط الحر، نستظل هذه الأيام ذكرى عزيزة على قلوبنا، ذكرى المولد النبوي، ميلاد نبي الرحمة والإنسانية، والراعي لأهل الأسرى والشهداء، والموصي على عِتق الأسرى مهما كلَّف ذلك من أثمان.”
وأضاف البيان :” اليوم يصادف السنة العاشرة لذكرى وفاء الأحرار، والتي كُسرت من خلالها قيود إخوةٍ لنا، وانتُزِعَت حريتهم من العدو الصهيوني، والتي بددت الوهم ببركات دماء الشهداء محمد فروانة وحامد الرنتيسي، وأعلنت عهدًا جديدًا مع الحرية؛ أنه لا مستحيلات في أرض الرسالات.”
وتابع “إذ تجتمع الذكريات؛ فإننا اليوم نبرق برسالةٍ عاجلة لمقاومتنا الباسلة لنؤكد فيها على التالي:
أولًا: إننا بعد عشر سنواتٍ من الانتظار بعد وفاء الأحرار، لا يزال أملنا -بعد الله- هو في المقاومة الباسلة، وأنكم أنتم ركننا الشديد الذي نأوي إليه في ساعة شدتنا بعد الله.
ثانيًا: عشر سنواتٍ مرت، وبعضنا مرت عليه أربعين عامًا من الأسر ولا زال صابرًا محتسبًا منتظرًا، ونقولها وبصوتٍ عالِ، أنه بعد معركة سيف القدس، وما رأيناه من بطولةٍ منقطعة النظير في ظروف معقدة حرجة ليس لها مثيل في أي مكان في العالم، فإننا نحن الأسرى في سجون الاحتلال نقول لكم يا إخوة السلاح والدم، أنه حان الوقت لكسر القيود، وقد كانت ثقتنا بكم كبيرة وبلا حدود، والآن بعد معركة سيف القدس، أصبحت هذه الثقة يقينًا بإذن الله.
ثالثًا: ندعو مقاومتنا الباسلة أن تقاتل على كل أسير، فكل الأسرى وبلا استثناء يستحقون الحرية، وهي واجبكم، ونحن الأسرى لكم منا الصبر والصمود، وإن لم تحملنا أجسامنا ستحملنا نفوسنا.
رابعًا: إننا نُدرك تمامًا أن إخواننا الأسرى المضربين عن الطعام هم في أعين المقاومة وفي قلبها ووجدانها، ونعلم تمامًا أن الزمن الذي يُقاتل فيه الأسرى بأمعائهم ووحدهم قد ولى وللأبد، ونعلم أيضًا أن تفاصيل قضية إضراب أسرى الجهاد الإسلامي والأسرى الإداريين هي حاضرةٌ لديكم، وثقتنا أنكم تعملون كل ما يلزم لإسنادهم.
خامسًا: ندعو جماهير شعبنا في كافة أماكن تواجده إلى أوسع حملة تضامن ومناصرة للأسرى المضربين عن الطعام.
ختامًا: نتقدم لمقاومتنا الباسلة وشعبنا البطل الصابر المرابط بالتهنئة في ذكرى مولد نبي الرحمة والإنسانية محمد صلى الله عليه وسلم، وإن شاء الله نكون على موعد قريب مع الحرية لنصلي في المسجد الأقصى صلاة المحررين.
وأصدرت حركة حماس في الذكرى العاشرة لصفقة “وفاء الأحرار” بيانا صحفيا بعنوان :” تحرير أسرانا من سجون الاحتلال واجب ديني ووطني وإنساني”.
وجاء في البيان :تمر علينا الذكرى السنوية العاشرة لصفقة وفاء الأحرار، والتي حملت الأمل والانتصار لشعبنا، فقد كانت فرحة شعبنا عظيمة بخروج ثلة من الأبطال الذين ظن الاحتلال بأحكامه وسجونه سيبقيهم خلف القضبان للأبد، لكن المقاومة كانت جاهزة لتكسر القيد وتخرجهم مرفوعي الرأس، وكان معها شعبنا العظيم الذي تحمّل وصبر وقدم مئات الشهداء في طريق الوصول للصفقة.
إننا اليوم وأمام الذكرى التي جاءت بالعزم والإصرار والصبر، نجدد التأكيد على أن المقاومة ستبذل كل الجهود للإفراج عن الأسرى، فتحرير الأسرى هو واجب ديني ووطني وإنساني، فنحن شعب لا يمكن أن يترك أسراه في السجون مهما كلف الثمن.”
وأضاف البيان :”إننا في حركة حماس، وفي ظلال هذه الذكرى العظيمة نؤكد ما يلي:
1. إن قضية الأسرى تقف على سلم أولويات المقاومة، ولن يهدأ لنا بال حتى ينال أسرانا الحرية، وإننا على موعد قريب مع صفقة جديدة بعد إجبار الاحتلال وإرغامه على الرضوخ لمطالب المقاومة التي لا مناص أمامه إلا تلبيتها والتعاطي معها.
2. إن تحرير الأسرى والعمل من أجله هو مسار استراتيجي لدى حركة حماس؛ عملت من أجله، وقد قدمت الحركة ولا تزال تقدم وتبذل في سبيل ذلك كل الوسع، ولن تتراجع عن هذا النهج قيد أنملة.
3. لقد سجلت كتائب القسام نصراً كبيراً في المعركة الأمنية وصراع الأدمغة منذ أسر الجندي الصهيوني والاحتفاظ به لأكثر من خمس سنوات في بيئة أمنية معقدة، وصولاً لتفاصيل عملية التسليم، وهو ما أربك منظومة الأجهزة الأمنية الصهيونية.
4. نؤكد أن الإفراج عن جنود الاحتلال المأسورين في قطاع غزة لن يكون له ثمن سوى الإفراج عن أسرانا من سجون الاحتلال، ولن يكون هناك أي ثمن آخر يمكن أن تقبل به المقاومة، وعلى حكومة الاحتلال أن توقف تهربها وتصارح جمهورها بأن صفقة التبادل هي الوحيدة التي يمكن أن تعيد الجنود المأسورين في غزة.
5. نتوجه بالتحية لأرواح الشهداء العظماء الذين أرخصوا أرواحهم فداء لحرية إخوانهم، وعلى رأسهم القائد الشهيد سيد الوفاء أبو محمد الجعبري، وشهداء عملية الوهم المتبدد، وكل المجاهدين الشهداء الذين كان لهم سهم في عملية الأسر وعملية الإخفاء.