يُعيد اشتباك القدس الذي نفذه الشهيد فادي أبو شخيدم قرب باب السلسلة في البلدة القديمة بالقدس المحتلة والذي قتل فيه مستوطن وأصيب 3 آخرين، سلاح الـ “الكارلو” إلى الواجهة من جديد، وهو السلاح البدائي البسيط الذي يُمثل “إرثا” لتاريخ طويل من عمليات المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي.
فما هو سلاح “الكارلو”؟
بندقية “كارل غوستاف” عدّلها أفراد المقاومة الفلسطينية لتصبح سلاحاً جديداً أطلقوا عليه اسم “كارلو”، لتتغير مع هذا التعديل قواعد الاشتباك مع الاحتلال الإسرائيلي، والذي شهد عبر مراحله تطوراً في السلاح المستخدم؛ بدءاً بالحجر والسكين وصولاً إلى الصاروخ.
سلاح “الكارلو” أحد أبرز مراحل تطور الأسلحة الفلسطينية في تاريخ الصراع مع إسرائيل، وظهر بقوة خلال العمليات ضد الجيش الإسرائيلي في الانتفاضتين الأولى (1987) والثانية (2000)، لا سيما بعد تطويره محلياً، ليتناسب واحتياجات المقاومة الفلسطينية.
“الكارلو” السلاح الآلي البدائي المصنع بأيد فلسطينية، استخدم في معظم العمليات الفدائية داخل الأراضي المحتلة، على الرغم من محدودية دقته ومداه ورخص ثمنه، الذي مكن جميع أفراد المقاومة من حمله واستخدامه.واستطاع “الكارلو”، أو “سلاح الفقراء” كما يطلق عليه الفلسطينيون، المحافظة على نجاحه وحضوره في ساحة سنوات الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي؛ لكونه لا يتطلب الكثير من المعرفة في الماكنات والتقنيات لإنتاجه.
تاريخياً وفلسطينياًالـ”كارلو” بنسخته المُعدلة فلسطينياً، استمد اسمه من بندقية “كارل غوستاف” (m/45)، التي استخدمها الجيش السويدي سنة 1945 مدة 20 عاماً، واستخدمها كذلك الجيش الأمريكي في “حرب الفيتنام”؛ بسبب ميزتها العالية في القتال المباشر.وفي فلسطين، استطاعت وحدات التصنيع التابعة لأذرع المقاومة الفلسطينية المسلحة، تعديل السلاح وتحويله إلى حجم أصغر، بعد أن كان يزن 4 كيلوغرامات، وأصبح بإمكانه استعمال الأعيرة النارية المستخدمة في مسدسات عيار 9 ملم، والتي تتوفر بكثرة في داخل الضفة المحتلة.
وظهر سلاح “الكارلو” في عمليات إطلاق النار التي كان أبرزها للشهيد عماد عقل، خاصة خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى، ففي الرابع من مايو/أيار 1992 استخدم عقل بندقية الكارلو ضد قائد الشرطة الإسرائيلي في قطاع غزة الجنرال يوسيف آفنيبغد.
وعلى غرار عقل، استخدمها فدائيون فلسطينيون في عمليات نوعية عدة؛ منها تلك التي وقعت في مركز تجاري قرب وزارة الجيش الإسرائيلية وسط “تل أبيب”، في 8 يونيو 2016، وأدت إلى مقتل 4 إسرائيليين وإصابة 6 بجروح، ونفذها الشابان محمد وخالد مخامرة من بلدة يطا في قضاء الخليل.وفي الانتفاضة الفلسطينية الثانية سنة 2000 ندر استخدام “الكارلو” المعدّل، نظراً لتوفر أنواع من الأسلحة الأخرى، والتي حققت نتائج أقوى، إضافة إلى هامش العطل الكبير الذي يلحق بالسلاح نتيجة استخدامه، لكنه عاد للظهور مجدداً في الانتفاضة الثالثة (انتفاضة القدس أكتوبر 2015)، بفعل المضايقات والملاحقات التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي.
مميزاتهويتميز “الكارلو” بخفة وزنه الذي لا يتعدى كيلوغرامَين، ويعتبر من الأسلحة الرشاشة، كما أنه يستوعب داخل مخزنه 30 رصاصة، يمكن أن تنطلق دفعة واحدة، بحسب صحيفة “نيوز ويك” الأمريكية.وتصنيع هذا السلاح لا يتطلب جهداً كبيراً أو إمكانيات قوية، فهو فقط يحتاج إلى ثاقبة ضغطية (جزء أساسي مكوِّن)، وبعض معدات اللحام، ومعلومات قليلة حول التصنيع يمكن الحصول عليها من الإنترنت. وتقول الصحيفة معلقةً على السلاح: إنه “يشكل تهديداً حقيقياً”.
عمليات نوعيةسجّل الـ”كارلو” حضوراً في عدة عمليات نوعية مثل عملية “ديزنجوف” التي نفذها الشهيد نشأت ملحم، وعملية القدس التي نفذها الشهيد فؤاد أبو رجب التميمي، وعملية الخليل التي نفذها الشهيدان قاسم فريد جابر وأمير فؤاد الجنيدي، وعملية “باب العامود” التي نفذها الشبان الثلاثة أحمد ناجح أبو الرب ومحمد أحمد محمد كميل وأحمد زكارنة.وبالإضافة إلى تلك العمليات، جاءت عملية تل أبيب التي نفذها ابنا العم محمد وخالد مخامرة في قلب تل أبيب، في يونيو 2016، حيث قُتل أربعة صهاينة، وأُصيب عدد آخر بجراح، في عملية إطلاق نار نفذها الشابان مخامرة في مجمع “شارونا” التجاري في قلب مدينة تل أبيب وسط فلسطين المحتلة.
من يمنع الفلسطينيين عن الـ”كارلو”؟يقول الكاتب الصهيوني غودا آري غروس في مقال نشرته صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، “الكارلو الفلسطيني كفيل بإحداث الفوضى والموت”.ويضيف “من شبه المستحيل منع الفلسطينيين من تصنيع الكارلو، وهو ما يشكل تهديدًا حقيقيًّا لأمن الإسرائيليين”.وبحسب مراقبين؛ فإن الجيل الجديد من شباب الضفة، لا يحتاج لجهد كبير من أجل تعزيز القلق والخوف لدى الاحتلال، فبعد “السكين”، أصبح سلاح الـ”كارلو” حلماً للشباب، حيث لا يتعدى ثمنه في السوق المحلية الـ 250 دولاراً فقط.