روى الأسير القائد زكريا الزبيدي لأول مرة لمحامية هيئة الأسرى حنان الخطيب، التي تمكنت من زيارته في عزل سجن “ريمونيم”، حكاية انتزاع حريتهم من نفق سجن “جلبوع”.
وقال الأسير الزبيدي للمحامية الخطيب خلال زيارتها له: “كنت أقبع بقسم 4 بسجن الجلبوع عندما توجه لي قبل حوالي أسبوعين من العملية الأسير أيهم كممجي قائلًا لي “في طلعة”، فقلت له بأنني شاعر بذلك لأنني أسمع بالليل أصوات وكنت استغرب أقول في سري “أيعقل أن أحد الأسرى يخطط للهرب”.
وأضاف “سألني أيهم عن استعدادي لذلك فقلت له “أنا اللي بطلع”، فنحن يا أستاذتي العزيزة محاربي حرية وعندنا مسرح الحرية كيف لي أن لا أفكر بالحرية؟.
وأشار إلى أنه طوال الوقت وأنا أفكر بالخروج ومكاني ليس بالسجن فكيف لي أن لا أوافق عندما تأتي القصة لدي؟.
وتابع “قبل أسبوع من العملية طلبت الانتقال لغرفتهم لكي أطلع على الموضوع، عندما دخلت ورأيت الحمام، (عرفت أننا برة.. )، سألتهم عن التكتيكات والخطة المرسومة وكيف سنسير بالنفق، لأنني لم أجرب الدخول للنفق بالمرة من قبل، فأخبروني بأن السير سيكون يد للأمام ويد للخلف والمشي بطريقة الحلزون ولكن يوجد مقطعين يجب النوم على الظهر والسير زحفًا”.
أردف “سألت مناضل نفيعات لماذا تريد أن تكون معنا ولم يتبقى على إطلاق سراحك أقل من شهرين فقال لي مفاخرًا أنا اللي حفرت وتعبت ولازم أكون شريك معكم، وعندها أطلقت عليه لقب (البايجر)”.
ونقلت المحامية الخطيب عن الزبيدي أنه “بيوم العملية جاء أحد السجانين ومعه شخص وبدأ بفحص فتحة المجاري فرأى تراب مبلول فثارت الشكوك بداخلنا ومباشرة تدخلت ووقفت بينهم، وبدأت بمناداة الأسرى لجلسة لخلق حالة إرباك وعندها أطبقوا الفوهة وذهبوا للتفتيش والفحص بالغرفة المجاورة رقم 4، عندها أخبرت الشباب أن الوضع لا يحتمل ويجب أن نخرج الليلة من النفق”.
ولفت إلى أن الأسير مناضل نفيعات أول من دخل النفق بالبداية، وتلاه محمد العارضة، وبعدها يعقوب قادري وأنا وبعدي أيهم كممجي، وآخرنا كان محمود العارضة.

وقال :”داخل النفق علقت وشعرت أن جسمي لا يتحرك حوالي ربع ساعة وكانت المنطقة مظلمة فأحسست بأنني بمنطقة البرزخ بين الأرض والسماء، وعندها طلب مني أيهم ومحمود مواصلة المسير، وأخبرت يعقوب الذي كان أمامي بأنني عالق فظن أن الحقيبة تعرقل مسيري فقام بسحبها مني فقلت له أن جسمي عالق بالنفق وأنا لا أستطيع التحرك”.

وأضاف “هم متعودون على النفق والسير به لأنهم جربوه من قبل، أما أنا فهذه أول مرة أسير به ولم اعتاد عليه، وبعد محاولات عديدة تركت نفسي وواصلت المسير”.

واستكمل حديثه “وصل يعقوب فوهة النفق منهك القوى وتعب، أما أنا فرفعت يدي وقام مناضل نفيعات بانتشالي وإخراجي من فوهة النفق وخرجنا جميعًا”.

 

 

وتابع “عندما قطعنا الشارع كادت سيارة أن تدهس أيهم وعندها أيقنا بأنه سيتم الإبلاغ عنا، فقلت لهم سنقطع أرض القطن بسرعة لأنهم سيبلغون عنا ويجب أن نجري، ونحن نجري رأينا طيارة هيليكوبتر وسيارات شرطة فتأكدنا انه تم الإبلاغ عنا”.

وأردف “بعد حوالي كيلو متر من المسير تعب يعقوب ولم يعد يقوى على الجري فتوقف وقال لنا ” اتركوني واذهبوا”، المهم أن تنجوا أنتم فرفضنا جميعًا وقلت له اتكئ علي وأنا سأسندك، فاستند علي وواصلنا المسير حيث كنا نمشي بأرض زراعية ومحفورة، إلى أن وصلنا إلى قرية الناعورة”.

وأوضح قائلًا: “اغتسلنا بالجامع واستبدلنا ملابسنا وبعدها عندما لم تأت السيارة لنقلنا خاب أملنا، وقررنا الانفصال لأزواج وكان نصيبي مع محمد العارضة”.

وقال الزبيدي :”واصلنا أنا ومحمد المسير بطريق لا نعرفها وكان همنا الخروج من البلدة، مشينا حوالي 7 ساعات، وعندما جاء النهار أحسست بجسم يرتطم بالأرض فقال لي محمد إنها أبقار”.

وأضاف “وأنا جالس ومحمد العارضة بأحد الأحراش رأيت شجر الصنوبر الذي زرعه الاحتلال مكان شجر الزيتون وكان بجانب إحدى شجرات الصنوبر فروع وعروق زيتون قد نبتت بجانبها فقلت لمحمد (تفرج وشوف كيف زرعوا صنوبر محل الزيتون بس الأساس طالع من جذره، قطعوا الزيتون بس نسيوا أن له مد، هم بيقدروا يقطعوا الشجرة بس ما بيقدروا يقطعوا مد الزيتون)”.

وتابع “اختبأنا بعدها داخل شجرة بطم قرب مستعمرة بمنطقة صناعية، وكان داخل الشجرة ثوب أفعى ونمل كبير فقلت لمحمد أننا بوكر لأفعى وأننا بمكان آمن، لأن الحيوانات والزواحف أأمن من الإنسان، فقصصت عليه قصة لأمية العرب الشنفرة وقرأت له أبيات من الشعر للشنفرة التي تؤكد على كلامي وأن الحيوان يحافظ علينا أكثر من الإنسان حيث عشنا معهم يوم ونصف ولم يبلغوا عنا أما الإنسان فمجرد أنه شاهدنا أبلغ عنا”.

وأضاف “قبل القبض علينا بيوم اختبأنا بمبنى قيد الإنشاء، وقد دخلت أجهزة الأمن الإسرائيلية للتفتيش علينا ولم تجدنا وقد كنا مختبئين بالطابق الثاني”.

وأشار إلى أنه كان في كل يوم يتسلق على شجرة للاستطلاع، وقد تفاجأ من حجم التحركات والتفتيش عنهم، حيث أن إغلاق الأماكن لم يكن طبيعي وبحجم التحركات والوسائل التي استعملها جهاز الأمن الإسرائيلي لم أتوقع أن نصمد بالخارج 6 أيام دون اعتقالنا، علمًا أنهم وصلوا بمقربتنا عدة مرات ولم يعثروا علينا.

ولفت إلى أنه كان بحوزتهم أجهزة راديو وقد علموا من الأخبار أنه تم اعتقال محمود ويعقوب، “لكننا لم نخف، حتى ونحن بينهم ومحاصرينا لم نخف فنحن طالبي حرية ليس إلا”.

واستكمل “ذهبنا لاستكشاف ما حولنا فرأينا أرضًا بها خروب فأكلنا منه وبالصدفة مروا شخصين “بتراكتورون” نزل أحدهما وأعطانا قنينة ماء، وبعد أن ذهبوا حاولنا الركض لأننا شعرنا بأنهم سيبلغون عنا، اختبأنا لحوالي ساعتين تحت شجرة وكانت سيارات الشرطة تمر من جانبنا وتذهب”.

وأضاف “بعدها رآنا شخص كان برفقة طفلة صغيرة فتحدث معه محمد وأنا جلست وسلمت على الطفلة، لكن للأسف بعد دقائق رأينا طائرات الهيليكوبتر وقوات كبيرة من جيش الاحتلال فدخلنا تحت سيارة كبيرة، وكان محمد يضع على رأسه حجر كحماية وبعد مرور حوالي 3-4 ساعات تعب محمد من الحجر، مما اضطره للتخلص منه وعندما رماه رآه أحد الجنود وتم القبض علينا، وإعادة اعتقالنا بالقرب من قرية أم الغنم في منطقة الجليل الأسفل بتاريخ 11 أيلول/سبتمبر من العام الماضي”.