مرايا – ناقش برنامج عين على القدس الذي عرضه التلفزيون الأردني، أمس الاثنين، قرارات المحكمة العليا الإسرائيلية ومساندتها للجمعيات الاستيطانية بالاستيلاء على عقارات الكنيسة الأرثوذكسية في باب الخليل.
وعرض البرنامج في تقريره الأسبوعي المصور في القدس قصة “أبو أمير الدجاني”، ومعركة فندق الإمبريال الذي استأجره والده من بطريركية الروم عام 1949، التي بدأت منذ أن تم تسريبه للجمعيات الاستيطانية بطرق غير قانونية قبل ما يقارب العقدين من الزمن.
صاحب الفندق أبو أمير الدجاني، قال إنه ليس من المعقول أن يستولي المستوطنون على هذا العقار لمدة 200 عام بمبلغ مليون و250 ألف دولار، موضحا أن ساحة عمر بن الخطاب التي يقع في محيطها الفندق، تخص الأوقاف الإسلامية والمسيحية، وليس لهؤلاء “الدخلاء” أي عمل في هذه الساحة، حيث انتهت القضية في المحاكم مع الاستئناف، وتحولت إلى معركة سياسية.
وأوضح التقرير أن قضية العقارات التابعة لبطريركية الروم الأرثودكس تعود إلى العام 2004، عندما استولت ثلاث شركات إسرائيلية مرتبطة بجمعية عطيرت كوهنيم الاستيطانية بطرق مشبوهة على عقارات تملكها الكنيسة، ومن بينها فندقا بترا وإمبريال الواقعان على مدخل باب الخليل في ميدان عمر بن الخطاب وبيت المعظمية بالحي الإسلامي في القدس الشريف.
وأضاف أن الكنيسة استأنفت الحكم، وقالت في دعواها أن الصفقة تخللها احتيال، وبأنها تمت دون موافقتها.
وأشار التقرير إلى أن البطريركية أصدرت تصريحاً يفيد بأن المعركة القانونية المشبوهة للمنظمة المتطرفة “عطيرت كوهنيم” للسيطرة على عطاءاتها في باب الخليل تحمل في طياتها خطراً حقيقيا على الحي المسيحي وعلى الوضع الراهن “الاستتيكو” للمدينة.
بدوره، محامي فندق الإمبريال، ماهر حنا، قال إن المحكمة العليا قررت قبل أيام رفض الاستئناف الذي تقدمت به البطريركية، والذي كان الهدف منه “السماح بإبراز بيانات”، حيث أظهرت بيانات البطريركية وجود رشاوى واختلاسات وعمليات مشبوهة في صفقة باب الخليل، ومن خلال شهادة شهود، إلا أن المحكمة المركزية رفضت حتى الاستماع إلى هذه الادعاءات ورفضت الموضوع شكلاً، وبالتالي تم الاستئناف لدى المحكمة العليا التي رفضت الاستئناف “بالشكل وليس بالمضمون”.
أما الارشمندريت ميليتوس بصل من بطريركية الروم، بين أن القرار الذي صدر بعد 12 عاماً من المحاكم هو قرار مسيس، ومن نفس الجهات التي تعتدي على الكنائس والمساجد، لافتا إلى أن خطورة هذا الوضع تكمن فيما يحويه من “تحول جذري” في باب الخليل، ووضع المستوطنين في مدخل حارة النصارى والأماكن المسيحية، ما يجعله أمراً خطيراً على جميع المسيحيين والمسلمين في القدس.
وأكد التقرير أن الفلسطينيين يعتبرون قرار المحكمة العليا التابعة للاحتلال بحق هذه العقارات، مبني على أجندات عنصرية مسيسة، تسعى إلى سرقة الأملاك المسيحية والإسلامية في القدس الشريف لصالح الجمعيات الاستيطانية المتطرفة، بهدف تهجير الفلسطينيين عن المدينة المقدسة “قسرا”.
والتقى البرنامج الذي يقدمه الزميل جرير مرقة، عبر اتصال فيديو من القدس، بمطران الكنيسة اللوثرية في القدس والأردن الأسبق الدكتور منيب يونان، الذي قال إن المقدسي المسيحي يشعر بخيبة أمل وإحباط حين يرى محكمة العدل العليا، التي من واجبها أن تكون عادلة، تأخذ قراراً ضد الأوقاف المسيحية، وأن المسيحي المقدسي يربط ذلك بما يحدث من اقتحامات في المسجد الأقصى والشيخ جراح والعيسوية وسلوان والبستان وغيرها، ويشعر بأن هناك مخططا يهدف كما قال أحد المستوطنين في العام الماضي، إلى تحويل القدس الشرقية “كما فعلوا بالغربية”.
كما أشار يونان إلى الضرر الذي يسببه قانون لم الشمل على الذي أقره الكنيست قبل عدة أشهر، ويحظر لم الشمل على “أبناء وبنات القدس” ممن يختارون شريك حياتهم من مناطق الامتداد الطبيعي لهم في الضفة الغربية، حيث أن ذلك يؤدي إلى صعوبة عيش هؤلاء في القدس، لا سيما العائلات المسيحية بسبب قلة عددها وامتدادها الطبيعي في الضفة الغربية، ما يجعله سبباً في هجرتهم.
وأوضح الدكتور يونان أن الكنيسة احتجت على القرار، ووعدت أنها ستستمر بالدفاع عن أملاكها وأوقافها الكنسية في القدس، مشيراً إلى أن رئيس اللجنة الرئاسية العليا للكنائس المسيحية في فلسطين، الدكتور رمزي خوري، قام بالاحتجاج على القرار واتهم المحكمة العليا بأنها مسيسة لأجندة المستوطنين وسرقة أملاك الكنائس.
كما أن وزارة الخارجية وشؤون المغتربين في الأردن دانت الاعتداءات المستمرة للمجموعات الاستيطانية على أملاك بطريركية الروم الأرثوذكس، محذرة من تبعات قرار المحكمة العليا الإسرائيلية على أملاك الكنيسة، والتي تهدف إلى تغيير هوية وطابع القدس الشرقية المحتلة وتغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس، بما في ذلك الأوقاف الإسلامية والمسيحية.
كما شددت على أن الأردن، وانطلاقاً من الوصاية الهاشمية القانونية والتاريخية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، سوف يستمر بحماية المقدسات والحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي في القدس.
وأضاف يونان أن الاتحاد الأوروبي كذلك احتج على القرار معتبراً إياه تغييراً للوضع القائم، ولا يساعد على السلام والعدالة في القدس، مبينا أن 70 بالمئة من أوقاف القدس تمتلكها الكنائس، وأن الكنيسة الأرثوذكسية تمتلك المساحة الأكبر من هذه الأملاك، ما يجعلها تتأثر بالقرار أكثر من غيرها، ولذلك حذر رؤساء الكنائس كاملة في رسالتهم بشهر كانون الأول من العام الماضي من أن هذه القرارات مجحفة وتدعو إلى السيطرة على الأوقاف المسيحية بما فيها الأرثوذكسية، ما يؤدي إلى انخفاض حاد للوجود المسيحي العربي الذي ثبت على أرض القيامة في القدس مدة ألفي عام.
وأكد الدكتور يونان أن الكنائس المسيحية في القدس بأكملها تقف وقفة واحدة ضد أي اعتداء على المقدسات سواء كانت إسلامية أو مسيحية، لأن هذه الأماكن للعبادة وليست أماكن للنزاع أو الحرب والخلاف.
كما أن باب الخليل هو بوابة للحج المسيحي المحلي والعالمي إلى كنيسة القيامة، وأن استيلاء المستوطنين على هذه الأوقاف سيجعل الذهاب إلى كنيسة القيامة أمراً صعباً، لافتاً إلى اعتداءات المستوطنين على الكنائس بالتخريب والكتابات المسيئة للدين المسيحي على جدرانها، إضافة إلى الاعتداء على رجال الدين المسيحي.
ودعا المطران يونان المجتمع العربي والدولي إلى الدفاع عن الأوقاف المسيحية والإسلامية في القدس ودعم الوصاية الهاشمية في وقوفها ضد المخططات الإسرائيلية تجاه المقدسات.