مع قرب إحياء المستوطنين “للأعياد اليهودية” المزعومة؛ ينشط الاحتلال الإسرائيلي في تكثيف اجراءاته الأمنية ونشر عناصره بمحيط المسجد الأقصى المبارك وأحياء القدس المحتلة، التي تحولت لثكنة عسكرية مُغلقة، تزامناً مع رفع وتيرة قرارات “الإبعاد” لإخلاء “الأقصى” من مدافعيه، من دون أن تنجح سياسته أمام دعوات تقاطر الفلسطينيين لحماية المسجد ونصرته.
ويتفاجأ المقدسيون في الأيام الأخيرة بتسلم قرارات الإبعاد عن المسجد الأقصى لمدة أسبوع قابلة للتمديد، من قبِل شرطة الاحتلال، من دون ذكر الأسباب، باستثناء حجة تأمين اقتحام المستوطنين المتطرفين لباحات المسجد وانتهاك حُرمته، بأداء الطقوس المُصاحبة لإحياء ما يسمى “الأعياد اليهودية” المزعومة.
وتشكل سياسة “الإبعاد”، المُصحوبة بالاعتقالات عادة، جزءاً من التدابير التي أعلنت حكومة الاحتلال اتخاذها لمنع ما أسمته “بتفجر الأوضاع” واندلاع مواجهات في مدينة القدس المحتلة، عشية “الأعياد اليهودية” المزعومة، التي تبدأ الأسبوع المقبل، والتي تخطط ما يسمى “جماعات الهيكل” المزعوم لتنظيم اقتحام كبير للمسجد الأقصى واستباحة باحاته.
ووفق مخططات الاحتلال، تسعى “جماعات الهيكل”، المزعوم، خلال 26 و27 من الشهر الحالي، بـما يسمى “رأس السنة العبرية”، إلى نفخ البوق عدة مرات في المسجد الأقصى، والذي يعد تدنيسا وانتهاكا صارخا للمسجد.
ولا يتوقف الأمر عند سياسة “الإبعاد” الإسرائيلية وحرمان المُبعدين من الصلاة في الأقصى، بل يتعدى ذلك إلى اجراءات الملاحقة والاستهداف بالضرب من قبل قوات الاحتلال في حال عدم تنفيذ القرار فوراً، بتهمة “الرباط والصلاة في ألأقصى”.
وتكثف سلطات الاحتلال قرارات الإبعاد عن المسجد الأقصى خلال المناسبات و”الأعياد اليهودية” لتسهيل اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى وأداء صلواتهم التلمودية، إذ تستهدف فيها كل المقدسيين، من كبار السن والسيدات والأطفال والشبان، حتى حراس الأقصى.
وخلال الفترة الأخيرة؛ تعرض عدد كبير من الفلسطينيين المرابطين للإبعاد عن المسجد الأقصى والبلدة القديمة لفترات متفاوتة، وفق رئيس لجنة أهالي الأسرى في القدس المحتلة، أمجد أبو عصب.
ومنذ بداية العام الحالي 2022؛ أصدرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي 800 قرار إبعاد عن البلدة القديمة، من بينها 400 قرار إبعاد عن المسجد الأقصى، في مدد تراوحت ما بين شهر إلى سته أشهر، وجزء كبير منها تم تمديده لعدة مرات.
وبحسب أبو عصب، فإن الاحتلال استهدف في هذه القرارات كل من يقوم بنشاط داخل المسجد حتى لو كان بسيطاً وغير ملحوظ، مثل الرباط فيه أو تنظيف المسجد أو خدمة المصلين وتوزيع وجبات الإفطار أو إعطاء الدروس الدينية.
وقال إن “قرارات الاحتلال تهدف إلى ترهيب المصليين لإفراغ الأقصى وتسهيل اقتحامه من قبل المستوطنين الذين يقوموا بشكل علني وواضح بالتحريض على المصليين”.
وأوضح إن “سياسة الإبعاد تعد جزءاً من الإجراءات اليومية التي تقوم بها سلطات الاحتلال التي تسعى من خلالها لتفريغ البلدة القديمة والمسجد الأقصى، وإرهاب المقدسيين وكسر ارتباطهم بالمسجد الأقصى”.
وأفاد بأن الاحتلال يفرض على كل من يخالف قرارات الإبعاد عقوبة السجن أشهراً عدة، أو دفع غرامات مالية باهظة.
من جانبه، دعا خطيب المسجد الأقصى المبارك، الشيخ عكرمة صبري، إلى تكثيف الرباط داخل باحات المسجد الأقصى، لإحباط المخططات الاستيطانية بتنفيذ اقتحامات غير مسبوقة داخله، تزامناً مع الأعياد اليهودية.
وأكد صبري، ضرورة “شد الرحال والرباط في الأقصى لكل من يستطيع الوصول إليه”، مضيفا أن “دعوة الرباط في المسجد مستمرة طالما الأخطار تهدده”، في ظل تصاعد وتيرة اعتداءات الاحتلال وانتهاكات مستوطنيه بحق الأقصى.
ووصف النفخ بالبوق المزمع تنفيذه داخل المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية بأنه “تدنيس واستفزاز لمشاعر المسلمين”، مؤكداً أن المستوطنين يستغلون مناسباتهم وأعيادهم لتنفيذ أطماعهم التهويدية.
ومن المقرر أن تشهد الفترة القادمة انطلاق موجة عاتية من العدوان الاستيطاني على المسجد الأقصى من اقتحامات ونفخ في البوق، والرقص واستباحة المسجد سعيا لتهويده بشكل كامل وفرض واقع جديد فيه.
بدوره، دعا عضو قيادة إقليم حركة “حماس” في الخارج، عبدالجبار سعيد، إلى “تحرك على أوسع نطاق، لمزيد من التكاتف الفلسطيني والعربي والإسلامي العالمي، للتصدي للعدوان الإسرائيلي على المسجد الأقصى”.
وقال إن “الأقصى يتعرض لتهديدات تهويدية حقيقية وممنهجة، حيث تمثل مواسم الأعياد اليهودية فرصة للمستوطنين المتطرفين لتشديد عدوانهم على المسجد الأقصى وأهالي القدس المحتلة”.
وأضاف سعيد أن “المستوطنين المتطرفين، يحاولون استثمار الأعياد لتكثيف الاقتحامات شبه اليومية للمسجد الأقصى، وفرض وقائع تهويدية، وممارسة طقوس تلمودية جديدة؛ تستند إلى خرافاتهم حول الهيكل المزعوم”.
وشدد على “رفض حماس لأي إجراءات صهيونية تهويدية بحق المسجد الأقصى، لعدم قانونيتها أو شرعيتها، ولأن كل المحاولات لفرض واقع جديد فيه ستفشل بصمود الفلسطينيين في المسجد، وثبات أهالي القدس المحتلة”.
ودعا سعيد “جميع أبناء الشعب الفلسطيني إلى الصمود في وجه اقتحامات المستوطنين، وعدم إتاحة الفرصة لهم للاقتحام وممارسة طقوسهم التوراتية المزعومة، وتصعيد المواجهة مع الاحتلال ومستوطنيه، في الضفة الغربية”.
من جانبها؛ طالبت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، بإجراءات دولية حقيقية تؤدي الى إنهاء الاحتلال والاستيطان لأراضي الدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس المحتلة.
وأكدت “الخارجية الفلسطينية”، أن تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير على أرض وطنه هو مفتاح تحقيق الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة.
وأشارت إلى أن وجود الاحتلال واستمراره هو السبب الرئيس لجميع التوترات وحملات التصعيد القائمة في ساحة الصراع، وأن معالجة بعض قشور وأشكال الاحتلال تندرج في إطار إضاعة الوقت وإدارة الصراع، ولن تؤدي الى معالجة جذور المشكلة.
واعتبرت أن حرب الاحتلال المفتوحة على الوجود الفلسطيني وحقوقه العادلة والمشروعة تندرج ضمن سياسة إسرائيلية رسمية تهدف إلى حسم مستقبل قضايا الصراع من جانب واحد، وبقوة الاحتلال، بما يؤدي الى تدمير فرصة تجسيد دولة فلسطين على الأرض.