مرايا –

تتصاعد حدة التوتر الأمني في الضفة الغربية المحتلة حيث تشهد الأراضي الفلسطينية اقتحامات متكررة من قبل الجيش الإسرائيلي وعمليات تنفذها الكتائب المسلحة الفلسطينية ضد الجنود الإسرائيليين والمستوطنين.

وتتركز عمليات الجيش العسكرية على مناطق شمال الضفة حيث تنشط المجموعات المسلحة في مخيم جنين ومحافظة نابلس.

يقوم الجيش بشكل يومي بحملة اعتقالات واسعة تخللها مقتل أكثر من 100 فلسطيني منذ بداية العام بينهم مسلحون ومدنيون وأطفال.

وبينما تستمر العملية العسكرية الإسرائيلية تقوم التنظيمات المسلحة الفلسطينية بعمليات اشتباك مسلح أوقعت في الأسابيع الماضية خسائر في صفوف الجيش.

من هي المجموعات المسلحة الفلسطينية؟
تنشط أذرع حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي وكتائب شهداء الأقصى في مناطق الضفة الغربية المحتلة.

لكن مجموعة “عرين الأسود” الجديدة أصبحت واحدة من أبرز المجموعات المسلحة في الضفة والتي لا تنتمي لأي فصيل سياسي.
وأصبح القضاء على هذه المجموعة أحد أبرز أهداف الجيش الإسرائيلي في ظل تصاعد قوتها العسكرية وحاضنتها الشعبية.

كيف تأسست “عرين الأسود”؟
هي مجموعة مسلحة يتركز نشاطها في مدينة نابلس خاصة في منطقة حي الياسمينة.

لا تنتمي لأي فصيل فلسطيني واستطاعت أن تجند عشرات الشبان الفلسطينيين خلال الأشهر القليلة الماضية.

البداية من “كتيبة نابلس”
بدأت مجموعة عرين الأسود نشاطها المسلح تحت اسم “كتيبة نابلس” في شهر فبراير الماضي وكان عدد عناصر الكتيبة في حينها لا يتجاوز العشرة مسلحين.

تأثروا بـ”كتيبة جنين” التي بدأت عملها المسلح في مخيم جنين للاجئين منتصف العام الماضي.

اعتقلت القوات الإسرائيلية بداية هذا العام الشاب عبد الرحمن شاهين، من مدينة نابلس، بتهمة إطلاق النار على القوات الإسرائيلية خلال اقتحامها للمدينة.

ولم تمض أسابيع حتى قامت بتصفية ثلاثة شبان داخل مركبتهم في حي المخفية، وهم محمد الدخيل وأدهم مبروكة وأشرف مبسلط. اتهمهم الجيش الإسرائيلي حينها بنية تنفيذ عملية إطلاق نار على أهداف إسرائيلية.

انتشرت صورهم ومقاطع مصورة لهم على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة تطبيق تيك توك، ليخرج بعد عدة أشهر عشرات الشبان المسلحين الملثمين في عرض عسكري داخل أزقة البلدة القديمة في مدينة نابلس، الأمر الذي أدى أقلق السلطة الفلسطينية والأجهزة الأمنية الإسرائيلية.

هل تملك حاضنة شعبية؟
استجاب مئات الفلسطينيين لنداء تضامن أرسل عبر قناة “تلغرام” التابعة لعرين الأسود، والتي يشترك فيها أكثر من 130 ألف متابع.

حيث طُلب من المتابعين الصعود إلى أسطح المنازل وإطلاق التكبيرات تضامناً مع المقاتلين الذين يشنون هجمات مسلحة على أهداف إسرائيلية.

ونشرت مقاطع مصورة من كافة المناطق الفلسطينية لمواطنين خرجوا للتضامن مع المجموعة المسلحة التي تشكلت مؤخراً.

حيث خرج شبان فلسطينيون يهتفون بشعار “العرين ما يلين” في كافة محافظات الضفة الغربية والقدس الشرقية.

ما هو موقف السلطة الفلسطينية؟

نجحت السلطة الفلسطينية في إقناع بعض العناصر بترك العمل المسلح والانضمام للأجهزة الأمنية الفلسطينية، إلا أن قيادات الحركة رفضت تسليم سلاحها وأصرت على استمرار القتال.

وهو موقف يعيد إلى الذاكرة الفلسطينية ما قامت به السلطة مع عناصر كتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكري لحركة فتح، فترة الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

قامت السلطة الفلسطينية بدخول مدينة نابلس واعتقلت أحد أبرز المطلوبين لإسرائيل، وهو ما أدى إلى مواجهات فلسطينية-فلسطينية وغضب عارم من قبل الشارع على توجهات السلطة.

الدعم الشعبي للكتيبة المسلحة دفع السلطة الفلسطينية لمحاولة التقرب من عناصر الحركة، حيث قام رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد شتية، بزيارة مخيم جنين وألقى خطابا داعما لعوائل الأسرى و”الشهداء” الفلسطينيين.

تحركات الجيش الإسرائيلي
عقد قادة المستويات السياسية والأمنية في إسرائيل اجتماعات طارئة لبحث التهديدات التي تشكلها مجموعة عرين الأسود وباقي الفصائل.

أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن الحكومة أبلغت السلطة الفلسطينية نيتها اغتيال عناصر المجموعة.

حيث يعتزم الجيش شن عملية عسكرية خاصة عبر اجتياح واسع لأماكن تواجدهم، تشارك فيها الدبابات والمروحيات والمسيرات، كما حدث في اجتياح عام 2002، حين اغتالت إسرائيل واعتقلت عددا من “المطلوبين”.

أغلقت إسرائيل مؤخرا العديد من المناطق في محيط نابلس وشرقي القدس باستخدام السواتر الترابية والمكعبات الأسمنتية.

تمثل مجموعة “عرين الأسود”، والمجموعات الشبيهة التي تشكلت هذا العام في شمال الضفة الغربية، مثل “كتيبة جنين” و”كتيبة طولكرم” و”كتيبة طوباس”، نموذجاً جديداً من العمل السياسي الفلسطيني بشكله المسلح والشعبي.

هي مجموعات تضم شباناً متحمسين شبابية للقتال تحت رايات جديدة لا تتبع أياً من الفصائل السياسية التقليدية.