الجمعية العامة للأمم المتحدة تتبنى قرارا يدين جريمة قتل الصحفية شيرين أبو عاقلة
تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، 5 قرارات بشأن الأوضاع في الشرق الأوسط، 4 منها يخص القضية الفلسطينية، في جلسة تزامنت مع اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، ومرور 75 عاما على قرار الجمعية العامة 181، الذي أصبح يعرف باسم قرار “التقسيم”.
وبشأن القضية الفلسطينية، قدم شيخ نيانغ، سفير السنغال ورئيس لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف 4 مشاريع قرارات تتعلق بالمبادئ الأساسية للتسوية السلمية للقضية، وولايات وعمل اللجنة، وشعبة حقوق الفلسطينيين، والبرنامج الإعلامي الخاص بقضية فلسطين.
أما القرار الخامس الذي تبنته الجمعية العامة، فكان بشأن الجولان السوري وقدمت مشروعه مصر.
حشد تضامن دولي
يطلب مشروع القرار الوارد في الوثيقة A / 77 / L.23 من اللجنة حشد التضامن والدعم الدوليين للشعب الفلسطيني واستعادة الأفق السياسي والنهوض بسلام عادل ودائم وشامل، لا سيما خلال هذه الفترة الحرجة من عدم الاستقرار السياسي، وزيادة تقليص الحيز المدني في الأرض الفلسطينية المحتلة، والضائقة الإنسانية والأزمة المالية. ويدعو جميع الحكومات والمنظمات إلى التعاون مع اللجنة.
إحياء ذكرى النكبة
فيما يجدد مشروع القرار A / 77 / L.24 ولاية شعبة حقوق الفلسطينيين بالأمانة العامة لعملها لدعم ولاية اللجنة.
ويطلب من الشعبة تكريس أنشطتها في عام 2023 للاحتفال بالذكرى الخامسة والسبعين للنكبة، بما في ذلك إقامة حدث رفيع المستوى في قاعة الجمعية العامة في 15 أيار/مايو 2023.
إدانة قتل شيرين أبو عاقلة
أما مشروع القرار بشأن البرنامج الإعلامي الخاص بقضية فلسطين التابع لإدارة التواصل العالمي، الوارد في الوثيقة A / 77 / L.25، فهو يجدد ولاية البرنامج لدعم توعية إعلامية للمساهمة في السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ويدين النص جريمة قتل الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، ويدعو إلى المساءلة ويرحب بقرار تسمية برنامج الأمم المتحدة التدريبي للصحفيين الفلسطينيين باسمها تكريما لها.
تسوية سلمية للصراع
مشروع القرار المعنون “تسوية قضية فلسطين بالوسائل السلمية”، على النحو الوارد في الوثيقة A / 77 / L.26، يؤكد ويحدّث المواقف التوافقية للمجتمع الدولي ويكرر المبادئ الأساسية التي ينبغي أن تحكم التسوية السلمية للنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني.
“ظروف لإعادة مسار حل الدولتين”
وقال رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، تشابا كوروشي، متحدثا باللغة العربية في افتتاح الجلسة: “في عام 1947، قبلت الجمعية العامة مسؤوليَّة إِيجادِ حل عادل للقضِية الفلسطينية. وباعتماد القرار 181، تم التوصّل لإنشاء دولتين تعيشان بأمن وسلام، جنْبا إلى جنْب. فمنذ ذلك الوقت وحتى الآن، لم نتوصل للحل الدّائم والشامل، لا تزال هذه المسألة عالقة على جدول أَعمال الجمعية العامة، وفي أَذهان الفلسطينيين الذين ينتظرون تحقيق حلمهم في إِقامة دولة مستقلة ذات سيادة”.
وحث رئيس الجمعية العامة الدول الأعضاء على خلق ظروف موائمة من شأنها أن تُعيدُ مسار حل الدولتينِ.
كما ناشد جميع الأَطْراف العمل والسعي نحو الوصول إِلى حلول تفاوضيَّة تسْتنِد إِلى ميثاق الأُمم المتَّحدة، ومبادئ الْقانون الدولي، واحتِرامِ حقوقِ الإِنسانِ، واختتم قائلا: “دعونا نتجاوز عدم الثقة. دعونا نطرح الأسئلة الصعبة. فلنركز على المصلحة العامة. ولنحل في نهاية المطاف هذا الصراع”.
“لا اقتلاع لفلسطين من ذات الفلسطينيين”
متحدثا قبل التصويت على مشاريع القرارات الأربعة، قال مراقب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير رياض منصور إن “جمعية عامة مختلفة تماما” تبنت قبل 75 عاما قرارا بتقسيم فلسطين بدون استشارة الشعب الفلسطيني ودون دراسة كاملة أو فهم عواقب هذا القرار على الأجيال المتعاقبة من الفلسطينيين.
في غضون أشهر من القرار، قال منصور إن ثلثي الشعب الفلسطيني أُجبر على ترك منازله، مضيفا أن أمة بأكملها واجهت التجريد والتهجير والحرمان من حقوقها، آنذاك وإلى يومنا هذا. كانت الخطة، ولا تزال في كثير من الجوانب، لتهجير واستبدال الشعب على أرض أجدادهم.
وقال إن الشعب الفلسطيني واجه أكبر أزمة لاجئين طال أمدها، وأكبر أزمة حماية، وأكبر أزمة عدالة في تاريخ الأمم المتحدة.
ووصف النكبة بأنها تدمير لمجتمعات فلسطينية بأكملها، لمئات البلدات والقرى. وهي محاولة لاقتلاع أمة. “إنه الظلم التاريخي الذي حدث منذ 75 عاما وفي كل يوم منذ ذلك الحين”.
ولكن بينما تم اقتلاع لاجئي فلسطين من فلسطين، قال منصور إنه “لم تكن هناك قوة على وجه الأرض يمكنها اقتلاع فلسطين من ذاتهم”.
وأضاف: “اليوم، ستقر هذه الجمعية العامة أخيرا بالظلم التاريخي الذي حلّ بالشعب الفلسطيني، وتتخذ قرارا يقضي بإحياء الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة في قاعة الجمعية العامة هذه. يستحق شعبنا الاعتراف بمحنته، وتحقيق العدالة للضحايا، والتعويض عن خسارته، والوفاء بحقوقه”.
“2022: أكثر السنوات دموية”
ووصف سفير فلسطين عام 2022 بأنه “الأكثر دموية” للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة منذ الانتفاضة الثانية، مشيرا إلى أن هذا العام شهد زيادة غير مسبوقة في الاعتداء على حرمة الحرم الشريف.
“إنه عام عمليات الهدم والإخلاء المكثفة في القدس ومسافر يطا. إنه عام استمرار الحصار والعدوان على أهلنا في غزة”.
وتابع السفير منصور قائلا: “بينما أخاطبكم هنا، كان على الأب أن يحمل جثتي ولديه اللذين قُتلا في اليوم نفسه، وحُرمت الأم من احتضان طفلها للمرة الأخيرة مع استمرار إسرائيل في احتجاز مئات الجثث الفلسطينية كرهائن. بينما أخاطبكم اليوم، يعيش الأطفال وأولياء أمورهم في خوف من القصف الإسرائيلي القادم، والتوغل الإسرائيلي المقبل، والاعتقال التعسفي التالي، والهدم القادم لمدرستهم أو منزلهم”.
وقال السفير الفلسطيني إننا “نجتمع هنا لمناقشة قضية فلسطين، ولكن من نواح كثيرة، فإن فلسطين هي الجواب”، مشيرا إلى أن تحقيق العدالة في فلسطين يعني أن نظامنا القائم على القانون الدولي قد انتصر على الإفلات من العقاب وازدواجية المعايير.
وأضاف أن العدالة في فلسطين تعني انتصار الحرية والتسوية السلمية والتعايش على الظلم والتمييز. “العدالة في فلسطين تعني تمسكنا بالمبدأ القائل إننا متساوون كبشر وكأمم”.
“تصويت ضد إسرائيل”
ووصف ممثل إسرائيل الدائم لدى الأمم المتحدة، غلعاد إردان، القرارات الخمسة التي تبنتها الجمعية العامة بأنها “قرارات ضد إسرائيل”، مضيفا “عبر دعمكم لهذه القرارات التي تدين إسرائيل وتشيطنها فإنكم لا تساعدون القضية الفلسطينية”.
وقال إن هذه القرارات ستشجع الفلسطينيين على الامتناع عن خوض أي مفاوضات، مضيفا: “في هذه القرارات وضع الفلسطينيون حكما يسمح لهم بتشتيت الواقع وتشويهه ولكن للأسف أنكم تساعدونهم في تشويه التاريخ والواقع”.
وقال إن هذه القرارات تشمل طلبا “للاحتفال بالعيد الخامس والسبعين لإنشاء دولة إسرائيل عبر فعالية عالية المستوى هنا في هذه القاعة وهذه الفعالية لن تكون احتفالا بإسرائيل، بل إحياء لذكرى ما يدعى باسم النكبة”.
وتابع قائلا: “الآن ونحن نتحدث عن النكبة واللاجئين أود أن أذكركم بالوقائع التاريخية حول هذه النكبة الخاطئة وأذكركم بالنكبة الحقيقية. في التاسع والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر 1947، أي 75 عاما مرت منذ ذلك التاريخ. هذه الجمعية العامة اعتمدت القرار 181 حول التقسيم. عبر هذا القرار قدمت الأسرة الدولية دعمها لإنشاء دولة يهودية جنبا إلى جنب مع دولة عربية. قبل الشعب اليهودي هذا القرار بدون تردد، ولكن العرب والفلسطينيين لم يفعلوا ذلك”.