مرايا –
قبل أيام عاد الفلسطيني سامح أقطش من مناطق الزلزال جنوب تركيا بعد مساهمته في إغاثة المنكوبين، ليواجه مصيره شهيداً برصاص إسرائيلي دفاعا عن قريته الصغيرة “زعترة” أمام هجمات المستوطنين جنوبي نابلس.
أقطش (37 عاما) الذي تقول عائلته إنه “كان محبا للحياة ومساعدة الآخرين في بلدته وفي تركيا التي عشقها” أصيب برصاصة في البطن أسفرت عن حدوث نزيف داخلي.
والأحد، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد أقطش وإصابة عشرات في اعتداءات نفذها مستوطنون بحماية الجيش الإسرائيلي جنوبي نابلس.
ونقلت وكالة “الأناضول” عن شهود عيان، أن عشرات المستوطنين وبحماية من الجيش اقتحموا بلدة حوارة من ناحية “دوار سلمان الفارس” قرب مستوطنة يتسهار، ومن ناحية حاجز زعترة العسكري.
ونفذ المستوطنون أعمال عربدة في قرى حوارة، وبيتا، وعصيرة القبليية، وبورين، زعترة، إثر مقتل إسرائيليين اثنين في إطلاق نار على سيارة كانا يستقلانها قرب حوارة.
** فاعل خير ومحب لتركيا
شقيق سامح الأكبر واصل أقطش (52 عاما) قال إن أخيه الأصغر “كان محبا للحياة ويرحم الناس، وكان رجل دعوة، ويحب تركيا كثيرا”.
وذكر واصل للأناضول أن “سامح خرج 40 يوما داعيا في تركيا وتربطه كما العائلة علاقات قوية مع أصدقاء وتجار في الجنوب التركي”.
وأفاد أن سامح زار تركيا مرات عديدة برفقة عائلته، وعندما وقع الزلزال قرر الذهاب وتقديم المساعدة للمنكوبين، وبالتنسيق مع شقيقهم ياسر الذي يسكن مدينة بورصة (شمال غرب) قدم سامح وعائلته مساعدات عينية لضحايا الزلزال.
ووفق واصل: “وزع سامح نحو شاحنتين من المواد الغذائية والأغطية والفراش في المناطق التركية التي ضربها الزلزال”.
وأضاف: “ما قدمناه للأشقاء في تركيا قليل وهو شيء لا يذكر، ولهم في القلب مكانة كبيرة”.
سامح نقل لعائلته قصصا حزينة عن حجم الدمار ومعاناة المتضررين، وفور عودته إلى القرية بدأ العمل مع “بلدية بيتا” لشراء معدات ورافعات وأجهزة استشعار حراري لاستخدامها حال وقوع زلزال في فلسطين.
الفلسطيني سامح.. ساعد ضحايا زلزال تركيا وقتل برصاص إسرائيلي
** عرقلوا إسعافه فاستشهد
وحول مقتله، قال واصل: “وقف سامح أمام منازل القرية الصغيرة ليدافع عن بيته وعائلته أمام هجوم من مئات المستوطنين المدججين بالسلاح بحماية من الجيش الإسرائيلي واستشهد وقلبه مليء بالحب والارتباط بالوطن ومساعدة الآخرين”.
وفجر الإثنين، دفنت عائلة أقطش جثمان نجلها في قريتهم الصغيرة التي يبلغ عدد سكانها نحو 150 نسمة ويعود أصلهم لبلدة بيتا التي تقع قرب حاجز زعترة العسكري.
وفور إصابته، قام يزن أقطش (23 عاما) المسعف المتطوع بجمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية بتقديم الإسعافات الأولية لسامح، وقال للأناضول إن “هجوم المستوطنين رافقه استخدام كثيف للرصاص الحي”.
وأشار يزن إلى أن السلطات الإسرائيلية “علمت بإصابة سامح لكنها رفضت السماح للطاقم الطبي بنقله عبر الطريق العام فاضطررنا لسلك طرق ترابية ومن مركبة إلى أخرى فتأخر وصوله للمركز الصحي لنحو 25 دقيقة”.
ولفت إلى أن “سبب الوفاة تأخير الوصول للمركز الصحي وعدم السماح لنقله إلى المستشفى حيث بذلنا جهودا لنقله إلى مستشفى رفيديا الحكومي في نابلس لكن دون جدوى”.
وخلّف رحيل سامح حزنا كبيرا في قلوب بناته الثلاث وأولاده الاثنين وعائلته وأقربائه وأهل بلدته الذين فقدوا رمزا من رموز الخير ومساعدة الناس.
** ليلة عصيبة
وحول الأجواء العصيبة التي قتل فيها سامح، قال غسان دغلس مسؤول ملف الاستيطان شمالي الضفة إن “ما جرى (الأحد) حربٌ حقيقية منظمة شنّتها عصابات المستوطنين، وبطريقة منظمة وبحماية الجيش الإسرائيلي”.
وذكر دغلس للأناضول أن “البلدة عاشت ليلة عصيبة وصفت كأنها حرب حقيقية”.
وتحدث عن “نحو 300 اعتداء نفذها المستوطنون في بلدات جنوبي نابلس ما بين اعتداء جسدي وحرق منازل ومركبات وعقارات وغيرها”.
ويتوزع نحو 725 ألف مستوطن في 176 مستوطنة كبيرة و186 بؤرة استيطانية عشوائية (غير مرخصة من الحكومة الإسرائيلية) بالضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، بحسب بيانات لهيئة شؤون الاستيطان التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية.