مرايا –

عادة ما تسارع المقاومة الفلسطينية إلى إطلاق صواريخ ردا على انتهاكات إسرائيلية، ولكن مرور أكثر من 24 ساعة على الهجمات الجوية الإسرائيلية على غزة دون رد من المقاومة، يحيّر “إسرائيل” على المستوى الرسمي والشعبي.

وبمرور ساعات نهار الثلاثاء دون رد، سادت توقعات بأن الرد سيأتي خلال ساعات الليل، لكنه لم يأت، ما زاد من حيرة الإسرائيليين حكومة وجيشا وشعبا.

وفجر الثلاثاء، شن الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية ضد قطاع غزة أطلق عليها اسم “الدرع والسهم” أسفرت عن مقتل 15 فلسطينيا بينهم 4 أطفال و4 نساء، و3 من قادة “سرايا القدس” الجناح العسكري لحركة “الجهاد الإسلامي”.

وكانت “إسرائيل” استعدت، طوال يوم الثلاثاء، لهجمات صاروخية من غزة فنشرت منظومة القبة الحديدية المضادة للصواريخ وأعلنت البلديات في جنوبي ووسط إسرائيل بما فيها تل أبيب، فتح الملاجئ.

ووفق مراسل الأناضول، تأخر الرد الفلسطيني يفرض على “إسرائيل” استنفارًا في جميع أجهزة الأمن وإجراءات ميدانية عديدة.

ونقلت وزارة الدفاع الإسرائيلية على نفقتها أعداد كبيرة من الإسرائيليين من سكان التجمعات السكانية في غلاف قطاع غزة إلى فنادق في مناطق بعيدة.

فيما أغلق الجيش الإسرائيلي العديد من الشوارع في التجمعات السكانية في غلاف قطاع غزة.

القيود التي فرضتها “إسرائيل” في غلاف قطاع غزة، استدعت من الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري القول في مقابلة مع هيئة البث الإسرائيلية الحكومية، الأربعاء: “أقدّر سلوك السكان في الجنوب، فهم يسمحون لنا بتنفيذ العملية”.

وأضاف: “في الساعات المقبلة، سنناقش ما يمكننا القيام به للسماح لهم بالعودة إلى طبيعتهم قدر الإمكان”.

وبعد تشديد أمني لأكثر من يوم، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن الجيش أنه “اعتبارا من هذا الصباح (الأربعاء)، يمكن الخروج والدخول إلى كيبوتس ناحال عوز (مستوطنة) بأمان ودون تنسيق مسبق بعد أن أنشأ الجيش الإسرائيلي طريقًا محميا من نيران مضادات الدبابات”.

وكانت الحكومة الإسرائيلية باغتت المقاومة الفلسطينية بعملية عسكرية جوية غير متوقعة، فجر الثلاثاء، أدت إلى مقتل 13 فلسطينيا، ثم عادت وقصفت سيارة في وضح نهار الثلاثاء أدّت إلى مقتل فلسطينيين اثنين.

وقال وزير البنى التحتية الإسرائيلي يسرائيل كاتس في مقابلة مع هيئة البث الإسرائيلي، الأربعاء: “لا يمكن لـ”حماس” أن تعطي إنذارات نهائية لإسرائيل، هذه العملية أمسكت بهم في نومهم، حرفيا، وأرسلت رسالة واضحة: كل من يحاول المس بإسرائيل هو هدف”.

وأضاف: “مسؤولو الأمن يستعدون للرد المتوقع، من المستحيل معرفة ما سيكون”.

في الأثناء، تفاوتت تقديرات الإسرائيليين بشأن الرد المتوقع من المقاومة الفلسطينية ومتى سيكون، وبالأخص أسباب تأخره.

ومن الإسرائيليين من اعتبر أن حركة الجهاد الإسلامي، التي تقول إسرائيل إن العملية تستهدفها، في حالة صدمة أو أنها تمارس الحرب النفسية أو تعد لعملية واسعة، أو أنها تريد أن يكون رد المقاومة الفلسطينية موحّدا كي لا تستفرد بها إسرائيل.

وفي هذا السياق، اعتبر عادي كرمي، المسؤول السابق في جهاز الأمن العام “الشاباك” في حديث لصحيفة “معاريف” الإسرائيلية، الأربعاء، أنه “ليس هناك شك في أن الجهاد كانت بحالة صدمة، 3 من كبار المنظمة (الجهاد الإسلامي) تم القضاء عليهم، وهي الآن بصدد صياغة ردّها”.

وأضاف: “هدف الجهاد الإسلامي اليوم هو إشراك حماس وغيرها من المنظمات، والسؤال هو من سيتعاون معها وهل ستتمكن من تحقيق نتائج”.

وأعرب كرمي عن رأيه بأنه “من غير المؤكد أن تتمكن (الجهاد الإسلامي) من القيام بذلك، إنه ضد مصالح حماس تمامًا، لكننا تعلمنا بالفعل أن كل شيء ممكن مع الفلسطينيين”.

ورأى أن “الرد سيأتي، ولكن السؤال هو ما إذا كان سيأتي بإطلاق صواريخ من قطاع غزة أم أنه سيتمكن من الحشد لهجوم كبير”.

صحيفة “معاريف” الإسرائيلية ذكرت بدورها، أن “التقييم الأوّلي كان أن الجهاد الإسلامي سيطلق الصواريخ فور الاغتيال”، وعلقت بالقول: “كان هذا التقييم خاطئا، وفي الليلة الماضية استعدّت مؤسسة الدفاع لاحتمال إطلاق الصواريخ ليلا”.

وأضافت: “في الوقت نفسه، الشرطة أيضًا في حالة تأهب قصوى في الجنوب، وخاصة بالقرب من غلاف غزة، وتغلق الطرق في منطقة الغلاف وفقا لتعليمات الجيش الإسرائيلي”.

وتابعت الصحيفة: “في المنطقة الوسطى يوم أمس (الثلاثاء)، ساد روتين متوتر على خلفية عدم اليقين، وفقًا لتعليمات قيادة الجبهة الداخلية”.

وأفادت أنه “في المدن الكبيرة في منطقة دان، بما في ذلك تل أبيب ورمات غان، تم الحفاظ على اليقظة، ومن ناحية أخرى، في غلاف غزة وضمن مدى 40 كيلومترا، تم وضعهم بالفعل في حالة تأهب قصوى”.

من جانبها، قالت هيئة البث الإسرائيلية، مساء الثلاثاء: “تعترف إسرائيل بأن عدم استجابة الجهاد الإسلامي أمر غير عادي”.

أما صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، فنقلت عن مصدر إسرائيلي لم تسمّه، الأربعاء، قوله إن “القتل المستهدف لثلاثة من كبار أعضاء الجهاد الإسلامي في غزة يوم الثلاثاء أضرّ بقدرة الجماعة على الرد، على الرغم من أن طهران تضغط من أجل القيام برد كبير”.

وأضاف المصدر للصحيفة: “إنهم (الجهاد الإسلامي) في حالة صدمة كاملة”.

بدوره، حذّر الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، من أنه “قد تكون هناك تطورات عملياتية، بما في ذلك إطلاق صواريخ من قطاع غزة باتجاه إسرائيل”.

وقال في مقابلة مع هيئة البث الإسرائيلي، الأربعاء، إن “أي شيء يمكن أن يحدث اليوم، لذلك يجب أن نكون يقظين ومسؤولين”.

وتابع هاغاري: “بشكل مفاجئ وغير عادي، لم يتم إطلاق صواريخ على إسرائيل، حماس هي صاحبة السيادة في غزة وسلوكها يتحدث عن نفسه”.

وأضاف: “آمل أن نصل إلى نهاية هذا الحدث، لكن من السابق لأوانه الحديث عن ذلك”.

بالمقابل، فإن أنظار الإسرائيليين تتوجّه إلى حركة “حماس”، هل تشارك بعملية الرد أم تفسح الطريق فقط للجهاد الإسلامي للرد؟!

وفي هذا الإطار، قال الرئيس الأسبق للمخابرات العسكرية الإسرائيلية تامير هايمان في تصريح لهيئة البث الإسرائيلية، الأربعاء: “حماس لا تريد دخول الحملة بدافع الاهتمام. هذه مشكلة الجهاد، فمن انتهك التهدئة كان الجهاد، وبالتالي كانت هي التي تلقّت الضربة القوية بالأمس”.

غير أن المحلل العسكري في صحيفة “معاريف” طال ليف رام، كتب الأربعاء: “قد يكون لدى حماس الكثير لتخسره من المواجهة المباشرة مع إسرائيل، ولكن هذه المرة قد تجد صعوبة في البقاء على الحياد بشكل واضح، وأن لا تتدخل”.

وأضاف: “لهذا الاحتمال، يجب أن يكون الجيش الإسرائيلي مستعدا، مع كل الاحترام الواجب للإنجاز الذي تحقق في الضربة الافتتاحية، يجب أن نحذر من النشوة المفرطة والرضا عن النفس من الجانب الإسرائيلي”.

واستدرك: “سيتم اختبار قدرة الجيش الإسرائيلي على الحفاظ على سلسلة متصلة من الإنجازات العملياتية والمبادرة والمفاجئة خلال جولة كاملة من التصعيد، والتي يمكن للجانب الآخر أن يحقق فيها أيضا إنجازات”.

وأضاف ليف رام: “في الوقت نفسه، سيطلب من المستوى السياسي أن يحدد بدقة الغرض من العملية للمستوى العسكري”.

وفي هذا الصدد، قالت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، الأربعاء: “وراء الكواليس، يحاول المصريون تهدئة الوضع وحمل حماس على عدم الانضمام إلى القتال”.

وتابعت الصحيفة: “تستعد إسرائيل لعدة أيام من القتال، حيث تقدّر مصادر أمنية أنه إذا انضمت حماس إلى المواجهة، فمن المتوقع أن تتوسع العملية وتستمر بضعة أيام على الأقل”.

وكان المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية “الكابينت”، قرّر، مساء الثلاثاء أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت مخولان باتخاذ قرارات في هذا الوقت “دون عتبة الحرب”.

واتفق المجلس على أنه إذا كانت هناك خطوة أخرى، فستجري مناقشةٌ أخرى في “الكابينت”، بحسب إذاعة الجيش الإسرائيلي.