في الوقت الذي يتواصل فيه عدوان الاحتلال الهمجي على قطاع غزة، أكد خبراء محليون أمس أن قيام الاحتلال مساء الجمعة بقطع الاتصالات والإنترنت عن القطاع يعد جريمة هدفها الأساسي تعميق الكارثة الإنسانية في غزة وعزلها عن العالم الخارجي وتحويلها إلى جزيرة موت لارتكاب المزيد من الجرائم التي راح ضحيتها حتى الآن أكثر من 7700 شهيد أكثرهم من الأطفال والنساء.

وأكد الخبراء أن قطع الإنترنت والاتصالات عن غزة سيعمق الكارثة الإنسانية في القطاع لانه سيعطل كل مجريات الحياة ويصعب التواصل والاتصال بين الناس والقطاعات الصحية لا سيما في مجال الإسعاف وتلبية نداءات الاستغاثة.

وأشاروا إلى أن قطع الإنترنت، الذي يعتبر من الحقوق الإنسانية الأساسية وفقا للقانون الدولي، هو بمثابة جريمة ومحاولة من قبل الاحتلال للتعتيم على ما يجري من انتهاكات وهجمات وحشية على أهل غزة التي يقطنها أكثر من 2.3 مليون نسمة.
وقال وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الفلسطيني، إسحق سدر، مساء أول من أمس الجمعة، إن انقطاع الاتصالات والإنترنت مع غزة، نجم عن قيام قوات الاحتلال بقصف آخر نقطتي ربط دوليتين مع القطاع.
وأكد سدر في مقابلة مع ” تلفزيون فلسطين” أن قطاع غزة بات مفصولا عن العالم الخارجي، وقطع الاتصالات عن القطاع يؤشر على عمق الجريمة التي تقوم بها قوات الاحتلال
وشدد الوزير سدر، على أن انقطاع الاتصالات داخل قطاع غزة سيؤثر على العديد من الخدمات، لا سيما الصحية، حيث تتوقف نداءات الاستغاثة وطلب الإسعاف.
وأكد أن تعمد قطع الاتصالات له مؤشرات خطيرة أقلها تكميم الأفواه، وصولا إلى حجب صورة جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي يرتكبها جيش الاحتلال.
ولفت سدر إلى أن فلسطين تواصلت فورا مع الاتحاد الدولي للاتصالات وجهات دولية فاعلة من أجل التدخل العاجل في الأمر.
وفي تصريحات أخرى للوزير سدر يوم أمس، أكد بأنه تواصل مع نظيره المصري من أجل تعزيز بث شبكات الاتصالات المصرية لقطاع غزة وفتح الاتصالات الدولية “الرومينغ” مع القطاع، حيث وعد نظيره المصري بتلبية طلبه.
وقال إنه تم إنشاء غرفة عمليات مشتركة مع شركات الاتصالات الفلسطينية ومقدمي خدمة الإنترنت للعمل على إيجاد حلول إبداعية لاستعادة هاتين الخدمتين بأسرع وقت ممكن، لافتا الى إمكانية توفير الاتصالات والإنترنت عبر الأقمار الصناعية لقطاع غزة، من خلال التواصل مع شركة “ستارلنك” العالمية للتعاون في هذا المجال، إلا أن الأمر يتطلب تفعيل هذه الخدمة تجهيزات واستعدادات مسبقة في قطاع غزة لاستقبال الإشارات وتمكين المواطنين في غزة من الاتصال والوصول إلى الإنترنت.
بلغة الأرقام بلغ عدد مستخدمي شبكة الإنترنت بمختلف تقنياتها السلكية واللاسكية في فلسطين مع بداية العام الحالي قرابة 3.96 مليون مستخدم، كما تظهر بيانات الجهاز المركزي للإحصاء ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ان 92 % من الأسر في فلسطين لديها إمكانية النفاذ إلى خدمة الإنترنت ، بواقع 93 % في الضفة الغربية، و92 % في قطاع غزة.
وتظهر تقديرات بأن عدد اشتراكات خدمات الموبايل في فلسطين سجلت في الربع الأول من العام الحالي قرابة 4.38 مليون اشتراك.
وأكد مركز ” صدى سوشال” الفلسطيني يوم أمس انه على الرغم من أن المعاهدات الدولية تكفل حق الوصول للإنترنت وشبكات الاتصال، وفي ظل حاجة الناس المتزايدة للوصول إليها في وقت الحروب، إلا أن الاحتلال أصر على إغراق غزة في ظلام رقمي كامل، بعدما قطع عن سكان قطاع غزة شبكات الاتصالات الأرضية والخليوية، وتركهم في مواجهة عدوانها دون أن يسمع العالم وقع سقوط الصواريخ فوق المدنيين.
وشدد المركز المتخصص في الحقوق الرقمية على أن الكارثة ومعاناة سكان قطاع غزة ستتعمق في ظل قطع شبكات الاتصال الذي سيلغي المقدرة على الاتصال بلجان الطوارئ والإسعاف لإسعاف المصابين وانتشال المفقودين تحت الأنقاض بفعل القصف أو التنسيق مع الصليب الأحمر والمؤسسات الدولية العاملة في القطاع لعبور الطواقم الطبية والصحية، وهو ما يعني أن تواجه هذه الطواقم مزيدا من الخطر وفي دائرة الاستهداف المباشر.
وأكد المركز على أن قطع شبكات الاتصالات يعني حرمان سكان قطاع غزة من الوصول إلى المعلومات في حالة العدوان الحالية، وعدم مقدرتهم معرفة الأماكن الآمنة وعدم قدرتهم للوصول إلى وسائل الإعلام الرقمية بالتزامن مع عدم توافر إمكانية الوصول للإعلام التقليدي في ظل انقطاع الكهرباء والوقود في حصار تفرضه إسرائيل منذ بدء العدوان.
ولفت إلى أن قطع الاتصال في حالة الأزمات والحروب، يعني السماح بانتشار واسع للإشاعات والمعلومات المضللة والصادرة من طرف واحد دون أن يتسنى التحقق منها لعدم القدرة على الوصول للمعلومات، وينعكس ذلك على التأثير بشكل مضلل على المستخدمين حول العالم.
وابدى المركز تخوفه من انعكاس قطع خدمات الاتصالات عن قطاع غزة، بأثر نفسي مباشر، على سكان القطاع داخله، وعلى العائلات في الخارج بعد عدم قدرتها على التواصل مع أقاربها في داخل القطاع.
وأكد على أن قطع الاتصال على قطاع غزة، وإخراجها من خدمة الاتصالات، يعيق إمكانية التغطية الإعلامية لمسار العدوان ضد المدنيين، ويحجب عن العالم الصورة الكاملة لما يجري داخل القطاع.
وقطع الاتصالات والإنترنت عن غزة مساء الجمعة جاء لاكمال خطوات ممنهجة قام بها الاحتلال الإسرائيلي من بداية العدوان من ثلاثة أسابيع نجحت في تدمير لشبكات ومقار لشركات اتصالات فلسطينية أثرت بشكل كبير على حركة الاتصالات والإنترنت في فلسطين، ما أسهم في عزل غزة عن باقي مناطق فلسطين كجزء من مجريات عملياته العسكرية في القطاع، متزامنا مع إجراءات بقطع الكهرباء والماء والوقود.
ويحصل سكان غزة المقدر عددهم بأكثر من مليوني نسمة على خدمات الإنترنت من 4 شركات عاملة في القطاع وجميعها تحصل على هذه الخدمات من خلال الشركات الإسرائيلية بشكل خاص “بتسيك” مزود الاتصالات الحكومية في إسرائيل.
ومن جانبه أكد الخبير في مجال الأمن السيبراني الدكتور عمران سالم على أهمية أن يعي الناس والمستخدمون اليوم ما يجري على الأرض إذ تم قطع خدمات الإنترنت بالتزامن مع توسع القصف الشديد على غزة وتاثير ذلك في الجانب الاعلامي والنفسي.
وقال سالم : سيستغل الاحتلال انقطاع الاتصالات عن غزة وسيقوم بشن حرب نفسية واعلامية تستهدف هزيمتنا نفسيا ، يقومون بعمل حسابات وهمية لصحفيين او وكالات انباء ونشر صورة من خبر.
وأكد بان الوعي هو جزء هام من المعركة في مواجهة عدوان الاحتلال داخل فلسطين وخارجها.
وعلى صعيد متصل، قال اتحاد شركات انظمة المعلومات الفلسطيني ” بيتا” بان غزة اليوم مفصولة بالكامل عن العالم بدون اتصالات أو إنترنت، وبان نحو 2.3 مليون فلسطيني فيها هم في عزلة كاملة.
وبين الاتحاد أن قطع الإنترنت يحرم الفلسطينيين من مزايا الاتصالات من سهولة التواصل بين الافراد في غزة، وتوثيق الواقع المرير الذي يعانونه.
وأكد بأن خدمة الإنترنت في قطاع غزة وقبل ان يقوم الاحتلال مساء الجمعة بقطع الخدمة نهائيا عن القطاع كانت تعمل بنسبة 8 % من طاقتها فقط لان الاحتلال عمل على تدمير البنية التحتية للاتصالات وشركات الاتصالات على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية.
وأكد الخبير في مجال الإعلام الاجتماعي خالد الاحمد ان قطع الإنترنت عن غزة يدين الاحتلال ويضيف جريمة جديدة لجرائمه المستمرة.
وأشار إلى أن المعاهدات الدولية والقوانين الدولية تعتبر حق الوصول إلى الإنترنت من الحقوق الأساسية للناس، وهذا الحق يعني ان جميع الناس يجب ان يكونوا قادرين على الوصول الى الإنترنت من أجل ممارسة الحق في حرية التعبير والرأي ومن أجل ممارسة الحقوق الأساسية الاخرى.
وأضاف الأحمد أن الدول تتحمل مسؤولية ضمان اتاحة الوصول إلى الإنترنت على نطاق واسع وعلى الدول ان لا تقيد وصول الأفراد إلى الإنترنت بشكل غير عقلاني.
وقالت ” هيومن رايتس ووتش ” يوم أمس إن انقطاع المعلومات في غزة قد يكون بمثابة “غطاء لفظائع جماعية ويسهم في الإفلات من العقاب على انتهاكات لحقوق الإنسان”.
وقالت منظمة العفو الدولية إنها فقدت الاتصال بموظفيها في غزة، معربة عن أسفها لأن “انقطاع الاتصالات هذا يعني أنه سيصبح من الصعب أكثر الحصول على معلومات وأدلة ضرورية تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب المرتكبة ضد المدنيين الفلسطينيين في غزة، والاستماع مباشرة إلى أولئك الذين يتعرضون لهذه الانتهاكات”.
وقال الخبير في مجال الاتصالات والتقنية وصفي الصفدي ان إسرائيل تتعمد ومنذ سنوات اتخاذ إجراءات حدت من تطوير البنية التحتية للاتصالات في فلسطين إجمالا وقطاع غزة على وجه الخصوص.
وأكد بأن قطع الإنترنت ” يعني عدم القدرة على التواصل مع العالم الخارجي”، واليوم لا يستطيع أي شخص العيش بدون إنترنت لانها باتت تشكل أهم وسيلة اتصال وتواصل.
وأشار إلى أن قطع الإنترنت يمكن الاحتلال من التحكم في كل شيء وفي تدفق المعلومات، ومنع انتشار الأصوات الفلسطينية، ووضع القطاع في غزلة داخلية ومع العالم الخارجي، فضلا عن خطورته في جعل الحياة واستمراريتها صعبة في كل القطاعات والتفاصيل الحياتية للفلسطينيين.
ويرى الصفدي بأن قطع الإنترنت هو ” تقييد لحرية التعبير والتواصل”، مما قد ينتهك حقوق الإنسان، وانتهاك لمعايير ومعاهدات الأمم المتحدة التي تؤكد دائما على أهمية الحفاظ على هذه الحقوق،
واستعرض الصفدي الأدوار التي تلعبها الإنترنت في حالة الحروب والأزمات وهو ما باتت غزة محرومة منه بالكامل اليوم، فالإنترنت تسهل الاتصال السريع بين الناس، وبين الجهات الأمنية والتنسيق فيما بينها، وفي جمع المعلومات، وادارة الخدمات اللوجستية وإدارة الأزمات والتواصل مع الجهات الدولية.