سلط برنامج عين على القدس الذي عرضه التلفزيون الأردني، أمس الاثنين، الضوء على الخطاب التحريضي في المناهج الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، وأثر ذلك على سلوك المجتمع الإسرائيلي تجاه المجتمع الفلسطيني، وتجاه خيار حل الدولتين.
وبحسب تقرير البرنامج المصور في القدس، فإن العنف الذي تمارسه آلة الحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في غزة والقدس والضفة الغربية، ناجم عن “نظرة فوقية” تجاه الفلسطينيين من قبل المؤسسة الرسمية الإسرائيلية، معززة بصورة نمطية تشكلت لدى الأجيال من خلال الكتب المدرسية، مشيرا إلى أن المناهج التي تدرس في المدارس اليهودية تصف العربي بشكل عام والفلسطيني بشكل خاص بأنه “جاهل وإرهابي”.
وفي هذا الصدد، قالت الباحثة والمحاضرة في مجال التربية والعلوم الاجتماعية، الدكتورة مرام مصاروة، إن هناك أكثر من صورة للإنسان الفلسطيني في المناهج الإسرائيلية، وإن هذه الصورة شهدت تحولات تبعا للتحولات التي طرأت على السياسة الإسرائيلية، والواقع الثقافي والاجتماعي في المجتمع الإسرائيلي، حيث بدأت بوصف الفلسطيني بـ “الشخص الضعيف والساذج والغبي والانتهازي”، ومن ثم تطور هذا الوصف في مناهج الاحتلال ليأخذ طابعا سياسيا، فأصبحت تصفه بـ “الإرهابي والمحرض الذي ليس لديه رغبة في العيش بسلام” مع الطرف الآخر.
وأوضح التقرير أنه في الوقت الذي يحرض الاحتلال فيه ضد الفلسطينيين عبر مناهجه التي تدرس في المدارس اليهودية، فإنه يعمل على فرض المناهج الإسرائيلية في مدارس القدس الشرقية المحتلة، من خلال محاربة المحتوى الفلسطيني في الكتب المدرسية بشتى الطرق، ومنها اقتحام الغرف الصفية ومصادرة الكتب الفلسطينية، وإرهاب الطلاب الفلسطينيين، إضافة إلى استغلال سلاح المال في المدارس التابعة لبلدية الاحتلال في القدس، لحثها على استخدام المنهاج الإسرائيلي بهدف غسل أدمغة الطلاب الفلسطينيين الذين يرفضون هذه الإملاءات جملة وتفصيلا.
وأشار التقرير إلى أن المؤسسات والدول الأوروبية تشدد مراقبتها للكتب المدرسية الفلسطينية بحجة أنها “تحريضية”، في حين أنها تنأى بنفسها عن أي دور رقابي فيما يتعلق بالمناهج الإسرائيلية التي تحرض بصورة واضحة ضد العرب والفلسطينيين.
بدوره، الخبير والمحاضر التربوي، الدكتور محمد زياد، قال إن الحكومة الإسرائيلية رصدت في عام 2013 ميزانية كبيرة ضمن خطة خماسية، من أجل تحويل المناهج التي تدرس في مدارس القدس الشرقية من الفلسطينية إلى الإسرائيلية، مستخدمة العديد من الوسائل، ومنها الدعم المالي للمدارس التي تدرس المنهاج الإسرائيلي، وإعطاء ميزات لطلاب هذه المدارس، كالتوصيل المجاني وإنشاء المباني الجديدة، فيما تم اختصار الدعم للمدارس التي تلتزم بالمنهاج الفلسطيني.
وأشار الدكتور زياد إلى أن طلاب شرق القدس يواجهون محنة أخرى عند اتجاههم إلى الجامعات، حيث أن طلاب الجامعات الفلسطينية لا يتم قبولهم في الوظائف بعد تخرجهم، لأن الشهادات الصادرة عن هذه الجامعات غير معترف بها، ومنها “جامعة القدس”، فيما تقتصر الوظائف على خريجي الجامعات الإسرائيلية، والتي تقدم أيضا برامج تحضيرية للسنة الأولى، حيث تساعد في فرص قبول الطلاب في الجامعة من جهة، وتدعم فرص قبوله في الوظائف من جهة أخرى، ما يساهم في دفع الطلاب إلى الاتجاه للجامعات الإسرائيلية.
من جهته، قال المختص في اللغات الشرقية، الدكتور يونس عمرو، إن مراكز البحوث العربية والفلسطينية لم تلتفت حتى هذه اللحظة، إلى خطورة هذا الملف وأهمية الخوض فيه بشكل واسع وعميق، وباستدلال النصوص العبرية التي جاءت فيها هذه الصور الوضيعة للعربي بشكل عام والفلسطيني بشكل خاص.
وأضاف أن قضية المناهج تُعد إجراء سياسيا تربويا، وأن الخطورة تكمن في تكوين الطفل الإسرائيلي.
وحول صورة العربي في الأدب الإسرائيلي، أوضح عمرو أن كتاب القصص العبرية يصورون العربي والفلسطيني على أنه “قاتل ومغتصب وسارق”، كما يصفونه بأوصاف بعيدة عن الواقع مثل”القذر”، وبأنه “لا يعرف الطهارة ولا الصابون” وفقا لما ذكره أحد الكتاب اليهود في أحدى القصص.
ولفت الدكتور عمرو إلى أنه رد على كلام هذا الكاتب في إحدى المنتديات واصفا إياه بالغبي والجاهل، لأن كلامه غير واقعي، حيث أن العربي يتوضأ 5 مرات في اليوم، ويتصف بالطهارة، كما أن الصابون – الذي يدعي الكاتب أن العرب لا يعرفونه – يُعد من الصناعات المنزلية الفلسطينية.
وأضاف عمرو أن هذه القضية تتكرر في بعض النصوص الدينية أيضا، مشيرا إلى بعض النصوص في “أسفار موسى الخمسة”، حيث قاموا بالتلاعب بها، وأصبحت تنادي لقتل العربي أو الفلسطيني “الطفل قبل الأم والأم قبل الأب والأب قبل الجد”، أي أن على اليهودي قتل الجميع، وحتى الدواب، بادعاء أن اليهودي إن لم يقتل الطفل هذا اليوم، فإنه سيكبر ويقتله، كما ورد في أحد نصوص “سفر التثنية” الموضوعة من قبلهم لتتماشى مع مصالحهم، مشيرا إلى أن أول وصية من وصايا موسى العشرة التي وردت في سفر الخروج، كانت قول الله لموسى عليه السلام كلمه “لا تقتل”، ما يناقض جميع الروايات التي تم الزج بها في النصوص الدينية اليهودية، والتي تهدف إضفاء الطابع الديني على جرائمها ضد الفلسطينيين.