مرايا –
جاء قرار هيئة الإذاعة البريطانية BBC بوقف البث باللغة العربية تحديدا والفارسية، حزينا لمستمعيها وهي التي تشكل جزءا مهما ومصدرا أساسيا للأخبار التي ألف المستمعين العرب سماعها منذ83 عاما، والمقرونة بعبارة ” هنا لندن”، حيث تعمل حاليًا بـ 41 لغة حول العالم مع جمهور أسبوعي يبلغ حوالي 364 مليون شخص.
البث باللغة العربي انطلق عام 1938، أي بعد 16 عامًا من تأسيس هيئة الإذاعة البريطانية، حيث بوشر في البداية البث باللغة العربية لمدة 65 دقيقة، لتصبح إذاعة “بي بي سي” العربية واحدة من أقدم وأطول الخدمات الإخبارية باللغة الأجنبية في تاريخ بريطانيا.
أسباب التوقف
ويأتي قرار بي بي سي بإلغاء ما يقرب من 400 وظيفة في إطار حملة ” الرقمنة أولا” كجزء من خطتها ل توفير28.5 مليون جنيه إسترليني من ميزانيتها السنوية البالغة 340 مليون جنيه إسترليني وتحويل المزيد من المحتوى من الخطي إلى الرقمي.
إلى جانب ازدياد نسبة التضخم والتكاليف المرتفعة وتسوية رسوم الترخيص النقدي الثابت أدت إلى خيارات صعبة اضطرت الإدارة لاتخاذها، فيما ستسرع من عروضها الرقمية وتزيد من التأثير مع الجماهير في جميع أنحاء العالم.
فيما ستواصل الإذاعة بتقديم خدماتها باللغة الإنجليزية والعمل على مستوى العالم كإذاعة إذاعية على مدار 24 ساعة، مع الإعلان عن جداول زمنية وبرامج وبودكاست جديدة في الوقت المناسب.
وتأتي التخفيضات في أعقاب إعلان بي بي سي عن “مخطط” رقمي جديد أولاً في مايو، والذي تضمن الأخبار التي تفيد بأن بي بي سي فور وسي بي بي سي سينتهيان كقنوات خطية في السنوات المقبلة.
حيث يشمل المقترح إنهاء عشر خدمات إذاعية بما فيها سي إن خدماتها الدولية بحاجة إلى تحقيق وفورات قدرها 28.5 مليون جنيه إسترليني كجزء من مدخراتها السنوية الأوسع التي تبلغ 500 مليون جنيه إسترليني وإعادة الاستثمار الرقمي.
وقالت بي بي سي إنه لن يتم إغلاق أي خدمات لغوية تمامًا وإنها ستستمر في العمل بجميع اللغات والبلدان التي تعمل بها في الوقت الحالي. ويشمل ذلك استمرار اللغات الجديدة 11 التي توسعت فيها في عام 2016، في ظل أكبر توسع لها منذ الأربعينيات.
حيث تقترح بي بي سي إنهاء الخدمات الإذاعية للغات العربية والفارسية والقيرغيزية والأوزبكية والهندية والبنغالية والصينية والإندونيسية والتاميلية والأردية.
فيما تريد أن تجعل خدمات اللغات الصينية والغوجاراتية والإيغبو والإندونيسية والبيدجين والأردية واليوروبا رقمية فقط.
حيث أنفقت بي بي سي 340 مليون جنيه إسترليني على الخدمة العالمية في عام 2021/2022، 97 مليون جنيه إسترليني مصدرها من المنح الحكومية.
ويتضمن الاقتراح الإغلاق المحتمل لحوالي 382 وظيفة في المحتوى الإخباري والإخراج الإخباري والعمليات.
مشاكل وادعاءات
واجهت بي بي سي مزاعم متكررة من اليمينيين منذ استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي المثير للانقسام في عام 2016 بشأن التحيز السياسي، ووجود أجندة ليبرالية تتمحور حول لندن. لكنها واجهت اتهامات مماثلة بالتحيز السياسي لصالح اليمين من اليسار.
فيما أعلنت الحكومة تجميد رسوم الترخيص في يناير، فيما اعتبره النقاد محاولة لإنقاذ وظيفة رئيس الوزراء آنذاك بوريس جونسون.
في ذلك الوقت، كان جونسون يواجه مزاعم متزايدة بارتكاب مخالفات في منصبه، مما أجبره في النهاية على الاستقالة.
حيث ادعى الوزراء أن نموذج التمويل بحاجة إلى مراجعة بسبب التغييرات التكنولوجية، بما في ذلك استيعاب خدمات البث، فضلاً عن الزيادات في تكلفة المعيشة.
ومع ذلك، قالت أحزاب المعارضة إن المدفوعات الشهرية -التي تعادل حوالي 13.13 جنيهًا إسترلينيًا – شهدت تغييرًا طفيفًا مقارنة بزيادات فاتورة الطاقة التي يبلغ مجموعها آلاف الجنيهات الاسترلينية سنويا.
وأدى تجميد الحكومة لرسوم الترخيص التي تدفع لخدمة بي بي سي العالمية إلى ضغوط التمويل والحاجة إلى التخفيضات.
حجة مقنعة
مديرة الخدمة العالمية في “بي بي سي” ليليان لاندور بينت في تصريحات لها بحسب الديلي ميل أن “هناك “حجة مقنعة” لتوسيع الخدمات الرقمية، فقد زاد عدد المشاهدين أكثر من الضعف منذ عام 2018.
وأضافت لاندور أن: دور بي بي سي مهم في جميع أنحاء العالم، فهي مصدر يثق به الملايين للحصور على أخبار ذات مصداقية ومحاية، مبينة أن الطريقة التي يصل بها الجمهور إلى الأخبار والمحتوى تتغير والتحدي المتمثل في الوصول إلى الناس وإشراكهم في جميع أنحاء العالم بصحافة عالية الجودة وموثوقة آخذ في الازدياد”.
كيف سيكون الشكل الجديد؟
ستستمر خدمات بي بي سي بالبث باللغة الإنجليزية في البث كخدمة إذاعية على مدار 24 ساعة، لكنها ستغير محتواها وجداولها للاستثمار في مبادرات جديدة مثل تطوير ملفات بودكاست جديدة، بما في ذلك توجه لاستهداف الفئات العمرية الأصغر على مستوى العالم.
كما ستتم إ ضافة المزيد من الأخبار الحية والرياضة، إلى جانب التركيز على التأثير بدلاً من الوصول إلى مثال من خلال تقليل مقدار الراديو والتلفزيون الذي تربطه بالشركاء لصالح الجماهير القادمة إليها مباشرة لمساعدتها على “بناء مشاركة طويلة الأجل”، علما أن الخدمة العالمية تصل حاليًا إلى 148 مليون شخص في الأسبوع المتوسط.
وتشمل الخطط أيضًا إنشاء مركز جديد للتكليف الرقمي أولاً وجمع الأخبار لإنتاج المحتوى لجميع خدمات اللغة غير الإنجليزية، جمع التحقيقات الطويلة والأفلام الوثائقية مثل تلك التي أعدتها Africa Eye و BBC Arabic، وإنشاء وحدة عالمية جديدة للصين في لندن لرواية القصة العالمية للصين، وإنشاء مركز للمحتوى في أفريقيا لجميع دوائر اللغات الأفريقية.