مرايا – سيطر الانفصاليون في جنوب اليمن الأحد على مقر الحكومة المعترف بها في عدن في خضم مواجهات دامية مع القوات الموالية للسلطة سقط فيها 15 شخصا، في تطور ينذر بفصل دام جديد في البلد الغارق في نزاع مسلح وازمة انسانية متفاقمة.
واتهم رئيس الوزراء احمد بن دغر الانفصاليين بقيادة انقلاب في عدن، داعيا دول التحالف العربي، وخصوصا السعودية والامارات، الى التدخل “لانقاذ” الوضع في المدينة.
واندلعت المواجهات بين القوات الحكومية من جهة، والقوات المؤيدة للانفصاليين المعروفة باسم “الحزام الامني” والمدربة على ايدي الامارات من جهة ثانية، بعدما حاولت وحدات تابعة للقوات الحكومية منع متظاهرين انفصاليين من دخول وسط المدينة للاعتصام.
ويحتج هؤلاء على الاوضاع المعيشية في المدينة، وكانوا منحوا الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، عبر “المجلس الانتقالي الجنوبي” الذي يمثلهم سياسيا، مهلة زمنبة للقيام بتغييرات حكومية، متهمين سلطته بالفساد.
وحذر المجلس في بيان الاسبوع الماضي من انه اذا لم يقم هادي بتغييرات في حكومته، فان الانفصاليين سيستخدمون الشارع لاسقاط هذه الحكومة المعترف بها دوليا. وانتهت المهلة الزمنية صباح الاحد.
ويقود محافظ عدن عيدروس الزبيدي الحركة الانفصالية في الجنوب. وفي 12 ايار(مايو) الماضي، شكل الانفصاليون سلطة موازية “لادارة محافظات الجنوب وتمثيلها في الداخل والخارج” برئاسته.
والحراك الانفصالي يحظى بوجود قوي في جنوب اليمن وعلاقاته متوترة منذ السنة الماضية مع الحكومة التي تمركزت في عدن بعد طردها من صنعاء في ايلول(سبتمبر) 2014 من قبل المتمردين الحوثيين.
وبحسب مصادر أمنية في عدن، فان قوات “الحزام الامني” المؤيدة للانفصاليين تمكنت في خضم المواجهات من السيطرة على مقر الحكومة واسر عشرات من العناصر الموالية لسلطة هادي.
وبحسب احصائيات اربع مستشفيات في عدن، قتل 15 ثلاثة شسخصا واصيب 33 بجروح في الاشتباكات. والقتلى هم ثلاثة مدنيين و12 مسلحا من الطرفين، فيما ان حصيلة الجرحى تشمل تسعة مدنيين 24 مسلحا من الطرفين المتحاربين ايضا.
وقال شهود لوكالة فرانس برس ان المطار توقف عن العمل، والمدارس اغلقت ابوابها، وكذلك المحلات التجارية، وسط حال من الشلل التام في المدينة.
وأفادت مصادر أمنية في عدن ان قوات التحالف العسكري التي تدعم الطرفين، لم تتدخل في المواجهات. وأضافت ان طائرات التحالف تحلق في سماء المدينة من دون ان تقصف اي هدف.
وبعد ساعات من المعارك، طلب الرئيس عبد ربه منصور هادي من قواته وقف اطلاق النار فورا والعودة الى ثكانتها.
وافاد بيان رسمي صادر عن رئاسة الوزراء ان طلب وقف اطلاق النار يأتي بناء على محادثات أجراها عادي مع قيادة التحالف.
ويذكر ان هادي يقيم في الرياض ويقوم بزيارات تفقدية الى عدن حيث مقر حكومته.
تتلقى قوات الحكومة دعما عسكريا من قوات التحالف العسكري في اليمن بقيادة المملكة السعودية.
كما تتلقى قوات “الحزام الامني” دعما مماثلا من التحالف، وخصوصا من الامارات التي تقوم بتدريب وتجهيز عناصرها.
وتقاتل القوات الحكومية وقوات “الحزام الامني” معا المتمردين الحوثيين الذين يسيطرون منذ سنوات على مناطق واسعة في أفقر دول شبه الجزيرة العربية وبينها صنعاء.
وفي وقت تستعر الاشتباكات في عدن، اتهم رئيس الوزراء في بيان الانفصاليين بالانقلاب على السلطة المعترف بها دوليا.
وقال “هناك في صنعاء يجري تثبيت الانقلاب على الجمهورية، وهنا في عدن يجري الانقلاب على الشرعية ومشروع الدولة الاتحادية”.
ودعا التحالف الى التدخل، قائلا ان على السعودية والامارات خصوصا “التعامل مع الأزمة في عدن التي تنحو شيئاً فشيئاً نحو المواجهة العسكرية الشاملة”، معتبرا ان هذا التدخل “شرط لإنقاذ الموقف”.
وعشية محاولة التظاهر والتي تلتها الاشتباكات، دعا التحالف في بيان نشرته وكالة الانباء الرسمية السعودية الى التهدئة، بينما حذرت وزارة الداخلية اليمنية من التظاهر.
ورحب الانفصاليون في بيان بدا وكانه أعد قبل المواجهات، بموقف التحالف. واشادوا في البيان الموقع من قبل “المجلس الانتقالي الجنوبي” بما اعتبروه “المساعي الكبيرة التي تقودها دول التحالف العربي في هذا الخصوص”.
وأكد المجلس لدول التحالف العربي وللرئيس اليمني “التزامه بالنهج السلمي في المطالبة بتغيير الحكومة (…) والتزامه الكامل بالشراكة في محاربة العدو المشترك وانهاء الانقلاب المتمثل في الميليشيات الحوثية”.
وشدد على أن خروجه الى الشارع “يندرج في الإطار سلمي، كما يؤكد ايضا على تجنب الاحتكاك العسكري (…) مع الحرص على عدم المساس بمؤسسات الدولة”.
وطالب المجلس “الجميع بالالتزام بالسلمية والحوار والبناء لغاية تصويب الاختلالات”.
ويشن التحالف بقيادة السعودية منذ اذار(مارس) 2015 حملة عسكرية دعما لسلطة هادي وفي مواجهة المتمردين الحوثيين. وقتل في اليمن منذ تدخل التحالف اكثر من تسعة آلاف يمني بينما اصيب أكثر من 50 ألف شخص آخر.
وتعمق الاحداث في عدن النزاع وتهدد بفصل دام جديد وبتفاقم الازمة الانسانية حيث يواجه ملايين اليمنيين خطر المجاعة.
وأبدت ممثلة “اليونيسف” في اليمن ميريتشل ريالنو على حسابها في تويتر قلقها حيال الاوضاع في عدن، داعية الى تجنيب النساء والاطفال آثار الحرب.
وتأتي الاحداث في عدن في وقت تشن القوات الحكومية حملتين عسكريتين تستهدفان التقدم نحو مدينة الحديدة الخاضعة لسيطرة الحوثيين على ساحل البحر الاحمر، وفك طوق المتمردين عن مدينة تعز في جنوب غرب البلاد.