مرايا – يحدد رجل الأعمال السوري محمد غسان عبود مالك ورئيس مجلس إدارة مجموعة أورينت الإعلامية ومؤسسة أورينت للأعمال الإنسانية دور كيان الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب السوري بـ”حفظ الأمن للسكان والمساعدة على عودة اللاجئين وبدء حياة اقتصادية لا دور فيها لاقتصاد الحرب”.
لم يكن تعليق عبود الإيجابي ناحية إسرائيل هو الأول من نوعه، على الرغم من أنه سبق وأن وصفها بـ”بيت الدعارة” الذي يرغب كثيرون في زيارته، ولكنهم لا يرغبون في أن يراهم أحد، إذ إن سياسة التعمية على العلاقة مع إسرائيل كارثة على شعوب المنطقة، وفقا لما جاء في تعليق داخلي موجه للعاملين في قناته التلفزيونية كتبه على مجموعة مراسلي أورينت نيوز في مايو/أيار من العام الماضي.
رؤية عبود لدور دولة الاحتلال في المنطقة له بعد أمني واستخباراتي ودعائي وفق ما تكشفه “العربي الجديد” في تحقيق استقصائي حول علاقات مؤسساته مع جيش الاحتلال وسعيه للترويج لبرنامج “حسن الجوار” الذي أسسه ويديره ويشرف على تنفيذه قيادات في الجيش “الإسرائيلي” تستهدف منطقة جنوب سورية، “والتي ترى إسرائيل أنه لم يعد لديها مشكلة حدودية فيها، كون الجولان صار تحت سيطرة إسرائيلية كاملة”، بحسب ما ذكره العميد حاجاي توبولانسكي في جلسة نقاشية حول الأمن الإسرائيلي ضمن فعاليات المؤتمر الدولي السنوي لمركز أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب في 30 يناير/كانون الثاني 2018.
من الجدار الطيب إلى حسن الجوار
أسس جيش الاحتلال برنامج “الجدار الطيب” والذي تم تفعيله “عبر نقطة حدودية بين “إسرائيل” وجنوب لبنان بالقرب من مستوطنة المطلة، في نهاية العام 1975 والذي حوله “الإسرائيليون” إلى رمز لما سموه “المساعدة الإنسانية” التي قدموها لسكان جنوبي لبنان، بحسب التعريف الوارد على الموقع الإلكتروني للمركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار).
وبعد 42 عاما من تأسيس الجدار الطيب، أعلنت إسرائيل عن برنامج “حسن الجوار” الذي تم الكشف عنه للمرة الأولى، عبر بيان أصدره جيش الاحتلال، في 19 يوليو/تموز2017، في إعلان رسمي عن عمل البرنامج وأهدافه التي بدأ العمل فيها بشكل سري وتكتيكي منذ فبراير/شباط 2013 وحتى يونيو/حزيران 2016، وعقب ذلك تم تأسيس مديرية حسن الجوار التابعة للفرقة 210، بحسب ما جاء على لسان العميد يانيف عاسور منسق برنامج حسن الجوار وقائد الفرقة 210 التابعة لقيادة الجبهة الشمالية التي تضم جنوب سورية والجولان السوري المحتل.
ويعرف جيش الاحتلال مشروع “حسن الجوار”، على أنه برنامج يهدف إلى خلق علاقات طيبة مع السوريين القاطنين على الحدود لدواع أمنية وتشكيل بيئة غير عدائية لـ”إسرائيل” عن طريق تقديم مساعدات إغاثية وعلاج الجرحى، وفقا لما جاء على الموقع الرسمي لجيش الاحتلال.
وتم استنساخ “الجدار الطيب” في الحالة السورية عبر “حسن الجوار”، والذي سوقت إسرائيل نفسها عبره باعتبارها داعمة إنسانية في الحرب في سورية مضخمة الأمر، “رغم أن دولا أخرى تقدم مساعدات أكبر بصورة لا تقارن مع الدعم الإسرائيلي”، بحسب الدكتور مهند مصطفى مدير عام مدى الكرمل (المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية في حيفا).
وتحاول إسرائيل من خلال برنامج “حسن الجوار” تسويق نفسها باعتبارها راعية إنسانية رغم أنها اكثر الدول تحريضا على ظاهرة لجوء السوريين إلى أوروبا، إذ اتهمت اللاجئين أنهم مصدر الإرهاب في أوروبا، كما يقول مدير عام مدى الكرمل، والذي أكمل موضحا التناقض الإسرائيلي قائلا “يتم طرد اللاجئين الأفارقة من داخل إسرائيل، وبالتالي فإن حسن الجوار محاولة إسرائيلية واضحة للتستر عن انتهاكات حقوق الإنسان التي تمارسها بادعاء أنها داعمة إنسانية للسوريين”.
ويعبر المفكر السوري والرئيس السابق للمجلس الوطني برهان غليون عن قلقه من مشروع حسن الجوار قائلا لـ”العربي الجديد”: “الآن بعد أن نفذت إسرائيل هدفها الاستراتيجي بتدمير سورية، بالتعاون مع أهم حليفين لها في واشنطن وموسكو لم تعد تخفي دعمها لبقاء الأسد حتى تبقى سورية عليلة وتتحقق الخطة الدولية لتقاسم سورية إلى مناطق نفوذ يكون لإسرائيل فيها حصة أساسية في الجنوب السوري عبر تحويله إلى منطقة سيطرة وشريط حماية لإسرائيل مثل الشريط الحدودي الذي أقامته في جنوب لبنان إبان الحرب الأهلية اللبنانية ورعت فيه مليشيات محلية باسم جيش أنطوان لحد”.
رفض المؤسسات الدولية التعاون مع جيش الاحتلال
نجح برنامج حسن الجوار، في بناء شبكة استخباراتية عملت على قضايا مدنية، إذ لاحظت احتياجات الطرف الآخر وحددت عناصر القوة في المنطقة وحضرت أوراق تقدير موقف ميدانية لدراسة المشهد وشرعت ببناء علاقات مباشرة مع السكان المحليين عبر الاتصالات الهاتفية وعقد لقاءات على أرض الواقع لتسخيرهم لخدمة المشروع وخلق شعور بالمصداقية والثقة لدى الناس وفقا لما جاء في موقع nrg التابع لصحيفة “ماكور ريشون”.
وسعى جيش الاحتلال إلى عقد شراكات مع مؤسسات دولية، منها الصليب الأحمر وأطباء بلا حدود، من أجل تفعيل حسن الجوار في جنوب سورية، غير أن المؤسستين رفضتا التعاون مع الجيش بسبب إدارة البرنامج المباشرة من قبل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، لكن جهات محلية سورية وافقت على العمل مع الجيش وفقا لما نقله موقع nrg عن العميد يانيف عاسور في 19 يوليو/تموز من العام الماضي، فمن هي تلك الجهات وما دورها؟
اجتماع مدريد
كشفت مصادر مطلعة لـ”العربي الجديد” عن تنظيم عدة اجتماعات ما بين ممثلين عن مؤسستي أورينت الإعلامية والإنسانية ومسؤولين سياسيين وأمنيين إسرائيليين، من بينها اجتماع عقد في مدريد في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2016، أكد حدوثه مصدران سوريان متطابقان، كشفا أن الحاضرين من الجانب السوري كان على رأسهم غسان عبود، ومحمد عمار مارتيني، مدير مؤسسة أورينت الإنسانية التي يرأسها عبود، وشادي مارتيني والذي يعرف نفسه عبر موقع “لينكد” أنه رئيس العلاقات الدولية في مؤسسة أورينت للأعمال الإنسانية، ومدير الإغاثة والعلاقات الإقليمية في مؤسسة (تحالف الأديان لإغاثة اللاجئين السوريين ) MFA) Multi Faith Alliance For Syrian Refugees).
سألت “العربي الجديد” شادي مارتيني حول دوره في اجتماع مدريد ومشاركته هو وعمار مارتيني وغسان عبود والصحافي محمد عبدالرحيم (مدير قناة أورينت الأسبق) والصحافية ديمة عز الدين، فأجاب في تصريح خاص: “كنت ممثلا عن Mfa وكان الاجتماع مع المنظمات الإغاثية للبحث عن شركاء”، أما ديمة عز الدين فردت على تلك المشاركة بالقول “إنها رفضت أن تستمر بهذه الاجتماعات لرفضها اللقاء مع إسرائيليين”.
وتبدو علاقة شادي القوية مع الجيش الإسرائيلي واضحة في صورة نشرت على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” ونقلتها صحيفة جيروزاليم بوست في تقرير منشور بتاريخ 2 أغسطس/آب من عام 2017، بعنوان مؤسسة أميركية تنسق علاقات بين الجيش الإسرائيلي وضحايا الحرب، ويظهر مارتيني في الصورة وفي الخلفية جنود من جيش الاحتلال في هضبة الجولان السوري المحتلة. ويؤكد شادي مارتيني معرفته بأن برنامج “حسن الجوار” يدار من الجيش الإسرائيلي، مقرا بأن المساعدات التي ساهم في إدخالها الجنوب السوري تمت عن عبر البرنامج.
ومن بين حضور اجتماع مدريد عن أورينت الإعلامية، الصحافي محمد عبدالرحيم رئيس التحرير السابق لمجموعة أورينت الإعلامية خلال الفترة منذ عام (2012 وحتى بداية 2017)، والصحافية ديمة عز الدين، ويبرر عبدالرحيم تواجده في اجتماع مدريد بأنه كان في إسبانيا في ذات الفترة وزار غسان عبود في مكان الاجتماع رفقة زوجته حينها الصحافية في القناة ديمة عز الدين، للسلام على مديرهم وتناول الغداء، قائلا “الطرف الآخر من اللقاء كان به منظمات دولية تعمل في الإغاثة من بينهم إسرائيليون”.
وعملت ديمة عزالدين في القناة خلال الفترة من يونيو/حزيران 2015 وحتى شهر أكتوبر/تشرين الأول من عام 2016، ورفضت حضور اجتماعات أخرى بحسب ما ذكرته في مقال بـ”العربي الجديد”، أشارت فيه إلى حضور اجتماع مدريد، بينما رفضت المشاركة في ما تلاه من اجتماعات.
وتعلق ديمة عزالدين على الاجتماع قائلة في تصريحات خاصة لـ”العربي الجديد”، “حضرت الاجتماع بصفتي صحافية في تلفزيون أورينت، ودار خلال الاجتماع نقاش عملي عن الشق الإغاثي ونقاش عن آفاق تعاون إعلامي محتمل لتحسين صورة الثورة السورية لدى الجمهور الإسرائيلي وتقريب وجهات النظر الإسرائيلية للرأي العام السوري”.
وتابعت “تم إبلاغنا من رئيس مجلس الإدارة بأن منظمة أميركية ترعى حوارات وجهودا لحل النزاعات ستقود الاجتماع وسيشارك فيه أطراف إسرائيلية، تم توصيفها بأنها متعاطفة مع الثورة السورية”.
في ذاك الوقت، كان الأمر عبارة عن تبادل وجهات نظر بين الطرفين السوري والإسرائيلي، بتنسيق من الطرف الأميركي، وتكمل ديمة “تمت إقالتي من المؤسسة لرفضي حضور اجتماعات أخرى بطريقة مفاجئة لي وللزملاء في منتصف أكتوبر من عام 2016”.
دور المؤسسة الوسيطة
يشكل شادي مارتيني حلقة الوصل ما بين مؤسستي أورينت و MFA ويكشف بحث معمق أجراه معد التحقيق عن مستوى متقدم من علاقة الشراكة القائمة بين المؤسستين، إذ تعمل MFA كمؤسسة وسيطة لتمرير وتنسيق دخول المساعدات إلى جنوب سورية عبر الجيش الإسرائيلي، وفقا لبيان صحافي منشور على موقع MFA بتاريخ 20 يوليو/تموز 2017.
وترأس منظمة MFA الأميركية جورجيت بنيت، وهي مؤسسة ومديرة المنظمة منذ تأسيسها في عام 2013 وهو التاريخ الذي عمل فيه برنامج حسن الجوار لأول مرة بشكل سري.
وترجع جورجيت دواعي تأسيس MFA، إلى نقاش خاضته مع آلان جيل مدير منظمة تجمع اليهود الأميركيين (الصهيونية) THE American jewish joint distribution committee حول دور المجتمع اليهودي بأزمة اللاجئين السوريين، مؤكدة “على جهود في هذا الإطار تم جلبها عبر شراكة إسرائيلية سورية غير متوقعة”، وفقا لما ذكرته في مقال منشور في موقع The pluralism project التابع لجامعة هارفارد.
“كلام خطير”
شارك مراسل أورينت في القنيطرة بفيديو ترويجي لبرنامج “حسن الجوار” كان قد نشره الناطق باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي في 19 يوليو/تموز من عام 2017 على مجموعة مراسلو أورينت نيوز.
ووصف مراسل الأورينت المقطع بـ”كلام خطير” في منشوره على المجموعة المغلقة، وهو ما ردّ عليه غسان عبود مستنكراً “أين وجدت الكلام الخطير”، مؤكداً على ضرورة فتح النقاش ومشاركة العاملين فيه والتفاعل معه، مضيفاً أن أورينت الإنسانية عرض عليها الفيديو وطالبت بعرضه على السوريين لتعرف تقييمهم لهذه الخطوة، مشيرا إلى أن الفيديو تم تصويره قبل عام وعرض بناء على طلب أورينت الإنسانية.
مراسلو أورينت نيوز
تضم مجموعة مراسلو أورينت نيوز 145 من العاملين والعاملات في كافة الأقسام المختصة في القناة ومكاتبها في دولة الإمارات والولايات المتحدة وكافة المراسلين في الداخل السوري وعلى رأسهم مالك القناة غسان عبود.
وتمكنت “العربي الجديد” من الحصول على تسريب موثق للتعميمات الصادرة عن غسان عبود والنقاشات الداخلية التي دارت داخل المجموعة خلال الفترة من مايو/أيار 2017 وحتى نهاية يوليو/تموز من العام ذاته.
وتبين وفقا لما وثقته “العربي الجديد”، إصدار عبود تعميمات وأوامر للمراسلين يطالبهم بجمع معلومات وكتابة تقارير واستمزاج آراء السكان المحليين حول الدور الإسرائيلي في جنوب سورية ومدى قبول الأهالي له، كما طلب معلومات حول الكتائب العاملة في المنطقة وانتماءاتها ومرجعياتها الفكرية وعلاقة الناس معها، وفق ما يكشفه تحليل مضمون 44 منشورا وتعليقا لغسان عبود لها علاقة مباشرة بزاوية التحقيق من بين مئات المنشورات والتعليقات التي دارت على مجموعة القناة على فيسبوك.
ثلاثة عناصر أساسية
أسفر تحليل مضمون منشورات غسان عبود والعاملين في القناة، عن تحديد ثلاثة عناصر أساسية مترابطة بين أفكاره التي طرحها وأثارها، أولها طلب جمع المعلومات، وهو ما يبدو في منشور شاركه غسان بتاريخ 4 مايو/أيار 2017 ، قائلا “أريد تقارير يوميا من المراسلين في الداخل والخارج، معلومات عن المكان والفرق العاملة وطلباتها من الناس وتوجهاتها وولاءاتها وأوضاع الناس وما يشاع وما يتكلمون”، ثم عاد وخص مراسلي الجنوب بطلب تقارير يشمل الكتائب العاملة في المنطقة مؤيدة ومعارضة ومرجعياتها وطروحاتها وعلاقات الناس معها ودور إسرائيل على عدة تقارير خلال الأيام التالية”، وختم بعبارة “غير المبالي ليس منا”.
ويبدو اهتمام مالك الأورينت بطلب استطلاعات رأي عام بشكل واضح من خلال منشور شاركه بتاريخ 22 يوليو/تموز، طلب فيه من “المراسلين مشاركات أفضل وآراء بخصوص مشروع حسن الجوار الإسرائيلي”، وهو ما أثمر عن تطوع مراسلين تتحفظ الجريدة على ذكر اسميهما، لإجراء استطلاع رأي لسكان المنطقة الحدودية في أحد مشاريع برنامج حسن الجوار.
أما تغيير الرأي العام في القناة والتأثير على المراسلين لصالح إسرائيل، فيبدو جليا في تبني رجل الأعمال عبود، للروايات الإسرائيلية سوريا وعربيا والتطابق مع سرديات برنامج “هسبراه” (استراتيجية دعائية تقدمها دولة الاحتلال لتحسين صورتها في العالم ومحاربة السردية الفلسطينية)، وهو ما يتضح من خلال تعليق غسان عبود في منتصف شهر يوليو/تموز الماضي والذي قال فيه ردا على استنكار مراسلين للانفتاح على “إسرائيل”: “هل تعلم أن عدد قتلى العرب أمام إسرائيل من تأسيسها وحتى اليوم لم يتجاوز الـ 15 ألف شخص” مقارنا بين هذا الرقم وعدد من قتلوا في سورية خلال شهر واحد (ضمن الثورة في سورية)، ثم عاد وأضاف في تعليق آخر “معظم الإسرائيليين من أصول عربية”، وأضاف في منشور آخر “سياسة التعمية على العلاقة مع إسرائيل بوجهة نظري كارثة على شعوب المنطقة”.
ويتضح تبني غسان عبود للرواية الإسرائيلية على المستوى العربي، في تعليق نشره في ذات الفترة “معظم الإسرائيليين من أصول عربية، هاجر إلى إسرائيل 850 ألف يهودي، المنطقة معتادة على الهجرات، كيف نجد أرضية للتعايش في المنطقة فلا يمكننا رميهم في البحر وبالعكس صرنا نرمي أنفسنا في البحر”، وفي تعليق آخر قال “للعلم إسرائيل هجرت أقل من 100 ألف عبر عصابات الهاغانا وشتيرن، في حين أن جيش الإنقاذ هجر أكثر من نصف مليون فلسطيني وطردهم من بيوتهم بإعلان المنطقة منطقة عسكرية وأنهم سيعودون بعد أسبوع النصر، ويطابق الطرح السابق حول جيش الإنقاذ في نكبة فلسطين عام 1948 الرواية الصهيونية، التي تروجها حركة “أم ترتسو” المتطرفة والتي تنشط من أجل تعزيز قيم الصهيونية في إسرائيل وفقا لتعريفها على موقعهم الرسمي، بحسب ما وثقته “العربي الجديد” عبر فيديو منشور للحركة على يوتيوب.
فرسان الجولان
يعود غسان عبود إلى شرح برنامج إسرائيل الأمني في جنوب سورية، محددا إياه بـ “حماية أمن شمال إسرائيل عبر وجود جار لا يشكل تهديدا عليهم وتوحيد فوضى السلاح ومجموعات أمنية لا تتجاوز 4 مجموعات”.
ومن بين المجموعات الأمنية التي تنشط في جنوب سورية، لواء فرسان الجولان والذي قال أحد المراسلين إنهم فصيل من أبناء مناطق القنيطرة المحررة ويشكل أبناء بلدة جباتا الخشب عناصره، مستشهدا بمراسل القناة في القنيطرة والذي رد “نقلا عن مصدر رفيع المستوى في الجبهة الجنوبية أن تعداد الفصيل بين 300 و400 مقاتل محلي ويتلقى 50 ألف دولار شهريا من إسرائيل وأنه يشبه مليشيا جيش أنطوان لحد في جنوب لبنان”، اللافت أن عبود علق عليه مشيدا بتقريره قائلا “تقرير ممتاز وعرض ممتاز معلوماتيا لولا أنك أدخلت المقارنة مع جيش لحد….”.
ويشير برهان غليون في هذا السياق إلى أن إسرائيل استغلت ظروف الحرب في سورية “للتقرب من بعض المليشيات المحلية لكن ليس من أجل دعم مقاومة الشعب السوري ضد نظام الأسد الذي هو جزء من منظومتها الدفاعية وإنما من أجل استخدامها للتدخل في تقرير مصير سورية وفرض مصالحها الأمنية والاستراتيجية في أي مفاوضات مقبلة وعلى أي نظام سوري قادم بعد نهاية الحرب”.
محاولة تغيير آراء العاملين في القناة
يسعى مالك الأورينت إلى تغيير آراء الموظفين في القناة لصالح آرائه المتعلقة بكيان الاحتلال، وعلق أحد الموظفين “هناك مفاهيم جديدة تتبلور يوما بعد يوم وربما يكون إيجاد قاسم مشترك مع الإسرائيليين للتعايش هو أساس المرحلة المقبلة”، كما أن أحد المراسلين في جنوب سورية، علق على علاقة أورينت الإنسانية بإسرائيل، وتابع “لا نريد لأورينت الإنسانية التي لا يعرفها الناس في الجنوب أن تولد من الحدود الإسرائيلية، علينا إيجاد حلول تمهيدية قبل اتخاذ هذه الخطوة”.
علاقة أورينت الإنسانية مع الجيش الإسرائيلي
كشفت قناة أورينت عن تفاصيل شراكة ذراع المجموعة الإنساني مع منظمة MFA، والتي تنسق العلاقة بين الجيش الإسرائيلي وأورينت في حلقة تلفزيونية غير مخططة جاءت كرد فعل عقب اتصال “العربي الجديد” بغسان عبود لإعطائه حق الرد على ما جاء في التحقيق، إذ تم الترتيب للحلقة قبل ساعتين من بثها، وفق ما كشفه مصدر مطلع يعمل في القناة لـ”العربي الجديد”.
وعبر موقع مؤسسة MFA، نجد بيانا صحافيا نشر في تاريخ 21 يوليو/تموز 2017 بعنوان “الشراكة الإنسانية السورية الإسرائيلية بريق أمل”، وتقدم المنظمة في البيان الشكر للجيش الإسرائيلي على تعاونه لفتح قناة إغاثية جديدة وطريق نحو مستقبل مستقر في المنطقة.
وأضافت أن “هذه الخطوة هي جزء من سياسة حسن الجوار الإسرائيلية”، فيما صرح شادي مارتيني في البيان بأن الكثير من السوريين الذين اعتادوا أن يخافوا من الإسرائيليبن شكلوا الآن وجهة نظر جديدة، ويذكر بيان صحافي منشور بتاريخ 20 يوليو 2017 أن منظمة MFA والشركاء السوريين والإسرائيليين عقدوا العديد من اللقاءات في الميدان على مدار العامين الماضيين بدءا من عام 2015، وفي عام 2016 توجه الجيش الإسرائيلي إلى MFA وأخبرهم عن تبنيه لسياسة حسن الجوار، وبالتالي سارعت المنظمة بفتح قناة اتصال بين الجيش الإسرائيلي وشبكة المنظمات السورية.
رفض المؤسسات الدولية التعاون مع جيش الاحتلال
نجح برنامج حسن الجوار، في بناء شبكة استخباراتية عملت على قضايا مدنية، إذ لاحظت احتياجات الطرف الآخر وحددت عناصر القوة في المنطقة وحضرت أوراق تقدير موقف ميدانية لدراسة المشهد وشرعت ببناء علاقات مباشرة مع السكان المحليين عبر الاتصالات الهاتفية وعقد لقاءات على أرض الواقع لتسخيرهم لخدمة المشروع وخلق شعور بالمصداقية والثقة لدى الناس وفقا لما جاء في موقع nrg التابع لصحيفة “ماكور ريشون”.
وسعى جيش الاحتلال إلى عقد شراكات مع مؤسسات دولية، منها الصليب الأحمر وأطباء بلا حدود، من أجل تفعيل حسن الجوار في جنوب سورية، غير أن المؤسستين رفضتا التعاون مع الجيش بسبب إدارة البرنامج المباشرة من قبل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، لكن جهات محلية سورية وافقت على العمل مع الجيش وفقا لما نقله موقع nrg عن العميد يانيف عاسور في 19 يوليو/تموز من العام الماضي، فمن هي تلك الجهات وما دورها؟
كسر صورة العدو
نشر موقع قناة الأورينت في 15 سبتمبر/أيلول من عام 2016، مقالا لغال لوسكي مديرة منظمة “Israeli Flying Aid”، المتخصصة بتقديم المساعدات الإغاثية للمناطق المعادية لإسرائيل وزوجة إسرائيل حسون نائب مدير الشاباك السابق، في عهد محمد عبدالرحيم رئيس القناة السابق.
ويكشف منتج في غرفة أخبار تلفزيون الأورينت، رفض ذكر اسمه حفاظا على أمنه الشخصي، أن “رئيس التحرير السابق أحمد كامل طلب منه الحديث حول تقديم أورينت الإنسانية لمساعدات عبر منظمة “Israeli Flying Aid”.
استضافة إسرائيليين واستهداف معارضين
تفاقمت سيطرة مجلس إدارة قناة أورينت على السياسة التحريرية للمحطة وعلى رئيس تحرير القناة السابق، أحمد كامل، إذ استضافت القناة إيلي نيسان المحلل السياسي الإسرائيلي والذي يعد أول ضيف ظهر عليها في 27 يونيو/حزيران من عام 2017، وتلاه مائير كوهين السياسي الإسرائيلي والإعلامي شلومو جانور وروني شاكيد بعد تعليمات من رئيس مجلس الإدارة غسان عبود مررها إلى غرفة الأخبار أحمد كامل، وفقا لمنتجَين كانا يعملان في القناة، وهو ما أكده محمد عبدالرحيم رئيس التحرير الأسبق، لـ”العربي الجديد”.
وبذات الوقت طلب كامل التركيز على تغطية أخبار المعونات الإنسانية المنقولة للسوريين بحسب تصريحات المنتجين العاملين في غرفة الأخبار، الأمر الذي يتفق مع تعليق قال فيه على مجموعة مراسلي أورينت نيوز “إسرائيل نقلت مساعدات إنسانية إلى سورية، مساعدات قدمها سوريون نعرفهم”.
وحول استضافة القناة إسرائيليين يقول عبدالرحيم: “أنا ومن أتى بعدي موظفون، بالأساس صاحب القرار هو صاحب القناة”.
وترى ديمة عزالدين أن “غسان عبود آنذاك لم يكن يرسم السياسة التحريرية للقناة، وإنما يتدخل في موضوعات معينة وتجاه أشخاص محددين، مثل استهداف شخصيات سياسية في الائتلاف، مثل معاذ الخطيب وغيره، وكذلك نشر مقالات مثل مقال جال لوسكي” (زوجة نائب رئيس جهاز الأمن الإسرائيلي الداخلي “الشاباك”)، والذي تم نشره في الموقع الإلكتروني للقناة، وهو ما يختلف معه صحافي في غرفة الأخبار قائلا إن غسان عبود يتدخل في السياسة التحريرية ويحركها لصالحه، وعلى سبيل المثال “كل من يكرههم في الائتلاف الوطني والمجلس الوطني ولديه خلافات معهم يطالب باستهدافهم في التغطيات، ومن بينهم معاذ الخطيب وميشيل كيلو ورندة قسيس وخالد المحاميد”.
وأضاف المصدر واقعة أخرى طلب فيها رئيس التحرير السابق، أحمد كامل، وقت اتفاق الهدنة في الجنوب السوري، إثارة عدة أسئلة ضمن تغطيتهم التحليلية حول دور إسرائيل وهل سيكون إيجابيا أو سلبيا وهل يمكن أن تدخل إسرائيل إلى المنطقة باعتبار وجود داعش”.
ويؤكد الصحافي أنه رفض العمل على التقرير لكنه استلم التقرير مكتوبا من رئيس التحرير قائلا : “لا أعلم إن كان غسان عبود أم أحمد كامل هو من كتبه، تمت إذاعته في النهاية”.
وسعت “العربي الجديد” إلى التواصل مع أحمد كامل من أجل نقل رأيه في ما حدث خلال فترة وجوده في القناة، إلا أنه في نهاية مكالمة عبر فيها عن آرائه في بعض ما حدث أصر على عدم نقل أي منها في التحقيق، ولم يتجاوب مع التأكيد على حقه في الرد، بينما طلب غسان عبود إعطاءه مهلة أربع ساعات والتواصل معه بعدها، غير أنه في المكالمة الثانية معه، قال “شاهدوا تلفزيون الأورينت. ما تريدونه يظهر عليه ولا أعطي مقابلات إلا للأورينت”.
وهم دعم إسرائيل الإنساني
تستغل إسرائيل مسألة الدعم الإنساني في خطابها الدبلوماسي، إذ تضخم الأمر لأهداف سياسية بحتة. ولتخفي إسرائيل وجهها الإستعماري للمنطقة توظف مبالغ هزيلة بزعم دعم قضايا اللاجئين. وبحسب مهند مصطفى “لا تتجاوز هذه المبالغ ستة ملايين دولار سنويا، وهو مبلغ ضئيل مقارنة مع الدعاية الإعلامية التي ترافق هذا الدعم”.
ويرى برهان غليون أن “من يراهنون على إسرائيل لدعم الثورة السورية، بل حتى المساهمة في وقف المِحنة التي تعيشها البلاد لن يحصدوا سوى الوهم”، إذ إن اسرائيل ليست جزءا من الحل ولكنها أساس المشكلة، لأنها تهدف إلى تدمير سورية وتقسيمها اذا أمكن إلى دويلات”. العربي الجديد