مرايا – شؤون عالمية -نشر موقع “ناشونال إنترست” تقريرا لكل من سيغورد نيوباور وخالد الجابر، حول زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في منتصف شهر آذار/ مارس للبيت الأبيض.
ويقول الكاتبان إن ولي العهد، الذي يشار إليه في العادة بالأحرف الإنجليزية “أم بي أس”، سيسعى إلى تقوية العلاقات مع مجتمع الأعمال الأمريكي، وسيقدم خطته وهي رؤية 2030.
ويشير التقرير إلى أن ولي العهد سيحاول خلال زيارته الاستفادة من سياسة دونالد ترامب “أمريكا أولا”، التي تسعى إلى توسيع التحالف الاستراتيجي مع المملكة، الممتد على مدى الثمانين عاما الماضية، من خلال تقوية العلاقات الاقتصادية الثنائية، كما يتوقع أن يناقش الزعيمان قضايا الأمن الإقليمي المتعلقة بالتعاون في إيران واليمن ومرحلة ما بعد تنظيم الدولة في العراق وسوريا، بالإضافة إلى ذلك فإن ترامب سيحاول الحصول على دعم سعودي لخطته لتحقيق السلام الإسرائيلي الفلسطيني.
ويرجح الموقع أن يركز اجتماع “أم بي أس” مع ترامب على دفع إدارة ترامب نحو حل أزمة الخليج، التي ثارت في 24 أيار/ مايو 2017، عندما تم اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية، حيث تم نشر تصريح كاذب لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وهو الاختراق الذي قال المسؤولون الأمريكيون إن الإمارات تقف وراءه، بالرغم من أنها تنكر ذلك.
ويلفت الكاتبان إلى أن كلا من السعودية والإمارات والبحرين ومصر قامت في 5 حزيران/ يونيو، بقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر؛ بتهمة دعم الإرهاب، وتبني سياسات إيران وأجندتها الإقليمية، كما فرضت هذه المجموعة حصارا اقتصاديا على قطر، أما قطر فأنكرت التهم الموجهة لها.
ويفيد التقرير بأنه كجزء من الجهد لحل الأزمة في مجلس التعاون الخليجي، فإن واشنطن قامت باستضافة أول مؤتمر للحوار الاستراتيجي القطري الأمريكي في 30 كانون الثاني/ يناير، مشيرا إلى أن عقد هذا الحوار لم يشكل فقط انتصارا دبلوماسيا للدوحة لأنه أظهر أن التهم الموجهة إليها كانت كاذبة وذات دوافع سياسية، لكنه يعد إشارة إلى أن واشنطن ترى أن الاستقرار في الخليج هو مصلحة أمنية قومية.
ويبين الموقع أنه لهذه الغاية فإن ترامب قام بدعوة ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان، الحاكم الفعلي للإمارات، لزيارة البيت الأبيض في 27 آذار/ مارس، حيث يعد الزعيم الإماراتي في واشنطن هو من يقف وراء الأزمة، لافتا إلى أنه بعد ذلك بعشرة أيام يتوقع أن يزور أمير قطر الأمير تميم بن حمد البيت الأبيض، حيث سيقوم البيت الأبيض، بعد هذه الزيارات الثلاث من دول مجلس التعاون الخليجي، بعقد قمة لمجلس التعاون الخليجي في كامب ديفيد لإنهاء الأزمة بشكل رسمي.
ويستدرك الكاتبان بأنه إلى الآن فإنه ليست هناك مؤشرات إلى تراجع في حالة التصعيد لأزمة مجلس التعاون الخليجي، حيث يستمر الخطاب المعادي لقطر من المسؤولين الإماراتيين والسعوديين.
وينوه التقرير إلى أنه بالتوازي مع حل أزمة الخليج، فإن ترامب يسعى لمسارعة عملية السلام في الشرق الأوسط، التي تهدف إلى تقريب إسرائيل من مجلس التعاون الخليجي، كجزء من الاستراتيجية الأوسع لعزل إيران إقليميا، لافتا إلى أن اجتماع ترامب مع “أم بي أس” يرتبط باستراتيجية الأمن القومي التي أطلقتها الإدارة مؤخرا، التي تعد السعودية وإسرائيل ركنين أساسيين لأجندة واشنطن الإقليمة، كما تدعو الوثيقة لاتحاد مجلس التعاون الخليجي.
ويذكر الموقع أنه في الوقت الذي تعد فيه الوثيقة إيران العدو الإقليمي الأول، فإن الاستراتيجية نشرت وسط عدم وضوح عما إذا كان ترامب سيتخلى عن اتفاقية (خطة العمل الشاملة المشتركة)، التي تهدف إلى وضع حد للطموح النووي الإيراني.
ويشير الكاتبان إلى أن الإدارة الأمريكية سعت إلى توفير الدعم الاستخباراتي اللازم للمملكة؛ لمنع الحوثيين من تحقيق مكاسب استراتيجية بعد أن استولوا على العاصمة اليمنية صنعاء في أيلول/ سبتمبر 2014، ثم اضطروا الرئيس اليمين عبد ربه منصور هادي للفرار إلى السعودية، لافتين إلى أن أي تصعيد في التوتر بين واشنطن وطهران قد يؤثر على الرياض، التي يحارب جيشها في حرب مكلفة ضد الحوثيين.
ويجد التقرير أنه بعد حوالي ثلاث سنوات من حرب التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين، فإن الصراع وصل إلى طريق مسدود، مستدركا بأنه بالرغم من التفوق الجوي، وإمكانية شن غارات في أي مكان في اليمن، وبعد فرض حصار بحري على أفقر بلد عربي، فإن المملكة فشلت في إضعاف الحوثيين، الذين يعدون الطرف السياسي الأقوى على الساحة اليمنية.
ويذكر الموقع أنه يتوقع أن يكون على رأس جدول أعمال اجتماع ترامب مع ولي العهد السعودي هذه الديناميكات، بالإضافة إلى مناقشة حقيقة أن ثمن المأزق الذي وصلت إليه الحرب في اليمن لم يجلب للشعب اليمني سوى أسوأ نكبة إنسانية في العالم.
ويلفت الكاتبان إلى أن وزارة الخارجية بدأت قبل اجتماع ترامب مع “أم بي أس” وعلى مدى الأسبوعين الماضيين، مناورات دبلوماسية خلف الكواليس؛ للضغط على الرياض وأبو ظبي لفتح ميناء الحديدة في اليمن أمام الإمدادات الإنسانية؛ وذلك لتدهور الأوضاع الإنسانية في اليمن إلى حد كبير، وما زاد من سوئها سلسلة من الغارات الجوية التي أدت إلى مقتل العديد مئات المدنيين وجرح الآلاف.
وبحسب التقرير، فإن الفشل في تسريع العملية السلمية في اليمن قد تكون له تداعيات مهمة للأمن السعودي، في ظل سلسلة الهجمات الصاروخية التي قام بها الحوثيون ضد العاصمة السعودية، وهو ما يشير إلى إمكانية قيام الحوثيين، بمساعدة إيران، بتصعيد الهجمات الصاروخية ضد الرياض.
ويذهب الموقع إلى أنه “مع بداية انتهاء الحرب في سوريا، فإن اليمن قد يصبح هو المسرح الذي تختاره طهران للتصعيد مع واشنطن باستهداف السعودية، من خلال تصعيد الهجمات الصاروخية على الرياض، وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن روسيا تبقى لاعبا رئيسيا في سوريا، وأن الرئيس فلاديمير بوتين صاغ علاقات براغماتية مع تركيا وإسرائيل والدول العربية وإيران، فإنه يبدو من غير المتوقع أن تتحدى طهران الوضع الذي تدعمه روسيا في سوريا، خاصة بعد أن أصبح الوضع لصالح نظام بشار الأسد، وبالنظر إلى هذه الديناميكيات فإنه من الخطأ اعتبار ما حصل بين إسرائيل وإيران مؤخرا تصعيدا نحو صراع ساخن، لكنه حادث استثنائي يقصد منه اختبار تصميم كل منهما للآخر”.
ويقول الكاتبان: “لذلك يتوقع أن يركز اجتماع ترامب و(أم بي أس) على هذه الديناميكيات، بالإضافة إلى دراسة الخطوات الملموسة لكيفية التعامل مع الصراع في سوريا في سبيل الوصول إلى حل سياسي مع نظام الأسد، الذي تدعمه موسكو وطهران، وغالبا ما يقيّم الزعيمان كيف يتفاعلان مع روسيا وإيران وتركيا، بعد تقارب الدول الثلاث فيما يتعلق بالشأن السوري”.
ويستدرك التقرير بأنه وسط دفع ترامب تجاه علاقات أقرب بين تل أبيب والرياض، كجزء من استراتيجيته لعزل طهران، فإن صورة السعودية بين الفلسطينيين تأثرت بشكل كبير، وهو ما قد يعيق إمكانية السعودية في تسريع العملية السلمية في الشرق الأوسط، حيث أظهرت نتائج استطلاع، أجراه المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية في غزة والضفة الغربية، أن 82% من الفلسطينيين لا يثقون بأن السعودية ستدافع عن حقوقهم، و75% و70% لا يثقون بالإمارات ومصر بالترتيب.
ويجد الموقع أن ما يزيد الأمور تعقيدا هو تزايد الشعور بعدم الأمان في مصر في ظل قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، حيث تقوم المجموعات الإرهابية بالهجمات المتكررة، بالرغم من التكتيكات القمعية التي تتبعها القاهرة ضد أشكال المعارضة كلها، أبعد حتى من العدو اللدود المتمثل في الإخوان المسلمين، لافتا إلى أن العنف قد يتزايد قبل الانتخابات الرئاسية المصرية، في الوقت الذي قد ترد فيه الحكومة باتخاذ تدابير قمعية إضافية ضد المعارضين السياسيين كلهم؛ بحجة الأمن ومحاربة التطرف.
ويرى الكاتبان أن “معاناة مصر مع الإرهاب، وفشلها في تنشيط اقتصادها المتعثر، يثيران الشكوك في تمكنها من المساعدة في جسر الهوة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وهو ما قد يناقشه ترامب مع (أم بي أس)، وعبر ترامب باستمرار عن رغبته في حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وطلب من الرياض وأبوظبي والقاهرة الضغط على رام الله، مقابل توفير معلومات استخباراتية أفضل للرياض حول الحوثيين”.
ويفيد التقرير بأن لقاء ترامب و”أم بي أس” يتم في إطار المجموعة الاستشارية الاستراتيجية المشتركة، التي تم إطلاقها عام 2017، عندما زار ترامب الرياض، التي يجب أن تلتقي مرة في العام، مرة في السعودية وأخرى في أمريكا، وتركز المجموعة على عدد من القضايا، من الأمن والتعاون ومكافحة تمويل الإرهاب والطاقة والاقتصاد والتجارة.
ويرجح الموقع أن يؤدي الاجتماع إلى الاتفاق على بعض القضايا، بالرغم من تسبب ترامب بغضب واسع النطاق في العالم العربي؛ بسبب اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل.
ويختم “ناشونال إنترست” تقريره بالقول إنه “بممارسته ما يبدو أنه جوجيتسو دبلوماسي، بدعمه لإسرائيل والسعودية، فإن ترامب قد يستطيع إحداث تغيير في المنطقة، ويمكنه فعل ذلك إن وفر للفلسطينيين انتصارا رمزيا -مثل الاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة لفلسطين- واستخدام الموقف المتشدد إزاء طهران للتوصل إلى صفقة كبرى مع الجمهورية الإسلامية تشمل السياسات الإقليمية”.