مرايا – نشر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني تقريرا، قال فيه إن نجاح تركيا في السيطرة على مدينة عفرين، يشير إلى أن هذه العملية تمت بموافقة ضمنية روسية.
وباتت أنقرة الآن مستعدة للقضاء على المعاقل الأخرى للأكراد. ولكن، وبهدف تحقيق هذه المساعي، سيتوجب عليها أولا إنهاء التمركز الأمريكي في منبج، بحسب الموقع.
وقال في تقريره إن أنقرة نجحت في فرض نفسها على اعتبارها لاعبا مهما في صلب المعادلة السورية، بعد أن تُوجت عملية غصن الزيتون، التي شاركت فيها قوات من الجيش التركي والجيش السوري الحر على مدى ثمانية أسابيع ونصف، بدخول مدينة عفرين.
وأعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان عن “الانتصار” بمناسبة ذكرى معركة الدردنيل البحرية التي جدت خلال الحرب العالمية الأولى.
واعتبر معد التقريرديفد برتشارد، أن شعور أنقرة بالرضا إزاء سير العملية العسكرية له ما يبرره، حيث جرت الأمور بكل سلاسة والخسائر البشرية كانت محدودة، مقارنة بعملية درع الفرات التي انطلقت في سنة 2016 للسيطرة على مدينتي جرابلس والباب.
وقال: “يحيل ذلك إلى أن الجهود المبذولة للتخطيط العسكري وتطوير الصناعة العسكرية أسفرت عن تكوين قوة قتالية ناجعة”.
وأضاف أن “هذه التطورات أكدت التفوق الاستراتيجي لتركيا، على الأقل في مواجهة أكراد سوريا، ممثلين في حزب الاتحاد الديمقراطي، المصنف في تركيا منظمة إرهابية، وذراعه المسلح مليشيا وحدات حماية الشعب الكردية”.
وعلى الرغم من استعداد المقاتلين الأكراد منذ وقت طويل لهذه المواجهة، وتحصنهم بشكل جيد داخل مدينة عفرين، إلا أنهم لم ينجحوا في التصدي لتقدم القوات التركية، وسارعوا بالفرار، علما بأن عددهم يناهز 10 آلاف مسلح.
وتناول الموقع تصريحات أردوغان، التي أكد فيها أن عملية عفرين ليست إلا خطوة أولى، ضمن سلسلة عمليات تهدف لإحباط مخططات حزب الاتحاد الديمقراطي الهادفة لإقامة حكم ذاتي، وفرض منطقة نفوذ كردي على امتداد الحدود.
وأورد أن القوة العسكرية التركية في شمال سوريا، ليست مستمدة فقط من خبرتها وتطور قدراتها القتالية، فما كانت تركيا لترسل قواتها دون موافقة روسية على هذه الخطوة.
وتكفلت موسكو أيضا بثني طيران نظام الأسد عن التدخل في هذه المعركة، وعرقلت أي فرصة للتقارب بين النظام والأكراد.
وذكر الموقع أن فلاديمير بوتين على ما يبدو قرر منح الضوء الأخضر لأنقرة للتصرف بحرية وضرب الإدارة الكردية في عفرين، في حين أنه على استعداد للسماح للقوات التركية بالتقدم أكثر نحو الشرق للقضاء على بقية مواقع المليشيات الكردية.
ويتمثل هدف روسيا من هذه السياسة، بحسب الموقع، في استهداف التحالف الوثيق بين الأكراد وواشنطن، الذي نشأ وتطور خلال الحرب على تنظيم الدولة.
وحذر “ميدل إيست آي” من مغبة تواصل الدعم الروسي لتركيا في مساعيها للتصدي للطموحات الكردية، حيث قد يؤدي ذلك لوضع حد للتحالف العسكري بين واشنطن وأنقرة، الذي ظل قائما لسبعة عقود من الزمن.
ومن المرجح أن يحل محله تحالف استراتيجي جديد تركي روسي، وهو ما سيمثل خسارة موجعة للغرب ومكسبا لموسكو.
وأوضح الموقع أن هدف تركيا من عملية عفرين كان واقعيا، ألا وهو ضرب القوة العسكرية للمليشيات الكردية الانفصالية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، الذي تعتبره أنقرة منظمة إرهابية بسبب ارتباطه بمنظمة حزب العمال الكردستاني، التي تشن أعمال عنف داخل تركيا منذ سنة 1984.
وأفاد الموقع بأن تركيا لا تخطط لضم مدينة عفرين إليها، بل تنوي السماح بعودة سكانها لها، وربما ستتوصل لحل وسط بشأن إقامة إدارة مؤقتة يشرف عليها الجيش السوري الحر، مثلما حدث في جرابلس.
في الأثناء، ستركز القوات التركية على مواصلة التقدم العسكري، نحو قرى أخرى يسيطر عليها الأكراد مثل تل أبيض.
وشدد الموقع على أن القوات التركية وفي ظل التقدم شرقا، ستواجه عائقا يتوجب عليها التخلص منه، المتمثل في تمركز ألفي جندي أمريكي في منبج، يقاتلون إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية.
وكان وزير الخارجية الأمريكي السابق، ريكس تيلرسون، قد زار أنقرة خلال الشهر الماضي، ووافق على تقدم القوات التركية نحو منبج، ولكن أردوغان والرأي العام التركي لن يكتفيا ببلوغ هذه المدينة.
وبين الموقع أن واشنطن تقف أمام اختيار حتمي، إما خيانة حلفائها الذين حاربت معهم ضد تنظيم الدولة، أو المخاطرة بمزيد تأزم العلاقة مع تركيا، وهو خيار لا يمكن الاستخفاف بعواقبه، خاصة بعد التحذيرات الجادة التي أطلقها أردوغان.
وأوضح الموقع أن الموقف الأمريكي بدأ يتغير مؤخرا، فقد صدرت عن المتحدثين باسم وزارتي الخارجية والدفاع بيانات في يوم الاثنين، تعارض السياسة التركية. وأعربت الخارجية الأمريكية عن “قلقها العميق” إزاء عملية عفرين، متعللة بروايات حول حدوث عمليات نهب. لكن تركيا ردت على هذه التصريحات، مؤكدة عدم تعرض قواتها للمدنيين.
وفي الختام، أكد الموقع أن المؤشرات أخذت تتزايد، حول اقتراب حدوث مواجهة بين أنقرة وواشنطن، بتحريض من موسكو، ستكون نتائجها محددة للدور المستقبلي للولايات المتحدة في سوريا.