مرايا – صعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب موقفه تجاه ما يجري في سورية أمس، مؤكدا في الوقت نفسه أنه سيتم اتخاذ قرارات مهمة بشأن سورية خلال 24 إلى 48 ساعة من دون أن يستبعد الخيار العسكري ردا على الهجوم الكيميائي على دوما الذي يعتقد أن النظام السوري هو من نفذه. فيما حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مكالمة هاتفية مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل امس، من التكهنات و”الاستفزاز” بشأن الهجوم الكيميائي المفترض في دوما في الغوطة الشرقية السورية، بحسب ما أفاد الكرملين.
وتتطابق تصريحات ترامب مع تصريحات سابقة لوزير الدفاع الاميركي جيم ماتيس قال فيها إنه لا يستبعد “أي شيء” بعد أن أثار هجوم يشتبه بأنه كيميائي في سورية مطلع الأسبوع تكهنات برد عسكري أميركي.
وألقى ماتيس باللوم على روسيا لأنها لم تف بالتزاماتها لضمان تخلي سورية عن أسلحتها الكيميائية.
وقال قبل بدء اجتماع مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني “أول ما يجب علينا بحثه هو لماذا ما زالت الأسلحة الكيميائية تستخدم في سورية أصلا رغم أن روسيا هي الضامن للتخلص من كل الأسلحة الكيميائية. لذا سنتعامل مع هذه القضية بالتعاون مع حلفائنا وشركائنا من حلف شمال الأطلسي إلى قطر وغيرها”.
وردا على سؤال عما إذا كان بوسعه استبعاد تحركات مثل شن ضربات جوية ضد حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، قال ماتيس “لا أستبعد شيئا في الوقت الحالي”.
وقالت الخارجية الأميركية إنها تتشاور مع الحلفاء حول الرد “وستكون هناك عواقب عن هذه الفظائع غير المقبولة”.
وجاءت تصريحات ترامب وماتيس بينما جددت واشنطن الاثنين حملة دولية بأن طالبت مجلس الأمن الدولي بفتح تحقيق جديد لتحديد المسؤول عن استخدام أسلحة كيميائية في سورية بعد تقارير عن وقوع هجوم دام بغاز سام على مدينة تسيطر عليها المعارضة.
ووزعت الولايات المتحدة على الدول الأعضاء في المجلس نسخة محدثة من مشروع قرار لإجراء التحقيق كانت قد طرحته لأول مرة في الأول من مارس (آذار).
وقالت إنها طلبت من الدول الأعضاء مناقشة مشروع القرار الجديد في وقت لاحق.
وأكدت المندوبة الأميركية الدائمة في الأمم المتحدة نيكي هايلي خلال الجلسة الطارئة لمجلس الأمن الدولي حول سورية أمس أن الوقت حان لأن “تتحقق العدالة” في سورية بعد الهجوم الكيميائي المفترض على مدينة دوما الخاضعة لسيطرة المعارضة في غوطة دمشق.
وقالت هايلي “لقد بلغنا نقطة يجب أن يرى العالم فيها أن العدالة تحققت من فعل ذلك؟ وحده وحش قادر على فعل ذلك”، مضيفة أن “الولايات المتحدة مصممة على رؤية هذا الوحش الذي أطلق قنابل كيميائية على الشعب السوري يحاسب على أفعاله”.
فيما حذرت روسيا أمس من “تداعيات خطرة” إذا تعرضت سورية لضربة عسكرية.
وقال السفير الروسي في الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا خلال الجلسة الطارئة لمجلس الأمن الدولي حول سورية “ندعو الغربيين إلى التخلي عن خطاب الحرب”، مؤكدا أنه “لم يقع هجوم كيميائي” في دوما
و”ما من أدلة” على حصول مثل هكذا هجوم.
وأعلنت الصين دعمها إجراء تحقيق في تقارير عن هجوم كيميائي السبت على مدينة دوما، آخر معقل للفصائل المعارضة السورية قرب دمشق والذي أسفر عن سقوط عشرات القتلى وأثار تنديدا دوليا واسعا.
وأدى الهجوم على مدينة دوما إلى مقتل 48 شخصا، بحسب منظمة الخوذ البيضاء (الدفاع المدني في مناطق المعارضة) والجمعية الطبية السورية الأميركية (سامز).
ولم يؤكد أي مصدر مستقل الهجوم. وتحدث المرصد السوري لحقوق الانسان من جهته عن 21 قتيلا و70 مصابا اختناقا، من دون أن يحدد السبب.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية جينغ شوانغ “نعارض بشكل حازم استخدام الأسلحة الكيميائية من جانب أي دولة أو تنظيم أو شخص ولأي سبب وتحت أي ظرف”.
وتابع أن “الصين تدعم اجراء تحقيق شامل وموضوعي وعادل في الحادث يؤدي إلى تقديم المسؤول عنه للعدالة بموجب القانون”.
وقال جينغ إن مجلس الأمن ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية يجب أن يستمرا في دورهما كـ”القناة الرئيسية” للتعامل مع الأزمة.
وقال مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد إن “التجاهل الجماعي” العالمي للهجوم الكيميائي في سورية أمر بالغ الخطورة.
وانتقد الأمير زيد أعضاء مجلس الأمن الدولي بسبب اكتفائهم بتقديم “إدانات واهنة” للهجوم الكيميائي في سورية، قائلا إن التقاعس عن الرد بقوة أشد قد تكون له عواقب وخيمة لعقود قادمة.
وقال في بيان “هناك عدد من القوى العالمية الكبرى منخرطة بشكل مباشر في الصراع السوري ورغم ذلك فشلوا تماما في وقف هذا الانحدار المشؤوم صوب إتاحة الأسلحة الكيميائية للجميع”.
وأضاف “هذا التجاهل الجماعي لواقعة أخرى من الاستخدام المحتمل لأحد أشد الأسلحة التي صنعها الإنسان بشاعة لهو أمر بالغ الخطورة”.
تحرك أكثر صرامة
وتظهر تصريحات وتحركات عزم عدد من الدول الغربية تتصدرها فرنسا والولايات المتحدة وأيضا بريطانيا التحرك بشكل أكثر صرامة في مواجهة استخدام النظام السوري أسلحة كيميائية في هجمات على معاقل المعارضة كان آخرها في دوما قبل اتفاق جديد على اخراج مسلحي فصيل جيش الاسلام وعائلاتهم.
وقالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الاثنين إنه يجب محاسبة الدول الداعمة للحكومة السورية.
وأضافت خلال مؤتمر صحفي في الدنمارك ردا على سؤال عما يشتبه بأنه هجوم بالغاز على مدينة دوما السورية الخاضعة لسيطرة المعارضة “نعم.. الأمر يتعلق بالأفعال.. الأفعال الوحشية لنظام الأسد. وبالطبع روسيا واحدة من هؤلاء الداعمين. هذا النظام الوحشي يهاجم شعبه ونحن واضحون تماما في ضرورة محاسبته ومحاسبة داعميه أيضا”.
بدورها أعلنت فرنسا أنها ستعمل عن كثب مع الولايات المتحدة بشأن الرد على هجوم دوما في مطلع الأسبوع وإن البلدين اتفقا على ضرورة تحديد المسؤول عن الهجوم.
وقال قصر الإليزيه في بيان إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتفق مع نظيره الأميركي دونالد ترامب في اتصال هاتفي الأحد على أن مواد كيميائية قد استخدمت في الهجوم المميت الذي وقع في السابع من نيسان (أبريل).
وقالت الرئاسة الفرنسية إن الرئيسين “تبادلا المعلومات والتحليلات التي تؤكد استخدام أسلحة كيميائية”.
لكن نص المحادثة لم يصل إلى حد إلقاء اللوم على القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد في الهجوم الذي قال اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية إنه أسفر عن مقتل 60 شخصا على الأقل، على خلاف موقف رئيسة الوزراء البريطانية ووزير الدفاع الأميركي الذين اشارا إلى مسؤولية روسيا أيضا كونها الضامن للتخلص من أسلحة النظام السوري الكيميائية وباعتبارها أوثق حلفائه وأكبر داعميه في الحرب منذ سبتمبر (ايلول) 2015. وجاء في بيان الإليزيه “يجب تحديد جميع المسؤوليات في هذا الصدد بوضوح”.
وقال البيان أيضا إن الزعيمين أصدرا تعليمات لفريقيهما بتنسيق الجهود في مجلس الأمن الدولي الاثنين، مضيفا أنهما سيناقشان الأمر مرة أخرى خلال 48 ساعة.
وكان النص الصادر عن البيت الأبيض أشد قوة. وجاء فيه أن الزعيمين اتفقا على “ضرورة محاسبة نظام الأسد على انتهاكاته المتواصلة لحقوق الإنسان” وأنهما تعهدا “بتنسيق رد قوي مشترك”.
رفض روسي
من جانبه حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مكالمة هاتفية مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس، من التكهنات و”الاستفزاز” بشأن الهجوم الكيميائي المفترض في دوما في الغوطة الشرقية السورية، بحسب ما أفاد الكرملين.
وقال الكرملين في بيان إن “الزعيمين تبادلا الآراء حول الوضع في سورية بما في ذلك الاتهامات التي توجهها الدول الغربية لدمشق باستخدام أسلحة كيميائية. وأكد الجانب الروسي على عدم قبول الاستفزاز والتكهنات في هذا الشأن”.
فيما اكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الاثنين أن الخبراء الروس الذين حققوا في دوما لم يعثروا على “أي أثر” لمواد كيميائية.
ولفت إلى أن المعارضة السورية قد تكون هي المسؤولة عن الهجوم بغرض توريط النظام السوري فيه، وهو النهج الذي حذرت منه موسكو من قبل.
أعلن المركز الروسي للمصالحة الوطنية في سورية، امس ، أن تحقيقات أجراها الخبراء العسكريون الروس في مدينة دوما السورية أثبتت غياب آي آثار لاستخدام سلاح كيميائي هناك.
وقال المركز في بيان نشرته وزارة الدفاع، أمس ، إن فحوصات المرضى الذين يتلقون العلاج في مستشفيات المدينة والتي قام بها أطباء عسكريون روس لم تكشف عن آثار تعرضهم لتأثير أي مادة سامة.
وجدد مركز المصالحة الروسي نفيه لصحة ادعاءات جماعة “الخوذ البيضاء” والصور التي وزعتها عبر شبكات التواصل الاجتماعي لضحايا الهجوم الكيميائي المزعوم في دوما. واصفا هذه المواد الإعلامية بأنها “ليست سوى فبركة جديدة ومحاولة لتقويض الهدنة” في المدينة.
كما أعرب المركز عن استغرابه لأن ممثلي بعض الدول الغربية يصدّقون “أكاذيب أعوان الإرهابيين والمسلحين”.
وقالت وزارة الخارجية الروسية، يوم الأحد، إن الهدف من عمليات الدس الإعلامي من هذا النوع هو حماية الإرهابيين وتبرير ضرب سورية من الخارج.
جس نبض إسرائيلي
وفي تطور لافت كشفت وزارة الدفاع الروسية، أمس، عن أن سلاح الجو الإسرائيلي قام بتنفيذ غارة على مطار التيفور في سورية فجر أمس.
وجاء في بيان نشرته الوزارة أنه “يوم الاثنين 9 نيسان “أبريل” ، فجرا قامت مقاتلتان حربيتان من طراز “F-15″، تابعتان لسلاح الجو الإسرائيلي، بقصف قاعدة “التيفور” العسكرية السورية شرقي محافظة حمص بـ 8 صواريخ جو -أرض، من دون أن تدخل في المجال الجوي السوري وهي فوق الأراضي اللبنانية”.
وأضاف البيان أن قوات الدفاع الجوي التابعة للجيش السوري قامت بتدمير 5 صواريخ من أصل ثمانية، مشيرا إلى أن الصواريخ الثلاثة الباقية التي لم يتم تدميرها بوسائل الدفاع الجوي السورية، سقطت في الجزء الغربي من قاعدة “تيفور” العسكرية.
من جهتها قالت الخارجية السورية، في رسالة وجهتها أمس الاثنين إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولي؛ حسب ما نقلته وكالة “سانا”: “في إطار سياستها القائمة على ممارسة إرهاب الدولة وتقديم الدعم المستمر للمجموعات الإرهابية المسلحة وإمعانا منها في انتهاك قرار مجلس الأمن رقم 350 لعام 1974 المتعلق بفصل القوات وقرارات مجلس الأمن والصكوك الدولية الخاصة بمكافحة الإرهاب أقدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي فجر اليوم (أمس) الاثنين الـ9 من نيسان 2018 على الاعتداء مجددا على أراضي الجمهورية العربية السورية عبر قيام طائرات إف-15 إسرائيلية بإطلاق صواريخ من الأجواء اللبنانية على مطار التيفور في محافظة حمص حيث تمكنت وسائط الدفاع الجوي السوري من إسقاط بعض هذه الصواريخ، وقد نجم عن هذا الاعتداء استشهاد وجرح عدد من المواطنين السوريين”.
واعتبرت الوزارة أن “هذا الاعتداء الإسرائيلي يشكل ردا غير مباشر على نجاح الجيش العربي السوري في طرد المجموعات الإرهابية المسلحة من ضواحي مدينة دمشق وريفها ومناطق سورية”.
وجددت الخارجية السورية تحذيرها لإسرائيل “من التداعيات الخطيرة لاعتداءاتها عليها ودعمها المستمر للتنظيمات الإرهابية المسلحة واستمرار احتلالها للأراضي العربية بما فيها الجولان السوري المحتل وتحملها كامل المسؤولية عنها”، مضيفة أن “الجمهورية العربية السورية تؤكد أن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة عليها لم ولن تنجح في حماية شركاء إسرائيل وعملائها من التنظيمات الإرهابية كما لم ولن تفلح في إشغال الجيش العربي السوري عن مواصلة الإنجازات التي يحققها في مكافحة الإرهاب”.
وشددت الوزارة على أن سورية “لن تتوانى عن ممارسة حقها في الدفاع عن أرضها وشعبها وسيادتها بكل الطرق التي يكفلها ميثاق الأمم المتحدة وأحكام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي”.