مرايا – يضع الرئيس الأميركي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون اللمسات الاخيرة على تحضيراتهما عشية قمتهما التاريخية التي أعرب ترامب عن تفاؤله وحماسته لها.
وتتجه أنظار العالم بأسره إلى سنغافورة مع السؤال نفسه: هل سينجح الرئيس الأميركي البالغ 71 عاماً الذي فاجأ الجميع بقبوله لقاء وريث سلالة كيم الذي يصغره بأكثر من ثلاثين عاماً، بدفع بيونغ يانغ الى التخلي عن سلاحها النووي؟
وقال ترامب أثناء اجتماع عمل على مأدبة غداء مع رئيس وزراء سنغافورة لي هسين لونغ “أعتقد أن الأمور ستتم بشكل جيد جدا”.
وتحدث الرئيس الأميركي مع الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي ان ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي عبر الهاتف. وعبّر الاثنين عن ثقته بنجاح القمة وحماسته في تغريدة قال فيها “سعيد لأنني في سنغافورة، هناك حماس في الأجواء”.
وستُعقد القمة صباح اليوم في فندق فخم في عاصمة هذا البلد الآسيوي. وسيليها اجتماع يضم فريقي عمل الطرفين وغداء عمل.
ولم يكن بالامكان تخيل عقد هذه القمة قبل بضعة اشهر فقط عندما كان ترامب وكيم يتبادلان الاتهامات والاهانات.
وقبل يوم واحد من لقاء الرجلين، عمد فريق ترامب الى اعطاء صورة مشجعة عن المفاوضات التي التزم الجانب الكوري الشمالي الصمت حيالها.
ومساء أمس أعلن البيت الابيض في بيان ان “المحادثات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية تجري بشكل أسرع من المتوقع”. واضافت الرئاسة الأميركية ان ترامب سيعقد مؤتمرا صحافيا يغادر بعده سنغافورة مساء اليوم قبل يوم مما كان متوقعا، مستبعدا كما يبدو يوما ثانيا من المحادثات التاريخية مع الزعيم الكوري الشمالي.
وأعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الذي التقى كيم مرتين في بيونغ يانغ “انا متفائل جدا ازاء فرص نجاح” اول لقاء بين الرئيس الأميركي والزعيم الكوري الشمالي.
وفي مؤتمر صحفي عقده أمس أعلن بومبيو الذي لا يعطي الكثير من التفاصيل، أن الولايات المتحدة مستعدة لتقديم “ضمانات أمنية فريدة ومختلفة” عن تلك التي عرضتها حتى الان على بيونغ يانغ مقابل نزع اسلحتها النووية “بشكل كامل ويمكن التحقق منه ولا عودة عنه”.
وتعتبر القمة التي تُبرز على الساحة الدولية زعيم نظام منغلق للغاية تُعدّ تنقلاته خارج بلاده على أصابع اليد الواحدة، تنازلا كبيرا من جانب الولايات المتحدة.
وأوضح الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن بوريس توكاس لوكالة فرانس برس “منذ 25 عاما تحاول كوريا الشمالية الحصول على لقاء مع رئيس أميركي أثناء ادائه مهامه”.
من المفترض ان تتمحور النقاشات حول طموحات بيونغ يانغ الذرية التي تخضع لعقوبات دولية صارمة فرضها مجلس الأمن الدولي على مرّ السنوات والأزمات.
وعبّر مون جاي ان من جهته عن ثقته بنجاح لقاء الثلاثاء، داعيا الى تجنب الانتظارات المبالغ بها.
واضاف “حتى لو بدأ الحوار بينهما بسرعة، يجب على الأرجح (اجراء) حوار على المدى الطويل قد يستغرق سنة أو سنتين أو حتى أكثر لحلّ المسائل المطروحة على الطاولة بشكل كامل”.
وتحدثت وكالة أنباء كوريا الشمالية الرسمية في تقرير حول تنقلات زعيم بيونغ يانع عن بزوغ “عصر جديد”، مؤكدة أن جدول أعمال القمة سيشمل اضافة الى نزع الأسلحة النووية، “آلية للمحافظة على السلام الدائم والمستدام في شبه الجزيرة الكورية”.
ورأى مسؤول أميركي كبير في هذه الجملة “رسالة تفاؤل”.
لكن المطلب الأميركي يتركز منذ سنوات على الموقف الكوري الشمالي المتعنت.
في العام 1994 وبعدها في 2005، أبرمت اتفاقات لكن أيا منها لم يتمّ تطبيقه فعليا وكثفت كوريا الشمالية منذ 2006 تجاربها النووية والبالستية، حتى التصعيد الخطير العام الماضي.
ويعوّل ترامب خلال لقائه مع كيم، على حدسه ومهارات التفاوض التي يقول ان يتميز بها. وفي حين تحدثت الادارة الأميركية عن اتفاق تاريخي سيبرم في 12 حزيران(يونيو)، عملت مؤخرا على التخفيف من مستوى التوقعات مشيرة الى بدء “عملية” غير مسبوقة.
لا تزال بنود الاتفاق الذي يعمل على التوصل اليه هي نفسها كما كان الامر في السابق : نزع تدريجي للأسلحة النووية مقابل دعم اقتصادي وضمانات أمنية للنظام المعزول ومعاهدة سلام تنهي رسميا الحرب الكورية (1950 – 1953).
وصرّح الخبير في السياسة الخارجية جيفري لويس “ترامب قدم ببساطة هذه اللقاءات الى الكوريين الشماليين من دون الحصول على أي تقدم”. وأضاف “يبدو واضحا منذ البداية أن كوريا الشمالية ليس لديها نية التخلي عن ترسانتها النووية”.